بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
|
ممر ديالى ومستقبل المشروعين القوميين العربي والفارسي
|
شبكة البصرة
|
صلاح المختار
|
مهمة اللحظة
هناك الان تركيز ايراني بالغ القوة والخصوصية على محافظة ديالى في شرق العراق وهي محاذية لايران، وابرز مظاهر ذلك التركيز الايراني عمليات التطهير العرقي للعرب وهم غالبية سكان ديالى، لكن هذا التطهير العرقي الفارسي للعرب يتخذ غطاء له شكلا مضللا وهو التطهير الطائفي لاجل توريط البعض من طائفة عراقية في عمل خطير موجه ضد طائفة اخرى من نفس القومية وهي القومية العربية. قتل ويقتل يوميا عشرات العرب من مواطني ديالى على يد فرق الموت التابعة لايران وتجري عمليات علنية لتهجير المواطنين من بيوتهم ومحافظتهم واسكان اخرين محلهم وتسليح انصار ايران في المحافظة واعدادهم للقتال ضد اهالي ديالى الاصليين. ونشرت وثائق ايرانية تثبت بان هناك مخططا لتصفية ديالى من ابناءها الاصلاء.
لماذا هذا التركيز على ديالى؟ وما الذي يجري فيها؟ وما مدى خطورته وتأثيره على مستقبل العراق وايران؟
1 - دعونا اولا نلقي نظرة سريعة على ما يجري فيها، فمنذ تفجرت الانتفاضة الوطنية العراقية وحتى الان تقوم المخابرات الايرانية وبواسطة قوات ايرانية او خدمها مثل المالكي والعصائب والبطاط وغيرهم بعمليات تطهير طائفي (حقيقته عرقي) دموية شاملة في كل انحاء المحافظة ومقترباتها، طالت شيوخ عشائر عرب ورجال دين وشباب وطني وعوائل كاملة تعرضت للتهجير القسري بعد سفك دماء المئات من مواطني ديالى العرب، وتمارس عمليات التهجير على اسس طائفية علنا.
ورغم فظاعة الجرائم التي ترتكب منذ فشلت ايران ودميتها حكومة المالكي في قمع وانهاء الانتفاضة عن طريق العنف في اقسى اشكاله دموية، مثل مجزرة الحويجة وتفجير المساجد والحسينيات ومقتل المئات واغتيال ضباط الجيش الوطني السابق وطياريه وكوادر وطنية مناضلة وسحل واحراق جثث الضحايا وتعليقها على اعمدة النور وسط حشد كبير من الناس، رغم كل تلك الجرائم فان ايران وحكومة المالكي لا تأبهان بردود الفعل وتصعدان عمليات القتل والتهجير بسرعة تلفت النظر وكأن هناك امرا خطيرا سيقع قريبا يجب التهيؤ له مسبقا بسلسلة اجراءت تضمن السيطرة على ديالى ومقترباتها الحيوية، فاصبح الجهد الايراني مركزا على ديالى ومقترباتها اكثر من اي محافظة اخرى.
2 – تشكل ديالى الخط الاقرب الى بغداد فمن قصر شيرين في ايران الى بغداد لا تحتاج سوى الى ساعة واحدة بالسيارة العادية، ولذلك كانت ايران اثناء الحرب التي فرضتها على العراق (1980- 1988) تحاول تحقيق اختراق عبر ديالى لاحتلال بغداد وخلق امر واقع يحسم الحرب لصالحها. وبما ان العبور الايراني الى مناطق الاستهداف الرئيسة، وهي الاقطار العربية، يقع غربها فان العراق هو الممر الاهم والاسهل جغرافيا للمرور بالاضافة للقيمة الاستثنائية للعراق موقعا وسكانا ومواردا، وهكذا تصبح ديالى العراقية الممر الاهم في الستراتيجية التوسعية الامبريالية الايرانية العالمية.
3– ديالى بتركيبتها السكانية محصنة ضد الغزوات الفارسية فعشائرها عربية اصيلة وتعد درعا قويا لذلك فان خطورة الموقع الجغرافي لديالى والذي يخدم ايران بقوة تقل خطورته بفضل وجود العشائر العربية هناك وتشكيلها درعا يمنع اي اختراق ايراني لحدود العراق الشرقية. بالاضافة لذلك فان ديالى سياسيا وتاريخيا قلعة للتيار القومي العربي بلا منازع، لذلك فان ثغرتها الجيوبولتيكية، وهي امكانية تحقيق اختراق ايراني قصير نحو بغداد منها، تتضاءل بوجود عامل منع وردع للايرانيين من التوغل في العراق من الوسط، والردع يتمثل في ابناء ديالى العرب الاقحاح الذين نشأوا على حب العراق والامة العربية ورفض الوجود الفارسي فيه، اذن وجود السكان العرب الاصليين في ديالى يعد اخطر عقبة ستراتيجية امام الزحف الايراني نحو بغداد في لحظات حسم الصراع في العراق او في سوريا.
كان ابناء ديالى ومازالوا وسيبقون خط الدفاع الاول عن بغداد وكل العراق واحد اهم اسوارها الستراتيجية العالية، ومن ثم فان قرار ايران بارسال قوات ايرانية بصورة عاجلة الى بغداد لمنع تحريرها لابد ان يعتمد على استخدام ممر ديالى لان الممرات الاخرى من الجنوب او الشمال طويلة جدا وتفقد ايران فيها عنصر المفاجأة والسرعة في الاشتباك.
نعم لايران قوات ضخمة في العراق انتشرت منذ الغزو بالاتفاق مع امريكا، ولديها ايضا فرس كثر منحوا الجنسية العراقية واعترف ابراهيم الجعفري عندما كان رئيسا للوزراء بانه منح الجنسية لاكثر من مليوني ونصف المليون ايراني والرقم ازداد في عهد المالكي ويقدر عدد الفرس الذين منحوا الجنسية بحوالي اربعة ملايين فارسي واسكنوا بغالبيتهم في الجنوب من اجل دفع ابناء الجنوب العراقيين للوسط من اجل الحلول محل اهل الوسط في مدنهم وقراهم وتشكيل اغلبية تسمح بتغيير الهوية السكانية للعراق لاحقا، بالاضافة لضباع ايران في العراق مثل فيلق بدر والبطاط والعصائب الذين ينفذون اوامر الابادة الايرانية للعراقيين العرب، بالاضافة لتلك ال(نعم) هناك حقيقة اخرى وهي ان الانتفاضة الشعبية التي شارك فيها ملايين العراقيين لا يمكن قمعها بالقوة الموجودة في العراق والتي استخدمت فعلا لكنها عجزت عن قهر الثوار العراقيين من جهة، ومن جهة ثانية فان انطلاق عملية تحرير بغداد في وقتها الصحيح سوف يضع ايران وقواتها في العراق امام تحد خطير جدا بفضل متانة المقاتلين العراقيين وتلاحمهم الكامل مع العشائر وعلماء الدين وابناء المدن العراقية الذين ينتظرون على احر من الجمر لحظة الخلاص من الايدز الفارسي المستشري. من هنا فان انطلاق عملية تحرير بغداد سوف يجبر ايران على ارسال قواتها المسلحة مباشرة وبكثافة عالية كما فعلت في سوريا واقصر طريق لمرور القوات الفارسية هو طريق ديالى.
4 – في اطار هذه الميزات الجيوبولوتيكية فان ممر ديالى لا يؤثر بصورة حاسمة في عملية تحرير او مواصلة استعباد العراق فقط بل هو ايضا الممر الذي سيقرر مصير الهلال الفارسي وهل سيبقى ام سيزول، ومن ثم فان كل المشروع القومي الفارسي معرض لخطر الانهيار اذا لم يضمن ممر ديالى. علينا ان نتذكر اهداف ستراتيجية ايران المعروفة تحت (اسم نشر الثورة الاسلامية) في العالم فهي المقرر لكافة الخيارات الايرانية وابرزها اعادة بناء امبراطورية فارس تحت اسم اسلامي زائف، وللوصول الى تلك الاهداف المتعاقبة والمتوسعة وضعت ايران خطة خمسينية (تكمل في 50 عاما وعلى مراحل متعاقبة) قامت على خطوة اساسية تمهيدية وهي انشاء هلال فارسي يمتد من طهران الى بيروت مارا بالعراق وسوريا وجاذبا بالقوة فيما بعد ذلك الاردن وفلسطين ليكون هذا الهلال الفارسي الرحم الذي يولد منه البدر الفارسي المكتمل الاستدارة.
والبدر الفارسي يعني امتداد السيطرة الفارسية على كافة الاقطار العربية وبناء قواعد راسخة فيها وجعلها بسكانها ومواردها ومواقعها مراكز انطلاق لاكتساب ايران نفوذا طاغيا في العالم الاسلامي تحصل من خلاله على زعامة العالم الاسلامي كله، وتستخدمه لفرض نفسها كقوة عالمية فعالة في توازنات القوى الدولية، فنقطة الانطلاق الجغرافية في المشروع القومي الفارسي الامبريالي هي العراق، ومن ديالى بالذات، لذلك لا يمكن فهم ما يجري في ديالى الا في اطار هذه الحقيقة.
ممر ديالى اذن هو الممر السوبرستراتيجي الاهم، وليس ستراتيجي فقط، بالنسبة للامبريالية الايرانية لان مستقبل الامبراطورية الفارسية يتوقف على السيطرة عليه وتسخيره ليكون ممرا للقوات الغازية للعراق وغيره من الاقطار العربية. على كل من يريد ان يفهم ما يجري اليوم في ديالى من تطهير عرقي طائفي ان ياخذ هذه الحقيقة الجيوبولتيكية بنظر الاعتبار وبدونها لا يمكن فهم حقيقة وخطورة ما يجري في ديالى واهدافة الستراتيجية الخطيرة ليس على العراق فقط بل على الاقطار العربية كافة.
5 - عندما تفجرت الانتفاضة السورية وتصاعدت لدرجة التهديد باسقاط النظام شرعت ايران بالعمل الجاد لتوفير ضمانات عدم سقوط النظام الصفوي في سوريا، فدعمته بقوة عسكريا وماليا لمنع انهياره، ورمت بثقلها خلف النظام، ولكن عندما اقتنعت بان النظام الصفوي في سوريا سيسقط لا محالة ومهما طال الزمن وتلاعبت القوى الدولية قررت ايران التعويض عن خسارتها لسوريا بالتركيز على العراق ومنه القيام بمحاولات انقاذ يائسة للنظام في سوريا او للدويلة العلوية التي تخطط ايران لاقامتها بعد سقوط نظام الصفوي بشار لتبقي خطا قويا من الهلال الفارسي فلعل التطورات اللاحقة تسمح باعادة انشاء الهلال الفارسي مجددا. العراق اذن تحول مع تزايد يأس ايران من بقاء نظام بشار الصفوي الى الامل الاعظم في انقاذ مشروعها القومي التوسعي.
6 – ولكن انتفاضة احرار العراق المتصاعدة والتي فشلت كل محاولات ايران في قمعها رغم المجازر والرشوات الملايينية التي قدمت لعناصر الفساد في العشائر وغيرها وضعت ايران امام تحد مركب ومضاعف، فالامل بجعل العراق قوتها المركزية بعد فقدان سوريا او تقزيمها في سوريا بصيغة دويلة علوية هو الاخر يكاد يتبدد، واذا خسرت العراق وسوريا فان الهلال الفارسي يتلاشى ولن تقوم له قائمة الى الابد بعد عقود من الكوارث التي سببتها ايران للعراق والامة العربية والتي فاقت بشاعتها كل الكوارث التي تسببت بها امريكا واسرائيل فانتهت مرحلة تداخل الخنادق بين العرب وايران والتي كانت سببا في خداع بعض العرب وتضليلهم للبقاء داعمين لايران واصبحت ملايين العرب خصوصا في العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين تنظر الى ايران كعدو خطير بل اكثر خطورة من امريكا واسرائيل كما اثبتت تجارب تلك الاقطار.
الان الكره الشديد لايران في اكثر الاقطار العربية اصبح ظاهرة مالوفة وهي حقيقة تعرفها ايران ونتيجتها تكون حصانة ضد ايران تماما كما تكونت حصانة ضد الكيان الصهيوني لذلك فانها ستقاتل بكل ما تملك كي لا تفقد العراق بعد خسارة سوريا،فهي تخوض ام معاركها الحاسمة وتقرر مستقبلها ومستقبل مشروعها القومي.
7 – علينا ان ننتبه الى ام الحقائق التي تفسر اسباب الدعم الغربي الصهيوني لايران وهي ان الحرب العنصرية الدموية التي تشنها ايران على الشعب العربي في العراق وسوريا واليمن ولبنان والبحرين والفتن الطائفية المتصاعدة التي تشعلها هي بالذات في كافة الاقطار العربية كانت ومازالت تطبيق وتحقيق فعال لاهم الاهداف الستراتيجية الامريكية والصهيونية في الوطن العربي القائمة على اشعال صراعات طائفية وعنصرية تمزق وحدة الشعب العربي، وقدم انسحاب امريكا من العراق وتسليمه الى ايران الدليل الحاسم على صحة هذه الحقيقة، فقد ابدت ايران قدرا من القسوة والحقد على العرب في العراق فاق توقعات امريكا وتمثل ذلك في مسلسل المجازر الرهيبة التي يمارس الغرب ومنظماته العاملة تحت اسم حقوق الانسان الصمت او الخرس تجاهها رغم ان ضباع ايران في العراق لا تكتفي بسحل الشباب وهم احياء بل قتلهم وتعليق جثثهم على اعمدة الكهرباء وحرقها وسط مهرجان حماسي يصور ويبث على العالم! فأدلة الجرائم البشعة موثقة بالصورة والصوت ومع ذلك تتجاهلها امريكا ومن معها او تدينها لفظا فقط دون اجراء فعلي مناسب!
فهل تستطيع امريكا واسرائيل فعل هذا بابناء العراق وفلسطين وتصويره ونشره دون خوف من الحساب؟ بالطبع كلا ليس حبا بالانسانية بل خوفا من دولة المؤسسات الغربية التي تحاسب المسؤولين فيهما بينما ايران ليس فيها من يحاسب بل على العكس يكافأ القاتل كلما ازداد قسوة ووحشية. وهنا تتأكد الحقيقة المرة وهي ان امريكا سلمت العراق لايران كي تقوم باكمال تدميره وابادة شعبه وتغيير هويته بمختلف الاساليب.
8 – ان ممر ديالى لن يستخدم فقط لمواصلة دعم نظام بشار بل ايضا لزج قوات ايرانية ضخمة لقمع انتفاضة الشعب العراقي في الانبار ثم في نينوى وصلاح الدين، فالنظام الايراني يرى في الانتفاضة العراقية الخطر الاكبر على مشروعه القومي الفارسي لذلك فكلما تصاعدت امكانية سقوط النظام السوري ازداد تطرف ايران في معاداة شعب العراق وانتفاضته المباركة. ان ترك ديالى تواجه وحدها ضباع ايران المسعورة خطر على الانبار وذي قار والبصرة والموصل وسامراء وكل بقعة عراقية انتفضت ضد الغزو الايراني للعراق.
ان الدرس الاكبر الذي يجب استيعابه الان وليس غدا هو ان العداء لا يقتصر على ديالى وان السيطرة على ممر ديالى لا ينحصر خطره في ديالى بل هو التمهيد الحتمي للتوسع في الوسط وغرب العراق ثم الاتجاه شمالا لضرب صلاح الدين ونينوى واربيل. هذه هي خطة ايران الحقيقية والتي تؤكدها كافة الوقائع الميدانية والوثائق الرسمية.
في ضوء ما تقدم فان الوقوف متحدين متفاهمين بكافة قوانا في كافة انحاء العراق من اربيل الى البصرة باتحاد او جبهة وطنية تضم كل قوانا الوطنية وبكافة فصائل المقاومة العراقية وبعشائرنا ورموزنا متضامنين مع وداعمين لديالى وتقديم العون لاهل ديالى فورا وبلا اي ابطاء بكافة اشكاله خصوصا القتالية، وهذا امر امر ليس فيه اجتهاد او امكانية تاجيل. ان معركة ديالى الان هي معركة كل العراق ومعركة كل سوريا ومعركة كل لبنان، ومعركة الخليج العربي كله وبالذات معركة البحرين التي تتامر امريكا عليها لتسليمها الى ايران. لتتجه كل البنادق والاقلام الحرة اليعربية الان للدفاع عن ديالى، ولتبقى ديالى ممرا سوبرستراتيجيا لقوى التحرر العربية لشن الهجوم المضاد على ايران.
لاتهاون ولا مساومات لا مع امريكا ولا مع ايران، فمصالح امتنا العربية الكبرى ليست موضع مساومات ونحن امام خياران لا ثالث لهما فاما ان نكون او لانكون وليس هناك حل وسط. تحية فخر بصمود شعبنا العظيم في ديالى،
19/9/2013
|
شبكة البصرة
|
قال سبحانه وتعالى
قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم
السبت، 16 يناير 2016
صلاح المختار : ممر ديالى ومستقبل المشروعين القوميين العربي والفارسي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق