د. مصطفى سالم
رئيس تحرير وكالة انباء الرابطة
تشير تقارير سرية إلى حتمية عودة دولة اليمن الجنوبي، وتقول التقارير بصريح العبارة أن ذلك " أمرا لابد منه" ، وإلا فالصراع سيطول في اليمن ويأخذ أشكالا أشد ضراوة وتهديدا لدول الجوار وحرية الملاحة في باب المندب.
ولعل هذا التصور هو الذي يفسر دعما ينطلق من السعودية وسلطنة عمان وقطر للقوى القديمة في اليمن الجنوبي والتي تريد العودة للحكم .
علم اليمن الجنوبي
جنوب اليمن أستقل كدولة من الاحتلال البريطاني في عام 1967 وأتحد مع اليمن الشمالي في عام 1990. وخلال هذه السنوات أنجز ما لم تنجزه الوحدة رغم تقارب مدتهما .
عند الاستقلال كان اسم الدولة جمهورية جنوب اليمن وفي عام 1970 اصبحت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.
كانت الوحدة اليمنية بحاجة لنزاهة ونقاء القائد الشهيد إبراهيم محمد الحمدي (1943 – 1977) الذي إغتيل بعمل مشترك بين المخابرات الامريكية والسعودية بالتواطئ مع قوى قبلية في الداخل.
الرئيس الشهيد إيراهيم الحمدي
هناك تغيرات واضحة في تفكير القوى اليمنية الجنوبية القديمة الموجودة بالخارج فقد طلقت الاشتراكية، وهم أقرب الى التحالف مع دول الخليج العربي التي توصف بالرجعية ، ولكن مع فارق انهم سيجدون أنفسهم مضطرين لممارسة تجربة برلمانية أكثر فاعلية وهو امر غير معتاد في دول الخليج العربي.
إذ حتى الكويت كشفت عن هشاشة برلمانها الذي يتم حله كلما غضب الأمير أن تم استجواب أحد افراد عائلته الفاسدة ، بل وصل الأمر لمنع عضو من البرلمان السابق من الترشح مجددا للانتخابات عقابا على المطالبة باستجواب احد افراد ال صباح.
وعموما البرلمان في الكويت لا يحق له سحب الثقة من الحكومة إطلاقا، بمعنى هو نصف برلمان، وفي الحرية والديمقراطية لا يوجد ما يسمى النصف.
البعض يراهن على أن المصلحة الأمبريالية الأمريكية مازالت تعتمد على وحدة اليمن. والقبول بهذا الاعتقاد مجازفة لاسيما مع رغبة العائلة الحاكمة في السعودية بتقسيم اليمن و وجود دعم شعبي في جنوب اليمن لانفصال.
كان النظام السعودي ومعه أنظمة الخليج بحاجة للتخلص من الرئيس اليمني علي عبد الله صالح لتحقيق هذا الانفصال.
والقوى القبلية والعسكرية التي اصطفت ضد صالح لم يكن هدفها إطلاقا الدفاع عن جماهير مخدوعة تريد دولة مدنية وعدالة اجتماعية، بل كان هدفهم هو دعم السياسة السعودية في اليمن.
والمقلق في الأمر أن الوحدة اليمنية لم تُحيّ الشعور بالهوية اليمنية الجامعة، لكنها أسهمت في تعزيز الحنين لدولة جنوب اليمن.
وهو أمر يمثل حجم الفساد والممارسات الظالمة التي رافقت تجربة الوحدة، لكن يجب عدم التخلي عن المحاولة من أجل وحدة اليمن تحت نظام حكم عادل يقاوم الفساد. ويبدو إن القوى في جنوب اليمن التي تريد المحافظة على الوحدة باتت ضعيفة.
مجيء نظام جديد في اليمن يمكن أن يغير المعادلة ويظهر عدالة الدولة. لكن أرتباطات ما يسمى قادة الحراك الذين أستطاعوا مع الضغوط الدولية الاطاحة بالرئيس صالح لا يمكن أن تبشر بخير.
أن المأساة الحقيقة ان الحراك الشعبي العربي في تونس ومصر واليمن أنتهى بيد الرجعية والقوى التابعة لواشنطن.اما في ليبيا فالتحرك بدأه عملاء، وجلس على الحكم حاليا عملاء وقتلة.
عندما تتخلى مصر عن دورها في قيادة الأمة العربية من أجل التصدي لمشاريع الإمبريالية الامريكية والصهيونية والرجعية لن يكون حال مصر والعرب إلا المزيد من الخسارات .
ويبدو ان البعض يحتار بين تأييد أنفصال اليمن الجنوبي وبين أستمرارية الوحدة.
ولنا أن نقول أن الثائر العربي أن لم يكن وحدويا لا يمكن أن يكون إنفصاليا، وأن لم يكن معاديا للامبريالية لا يمكن أن يكون عميلا للناتو.
الحقيقة أن الديمقراطية لا تعني شطب القيم المناهضة للامبريالية والصهيونية والرجعية. لأنها بذلك لن تكون إلا كما هو العراق المحتل الأن ، حكومة عميلة وطائفية يجلس عليها عملاء ولصوص وقتلة .
وليس مصادفة أن يكون حكم العراق مدعوما من الولايات المتحدة الامريكية وإيران والعدو الصهيوني فكلهم يسعون لتحطيم العرب بمساعدة من أنظمة عربية وتركيا، وحدث ولا حرج.
أنه زمن أصبح فيه اليسار يتلذذ بالارتماء في إحضان واشنطن والرجعية.
زمن أصبح فيه جزء من الشعب يُنافس الأنظمة في عمالتها. والمسؤول عن ذلك الانظمة وقوى سياسية لم تنجح عبر ممارساتها وسلوكياتها من تعزيز الشعور بالولاء للوطن.
زمن أصبح الإعلام فيه بيد الجواري والعبيد يكتبون ما تصدره سفارات واشنطن ويقبضون ما تدفعها لهم الرجعية في السعودية وقطر ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق