د.مصطفى سالم
رئيس تحرير وكالة انباء الرابطة
نظامي قطر والسعودية في إنخراطهما بدعم الجزء الموالي لواشنطن في المعارضة السورية وقوى التمرد التي وصلت للحكم في ليبيا والإخوان المسلمين في تونس ومصر إنما يحاولان بشكل مشكوك في نتائجه إبعاد تغييرات ستطال بلديهما.
ومن المثيرب للسخرية ان يتحدثا النظامين عن حقوق الانسان وعن الديمقراطية والشعب يقرر مصيره وهما ألاكثر معاداة لكل ذلك.
وتفتقد قطر والسعودية لحرية الصحافة، ولايوجد فيهما برلمان منتخب كما ان القضاء غير مستقل، بل هو يعبر عن رغبات العائلة الحاكمة .
وفي دراسة حول ما ينشر في قطر والسعودية لم ينشر أي مقال حول المطالبة بالديمقرطاية او الاصلاح خلال سنة كاملة.
ولا يسمح لأي وجهة نظر مخالفة أن تنشر في المملكة العجوز ولا في الدويلة المحتلة أمريكيا.
لكن بمشهد يبدو شنيعا، نجد أن قيام الحكم القطري والسعودي بدور المرتزقة، سواء بشكل سياسي علني، او بشكل دعم عسكري و مالي للقوى الرجعية، هو المدخل للتخلص منهما وهو المدخل الذي دفعتهم إليه الولايات المتحدة الامريكية قبل النطق في حكم التخلص منهما ومن نماذج حكم لم تعد مرغوبة حتى لو أظهرت المزيد من الولاء لواشنطن.
صحيح ان عائلة ال صباح ستتخلى عن منصب رئيس الوزراء الذي هو جزء من ممتلكات العائلة الحاكمة في الكويت والسعودية وقطر، لتبدأ مرحلة تحديد صلاحيات الامير قبل غيره من الحكام، لكن الصحيح أيضا ان قطر والسعودية سيكون لتحولاتهما طابعا أكثر مأساوية.
لأن واشنطن لا تريد ديمقراطية تأتي بمن هو معادي لها، بل تريد ديمقراطية تصنعها هي على طريقتها كما في العراق المحتل الغارق في الفساد والقتل والتعذيب و في ليبيا الميلشيات، وكما في تونس التي يتاح لصبي قطر أن يكون وزير خارجيتها، وايضا في مصر التي يديرها حقيقة أئتلاف عسكر كمب ديفيد والأخوان المسليمن عملاء بريطانيا الملتحين، وكما في اليمن الذي فشلت جماهيره الغاضبة من أن أنجاز مهمتها الثورية لان مهمتها الحقيقية كانت التخلص من علي عبد الله صالح وليس القيام بثورة.
في حين منعت واشنطن عسكر كمب ديفيد وتونس في الإنخراط بصراع مع الأحتجاجات في البلدين كانت تدرك، أن تخلي العسكر عن العميلين زين العابدين بن علي وحسني مبارك سيؤدي الى اسقاطهما مما يعني ان نظامي تونس ومصر هما حلقتان الأكثر ضعفا، فيما يسمى بالربيع العربي وهو بالحقيقة الربيع الذي ليس له علاقة بالعرب سوى في مكان وقوع الحادث.
غير أن ليبيا واليمن وسوريا كانت أصعب، ولأسباب مختلفة، لكن تبقى ليبيا التي قاومت العداون الاطلسي الصهيوني الرجعي الحلقة الأصعب حتى من سوريا التي مع رفضنا للحكم فيها إلا أن القوى التي تنادي باحتلالها معادية لكل عربي وكل حر .
وبدون شك ان روسيا والصين لو فعلتا مع ليبيا ما قدماه مع سوريا في قضية الفيتو، لكان عملاء الناتو قد هزموا مبكرا ، لكن يبدو أن خيرات ليبيا كان متفق على نهبها بين واشنطن وباريس بشكل سمح بتمرير إتفاقات سرية مع موسكو وبكين.
غير أن سوريا ليست بحيرة نفط، وليس له تأثير على أفريقيا كما كان الشهيد معمر القذافي ، بل أن الحكم في سوريا، جزء من مرحلة صنعتها واشنطن في المنطقة، سمحت بان يتحول النظام الى قبضة أمنية ليس لها تأثير حتى في القضية الفلسطينية سوى في السيطرة على الفصائل الفلسطينية، وهذا سر بقاءه طوال سنوات مرت وهو السر الذي يجعل من دعم واشنطن لجزء موالي لها في المعارضة اقوال أكثر منه افعال. وهذا لا يعني أن واشنطن لا تريد تغييرات في سوريا الآن ، بل تريد ذلك لكن بطريقتها و الوقت المناسب لها.
هنا نريد ان نقول أن جزء من معارضة الحكم في سوريا، وبالذات هو الجزء المسلط الأضواء عليه، هم مجرد عملاء تافيهن لا يختلفون إطلاقا عن احمد جلبي، نوري مالكي ، جلال طالباني، عمار حكيم، مقتدى صدر ، ولا يختلفون عن مصطفى عبد جليل في ليبيا المحتلة، أو القوى الرجعية الحاكمة في تونس ومصر.
و بدون شك ان النظام السوري الذي قاتل ضد عراق الشهيد صدام حسين مرتين ((أولى عندما دعم إيران (1980-1988) وثانيا عندما قاتل إلى جانب القوات الامريكية عام 1991 بالاضافة لنظام مبارك والسعودية وغيرهم )) هو نظام رفع شعارات قومية لكنه حول طائفته الى مؤسسة عسكرية، كان دوره الحقيقي يقتصر على شطب القوى القومية في المنطقة لصالح القوى الطائفية، كما فعل مع المرابطون في لبنان وهم من قاتل حقيقة ضد العدو الصهيوني عام 1982 .
بل أن قادة العراق الجديد وكلهم عملاء وطائفيين كانوا في سوريا وليس غيرها ومنهم المجرم نوري مالكي.
سيدرك الجميع ولو هذا الإدراك سيكون متأخرا وربما بلا نتائج، ان القوى القومية هي التي كان ومازال وسيبقى العدو الأمريكي والصهيوني والإيراني وكل الطامعين في الأمة يشعر بالقلق منها وليس اي قوة اخرى.
نحن هنا لا نريد تبرير أخطاء تجربة حكم الشهيد صدام حسين ولا تجربة الشهيد معمر القذافي، فذلك أمر اخر إلا انهما كانا من الصعب على واشنطن أن يحولهما لتابعين حتى وأن تمكن من جرهما إلى مواقف غير مجدية.
إن حكام قطر والسعودية أكثر ضعفا من بن علي ومبارك حتى مع إذعانهما لواشنطن وحتى مع طبيعة المجتمع في كلا البدين. إذ ان التغييرات الحالية لا تتعلق بكم حجم المعارضة، ولا بالأسباب التي تجعل من الشعب يحتج، بقدر ما تتعلق بخريطة التغييرات التي صنعتها وكالة المخابرات الامريكية التي لا تستثني حلفاءها ولا خصومها.
وفي حين يعتبر الحكم العراقي الاكثر فسادا ، فان واشنطن تقدم الدعم له والتغطية حتى على جرائم التعذيب التي يقوم بها مستفيدة من طائفية الشارع العراقي لاسيما في جانبه الشيعي الذي ينقاد وراء رجال دين واحزاب طائفية رغم معرفته بهم كعملاء ولصوص فاسدين.
لماذا نقول أنه لم تحدث أي ثورة في الوطن العربي ، لا في تونس ولا مصر ولا اليمن.
لو كان هناك ثورة أو ثوار، ما كانت القوى الرجعية الحليفة للرجعية العميلة في قطر والسعودية هي من تصل للحكم.
لو كان هناك ثوار في اليمن لم جاء هادي رئيسا، ولا استولت الطغمة القبلية على مواقع لتقاسم خيرات البلاد.
لم تكن هناك ثورات، لانه لم يكن هناك مشروع ثورة ولا ثوار. كان المطلوب تأدية مهمة التخلص من حلفاء وخصوم واشنطن بعد أن أصبحت المرحلة تحتاج وجوه جديدة ضعيفة لا يمكن أنتقادها شعبيا على خيانتها .
ونموذج الحكم التونسي دليل على نوع من جاء به ربيع الناتو هذا. عملاء مستعدين للتعاون مع أي محتل كما فعلوا حين ساعدوا في احتلال ليبيا وكما سيفعلون مع سوريا.
المشكلة أن النظام في سوريا لم يدرك أن من يدافع على نظام وراثي جمهوري يثير السخرية.
فالذي يؤيد حكم بشار هو اكثر دموية وأقبح في العمالة (نوري مالكي مثلا) والذي يعارضه مدعوما من قطر والسعودية و واشنطن اكثر خيانة.
والشعب الذي يطالب بتدخل خارجي من الاطلسي او غيره بالتأكيد لا يعرف طريقه، ومخدوع وفاقدا لبوصلته وليس له علاقة بثورة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق