قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الأربعاء، 17 أبريل 2024

نائب الرئيس الأميركي... منصب الظل

نائب الرئيس الأميركي... منصب الظل

بدأ بصورة شرفية ثم تغيرت مهمته منذ منتصف السبعينيات

دهش الأميركيون من اختيار بايدن كمالا هاريس نائبة له (رويترز)

ملخص

كيف أمتلأ تاريخ نواب رؤساء أميركا برجال عظماء وخونة؟ وهل يغري التعديل 25 نواب الرئيس على الانقلاب ضده؟

من بين أهم الشخصيات التي تظهر على سطح الحياة الأميركية بعد الرئيس، يأتي نائب الرئيس الذي كان دوره مادة للمزاح في أوقات سابقة، لكن من الواضح أنه منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي، تغيرت النظرة إلى هذا المنصب، وغالباً ما ترتبط نظرة الأميركيين المحدثين إلى هذا المسؤول بشخصه وكاريزميته، لا سيما أن هناك كثيرين من نواب الرئيس لا يتذكرهم التاريخ إلا نادراً، فيما استطاع آخرون أن يتركوا بصمة واضحة على التاريخ الأميركي وفي نفوس الأميركيين وعقولهم.

لكن بعض هؤلاء النواب حامت من حولهم الشبهات، بخاصة في حال غياب الرئيس أو تغييبه، مما أدى إلى اعتبار عدد من المؤرخين أن هذا المنصب ولو أنه يبدو هامشياً، إلا أن له درجة كبيرة من الخطورة يمكنها أن تكون مستترة في كثير من الأوقات، لكنها بصورة أو بأخرى تجد لها مسارب في أوقات أخرى، مما يمكن أن يهدد الأمن القومي الأميركي، وهو ما جرت به المقادير ذات مرة.

كيف بدأت فكرة نائب الرئيس الأميركي؟ وما حدود الدور المرسوم له دستورياً؟ وماذا عن أهم نواب الرؤساء في تاريخ أميركا؟ وهل خان أحدهم بالفعل ثقة الرئيس؟ بل انقلب عليه وتسبب في اغتيال أحدهم؟.

كثير من هذه التساؤلات وغيرها نحاول إماطة اللثام عنه في هذه السطور.

كيف نشأ منصب نائب الرئيس؟

أنشئ منصب نائب الرئيس بالتلازم مع منصب الرئيس بمقتضى الدستور الأميركي، ووجوده قائم لسببين لا أكثر أن يخلف الرئيس حال خلو المنصب، وأن يترأس مجلس الشيوخ، مدلياً عند الضرورة بصوته المرجح متى ما تساوى عدد المؤيدين وعدد المعارضين عند التصويت على قرار ما.

أما القيمة الرئيسة لمنصب نائب الرئيس كرصيد سياسي للرئيس فهي انتخابية، فبصفة تقليدية يطبّق مرشحو الرئاسة قاعدة بالغة الأهمية في اختيارهم لرفيق المعركة الانتخابية، وهي أن يجلب معه تأييد ولاية واحدة في الأقل (ويفضل أن تكون ولاية كبيرة) كان من المحتمل ألا تؤيد ترشيح الرئيس.

وهناك قاعدة أخرى تقضي بأن المرشح لمنصب نائب الرئيس ينبغي أن يكون من منطقة تختلف عن تلك التي أتى منها المرشح لمنصب الرئيس، وأن يكون كلما كان ذلك ممكناً منتمياً إلى قسم فرعي في حزبه يختلف فكرياً وعرقياً عن مرشح الرئاسة.

في هذا الإطار الفكري، يتذكر الأميركيون كيف أنه كان من المشكوك فيه جداً أن يفوز جون كينيدي عام 1960، لو لم يكُن مرشحه لمنصب نائب الرئيس هو ليندون جونسون، ولولا الإسهام الذي قدمه جونسون الذي حمل معه تأييد ولاية تكساس.

وتحول التركيز أخيراً على التوازن الفكري وليس الجغرافي، ففي 1992 جمع بيل كلينتون بين الاعتبارات الجغرافية والفكرية في اختياره رفيقه في المعركة الانتخابية للمرشح لمنصب نائب الرئيس، إذ كان اختيار آل غور إشارة إلى أن بيل كلينتون كان يقف بصلابة في الجناح اليميني للحزب الديمقراطي وأنه سيظل جنوبياً بصورة راسخة. وأصبح المخططون الاستراتيجيون في الحزب الديمقراطي مقتنعين بأن كلينتون لم يكُن ليستطيع الفوز من دون أن يحمل معه تأييد عدد يعتد به من ولايات الجنوب.

البحث في خبرات نائب الرئيس

يمكن القول إن فكرة البحث في خبرات المرشح لمنصب نائب الرئيس اكتسبت زخماً كبيراً خلال العقدين الأخيرين، إذا استثنينا اختيار الرئيس بايدن نائبته كمالا هاريس التي دهش الأميركيون من اختيارها.

على سبيل المثال لا الحصر، واصل جورج دبليو بوش وآل غور هذا التحول في التركيز خلال انتخابات عام 2000، فاختار بوش ريتشارد تشيني، ليس ليحمل معه تأييد ولاية تشيني، وايومنغ فحسب، وإنما ليضيف إلى قائمته بعض الخبرة السياسية، بخاصة في المجال العسكري وفي السياسة الخارجية.

أما آل غور، فاختار السيناتور جوزيف ليبرمان كأول أميركي يهودي يتقدم على قائمة انتخابات قومية، فكمية الأصوات اليهودية، على رغم أنها صغيرة نسبياً بالنسبة إلة الجماعات الثقافية الأخرى، إلا أنها موزعة داخل المناطق الحضرية للولايات المحورية. كما يمكن أن تكون اعتبارات تمويل الحملة الانتخابية أثرت في اختياره إذا وضع في الاعتبار اعتماد الحزب الديمقراطي على التبرعات المقدمة من مجتمع صناعة السينما في هوليوود الخاضعة كلياً للسيطرة اليهودية. أما من الناحية الجغرافية، فكانت ولاية كونيتيكت موطن ليبرمان، هي التي جعلته شخصية جاذبة، إذ كانت دائماً ولاية ديمقراطية، ولكن بالأحرى كانت جاذبيته المأمولة في فلوريدا موطن عدد كبير من الأميركيين اليهود.

عن صلاحيات نواب الرئيس

دأب الرؤساء على أن يعدوا بإعطاء نواب الرئيس مزيداً من السلطات لكنهم في غالبية الأحوال كانوا ينكثون وعودهم. ولا يستطيع أحد أن يفسر ذلك بدقة، ربما كان الأمر لا يعدو أن اقتسام المسؤولية أمر مثير للمتاعب. لكن من المؤكد أن أسلوب الإدارة عامل رئيس، فكان كلينتون يعتمد كثيراً على نائبه آل غور الذي ظهر كواحد من أكثر الشخصيات تأثيراً وجديراً بالثقة في البيت الأبيض في عهد كلينتون.

وعلى مدى العقود الأخيرة، اختار الرؤساء أنفسهم توسيع نطاق الوظيفة، بدءاً من جيمي كارتر الذي انتخب رئيساً عام 1976، باعتباره من خارج واشنطن، ونرى لأنه كان رجل أعمال شعر كارتر بأن البلاد يجب أن تستفيد من الشخص الذي يشغل منصب نائب الرئيس، فلجأ إلى والتر مونديل كشريك حقيقي ومستشار.

على أن قراءة أعمق تقودنا إلى القطع بأن نواب الرؤساء الأميركيين يقومون بدور رئيس في الحكومة الأميركية، وأهم هذه الأدوار خلافة الرئيس بكل سلطاته وصلاحياته حال توفي أو استقال أو تعرّض للعزل من قبل الكونغرس.

هل جرت المقادير بالفعل بمثل هذه الظروف القاهرة التي حلّ فيها نائب الرئيس محل الرئيس؟

نعم جرى ذلك ثماني مرات في التاريخ الأميركي والعهدة على موقع "شارك أميركا" الحكومي الرسمي الذي يضيف أنه للمرة التاسعة، شغل نائب الرئيس المنصب الشاغر عندما استقال الرئيس، وترشح كذلك بعض نواب الرؤساء لمنصب الرئاسة وخمسة منهم فازوا بالفعل.

وتتضمن المهمات المناطة بمن يتولى منصب نائب الرئيس أكثر من مجرد الوقوف على أهبة الاستعداد، فهو مستشار الرئيس والمؤتمن على أسرار الدولة، ويضطلع بدور مهم في إقناع الكونغرس وعموم الأميركيين وأحياناً الموفدين إلى البعثات الخارجية بسياسات الرئيس.

وعلى رغم أنه لا توجد سلطات محددة لنائب الرئيس، إلا أن الواقع والتجربة العملية يخبران بأن "مكتب نائب الرئيس تطور ليصبح جزءاً لا يتجزأ من مؤسسة الرئاسة"، والتعبير هنا لجويل غولدستاين أستاذ القانون بجامعة "سانت لويس" الذي يقول إن نائب الرئيس هو بمثابة "المستشار الشامل والمرجع الخبير في تشخيص المشكلات ومعالجتها ".

هل من أمثلة على صدق هذا الحديث؟

 نعم وربما من الماضي القريب قبل البعيد، فعلى سبيل المثال وفي ظل رئاسة جورج بوش الابن، ساعد ديك تشيني في صياغة الرد العسكري على هجمات الـ 11 من سبتمبر (أيلول)، أما أثناء ولاية بيل كلينتون، فلفت آل غور الانتباه إلى قضية البيئة.

وكان والتر مونديل أثناء ولاية جيمي كارتر أول نائب رئيس لديه مكتب داخل البيت الأبيض، لكنه كان يحتفظ أيضاً بمكتب في مبنى المكتب التنفيذي آيزنهاور، ومنذ ذلك الحين تعاقب نواب الرؤساء على اقتفاء هذا النهج.

ومن القصص المثيرة والطريفة عن فكرة نائب الرئيس أنه في بداية زمن الجمهورية الأميركية، كان المرشح الذي يحصل على أكبر قدر من الأصوات الانتخابية يصبح رئيساً، أما المرشح الذي لم يحالفه النصر فيصبح نائباً للرئيس، إلا أنه ومنذ عام 1804، شرعت الهيئة الانتخابية في التصويت بصورة منفصلة للرئيس ونائب الرئيس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق