نموذج من النظام العربي الجديد!!!..
سميرة رجب
طوينا دفاتر النظام العربي السابق، ووضعناها على الأرفف..
وفتحنا دفاتر جديدة لتسجيل مسيرة النظام العربي الرسمي الجديد.. نظام «الربيع العربي»، رغم عدم اكتماله كلياً..
فلا تزال الصراعات جارية، محلياً وإقليمياً ودولياً، على شكل هذا النظام، ويبدو أن المتصارعين يعانون من صعوبات جمة في الجبهة السورية المستعصية، لأنها خطوط تماسّ مؤثرة على نفوذ القطب الشرقي في المواجهة (الحرب الباردة) التي لم، ولن تنتهي ضد القطب الغربي على مناطق النفوذ في العالم..
وما يهمنا في مقالنا اليوم هو التعرف على النظام العربي الجديد الذي يبدو واضحاً أنه يُوَزّع على قوى الإسلام السياسي!! المدعوم غربياً؟؟!!.
هناك تخوف شديد من أن يحاط هذا النظام بحصانة من القدسية والعصمة، لأن مرجعيته تمتد إلى المنابر الدينية، فيبقى بعيداً عن المراقبة والمساءلة، وقد ثبت بالبينة أن آثار السجود على وجوه البشر لم، ولا تمنعهم من الفساد، بل لطالما استغل الناس هذه «الآثار» لممارسة المزيد من الفساد.. فنحن نعيش في زمن بات الكذب والتدليس والفبركة والخيانة أهم سمات المنتصرين فيه، فلم تعد الصورة تمثل الحقيقة، بل تخفي خلفها ألف تأويل وتأويل، ولم يعد من الصعب الحصول على الأدلة والإثباتات التي تدين المفسدين..
والمطلوب إذن من الشعب العربي هو اليقظة، وتفعيل كل أدوات المراقبة والمساءلة..
ولأن مصر كانت، وستبقى قلب الأمة النابض، فإليها تتجه الأبصار اليوم لمعرفة شكل مستقبل هذا النظام العربي الرسمي.. وفي ممارسات النظام السياسي الجديد تكمن الحقائق الخفية عن «الربيع العربي»، الذي ألهب مشاعر شعوب المنطقة أملاً في فتح آفاق جديدة لنهوض الأمة.
فبجانب كل ما يعيشه المصريون من مظاهر أمنية مقلقة وخطرة نتيجة انهيار جهاز الأمن المصري خلال الأحداث التي مرت بها البلاد منذ يناير 2011 حتى اليوم، ظهر جلياً أن هناك خطرا أمنيا، وتهديدا استخباراتيا أكثر خطورة، يخترقان أعماق مصر، ويهددان أمنها وسيادتها..
في حواره مع مجموعة من المصريين في الذكرى الأولى للثورة، أشار الصحفي الأمريكي، توماس فريدمان، بوضوح إلى أهم مؤشرات هذا الانفلات الأمني والاستخباراتي بقوله إن الإدارة الأمريكية تبني علاقاتها الجديدة مع كل الأطياف السياسية في مصر، سواء كانت تيارات دينية أو آخرين، ذاكراً مثالي الدكتورين أيمن نور وسعدالدين إبراهيم (الحياة، 10 يناير 2012)، وهذا ما تم تأكيده بالوثائق التي كشفتها السلطات المصرية عن تمويلات بملايين الدولارات من الخارج لمنظمات المجتمع المدني..
ومن الجدير بالاهتمام التعرف على الطريقة التي تعامل بها المصريون مع محاكمات هذه المنظمات، وخصوصاً ما بدا واضحاً من تفاوت في المواقف ما بين الحكومة والبرلمان، والتي كانت فيها الحكومة أكثر ثورية ووضوحاً وتخوفاً من الثوار الجدد القابعين تحت قبة البرلمان..
فقد أكدت الحكومة عبر وزيرة شؤون التعاون الدولي، السيدة فايزة أبوالنجا، والقضاة المعنيون بالقضية، أن الإدارة الأمريكية تعمل عبر هذه المنظمات لضرب مصر وإعاقة نهوضها «كدولة ديمقراطية ذات اقتصاد قوي»، ولم ينف رئيس الحكومة، كمال الجنزوري هذا الكلام، بل أكده أمام البرلمان بتلميحه إلى أن هذه المنظمات والتهديدات الأمريكية التي وصلت إلى درجة عرقلة التجارة الخارجية المصرية وحرمان مصر من العملة الصعبة تستهدف الضغط الاقتصادي لعرقلة مسيرة مصر كدولة ديمقراطية بعد نجاح ثورتها، مؤكداً ما ذكرته السيدة أبوالنجا من أن ما يحدث في مصر يصب في النهاية في المصالح الإسرائيلية والأمريكية في المنطقة.
أما مجلس النواب المصري فكان له موقف معاكس تماماً، ومن باب عدم إعطاء الأمر الأهمية التي تستحقها اختصر المجلس مناقشته في بعض اللجان البرلمانية، ثم جاء الرد على لسان السيد عصام العريان، رئيس لجنة الشئون الخارجية في البرلمان المصري، بأنه في حال تنفيذ الإدارة الأمريكية تهديداتها بقطع المعونات فإن مصر حينها ستدرس هذا الموضوع في إطار معاهدة كامب ديفيد، ولم يبد حزب الأغلبية في مجلس النواب أي اهتمام حقيقي لما عرضه رئيس الوزراء في هذا الشأن.
عشنا زمان النظام العربي السابق في تفاصيله، صعوداً ونزولاً، والذي نعترف له، رغم مساوئه، أنه كان حريصاً على أمن المنطقة بدافع قومي ووطني..
فيا ترى هل يملك النظام العربي الجديد أي حرص على سلامة هذه الأمة في ظل ثورات كان من أهم مكتسباتها وإنجازاتها تحطيم أجهزة الأمن الوطني في بلدانها؟.. وفي ظل غياب أمني كامل صار يعاني منه الفرد والمجتمع كما يعاني منه الوطن في عمومه؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق