نيرة اليزيدية في مجلس الأمن - 9
غارعشتار
الحلقة الثامنة
تحقيق: عشتار العراقية
صديق الغار الأخ أبو ذر العربي سأل في الحلقة الماضية هذا السؤال (أليس هناك رواية واحدة من داعش؟) والجواب هو: كلا ، لم أقرأ أو أشاهد رواية واحدة من داعش. كل الذي رأيناه منذ ظهور داعش هو التالي:
1- أفلام دعائية مصنوعة في ستوديوهات (يمكن ان تكون في أي مكان في العالم). بضمنها الظهور الوحيد لأبي بكر البغدادي في ماقيل انه جامع الموصل الكبير.
2- صور مفبركة أو ملطوشة من أزمان وأماكن مختلفة.
3- بيانات تنشر على الانترنيت لانعرف مصدرها.
4- تطوعت بعض المواقع ووكالات انباء (ذات ارتباطات صهيونية على الاكثر) بزعم تغطية الحياة اليومية في (الدول الإسلامية) سواء في سوريا او العراق.
5- منشورات قيل انها من مواقع اسلامية داعشية، مثلا ماقيل عن منشور يصف التنظيم الإداري في دولة داعش. وقد نشره واحد (خبير في الإرهاب) اسمه أيمن التميمي وهو من نفس الرهط (الذي يشمل امثال ريتا كاتز) ممن يزعمون انهم (عثروا) على نفائس المعلومات والمخطوطات من المواقع الاسلامية المتشددة، أو تسربت اليهم بطريقة غامضة، وقاموا بترجمتها وبيعها للصحف والمواقع والادارات الحكومية الأمريكية، وهذا في الواقع (بزنس الإرهاب) الذي يعتاشون منه. المخطوطة التي قال التميمي أنها تصف التسلسل والتنظيم الإداري في دولة داعش، كانت (مقترحات) قدمها واحد سمى نفسه (أبو عبد الله المصري) ونشرها على الانترنيت. أي انها مقترحات وتصورات. ولكن الأخ ترجمها على أنها طريقة إدارة (دولة) داعش. وانتشر الخبر في كل مكان على أنها (كشف وثائق سرية لإدارة داعش)
وفي مقالة أخرى كشف التميمي وعن طريق مصادره كما يقول في شمال سوريا عن وثيقة اخرى، تبدو لي أنها بحث قام به أحدهم عن (حكم الخلاق في السبي والاسترقاق)، باعتباره ايضا دليلا ناصعا على مسألة الاستعباد الجنسي وكيفية إدارته.
وهو بحث لا يتصل بزمان او مكان، مما قد يكتبه أي دارس في جامعة إسلامية عن قضية السبي في الغزوات الاسلامية، ولا يقصد بها على الأخص (داعش). وشاهد هناكل الأوراق التي ترجمها التميمي، وليس لها صلة بالعراق او سوريا، بل هي كلام عام.
وليكن مفهوما أن مايسمى (داعش) على الأرض ليست هي (داعش) على الانترنيت في الصور والأفلام. الأخيرة ترتدي أزياء معينة مصنوعة خصيصا لها، مثل أزياء القوات الخاصة أو أزياء باكستانية وأفغانية، وتقف مستعرضة نفسها حاملة راية سوداء. أما صور (القتلى) من داعش على الأرض، وهي صور نادرة جدا، فهي لأشخاص يرتدون ملابس العشائر او ملابس حديثة مما يرتديها الشباب من جينز وقمصان أو ملابس رياضية، لا أقنعة ولا هم يحزنون ولا احذية قتال. فمن يقاتل على الأرض؟ لا علم لي، هل هم العشائر؟ هل هم ميليشيات مرتزقة من هنا وهناك؟ هذا ماحاولت أن أبينه في كل ما كتبته عن داعش.
داعش موجودة ليس لإقامة دولة اسلامية وإنما لتمحو حدود سايكس بيكو لرسم حدود جديدة للنفط والغاز، فهي قوة خلفها مصالح شركات ودول. واستخدام اسم الاسلام يخدم هدفين أساسيين: التغلغل في الدول الاسلامية (لأنها تحوي على موارد هائلة من النفط والغاز أو تقع على طرق ومضايق نقلها) ولأن (الاسلام) لايؤمن بالحدود الوطنية.
الفكرة هي: إحدث فوضى في هذه المناطق بواسطة حروب او ثورات ربيع عربي، اقلب نظم حكم مستقرة ، زعزع اعمدة المجتمعات. إزرع قوة غاشمة وحشية (او إجعلها تبدو هكذا) من مرتزقة لا يهمهم شيء، ثم الحقها بجيوشك وقواعدك بحجة محاربة هؤلاء المتوحشين.
هذه هي الصورة الواقعة الآن، ولكن أضيفت اليها بعض الرتوش لاحقا، في شكل تحرك قوى محلية مدعومة اقليميا ودوليا من اجل المطالبة بحصة من الفوضى لإقامة أقاليم أو أوطان مستقلة. هذه القوى زعمت قيادتها ودفاعها عن (أقليات) تحاول داعش إبادتها. كان الصهاينة قد نجحوا نجاحا باهرا بعد الحرب العالمية الثانية بإطلاق صرخة وتمثيليات وسرديات (الإبادة) وتمكنوا بها من إنتزاع وطن قومي لهم على أرض فلسطين. تبعهم الكرد الذين ساروا على نفس النهج من إطلاق صرخة (الإبادة) وزعموا محو حوالي 180-300 ألف كردي من قبل صدام حسين، حتى تم لهم ما أرادوا من استقلال فعلي (لايحتاج الا الى تصريح من الأمم المتحدة لتتحول كردستان الى دولة). المشكلة في كل هذه (الإبادات) أن السلالة في أي منها لم تنقرض كما صوروا للناس، بل زادوا وتكاثروا وتملينوا (هذه صياغة عشتارية من المليون).
الإبادة GENOCIDE لها شروط حسب القانون الدولي، وهي تشكل جزء من (جرائم ضد الإنسانية Crimes against Humanity) . لقد ذكرتها عدة مرات في مواضيع شتى ولكن دعوني اذكركم بها مرة أخرى.
[الإبادة الجماعية] تعني ارتكاب أي عمل من الأعمال الآتية بقصد الإبادة الكلية أو الجزئية، لجماعة ما على أساس القومية أو العرق أو الجنس أو الدين، مثل:
(أ) قتل أعضاء الجماعة. (قتل الرجال اليزيديين)
(ب) إلحاق الأذى الجسدي أو النفسي الخطير بأعضاء الجماعة. (ماحدث للنساء والاطفال)
(ج) إلحاق الأضرار بالأوضاع المعيشية للجماعة بشكل متعمد بهدف التدمير الفعلي للجماعة كليًا أو جزئيًا. (تشريدهم من مساكنهم)
(د) فرض إجراءات تهدف إلى منع المواليد داخل الجماعة. (اعطاء السبايا حبوب منع الحمل او الاجهاض القسري)
(هـ) نقل الأطفال بالإكراه من جماعة إلى أخرى. (نقل اطفال اليزيديين الى معسكرات تدريب)
+++
يشكل أي فعل من الأفعال التالية "جريمة ضد الإنسانية" متى ارتكب في إطار "هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين" وعن علم بالهجوم :
أ- القتل العمد؛
ب- الإبادة؛
ج- الاسترقاق؛
د- إبعاد السكان أو النقل القسري للسكان؛
هـ السجن أو الحرمان الشديد على أي نحو آخر من الحرية البدنية بما يخالف القواعد الأساسية للقانون الدولي؛
و- التعذيب؛
ز- الاغتصاب، أو الاستعباد الجنسي، أو الإكراه على البغاء، أو الحمل القسري، أو التعقيم القسري، أو أي شكل آخر من أشكال العنف الجنسي على مثل هذه الدرجة من الخطورة؛
ح- اضطهاد أية جماعة محدودة، أو مجموع محدد من السكان لأسباب سياسية أو عرقية، أو قومية، أو أثنية، أو ثقافية، أو دينية، أو متعلقة بنوع الجنس، أو لأسباب أخرى من المسلم عالميا بأن بأن القانون الدولي لا يجيزها، وذلك فيما يتصل بأي فعل مشار إليه في هذه الفقرة أو أية جريمة تدخل في اختصاص المحكمة؛
ط- الاختفاء القسري للأشخاص؛
ي- جريمة الفصل العنصري؛
++
هل تذكركم هذه الشروط بكل ما تحدثت به نادية مراد؟ وبكل ماتحدث به مرافقها مراد اسماعيل؟ وفي الواقع هو نفس ماقاله الشهود الأكراد الملقنين في محكمة الاحتلال، وكذلك شهود الزور في قضية الدجيل. كان الجميع يذكر كل هذه الشروط بشكل وبآخر.
وإذا كنا نخمن التلقين في محكمة الاحتلال، فإننا الآن قد عايشنا تلقين نادية مراد من أول ظهورها، ثم تعديل شهادتها بأخرى تتماشى مع شروط (الإبادة والجرائم ضد الإنسانية).
وحتى تنجح عزيزي مدعي الإبادة في دعواك عليك أن تجد ناجين من الإبادة، واحدا أو أكثر، ليقدموا للعالم دليلا ملموسا في خضم انعدام الأدلة (إلا الصور المفبركة)، وكما يقول التعبير الانجليزي (تضع وجها للضحية to put face on victims) أي بدلا من ان تدلي بأرقام واسماء مبتورة، قد تمر على الناس المتلقين للأخبار مرور الكرام، عليك ان تأتي بوجه من لحم ودم لزيادة التأثير. كان الناجون من (الأنفال) يثيرون السخرية، فمن قائل انه خرج من القبر الجماعي بقدرة قادر، ومن قال أنه تدحرج ايضا بقدرة قادر من على التل حيث يباد الأكراد، وهكذا.
لكن الأمور تحسنت كثيرا مع (إبادة اليزيديين) فقد ظهرت ناجيات هربن (ولو بطرق عجيبة ايضا) من الأسر، وانطلقن للعالم بشكل غامض ليدلين بشهاداتهن.
كانت اول الشهادات التي رأيناها على الفضائيات ويوتيوب، لنساء أخفين ملامحهن إما بتشويش الصورة أو بنقاب. ولكن نادية مراد ظهرت كما بينا في (الحلقة الثالثة) بوجهها (ولكن قبل أن تتنجر كما يقول المصريون، أي قبل أن تدرب على شروط الإبادة وتلبس ملابس أنيقة)، وفي هذا الظهور لم تتحدث عن إغتصاب لها حيث بقيت 9 ايام فقط وقاومت من كان يريد اغتصابها وهربت. وكانت شهادتها مليئة بالمتناقضات (غير المطلوبة في شروط الإبادة) ، وبما أن البنت وافقت مبدئيا على إظهار وجهها فقد كان ينبغي تعديل شهادتها لتلائم المصالح. مثلا حين ذكرت في الظهور الأول اسعار اليزيديات وغير اليزيديات، لم يكن هذا يفي بغرض (استهداف مجموعة معينة بسبب الدين او العرق الخ) فأخذت تنكر لاحقا استرقاق أي نساء غير اليزيديات. وتركزت شهادتها الأولى على مسألة السوق والبيع والشراء (لأنه في بداية الحديث عن دخول داعش سنجار، كان الحديث الرائج يدور في معظمه على اسواق النخاسة، حين ظهر الفيلم الشهير الذي يجلس فيه بعض الشباب يتندرون حول السبايا اللواتي سيكن من نصيب الواحد منهم) . وهكذا رأينا تفاصيل دقيقة مختلفة في شهاداتها اللاحقة سواء في الأمم المتحدة ومجلس الامن والفضائيات ووسائل الاعلام الخ. وصارت تستخدم كلمات مستمدة من القانون (الاستعباد الجنسي) (كانوا يريدون الا تعود حياتنا طبيعية) (قتلوا كل الرجال) (فصلوا الاطفال عن الامهات) (اجهاض قسري- حبوب وحقن منع الحمل) (التعذيب بالحرمان من الماء والطعام وتكرار الضرب المبرح) (اخذوا بنات أخي وشقيقاتي ولا ادري اين هم - الاختفاء القسري). وطعمت شهادتها بقصص مختلفة سمعناها بحذافيرها من نساء أخريات ظهرن بلا وجوه. أي جمعوا في نادية (وجه الضحايا الظاهر) كل القصص، ولهذا كانت شهادتها درامية الى أقصى حدود الدراما، فكأنها رأت وعانت كل معاناة اليزيديين.
وأخيرا للأخت القارئة التي استنكرت قيامنا في الحلقة الماضية بالبحث المضني عن ارقام الضحايا ومقارنة التناقضات في ذكرها، بينما كما تقول الأخت ( مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا) وهذا صحيح وأنا معك: قتل نفس واحدة جريمة نكراء مرفوضة في كل الأديان والقوانين الأخلاقية، ولكن ياعزيزتي قتل نفس واحدة لا يشكل (إبادة) حسب القانون الدولي، ولا يمنحك بالتالي وطنا قوميا، ينبغي ان يكون القتل لمجموع سكان، وهكذا فالارقام مهمة خاصة كلما تزايدت.
ولكن هل هذا كل ماهناك؟
انتظروني في الحلقة الأخيرة. هناك صراع خفي يجري تحت السطح الملتهب بين اليزيديين والأكراد. يبدو أن اصحاب المصالح اليزيدية أرادوا التسلق على كتف برزاني. ولسان حاله (علمناهم الإبادة سبقونا على الأبواب) !!
ثم هل ألمانيا طرف في الموضوع؟
الحلقة الثامنة
تحقيق: عشتار العراقية
صديق الغار الأخ أبو ذر العربي سأل في الحلقة الماضية هذا السؤال (أليس هناك رواية واحدة من داعش؟) والجواب هو: كلا ، لم أقرأ أو أشاهد رواية واحدة من داعش. كل الذي رأيناه منذ ظهور داعش هو التالي:
1- أفلام دعائية مصنوعة في ستوديوهات (يمكن ان تكون في أي مكان في العالم). بضمنها الظهور الوحيد لأبي بكر البغدادي في ماقيل انه جامع الموصل الكبير.
2- صور مفبركة أو ملطوشة من أزمان وأماكن مختلفة.
3- بيانات تنشر على الانترنيت لانعرف مصدرها.
4- تطوعت بعض المواقع ووكالات انباء (ذات ارتباطات صهيونية على الاكثر) بزعم تغطية الحياة اليومية في (الدول الإسلامية) سواء في سوريا او العراق.
5- منشورات قيل انها من مواقع اسلامية داعشية، مثلا ماقيل عن منشور يصف التنظيم الإداري في دولة داعش. وقد نشره واحد (خبير في الإرهاب) اسمه أيمن التميمي وهو من نفس الرهط (الذي يشمل امثال ريتا كاتز) ممن يزعمون انهم (عثروا) على نفائس المعلومات والمخطوطات من المواقع الاسلامية المتشددة، أو تسربت اليهم بطريقة غامضة، وقاموا بترجمتها وبيعها للصحف والمواقع والادارات الحكومية الأمريكية، وهذا في الواقع (بزنس الإرهاب) الذي يعتاشون منه. المخطوطة التي قال التميمي أنها تصف التسلسل والتنظيم الإداري في دولة داعش، كانت (مقترحات) قدمها واحد سمى نفسه (أبو عبد الله المصري) ونشرها على الانترنيت. أي انها مقترحات وتصورات. ولكن الأخ ترجمها على أنها طريقة إدارة (دولة) داعش. وانتشر الخبر في كل مكان على أنها (كشف وثائق سرية لإدارة داعش)
صورتا الصفحتان الاولى والاخيرة التي توضح انها اقتراحات |
وهو بحث لا يتصل بزمان او مكان، مما قد يكتبه أي دارس في جامعة إسلامية عن قضية السبي في الغزوات الاسلامية، ولا يقصد بها على الأخص (داعش). وشاهد هناكل الأوراق التي ترجمها التميمي، وليس لها صلة بالعراق او سوريا، بل هي كلام عام.
وليكن مفهوما أن مايسمى (داعش) على الأرض ليست هي (داعش) على الانترنيت في الصور والأفلام. الأخيرة ترتدي أزياء معينة مصنوعة خصيصا لها، مثل أزياء القوات الخاصة أو أزياء باكستانية وأفغانية، وتقف مستعرضة نفسها حاملة راية سوداء. أما صور (القتلى) من داعش على الأرض، وهي صور نادرة جدا، فهي لأشخاص يرتدون ملابس العشائر او ملابس حديثة مما يرتديها الشباب من جينز وقمصان أو ملابس رياضية، لا أقنعة ولا هم يحزنون ولا احذية قتال. فمن يقاتل على الأرض؟ لا علم لي، هل هم العشائر؟ هل هم ميليشيات مرتزقة من هنا وهناك؟ هذا ماحاولت أن أبينه في كل ما كتبته عن داعش.
داعش موجودة ليس لإقامة دولة اسلامية وإنما لتمحو حدود سايكس بيكو لرسم حدود جديدة للنفط والغاز، فهي قوة خلفها مصالح شركات ودول. واستخدام اسم الاسلام يخدم هدفين أساسيين: التغلغل في الدول الاسلامية (لأنها تحوي على موارد هائلة من النفط والغاز أو تقع على طرق ومضايق نقلها) ولأن (الاسلام) لايؤمن بالحدود الوطنية.
الفكرة هي: إحدث فوضى في هذه المناطق بواسطة حروب او ثورات ربيع عربي، اقلب نظم حكم مستقرة ، زعزع اعمدة المجتمعات. إزرع قوة غاشمة وحشية (او إجعلها تبدو هكذا) من مرتزقة لا يهمهم شيء، ثم الحقها بجيوشك وقواعدك بحجة محاربة هؤلاء المتوحشين.
هذه هي الصورة الواقعة الآن، ولكن أضيفت اليها بعض الرتوش لاحقا، في شكل تحرك قوى محلية مدعومة اقليميا ودوليا من اجل المطالبة بحصة من الفوضى لإقامة أقاليم أو أوطان مستقلة. هذه القوى زعمت قيادتها ودفاعها عن (أقليات) تحاول داعش إبادتها. كان الصهاينة قد نجحوا نجاحا باهرا بعد الحرب العالمية الثانية بإطلاق صرخة وتمثيليات وسرديات (الإبادة) وتمكنوا بها من إنتزاع وطن قومي لهم على أرض فلسطين. تبعهم الكرد الذين ساروا على نفس النهج من إطلاق صرخة (الإبادة) وزعموا محو حوالي 180-300 ألف كردي من قبل صدام حسين، حتى تم لهم ما أرادوا من استقلال فعلي (لايحتاج الا الى تصريح من الأمم المتحدة لتتحول كردستان الى دولة). المشكلة في كل هذه (الإبادات) أن السلالة في أي منها لم تنقرض كما صوروا للناس، بل زادوا وتكاثروا وتملينوا (هذه صياغة عشتارية من المليون).
الإبادة GENOCIDE لها شروط حسب القانون الدولي، وهي تشكل جزء من (جرائم ضد الإنسانية Crimes against Humanity) . لقد ذكرتها عدة مرات في مواضيع شتى ولكن دعوني اذكركم بها مرة أخرى.
[الإبادة الجماعية] تعني ارتكاب أي عمل من الأعمال الآتية بقصد الإبادة الكلية أو الجزئية، لجماعة ما على أساس القومية أو العرق أو الجنس أو الدين، مثل:
(أ) قتل أعضاء الجماعة. (قتل الرجال اليزيديين)
(ب) إلحاق الأذى الجسدي أو النفسي الخطير بأعضاء الجماعة. (ماحدث للنساء والاطفال)
(ج) إلحاق الأضرار بالأوضاع المعيشية للجماعة بشكل متعمد بهدف التدمير الفعلي للجماعة كليًا أو جزئيًا. (تشريدهم من مساكنهم)
(د) فرض إجراءات تهدف إلى منع المواليد داخل الجماعة. (اعطاء السبايا حبوب منع الحمل او الاجهاض القسري)
(هـ) نقل الأطفال بالإكراه من جماعة إلى أخرى. (نقل اطفال اليزيديين الى معسكرات تدريب)
+++
يشكل أي فعل من الأفعال التالية "جريمة ضد الإنسانية" متى ارتكب في إطار "هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين" وعن علم بالهجوم :
أ- القتل العمد؛
ب- الإبادة؛
ج- الاسترقاق؛
د- إبعاد السكان أو النقل القسري للسكان؛
هـ السجن أو الحرمان الشديد على أي نحو آخر من الحرية البدنية بما يخالف القواعد الأساسية للقانون الدولي؛
و- التعذيب؛
ز- الاغتصاب، أو الاستعباد الجنسي، أو الإكراه على البغاء، أو الحمل القسري، أو التعقيم القسري، أو أي شكل آخر من أشكال العنف الجنسي على مثل هذه الدرجة من الخطورة؛
ح- اضطهاد أية جماعة محدودة، أو مجموع محدد من السكان لأسباب سياسية أو عرقية، أو قومية، أو أثنية، أو ثقافية، أو دينية، أو متعلقة بنوع الجنس، أو لأسباب أخرى من المسلم عالميا بأن بأن القانون الدولي لا يجيزها، وذلك فيما يتصل بأي فعل مشار إليه في هذه الفقرة أو أية جريمة تدخل في اختصاص المحكمة؛
ط- الاختفاء القسري للأشخاص؛
ي- جريمة الفصل العنصري؛
++
هل تذكركم هذه الشروط بكل ما تحدثت به نادية مراد؟ وبكل ماتحدث به مرافقها مراد اسماعيل؟ وفي الواقع هو نفس ماقاله الشهود الأكراد الملقنين في محكمة الاحتلال، وكذلك شهود الزور في قضية الدجيل. كان الجميع يذكر كل هذه الشروط بشكل وبآخر.
وإذا كنا نخمن التلقين في محكمة الاحتلال، فإننا الآن قد عايشنا تلقين نادية مراد من أول ظهورها، ثم تعديل شهادتها بأخرى تتماشى مع شروط (الإبادة والجرائم ضد الإنسانية).
وحتى تنجح عزيزي مدعي الإبادة في دعواك عليك أن تجد ناجين من الإبادة، واحدا أو أكثر، ليقدموا للعالم دليلا ملموسا في خضم انعدام الأدلة (إلا الصور المفبركة)، وكما يقول التعبير الانجليزي (تضع وجها للضحية to put face on victims) أي بدلا من ان تدلي بأرقام واسماء مبتورة، قد تمر على الناس المتلقين للأخبار مرور الكرام، عليك ان تأتي بوجه من لحم ودم لزيادة التأثير. كان الناجون من (الأنفال) يثيرون السخرية، فمن قائل انه خرج من القبر الجماعي بقدرة قادر، ومن قال أنه تدحرج ايضا بقدرة قادر من على التل حيث يباد الأكراد، وهكذا.
لكن الأمور تحسنت كثيرا مع (إبادة اليزيديين) فقد ظهرت ناجيات هربن (ولو بطرق عجيبة ايضا) من الأسر، وانطلقن للعالم بشكل غامض ليدلين بشهاداتهن.
كانت اول الشهادات التي رأيناها على الفضائيات ويوتيوب، لنساء أخفين ملامحهن إما بتشويش الصورة أو بنقاب. ولكن نادية مراد ظهرت كما بينا في (الحلقة الثالثة) بوجهها (ولكن قبل أن تتنجر كما يقول المصريون، أي قبل أن تدرب على شروط الإبادة وتلبس ملابس أنيقة)، وفي هذا الظهور لم تتحدث عن إغتصاب لها حيث بقيت 9 ايام فقط وقاومت من كان يريد اغتصابها وهربت. وكانت شهادتها مليئة بالمتناقضات (غير المطلوبة في شروط الإبادة) ، وبما أن البنت وافقت مبدئيا على إظهار وجهها فقد كان ينبغي تعديل شهادتها لتلائم المصالح. مثلا حين ذكرت في الظهور الأول اسعار اليزيديات وغير اليزيديات، لم يكن هذا يفي بغرض (استهداف مجموعة معينة بسبب الدين او العرق الخ) فأخذت تنكر لاحقا استرقاق أي نساء غير اليزيديات. وتركزت شهادتها الأولى على مسألة السوق والبيع والشراء (لأنه في بداية الحديث عن دخول داعش سنجار، كان الحديث الرائج يدور في معظمه على اسواق النخاسة، حين ظهر الفيلم الشهير الذي يجلس فيه بعض الشباب يتندرون حول السبايا اللواتي سيكن من نصيب الواحد منهم) . وهكذا رأينا تفاصيل دقيقة مختلفة في شهاداتها اللاحقة سواء في الأمم المتحدة ومجلس الامن والفضائيات ووسائل الاعلام الخ. وصارت تستخدم كلمات مستمدة من القانون (الاستعباد الجنسي) (كانوا يريدون الا تعود حياتنا طبيعية) (قتلوا كل الرجال) (فصلوا الاطفال عن الامهات) (اجهاض قسري- حبوب وحقن منع الحمل) (التعذيب بالحرمان من الماء والطعام وتكرار الضرب المبرح) (اخذوا بنات أخي وشقيقاتي ولا ادري اين هم - الاختفاء القسري). وطعمت شهادتها بقصص مختلفة سمعناها بحذافيرها من نساء أخريات ظهرن بلا وجوه. أي جمعوا في نادية (وجه الضحايا الظاهر) كل القصص، ولهذا كانت شهادتها درامية الى أقصى حدود الدراما، فكأنها رأت وعانت كل معاناة اليزيديين.
وأخيرا للأخت القارئة التي استنكرت قيامنا في الحلقة الماضية بالبحث المضني عن ارقام الضحايا ومقارنة التناقضات في ذكرها، بينما كما تقول الأخت ( مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا) وهذا صحيح وأنا معك: قتل نفس واحدة جريمة نكراء مرفوضة في كل الأديان والقوانين الأخلاقية، ولكن ياعزيزتي قتل نفس واحدة لا يشكل (إبادة) حسب القانون الدولي، ولا يمنحك بالتالي وطنا قوميا، ينبغي ان يكون القتل لمجموع سكان، وهكذا فالارقام مهمة خاصة كلما تزايدت.
ولكن هل هذا كل ماهناك؟
انتظروني في الحلقة الأخيرة. هناك صراع خفي يجري تحت السطح الملتهب بين اليزيديين والأكراد. يبدو أن اصحاب المصالح اليزيدية أرادوا التسلق على كتف برزاني. ولسان حاله (علمناهم الإبادة سبقونا على الأبواب) !!
ثم هل ألمانيا طرف في الموضوع؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق