نيرة اليزيدية في مجلس الأمن-4
تحقيق : عشتار العراقية
إذن لنعيد الأمور الى نصابها. في الحلقة الماضية علمنا أن بنت كوجو (نادية مراد) وحسب حديثها في الفيلم المؤرخ 19 ايلول 2014 كانت قد اختطفت في 3 آب من نفس السنة من قبل داعش مع 150 امرأة اخرى وبقيت في الحجز لمدة 9 ايام بعدها هربت.
وتبدأ القصة حين دخلت داعش القرية وطلبت من سكانها تسليم اسلحتهم لضمان أمنهم. ثم بعدها ابلغوا اهل القرية انهم سوف ينقلونهم الى كردستان. ونقلوهم الى مدرسة وفصلوا الرجال عن النساء واخذوا الموبايلات والاموال والذهب. ثم نقلوا الرجال بالسيارات الى منطقة اخرى وقتلوهم (عرفت نادية لأنها سمعت اصوات الرصاص). ثم نقلوا النساء والاطفال الى معهد غير مكتمل البناء حيث فصلوا كبيرات السن والمتزوجات عن الفتيات .
في الطريق الى الموصل كان الحارس يتحرش بالنساء.
في الموصل كان المقر كبيرا وكانت هناك نساء اخريات من قرى اخرى. في الصباح جاء الامير (الشيخ) واخذ 3 بنات ليغتصبهن ثم يبيعهن. وهكذا كل يوم يأخذ 4 نساء.
حولوا 63 من النساء الى مقر آخر كانت هي معهن. في المقر الجديد كل ليلة يأتون ليأخذوا البنات. في يوم جاء واحد لأخذها فتملصت منه . بعدها بقيت 9 ايام بين ايديهم ثم هربت في يوم كانت الحراسة غير مشددة.
تذكر اسعار اليزيديات وغير اليزيديات في سوق الرقيق.
ركزت في هذا الفيلم على تحديد توقيتات الاحداث بالدقيقة.
في 15 تشرين اول 2014 (بعد 45 يوما من نشر الفيديو السابق) جاءت صحيفةدير شبيغل الالمانية واجرت معها حوارا (على الاكثر في ألمانيا التي نقلت اليها)
القصة في الصحيفة اختلفت واليكم نقاط الاختلاف:
1- تفصيلة مصادرة الاحذية لئلا تهرب الاسيرات
2- عثور نادية على حذاء رياضي واخفاؤه لحين يأتي وقت الحاجة اليه.
3- ولدت وترعرعت في سوريا
4- لديها اقارب في دهوك احتضنوها بعد هربها. في روايات لاحقة سوف تقول أن لديها شقيق في كردستان. (كيف ذهبت إذن الى معسكر اللاجئين ومنه الى ألمانيا؟)
5- الاكراد كانوا السبب في محنة اليزيديين لأنهم تراجعوا امام داعش وتركت القرية بدون حماية
6- الهاربة قيمة جائزة القبض عليها 5000 دولار (مع ان قيمة الاسيرة اصلا 1000 دولار أو أقل حسب الفيديو السابق)
7- امها كانت تحذرها من المسلمين
8- تتفق مع القصة الاولى ان داعش منحت الامان لاهل القرية حتى يسلموا اسلحتهم
9- تتفق مع القصة الاولى في جمع الاهالي في مدرسة وفصل النساء عن الرجال، وسماع اصوات طلقات
10- تختلف في ان الرجال لم ينقلوا بسيارات الى اماكن اخرى للقتل.
11- تختلف في ان فصل البنات عن العجائز تم في المدرسة وليس في مكان آخر وكانت امها معها حين سلمتها الخاتم
12- تختلف في نوع السيارات التي تم نقل النساء وعددهن 64 (يختلف عن الـ 150) الى الموصل (سيارات دفع رباعي وحافلات صغيرة)
13- تختلف في التنقل بين خمس اماكن، في القصة الاولى كانت تتحدث عن مقرين في الموصل.
14- في قصة شبيغل بالغ الكاتب في وصف التجويع والتعطيش (في حين انها قالت في مقابلات لاحقة انها كانت تأكل من أكل داعش ولم تتحدث عن تجويع. لماذا يعطي عناصر داعش البول وماء الصابون للاسيرات؟ الا يخشون ان يمرضن فلا يصلحن للجنس؟)
15- الضرب اليومي بدون سبب
16- رجال داعش نوعان : القادة يتحدثون بالعربية واخرون يتحدثون الكردية بلهجة منطقتها.
17- بعد هربها الى وسط المدينة دقت على باب وخرج رب اسرة وآواها.
18 - تتفق القصتان في قتل الرجال واستغلال النساء
19- اختفى ذكر قيام امير داعش باغتصاب البنات.
20 اختفت توقيتات الاحداث.
حسنا لو لخصنا الغرض من القصة الاولى : كان التركيز على الاتجار بالنساء بيعهن وشراءهن - سوق الجواري - حتى الثمن محدد
القصة الالمانية تركز على التعذيب والتجويع الوحشي (بدون سبب او مبرر). وليس هناك تفاصيل عن الاغتصاب ويبرر الكاتب بأن نادية تخجل عن ذكر ذلك وتكتفي بالقول (اخذونا كل على حدة الى الغرف).
في 25 تشرين ثان 2015 (بعد سنة من نشر دير شبيغل) اخذت الى مكتب الامم المتحدة في جنيف حيث ألقت تقريرا باردا، مليئا بالأرقام حول عدد المقتولين، واختطاف النساء وإبادة مجتمع كامل.
قالت في هذه الجلسة التي نشرت في 25 تشرين ثان/نوفمبر/2015 وكما هو واضح من شريط الترجمة على الصورة اعلاه، أن شقيقتين لها كانتا محتجزتين مع الاخريات استطاعتا الهرب. وقالت ايضا أن شقيقتها الكبرى هربت الى سوريا قبل شهرين. وأن داعش قتلت اكثر من 700 رجل في ساعة واحدة. (انتبهوا لهذا الرقم). ستلاحظون في الفيلم أنها عددت المآسي التي تعرضت لها قريتها بألفاظ قانونية منتقاة:
1- القضاء على مجموعة من الناس بقتل الرجال وسبي النساء
2- الاجهاض القسري
3- فصل الاطفال عن الأمهات
4- الاستعباد الجنسي
5- احتجاز قسري في أماكن غير أماكنهم الطبيعية.
وهذه يا أعزائي هي شروط جريمة (الإبادة) حسب القانون الدولي بالضبط. وقد ذكرتها نادية هنا بشكل واضح داعية الامم المتحدة الى اعتبار ماحدث (جريمة إبادة Genocide).
وكما ترون من الصورة اعلاه المقتطعة من الفيديو أن هذا الظهور مر مرور الكرام، فلم يحدث الضجة التي أحدثتها شهادتها أمام مجلس الأمن، بل أنه ليس هناك بطاقة أمامها باسمها وانما ذكر انها تمثل منظمة غير حكومية (مكتوب بالفرنسي). والمنظمة التي مثلتها هي (يزدا) التي كما يبدو تبنت تجهيزها وتدريبها لتقوم بالدور السياسي المنوط بها.
بعد أقل من شهر، ذهبت في 16 كانون الاول/ديسمبر 2015 الى نيويورك لتقديم شهادة أمام مجلس الأمن. وهذه المرة كان الاستعداد مختلفا بعدة طرق. أولا أنها ألقت الشهادة مكتوبة بتفاصيل شخصية جدا، ثم كان معها مرافق (مراد اسماعيل من منظمة يزدا) يجلس الى جانبها أو خلفها، وقد ظهر فيما بعد معها في كل لقاءاتها الإعلامية، حيث يصحح ويتدخل حين لا تعرف نادية كيف تجيب على سؤال عويص شوية (خارج النص)، أو يقدم المطالب السياسية لليزيديين. وهذه المرة كانت الكاميرات تلتقط صور اعضاء في مجلس الأمن يجففون دموعهم.
ماقالته في شهادتها هو إعادة (شروط الإبادة) حسب القانون الدولي:
سياسة ممنهجة ومسبقة التخطيط. تدمير الهوية اليزيدية بالقوة . إبادة ضد هويتنا.
في 15 آب جمعونا بالمدرسة (حكاية المدرسة تفيد التخطيط المسبق والسياسة الممنهجة) ولابد انكم تذكرون انه مع حضورها في مجلس الأمن طفا على السطح فيلم عن جمع داعش لأهالي قرية كوجو في مدرسة، طبعا الفيلم أكد مصداقيتها. وسوف نتحدث عن هذا بعد قليل.
اخذوها مع النساء وعددهن 150 بالسيارات الى الموصل. (ضاعفت الرقم 64 المذكور في حديثها لصحيفة دير شبيغل في 2014 )
ومن انفراد مجلس الأمن حكاية الرجل الضخم جدا، والرجل ذي القدم الصغيرة!! وملخص الحكاية انها كانت من شدة خوفها او خجلها مما سوف يحدث لها، كانت عيناها في الأرض لا تستطيع رفعهما. وجاء رجل يطلبها سبية له، وحين رفعت وجهها اليه فزعت إذ رأته ضخما جدا، فأخذت تتوسل إليه أن يتركها لأنها ضئيلة بالنسبة اليه، واثناء الشد والجذب وقيامه بركلها وضربها، وكل هذا وعيناها في الأرض، لمحت قدمين صغيرتين، مما يدل أن صاحبهما أصغر جسما من المارد، فتعلقت بهذا وتوسلت إليه أن يأخذها لنفسه ويفعل بها مايشاء. المهم ان ينقذها من الوحش. وهذا ماحصل، ولكن اتضح فيما بعد أن الرجل الصغير كان أسوأ من الضخم، وقد اغتصبها، ثم لما حاولت الهرب منه خلع ملابسها وقدمها لستة حراس اغتصبوها جماعيا حتى أغمي عليها.
(هناك نكتة خارجة حول علاقة مقاسات الأحذية بالأحجام، ولكن ليس هذا مجالها، كل الذي أردت قوله لنادية، أن حجم الأقدام لاعلاقة له بأي شيء).
فيما بعد في أحاديثها الصحفية والاذاعية ، روت أشياء عدة عن ذي الاقدام الصغيرة هذا، منها انه اخذها لزيارة خالته، وفي رواية اخرى لزيارة والديه.
وأخبرت مجلس الأمن أنها بقيت في الأسر (3 شهور) ، وهي فترة تعذيب معقولة، مقارنة بتسعة أيام في حديثها لدير شبيغل!!
وكررت التبليغ عن اكتشاف 16 مقبرة جماعية منها واحدة ضمت 80 جثة لأمرأة بينهم والدتها.
وأنه تم تشريد اكثر من 400 الف
اكثر من 40% من مناطقهم تحت سيطرة داعش
خلال الاسابيع الماضية غرق اكثر من 70 يزيدي حاولوا الهرب.
++
التأثير الذي أحدثته شهادتها في مجلس الأمن كان يعود الى أنها فتاة من مجتمع تقليدي تعرضت للاغتصاب الجماعي (كل يوم لمدة 3 شهور) ولكنها الان تروي بشجاعة منقطعة النظير كل التفاصيل بدون خجل أو تردد، متحدية تقاليد المجتمع. وهذا ماقصد من رتب شهادتها في مجلس الأمن. وهذا ماحدث فعلا، حيث صارت الفتاة أشهر من نار على علم، بل رشحتها حكومة العملاء في العراق لنيل جائزة نوبل للسلام !! أسوة بالبنت ملالا. وهذه (الشجاعة) المحسوبة والمرتبة مسبقا هي التي جعلت هذه الشهادة في مجلس الأمن تختلف عن غيرها. للتذكير كانت فيان دخيل قد قدمت شهادة أيضا أمام مجلس الأمن في أواخر شهر مارس 2015 وطالبت باعتبار ماحدث إبادة جماعية وطالبات بالحماية الدولية لمناطق اليزيديين بناء على هذه الارقام:
الايزيديون الذين كانوا لغاية ٣ / ٨ / ٢٠١٤ اي قبل هجوم داعش على قضاء سنجار أناسا مسالمين فقراء غالبيتهم مزارعون عددهم يقارب ال ٦٠٠٠٠٠ نسمة في العراق
٤٢٠٠٠٠ الف منهم الان نازحون في محافظات اقليم كوردستان و ٨٠٠٠ موجودون في مخيمات في سوريا وتركيا
٥٦٨٠ مخطوف بين رجل ومسن وفتاة وامراة وطفل
ما يقارب ال ١٠٠٠ طفل بين عمر ٤ و١٠ سنين اخذوا عنوة من ذويهم وحجزوا في مقرات لداعش لتدريبهم ليشكلوا جيلا ارهابيا جديدا
٣٠٠٠ فتاة أيزيدية مخطوفة يباعون كسلع في أسواق النخاسة داخل وخارج العراق بعد ان تم انتهاكهن بشتى الطرق النفسية والجسدية
اكثر من ٢٠٠٠ أيزيدي ذبحوا على يد تنظيم داعش لا لشي الا لكونهم ايزيديون ويعتنقون دينا مختلف عن معتقد داعش.
ولكن رغم كل هذه الأرقام لم يكن تأثير شهادتها صاعقا مثل تأثير شهادة نادية.
++
ربما لم يصدقها أحد، ولهذا كانت شهادة نادية مدعمة او ملحوقة بفيديو المدرسة وهو فيلم أكشن رهيب سأحدثكم عنه في الحلقة القادمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق