منطقيا وكما جرت العادة في أي صراع فإن ترتيب مواجهة الاخطار المحدقة بك يكون بحسب درجة خطورتها، ونحن كأمة العرب تتقاذقنا الاخطار والاطماع من كل جانب وأصبحت ارضنا ساحة صراع للقوى الدولية لتقاسم المصالح، وبخصوص الجدل الحاصل الان والذي يثيره عملاء إسرائيل الشرقية المتفرسون العرب وتفضل كبار المفكرين العرب للرد عليهم كأستاذنا الفاضل سفير المقاومة العراقية صلاح المختار، رأيت أن أحاول مقارنة بسيطة بقالب عقلاني منطقي لعل من لا يزال منخدع بمحور الممانعة أن يفيق قبل فوات الأوان.
إسرائيل الغربية كجرثومة أصاب جسد الامة العربية
سأضرب مثل بسيط لتوضيح الصورة وأمثل الامة العربية بجسم الإنسان والذي عادة ما يُصاب بعلل مختلفة ومعه تختلف طرق مقاومة جهاز المناعة في الجسم وعلى ضوءه يقرر الأطباء التدخل الطبي المناسب، فمثلا لو أصيب جسم الانسان بعدوى جرثومية فإن الجسم سيتعرف على دخول كائن غريب وسيقاوم جهاز المناعة دخول ذلك الكائن الغريب وسيفرز المضادات الحيوية المناسبة للقضاء عليه وقد يعيى الجسم ويصاب بالحمى وحين يعجز الجهاز المناعي عن صد ذلك الكائن المتطفل يستعين الجسم بمضادات لذلك الكائن عن طريق مضادات حيوية وادوية يقررها الأطباء فتهاجم ذلك الكائن المتطفل وفي اسوء الأحوال تحجم خطره فتجعله يتقوقع على نفسه وقد تذهب تأثيرات ذلك الكائن داخل الجسم ويصبح الانسان حامل لتلك الجرثومة لكن دون خطر على حياة الانسان، وقد يضل ذلك الكائن كامن في الجسم يتربص الفرصة لضعف الجهاز المناعي للإنسان لينقض من جديد على الجسم ويمرضه، هذا المثل ينطبق تماما على إسرائيل الغربية فالإمبريالية زرعت إسرائيل في جسد الامة العربية كقاعدة متقدمة لهم لتنفيذ مشاريعهم الاستعمارية وتقسيم الوطن العربي، لكن وكردة فعل جسد الانسان عند دخول كائن غريب فيه، فقد كان رد فعل الأمة سريعا فشخصت إسرائيل ككائن غريب زرع في جسد الأمة، وبدأ جسد الامة بفرز مضادات حيوية لمقاومة ذلك الكائن وهذه المضادات هي التيارات الوطنية والقومية والإسلامية التي قاومت ذلك الكائن الدخيل، فمن رحم معاناة وإرهاصات نكبة 1948م وقبلها بعام ولد حزب البعث العربي الاشتراكي كتيار قومي مقاوم لذلك الكائن الطفيلي المسمى إسرائيل، وكانت النتيجة رغم استمرار معاناة شعبنا الفلسطيني الا أن حلم إسرائيل الكبرى تلاشى وصارت إسرائيل تتقوقع على نفسها وتحمي نفسها بجدار عازل وتحاول الحفاظ على حدودها، لكنها مستمرة ككائن غريب كامن يتحين الفرصة لكي يضعف الجهاز المناعي للامة لينقض عليها، لكن المناعة عند العرب من هذا الكائن مسألة فطرية فالعرب مهما اختلفوا لكن يتعاملون مع إسرائيل بريبة وحذر حتى الأنظمة التي طبعت معها لم تستطع ان تلقى تأييد شعبي لذلك التطبيع والسفير الإسرائيلي في الدول العربية التي فتحت لها سفارات معزول ويعيش وكأنه تحت الإقامة الجبرية فتحركاته محصورة خوفا من أن يستهدفه احد الرافضين لوجوده في ارضه وهم كثر وبمئات الملايين، ورغم نجاح إسرائيل في تجنيد البعض كجواسيس لها على اوطانهم من ذوي النفوس المريضة الباحثة عن المال المدنس واللذة الحرام، إلا أنها فشلت في إيجاد مثقفين او كُتاب يروجون لها ولأهدافها ويحاولوا تحسين صورتها امام العربي وإن وجدت اشخاص محدودين فبمجرد ما يبدأوا بالترويج علانية لإسرائيل حتى يضربوا بالجزم ويلفظهم المجتمع وينظر إليهم كخونة وأقرب مثال ما حصل لتوفيق عكاشة النائب في البرلمان المصري الذي زار إسرائيل وعاد ليروج لها بمجلس الشعب فما كان رد ممثلي الامة المصرية بمجلس الشعب الا أن ضربوه بالجزم وطردوه وسحبوا عضوية المجلس منه ورفعوا عنه الحصانة.
إسرائيل الشرقية (إيران) كسرطان في جسد الأمة
يفسر الأطباء مرض السرطان بأنه تعرض خلايا الجسم لتأثيرات وعوامل خارجية تجعل بعض خلايا الجسم تسلك سلوك جنوني عدواني بحيث تقوم بمهاجمة خلايا الجسم وتدميرها وتستمر في سلوكها الجنوني والتي يفشل الجهاز المناعي للجسم في القضاء على تلك الخلايا من الجسم التي نحت منحا عدائي وصارت تهاجم الجسم بدلا من أن تبنيه حتى تدمر الجسم ومعه تحدث الوفاة للإنسان.
لذلك وإن حصل تشخيص مبكر للسرطان فإن الأطباء يحصروا الأجزاء المصابة وعن طريق طرق معالجة طبية معقدة ومكلفة ومضنية يستطيع الجسم النجاة من ذلك الداء العضال.
وهذا المثل ينطبق تماما على إسرائيل الشرقية (إيران)، فإيران استطاعت التغلغل في جسد الامة بحجة إسلاميتها المزعومة والتضليل على العامة بمعاداة أمريكا والغرب واستطاعت إيجاد مبشرين ومنظرين وكُتاب عرب يروجوا لفتوحات إسرائيل الشرقية واستطاعت تجنيد الكثير من العرب على أساس مذهبي وطائفي يسلكون نفس سلوك الخلايا السرطانية التي تهاجم الجسد، فإسرائيل الشرقية –وللأسف- تغزو العرب ببعض العرب وتدمر العرب ببعض العرب وتقتل العرب ببعض العرب، فما عجزت عنه إسرائيل الغربية نجحت إسرائيل الشرقية فيه بسهولة فإسرائيل الغربية ورغم ما صرفت من ملايين لإيجاد وسائل للتطبيع والغزو الفكري عجزت عن إيجاد صحفي عربي او كاتب يروج لها وأن وجدت فإنه أن فعل ضرب بالنعال، لكن إيران نجحت وبسهولة ووجدت كُتاب وصحفيين عرب كل همهم وشغلهم ليل ونهار هو تضليل الشعوب العربية وتخديرها ببطولات البرامكة الجدد كي تستمر خلايا ايران السرطانية في تدمير جسد الأمة، ولعل الكوارث التي حصلت وتحصل في العراق وسوريا واليمن ولبنان هي خير دليل على ذلك.
بمن نبدأ هل بمكافحة السرطان ام بمكافحة الجرثومة؟
إن المطالبين بتأجيل مواجهة إيران بحجة أن العدو الرئيسي للامة هي إسرائيل كمريض مصاب بجرثومة في معدته واثناء علاجه من تلك الجرثومة أصيب بسرطان في أحد اعضاءه ويقال له تعالج من الجرثومة أولا وبعدها تفرغ لعلاج السرطان وهذا ضرب من الجنون، فالجرثومة ورغم أنها تسبب الحموضة والقيء وعسر الهضم لكن الجسم يستطيع التعايش معها وتقضي عليها المضادات الحيوية والأدوية الشعبية المتعارفة عليها والمستخرجة من الأعشاب، أما السرطان فإنه ينتشر ويقضي على الجسم سريعا ويهلكه، إن الخطر السرطاني لإسرائيل الشرقية والذي قضم اربع دول عربية في وقت قياسي جعل أنظمة عربية كانت غارقة في اللهو ومنغلقة على نفسها تصحى وتتحرك قوميا بدافع الدفاع النفس لإن السرطان الإيراني اصبح يحاصرها من كل جانب، فمن برأيكم أخطر الجرثومة ام السرطان؟ وبمن نبدأ؟ فالحموضة وعسر الهضم والقيء يمكن تحملها لحين القضاء على السرطان وبعدها تستطيع ان تتخلص من الازعاج الذي يسببه لك عسر الهضم والحموضة بالذهاب لدكان احد العطارين فيعطيك وصفة مجربة تزيلها من جسدك للأبد.
وعليه : فإن القضاء على إسرائيل الشرقية (إيران) ونغولها ومشروعها في المنطقة هو أولى اوليات العرب سواء كانوا حكام ومحكومين أحزاب وتيارات سياسية قومية كانت ام إسلامية، لإن المشروع الفارسي هو النقيض للأمة وللدين وهو خطر وجودي يهدد العرب والإسلام كأمة وككيان وكدين ومعتقدات، لذلك يجب تأجيل كل الخلافات جانبا ونسيان جراح الماضي والسمو على الأحقاد لأن المعركة مصيرية وفي سبيل ذلك لن ينتهي السرطان الإيراني وخطره على الأمة الا بوجود العراق العربي الحر والموحد، فالعراق هو العلاج الكيماوي للسرطان الإيراني وهو السد المنيع للامة من غزوات المغول الجدد.
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق