وداعاً.. لسرّ تخلفنا وتعاستنا وتأكلنا.. وتكالب كل من هب ودب من الدول القريبة والبعيدة علينا منذ أكثر من قرن كامل.!
المال والبنون، كما جاء في قول الحق تبارك وتعالى في كتابه المجيد في سورة الكهف الآية 40، (المَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُنْيّا، والْبّاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبَّكَ ثَوّاباً وَ خَيْرٌ أَمَلَّا). لكن تبقى نعمة العقل أكبر نعمة مَنَّ بها ووهبها الله سبحانه وتعالى لبني البشر.
وهنالك مثل أوربي متداول ومعروف يقول.. (مَنْ ُيرد الله أن يعاقبه.. يأخذ أو يسّلب منه عقله!، وليس ماله)!؟، لأن مادام العقل موجود ومتنور، يبقى الإنسان مبدع ويستطيع أن يعوض المال، عندما يراجع حساباته ويصلح أخطائه.. فيبدأ يبّتكر ويخترع ويضع خطط بديلة جديدة، يستطيع من خلالها تعويض الخسارة مهما كانت كبيرة.
سيبدو لقارئ عنوان المقال للوهلة الأولى بأنه غريب نوعاً ما، وأشبه بالحزورة!؟، وسيتساءل مع نفسه يا ترى ماذا يعني أو يقصد كاتب هذا المقال؟. هل يقصد مثلاً.. وداعاً للعملية السياسية البائسة؟، أم يقصد.. وداعاً للأحزاب الدنيوية (الدينية) المهيمنة على الساحة، أم يقصد.. وداعاً لنهاية حقبة الاحتلال والإذلال والنهب وسفك دماء العراقيين!؟ أم.. وداعاً للتهويل عن قرب إنهيار سد الموصل مثلاً، أم.. وداعاً لمقتدى الصدر؟، لأنه أعلن أو سيعلن انسحابه من العملية السياسية بجد هذه المرة وللأبد!؟، وسوف لن يركب موجة الاحتجاجات الشعبية، التي خرج الشعب للمطالبة بحقوقه المشروعة، واستعادة آدميته وكرامته وأمواله التي سرقها ونهبها لقطاء العملية السياسية بمن فيهم جماعة وأتباع وحزب وتيار صاحبنا أبو كصكوصة مثلاً!؟.
لا يا سادة ياكرام.. لا هذا ولا ذاك... سندع هذه الأمور وغيرها تجري في أعنتها، حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا
بل الأمر وعنوان المقال يتعلق مباشرةً... بالسر الأعظم والسبب المباشر بتعاسة ودمار وخيبة أمة بكاملها، وتحديداً بتعاستنا نحن العراقيون، وببهذالنا وبسر تخلفنا وبؤسنا واتكالنا، وتكالب كل من هب ودب من الدول القريبة والبعيدة علينا منذ أكثر من قرن كامل... ونحن في حالة مستمرة في الدفاع عن النفس وعن الأرض والعرض، ولم نسّلم من الحروب والحصار، والقتل والدمار حتى بعد أن سلمنا لهم حقول وآبار النفط منذ ثلاثينيات القرن الماضي، بل ولم يكتفوا ويتوقفوا عند ذلك، حتى جاءوا مطالبن بتسليم البلاد ورقاب العباد لهم.
نعم... إنه "برميل النفط"، النفط الذي تحول من نعمة ورزق مَنَّ به الله علينا نحن العرب خاصة، إلى نقمة وبلاء، لم يجلب لنا سوى مزيد من الفقر والبؤس والتعاسة والتبعية والاحتلال والإذلال والخراب والدمار.
للأسف هكذا يبدو المشهد، والمستقبل سيكون للدول التي امتلكت وهيمنت واستحوذت على ناصيت العلم والتكنولوجيا، والمستقبل قاب قوسين أو أدنى سيكون بشكل كامل ومطلق للطاقة المتجددة 100%.
فها هي 11 دولة تدق المسامير في نعش عصر النفط... إذاً وداعاً للبراميل.
يقول السيد الخبير "شكري بن رزق" من تونس: نحن لسنا بأمان كما نظن، فعندما تضع شاحن الهاتف في الكهرباء وتشعل المصباح أو تشغل المدفأة.. هذا ليس مضموناً في الغد، الفجوة تزداد في الاتساع، في عام 1930 كنا نحصل على 100 وحدة من الطاقة مقابل كل وحدة من الطاقة نبذلها لاستخراجه، مقابل كل أربع براميل من النفط التي يستهلكها العالم الآن، يتم اكتشاف واحد فقط، نحن لسنا بأمان كما نظن.
لكن ذلك انخفض الآن بشكل غير مسبوق تاريخياً، إلى أحدى عشرة وحدة فقط، هذا غير أننا بدأنا نتوجه إلى أماكن غير مسبوقة للبحث عن النفط على سبيل المثال في أعماق المحيطات.
كنت تعتقد أنه لا حلول حقيقية لمشكلة الطاقة التي بدأت تتفاقم!؟، لكنك ستندهش حين تعرف أن هنالك دولاً في العالم استطاعت في أربع سنوات فقط!!!، أن تستهلك من الطاقة المتجددة ما يغنيها عن 316 مليون طن من من النفط!؟، هذا التقرير سوف يفاجئك بأهم 11 دولة في العالم قررت أن تدق مسامير نعش عصر النفط بدل أن تنتظر أنه هو يقضي عليها!؟؟؟.
وعلى رأس هذه الدول :
1- السويد: الدولة التي تحدت دول العالم في سباق التخلص من النفط في 2015، أعلنت السويد عن هدفها الكبير أن تقضي على استخدام الوقود الاحفوري فيها، وتكثف فوراً الاستثمار في الطاقات المتجددة، مثل الطاقة الشمسية والرياح، والشبكات الذكية وتخزين الطاقة، النقطة الأكثر تميزاً كانت عندما أعلنت أنها تتحدى كل دول العالم في سباق تنافسي على مركز أول دولة تعتمد بنسبة مئة في المئة، حالياً الطاقة التي يستهلكها السويديون في اشعال المصابيح وتشغيل الهواتف والحواسيب، يأتي أكثر من نصفها من مصادر الطاقة المتجددة، من الطاقة الكهرومغناطيسية بشكل أساسي، بالإضافة إلى الرياح والوقود الحيوي، والشمس، وفي عام 2010 نجحت السويد في أن تنتج طاقة أكبر من الوقود الحيوي بدلاً من النفط.
2- الولايات المتحدة الأمريكية: الطاقة المتجددة تهزم الطاقة النووية، في عام 2011 استطاعت الولايات المتحدة إنتاج طاقة متجددة تفوق بكفائتها تلك التي تحصل عليها من الطاقة النووية، أما في عام 2014 وجدت مجموعة بحثية إحصائية أنه كل دقيقتين ونصف تمضي... تتمكن الحكومة الأمريكية من تثبيت جهاز جديد للخلايا الشمسية، وهنالك دراسات كثيرة تؤكد بأن نسبة التلوث ستنخفض بنحو 80% إذا استمرت هذه السياسة نحو الطاقة المتجددة.
السد الأضخم في أمريكا والخاص علمياً "سد كولي الكبير" له قصة طويلة بعض الشيء، فبعد البدء في بنائه كان السد موضوع نقاش محتدم بين مجموعتين، الأولى أرادة ري المنطقة بواسطة قناة جانبية للري، أما المجموعة الأخرى فقد أرادة بناء سد عال مع مضخة ضخمة، وقد فازت المجموعة الثانية، لكن مال التمويل لم يكف لتعلية السد بالشكل الكافي آنذاك، مما أدى إلى قصور في عملية الري، حيث إنه لم يكن يولد ما يكفي من الطاقة، لكن هذا تغير، فقد قرر الرئيس الأمريكي آنذاك فرانكلين رورفلت بعد زيارة السد تخصيص ميزانية لتعليته، لكي يوفر الكهرباء اللازمة لضخ المياه لكل منطقة كولومبيا، أما الآن فقد انضم السد إلى سدود كثيرة للطاقة الكهرومائية، مثل سد "هوفر" وسد "وادي تينيسي"، لتجعل الطاقة الكهرومائية مصدر للطاقة المتجددة الأعلى إنتاجاً على الاطلاق في أمريكا وتمد ملايين البيوت بالكهرباء.
3- الصين: تعتبر الصين أكبر ملوث للهواء في العالم، وأكبر مستفيد من طاقة الرياح أيضاً، في عام 2011 أطلقت الصين انبعاثات من ثاني أوكسيد الكاربون أكبر من الولايات المتحدة والهند مجتمعين، وقد استمرت هذه الانبعاثات في التزايد بنسبة 10% كل سنة، لكن سبب الصين الأساسي في الاتجاه العظيم واللافت نحو الطاقة المتجددة ليس انبعاث الكاربون، بل هو بكل بساطة، تحقيق ما يعرف بأمن الطاقة، لم تتأثر الرياح في الصين بالأزمة المالية العالمية عام 2008، فهذه الصناعة التي تحتل الصين فيها المركز الأول، تنتج ما يزيد على 21,2 غيغواط من الكهرباء، وقد استطاعت الصين في عام 2010 أن تصبح أكبر مصنع لتوربينات الرياح في العالم، متفوقة على الدنمارك وألمانيا وإسبانيا والولايات المتحدة.
مجموع ما أنتجته الصين من الطاقة الشمسية يفوق فرنسا وألمانيا مجيمعتين، وفي عام 2016 الحالي، تمكنت الصين من أن تصبح أكبر منتج في العالم للطاقة الضوئية، حيث إنها ضاعفت إنتاجها للخلايا الشمسية منذ عام 2005، بمقدار 100 ضعف.
4- ألمانيا: عشرين مليون ألماني في مناطق طاقة متجددة مئة بالمئة، يستغرب الواحد منا حين يعلم أن ألمانيا ذات الجو الغائم، هي الأولى على العالم في استخدام الخلايا الشمسية، وقد نجحت في ذلك عام 2000، عندما تمكن رجال البيئة الألمان وشركة "يورو سولار" من الحصول على دعم الحكومة في انشاء 100 ألف نظام شمسي على أسطح المنازل، الطاقة الشمسية ازدهرت للدرجة التي استطاعت فيها أن تكسر رقماً قياسياً عندما غذت شبكة الكهرباء بـ22 جيجا واط وهو ما يمثل عشرين محطة نووية مجتمعة!!!، قطاع الطاقة المتجددة الألماني يعتبر من الأنجح والأفضل في العالم، وقد بلغت الطاقة المتجددة التي تمد السكان بالكهرباء 6،3% سنة 2000، تصاعدت لتصل إلى 30% في عام 2014، ولأول مرة على الاطلاق نجحت طاقت الرياح والغاز الحيوي والطاقة الشمسية المركزة، في تخطي الوقود القادم من الفحم، ليطلق على ألمانيا لقب "اقتصاد الطاقة المتجددة الأضحم الأول في العالم".
5- إسبانيا: أول دولة في العالم تفرض ضرائب على الشمس!
نصف الطاقة المتجددة التي تمد الاسبانيين بالكهرباء تأتي من الرياح، لكن قصة الشمس مع اسبانيا غريبة ومختلفة، فقد أطلق على اسبانيا لقب "أول دولة في العالم تفرض ضرائب على الشمس"، لكن الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة انخفض بشكل ملحوض بعد الأزمة الاقتصادية عام 2008، وتوقف بناء أنظمة جديدة للرياح والشمس في عام 2015، بدأت بوادر انفراج، فقد انخفضت أسعار تثبيت الأنظمة الشمسية، الشيء المفاجئ حينذاك أن الدولة فرضت الضرائب على أي أحد يثبتها على سطح بيته، ألحقتها بغرامات لمن لا يثبت تهربه، وقد أثار هذا جدلاً كبيراً، لكن الحكومة دافعت عن نفسها بأن أولئك الذين يولدون الطاقة الخاصة بهم بأنفسهم لا يزالون يعتمدون على الشبكة الوطنية الاحتياطية للكهرباء، وعليهم أن يدفعوا ثمن ذلك، في عام 2005 كانت إسبانيا أول دولة في أوربا تطلب تركيب الخلايا الكهروضوئية في المباني الجديدة، وثاني دولة في العالم بعد إسرائيل، تطلب تركيب أنظمة المياه الشمسية الساخنة.
6- سكوتلندا: الرياح تنتصر.. "كليد" مزرعة الرياح الأمبر في العالم أنتجت في إسكتلندا من طاقة الرياح ما يساوي 97% من كهرباء البلاد، مما يحعلها الطاقة الأكثر نموا هناك حتى وقد وصلت سعتها عام 2011 إلى 2574 ميغاوات، تتميز إسكوتلندا بمزارع الرياح البحرية، ولديها مزرعة بحرية تحت الإنشاء تسمى "كليد" سوف تكون مزرعة الرياح الأكبر في العالم بمجرد انتهائها.
7- الأوروغواي: 95% بالكهرباء طاقة متجددة، تعتمد على مزيج من طاقة توربينات الرياح، والطاقة الشمسية والمائية وطاقة الكتل الحيوية، والتي تمثل مجتمعة 55% من إجمالي الـ12% العالمي، الشيء الأكثر إثارة للإعجاب في الأمر، أنه حدث في وقت قصير للغاية، وذلك بعد موافقة الحكومة على اتفاقية الطاقة عام 2008، وقد أثبتت البلاد بتجربتها أن الطاقة المتجددة لا تستخدم رفع الأسعار على المستهلكين، فقد انخفضت الأسعار الآن عما كانت عليه، وهذا شيء رائع.
8- الدنمارك: كسر الرقم القياسي 42% من الكهرباء تأتي من الرياح، الدنمارك حققت رقماً قياسياً، بعد أن نجحت في الحصول على 42% في عام 2015، ففي الدنمارك الغربية حيث توجد معظم توربينات الرياح، تخطت الطاقة التي تم توليدها الاحتياجات لأكثر من 60 يوماً السنة الماضية، ويصدر منتوجها الطاقة إلى المستهلكين في النرويج والسويد وألمانيا، وبالمقابل، تقوم الدنمارك بشراء الطاقة الكهرومائية الفائضة من النرويج، والشمسية من ألمانيا، وكهرباء محطات توليد الطاقة من السويد إن لزم الأمر، وتأمل أن تتحول إلى دولة خالية من الوقود الإحفوري بنسبة 100% بحلول عام 2050، فهل تنجح في ذلك.
9- نيكاراغوا: أكثر من نصف الكهرباء نقي، نيكاراغوا نجحت في انتاج أكثر من 54% من الكهرباء فيها من الطاقة المتجددة، وقد وصلت إلى ذلك بسبب الخطة بدأتها عام 2007، عندما قامت باستهلاك ميزانية الناتج المحلي الخاصة بها في الأمر، لتكون أكبر الدول إنفاقاً منها على الطاقة المتجددة خصوصاً، وتأمل الدولة أن تعتمد على الطاقة المتجددة بنسبة 90% بحلول العام 2020.
10- كوستريكا: لا تحمل هم 99% من الكهرباء، بقضل جغرافيا البلاد الفريدة من نوعها، والاهتمام الخاص بالشؤون البيئية، استطاعت "كوستريكا" الدولة الصغيرة، تغطية احتياجاتها من الطاقة باستخدام الطاقة الكهرومائية والطاقة الحرارية الأرضية والشمسية، والرياح، وتضع الدولة على رأس خطتها أن تتحول إلى مدينة خالية تماماً من انبعاثات الوقود الكربونية عام 2021.
11- المغرب: نصف مليون مرآة تحدق في السماء... أضخم محطة شمسية في العالم، تقول "حكيمة الحيطي" وزيرة البيئة في المغرب، أنهم وعندما سمعوا عن قوة الطاقة الشمسية فكروا: لمَ لا، انطلاقاً من مشاكل المغرب، التي تعد أكبر مستورد للوقود الإحفوري في الشرق الأوسط، ولذلك قرروا بناء أكبر محطة شمسية للطاقة المركزة في المغرب، ولدى هذه المحطة ما يصل إلى نصف مليون مرأة، وسميت "نور"، ويتوقع أن تتمكن سلسلة "نور" من توفير نصف احتياج المغرب من الكهرباء بحلول العام 2020، وإذا سارت الأمور كما يجب، وتحقق حلم مهندس المشروع الضخم فإن أثر "نور" سوف يمتد، لتصدير الكهرباء الناتجة شمالاً إلى أوربا وشرقاً إلى مكة المكرمة.
بناء على ما تقدم في هذه الدراسة وهذا البحث، أين الدول العربية المنتجة للنفط والمعتمدة عليه اعتماد كلي في دخلها القومي كما هو في العراق، الذي يعتبر ربما الدولة الوحيد في العالم التي تعتمد اعتماداً كلياً منذ عام 2003 وحتى يومنا هذا على دخلها من مبيعات النفط فقط ناهيك عن جولة التراخيص التي منحتها للشركات الاحتكارية بعد أن تحرر وتخلص من سطوتها وهيمنتها العراق منذ عام 1972 بفضل حكمة وحنكة قادته السياسيين إبان الحكم الوطني.
لتجيبنا حكومة المنطقة الغبراء، ورؤوساء الطاقة في العراق وعلى رأسهم جني إيران المارد حسين الشهرستاني وعادل عبد المهدي ومن لف لفهم من سياسي ووزراء الصدفة، الذين يضعون الخطط ويديرون شبكات وعمليات النصب والاحتيال لسرقة ونهب عائدات النفط العراقي على مدى أربعة عشر عاماً، وماذا سيقولون للشعب العراقي غداً عندما يصل سعر البرميل إلى ما دون العشرة دولارات، بعد أن تستغني أغلب دول العالم عن الطاقة الاحفورية، ويعتمدون اعتماد كلياً على الطاقة المتجددة كما في البحث والدراسة أعلاه!؟؟؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق