قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الاثنين، 31 مارس 2014

كيف تعرف أن العراق مايزال تحت الإحتلال-15"وين فلوسنا؟"

كيف تعرف أن العراق مايزال تحت الإحتلال-15"وين فلوسنا؟"

غارعشتار
في قانون الأحوال الشخصية أن القاصر الذي لم يبلغ سن الرشاد بعد لايحق له التصرف بأمواله ، ولهذا تعين له المحكمة وصيا يدير تلك الأموال ويحافظ عليها او يسرقها كما يشاء كلما أستطاع أن يلعب في الدفاتر، وإذا كان الوصي من الأجانب الذين لايقربون بصلة الرحم من القاصر، حق لهذا الوصي أجرة على مايقوم به من مهام إدارة أموال القاصر.
العراق منذ الإحتلال وضعت أمواله بمباركة مجلس الأمن في جيب الوصي المحتل أمريكا، وبالتحديد (بنك الإحتياطي الفيدرالي في نيويورك)، وحتى لايضج العالم من استغلال الوصي اموال هذا القاصر، تم تعيين مجلس دولي للإشراف ومراقبة فلوسنا ومختصره IAMB.
يتكون المجلس من هيئات تضعها أمريكا في جيبها الآخر وتتحكم بها:

ممثلون عن الأمم المتحدة
المديرون التنفيذيون للصندوق العربي للتنمية الإقتصادية والإجتماعية (أي تنمية اقتصادية واجتماعية قام بها الصندوق؟؟)
صندوق النقد الدولي
البنك الدولي
(ملاحظة من عندي: علينا أن نعرف من هم الممثلون الأمميون؟ ومن هم المديرون التنفيذيون للصندوق العربي لتكتمل الصورة)
وبعد  استلام العراق السيادة والريادة والاستقلال التام أو الموت الزؤام، ومن أجل ذر الرماد في العيون الكحيلة، قيل أن البنك المركزي العراقي يحتفظ بالدفاتر والسجلات ولكن الأموال الحقيقية لن تغادر البنك الأمريكي وكل سنة يقوم المالكي بمناشدة الوصي المحتل أن يمد فرض الحماية على فلوسنا سنة أخرى لأن الصغير لم يكبر بعد، وبعد كل مناشدة يقبل الرئيس الأمريكي على مضض هذه المهمة التي تنوء بحملها الجبال، وطبعا مقابل اجرة الوصي من الأموال المودعة هناك بعد كل عملية بيع النفط للشركات الأمريكية المحتلة وغيرها.
ومن مهازل الدنيا أنه في (هذا الموقع) معلومات عامة عن فلوسنا في بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، ولكنه حين يصل الى معلومة (درجة الشفافية) يضع أمامها جملة (غير متوفرة).

وتذكرون جيدا حين گبت العيطة قبل سنوات عن فقدان بلايين من أموال العراق الموضوعة في جيب الوصي، وقيل ان بريمر ضيعها، وأموال أخرى قد تقترب من نصف المودع من فلوسنا، راحت علينا بدون أن نعرف كيف، ولم يقل لنا أحد حتى الآن وين فلوسنا: لا الوصي ولا القاصر ولا الامم المتحدة ولا الصندوق العربي ولا صندوق النقد ولا البنك الدولي، ولا نفعتنا السجلات والدفاتر في البنك المركزي العراقي.
كل هذا لأننا مازلنا تحت الإحتلال. ومن يقول غير ذلك خلي يطلع الفلوس من جيب أمريكا ويحطها بجيب العراق.

في هذا الموقع معلومات عن فلوسنا حتى عام 2006
في هذا الموقع أخبار عن فلوسنا في البنك الأمريكي

محمد السودي : يوم الأرض رمز البقاء!

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

يوم الأرض رمز البقاء!

شبكة البصرة
بقلم : محمد السودي
إذا كانت الأرض تشكـّل المحور الأساس للمشروع الصهيوني، فإن الوقائع أثبتت كم كان مستوى الوعي الوطني لدى الشعب الفلسطيني حين أدرك بشكلٍ مبكـّر خطورة ما يقوم به كيان الإحتلال تجاه الإنسان والأرض الفلسطينية من مصادرة وتهويد وتطهيرعرقي وتمييز عنصري وبالتالي لم يكن يوم الأرض الفلسطيني مجرد مناسبة سنوية عابرة يحتفي بها الشعب الفلسطيني أينما تواجد كي يستحضر فيها شهداء يوم الأرض الستة الذين ضحـّوا بأرواحهم الطاهرة بتاريخ الثلاثين من أذار عام 1976 م، من قرى المثلث سخنين وعرابة، وكفر كنّا ونور شمس، وهم يواجهون بصدورهم العارية وحشية الألة العسكرية الإحتلالية حسب، إنما هي قضية وجود وصمود بعد مصادرة مايقارب مليون دونم منذ عام1948 ولغاية عام1972م وبداية تحرك الربيع الفلسطيني حيث أضحى أيقونة كل الأيام الفلسطينية الكفاحية التي تعبّر عن مركزية الصراع ووحدة الشعب في مواجهة المخططات الرامية إلى ابتلاع الأرض واقتلاع أصحابها الشرعيين بدأت بالتزامن مع النكبة المشؤومة وإحلال المُستجلبين الغرباء من كافة أصقاع الأرض مكانهم ولا زالت مستمرة حتى يومنا هذا، ذلك الخطر السرطاني الداهم الذي أجّج المشاعر الإنسانية والوطنية ماجعل الجماهيرالفلسطينية تهبّ للمرة الأولى على قلب رجل واحد دون تخطيط مسبق دفاعاً عن أرض الأباء والأجداد وعن تاريخهم الضارب جذوره على هذه الأرض منذ الأزل، مناسبة عظيمة يتجدّد فيها التمسك بالحقوق والمساواة ويوم وطني يشـّل فيه الإضراب العام مختلف مناحي الحياة لتأكيد البقاء والتصدي لكل المحاولات التي من شأنها طمس الهوية الفلسطينية.
بعد ثمانٍ وثلاثين عاما على صرخة يوم الأرض لازالت حكومات الإحتلال المتعاقبة على مختلف انتماءاتها الحزبية تنتهج طريق التوسع الإستعماري والسطو على الأرض ونهب الممتلكات الفلسطينية بشتى الوسائل المزيفـّة وشق الطرق الإلتفافية من الجليل إلى النقب المستهدف من بحرها إلى نهرها، بما في ذلك الأراضي المحتلة بالضفة الفلسطينية مؤمنـّة الحماية والرعاية والغطاء الدولي اللازم وجعلها غير خاضعة للمسائلة باعتبارها دولة مارقة فوق القوانين وقرارات الشرعية الدولية من خلال تحالفها الإستراتيجي الذي لاينفصم عراه مع الولايات المتحدة الأمريكية الشريكة لها بالعدوان على حقوق الشعب الفلسطيني، كما يرى العالم المسكون بالإزدواجية المقيتة والذي لايحركّه ساكناً سوى مصالحه الحيوية ويخوض الحروب ويدّمر كيانات ودول سعياً وراء رائحة النفط وثروات الشعوب المغلوب على أمرها وأسواق تصريف الأسلحة كيف تبنى الجدران العازلة وتقطـّع أوصال الأرض وتقام الكانتونات ويستعاد نظام الأبارتهايد العنصري في القرن الحادي والعشرين وتستباح المقدسات ويحاصر الشعب الأعزل وتضيقُ به الأرض أمام حواجز الذل والمهانة وكأن الذي يحدث في كوكبٍ أخر أو أن الذين يتعرضون لكل هذا الظلم الجائر ليسوا في الحسبان الإنساني فأيِ عدالةٍ وحريةٍ وكرامةٍ إنسانية وقانون دولي تلك التي يتحدثون عنها في المحافل الدولية ومنابر الخطابة وتكون في كثير من الأحيان سبباً مباشراً للحروب والغزو عند تعلق الأمر بمصالحها وحساباتها الخاصة.
اليوم تواجه الأراضي الفلسطينية هجمة استيطانية استعمارية بوتائر غير مسبوقة أعلنت عنها حكومة الإحتلال بإطلاق ألاف الوحدات السكنية كما تستهدف مدينة القدس المحتلة وفصلها عن محيطها الجغرافي والديمغرافي ليس أخرها مخطط بناء كنيس يهودي يبعد مائتي متر فقط عن المسجد الأقصى أسمته "جوهرة إسرائيل" يأتي ذلك تحت ستار "عملية السلام "المزعوم، إذ انتهزت فرصة المفاوضات العقيمة التي لاطائل منها سوى كسب الوقت من أجل فرض الوقائع على الأرض بما يعزّز احتلالها الدائم في ظل التراخي الدولي والحماية من المسائلة القانونية التي ترعاها الإدارات الأمريكية، فضلاً عن التحولات الجارية في المنطقة العربية التي انحسر دورها القومي باتجاه معالجات أوضاعها الداخلية وتفاقم الخلافات بينها وتكتفي في أحسن الأحوال القبول بما يقبله الطرف الفلسطيني أزاءعملية التسوية السياسية، ما يعني استفراد كيان الإحتلال بالشعب الفلسطيني وطرح مقاربات سياسية يرفع لوائها وزير الخارجية الأمريكي من منظور اسرائيلي لايمكن لعاقل القبول بها مهما ترتبت عليها من نتائج، لعلّ تنكر حكومة الإحتلال لإطلاق الدفعة الرابعة من الأسرى القدامى ماقبل اتفاق أوسلو يشكّل مناسبة تستدعي وقف المفاوضات مع الجانب الأمريكي الذي جاء يبرر سلوك الإحتلال ويخشى انفراط عقد حكومة الإئتلاف العنصري في حال تم إطلاق سراح أسرى الداخل الفلسطيني ويطالب بالمقايضة لتمديد المفاوضات لمدة تسع أشهرجديدة مقابل الإفراج عنهم.
لقد حان الوقت لأن يدرك الجميع أن إمكانية الوصول إلى حلٍ عادل يعيد الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني ويعيد لاجئيه إلى أرضهم وديارهم التي شردوا منها مع كيان الإحتلال ماهو إلا ضرباً من الخيال ويجافي منطق الأشياء فاسرائيل تريد سلطة أو دولة أوإمبراطورية حتى لا مشكلة لديها بالمسميات طالما تؤدي الغرض المطلوب والهدوء المنشود تكون بمثابة وكيل للإحتلال يعفيها من الخدمات الأمنية والبلدية وهذه الوظيفة لاتليق بنضالات الشعب الفلسطيني حتماً الذي أبهر لعالم بمدى إصراره على انتزاع حقوقه المشروعة مهما كانت التضحيات، وبالتالي لابد من تصويب المسار الوطني وترتيب البيت الداخلي على أسس جديدة تستند إلى عناصر استنهاض الطاقات الكامنة لدى شعبنا بما يعيد ألقها الكفاحي الذي أظهرته في يوم الأرض وهبّة الدفاع عن الأقصى والإنتفاضات الفلسطينية العارمة وثقافة البناء والإعمار والوحدة الوطنية والإبداع من أجل مستقبل أفضل...
شبكة البصرة

السيد زهره : وعد السيسي

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

وعد السيسي
شبكة البصرة
السيد زهره
على الرغم من أن الكلمة التي وجهها المشير عبدالفتاح السيسي الى الشعب المصري قبل أيام، كان مقصودا بها فقط اعلان قراره الاستقالة من منصبه قائدا للجيش ووزيرا للدفاع وعزمه الترشح لانتخابات الرئاسة المصرية، فقد حملت الكلمة الكثير من الرسائل المهمة للداخل في مصر وللخارج ايضا.
في كلمته، طرح السيسي عددا م الجوانب التي تشكل الملامح العامة لرؤيته لأوضاع مصر اليوم وللتحديات التي تواجهها وللمهام الاساسية المطروحة على أي رئيس قادم كما يراها هو ويقدرها.
تحديدا، طرح السيسي الجوانب التالية التي تشكل ملامح رؤيته العامة:
1- ان الهدف المنشود الذي سوف يسعى هو الى تحقيقه حال انتخابه رئيسا، والذي يمثل جوهر برنامجه الانتخابي، هو بناء مصر دولة ديمقراطية قوية حديثة، يعيش فيها المصريون بكرامة وفي امن وحرية.

2 – ان تحقيق هذا الهدف الجوهري ليس بالأمر السهل ابدا، ذلك ان المشاكل التي تعاني منها مصر هائلة، والتحديات التي تواجهها كبيرة جدا على كل المستويات. الاقتصاد المصري ضعيف، والاحوال الاجتماعية متردية، والأوضاع الأمنية لم تستقر بعد.. وهكذا.
ولهذا، فان مواجهة هذه التحديات وتحقيق الآمال المنشودة، يتطلب اول ما يتطلب امنا واستقرارا، ويتطلب عملا وجهدا هائلا من جاب القيادة ومن جانب الشعب كله.
ذلك ان المطلوب كثير جدا. مطلوب اعادة بناء اجهزة الدولة، واعادة فرض هيبتها، واعادة بناء الاقتضاد، وتخفيف اعباء المواطنين وتحسين احوالهم الاجتماعية

3 – ان اعادة بناء مصر على النحو المنشود وتحقيق الآمال المنشودة هي مسئولية الكل بلا استثناء ومن دون اقصاء او استثناء لأحد. وكما قال السيسي، فان كل من تتم ادانته بالقانون، يجب ان يكون شريكا فاعلا في المستقبل بلا قيود.
وهذا الجانب الذي طرحه السيسي هي اشارة تصالحية الى كل القوى السياسية التي تريد الاسهام في بناء مصر وصناعة مستقبلها.

4 – انه آن الأوان لوضع حد نهائي للعبث في مصر وبمقدراتها، سواء من جانب قوى داخلية او اقليمية او دولية.
السيسي طرح هنا بحسم ووضوح انه لن يكون مسموحا ابدا لأحد التدخل في شئون مصر، وانه سيضع على راس اولوياته التصدي للمؤامرات والمخططات الاقليمية والاجنبية التي تستهدف مصر.
السيسي قال هنا بحسم ان مصر لن تكون ساحة مستباحة، ولن تكون ملعبا لأي قوة داخلية او اقليمية او دولية.

5 – انه ينبغي ادراك ان مصر والمنطقة العربية كلها مهددة الآن، ومصدر التهديد الاساسي هو الارهاب الذي تشهده، والذي تمارسه قوى تريد تدمير الحياة والسلامة والأمن.
ولهذا، اعبتر السيسي ان احد اكبر المهام التي ستكون مطروحة عليه، هي ان يحارب من اجل ان تكون مصر والمنطقة العربية كلها، خالية من الخوف والارهاب.
بعبارة اخرى، هو اعتبر ان القضاء على هذا الارهب والفوضى في مصر والمنطقة، ضرورة لها اولوية قصوى كي يمكن المضي قدما الى الأمام.

6 – ومن اهم الرسائل التي وجهها السيسي في كلمته، رسالة الأمل.
قال ببساطة انه رغم كل التحديات ورغم ان مهمة اعادة بناء مصر هي على وجه اليقين مهمة في غاية الصعوبة، فان الشعب المصري قادر من دون أي شك على تغيير مصر والنهوض بها.. قادر على هذا بتاريخه وبقدراته وخبراته وامكانياته،وبحقيقة انه اثبت عبر تاريخه الطويل انه شعب قادر على تحقيق الانتصارات.
هذه هي اهم الرسائل التي وجهها المشير السيسي في كلمته، واهم الملامح التي طرحها لرؤيته لحال مصر ومستقبلها المنشود،و ما يعتزم هو شخصيا العمل من اجله اذا اختاره الشعب في انتخابات الرئاسة القادمة.
وكما نرى، السيسي بهذه الرسائل التي وجهها، بهذه الرؤية التي طرح اهم ملامحها، تبنى رؤية واقعية من دون مبالغات. نلاحظ انه لم يرفع شعارات كبيرة رنانة ايديولوجية او غير ايديولوجية، وانما طرح رؤية تتسم بالعقلانية والاتزان، والمسئولية الوطنية.
وما طرحه السيسي على هذا النحو يعبر كما نرى عن ادراك وطني سليم بحقيقة التحديات التي تواجهها مصر والدول العربية، وبما هو مطلوب اساسا لمواجهتها والتعامل معها.
باختصار، هذا هو وعد السيسي الذي قدمه للشعب المصري.. وعد بالعمل والأمل.. وعد ببذل كل جهد وطاقة من اجل مصر قوية حرة كريمة تملك قرارها وتملك مستقبلها ومصيرها بيدها.. وعد بمصر مصيرها لا ينفصل عن مصير الأمة العربية.
شبكة البصرة

صلاح المختار :من هو الاخطر: من يشعل الفتن ام من يصب الزيت عليها؟

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
من هو الاخطر: من يشعل الفتن ام من يصب الزيت عليها؟
شبكة البصرة
صلاح المختار
قبل كل شيء لابد من الاشارة الى ان هذا المقال موجه بالدرجة الاولى لرفاقنا البعثيين واصدقاء وجماهير البعث قبل غيرهم، لان البعض ورغم تكرار التوجيه المركزي بعدم الرد على من يهاجمنا او يهاجم المجلس السياسي وترك الامر لقيادة البعث كي ترد على الهجمات الموجهة للحزب، ان كانت هناك ضرورة للرد، بينما يقوم المجلس السياسي، بصفته هيئة قائمة بذاتها ولها استقلاليتها ورموزها بالرد على الاتهامات الموجهة، رغم هذا فأن البعض مازال يرد ويكتب سواء باسلوب محترم او باسلوب انفعالي! وكررنا لفت النظر الى ضرورة عدم المبادرة بالرد في كافة الاحوال وترك الامر للقيادة لكن مع الاسف هناك من يعتقد بانه يجب ان يرد ويبدو كأنه لم يسمع ولم يقرأ التوجيه المركزي فيهاجم ردا على هجوم واحيانا يشتم ردا على شتيمة وهذه النتيجة وبغض النظر عن النوايا الطيبة هي ما يريده اعداء الثورة العراقية!
وهذا التصرف غير المنضبط اصبح احد مصادر اعطاء الفرص لاتهام الحزب بانه يهاجم الاخرين ولا يريد حل المشاكل فهل يقبل بعثي حقيقي باتهام الحزب بتلك التهمة وهي خطيرة جدا لان شعبنا يتعرض لاسوأ كارثة في تاريخه كله وينتظر بحرقة المعرض للموت والاغتصاب والتعذيب والتشريد الانتصار السريع والحاسم ؟! ولذلك فنحن مضطرون بكل وضوح لتأكيد ما يلي لتجنب خسارة اي رفيق او صديق للحزب :
1 - لمن لا يعرف او نسى لابد من التذكير بان الاعلام والمخابرات الغربية والصهيونية، ومثيلتها الايرانية واطراف اخرى لديهم ما يسمى الان ب(الجيوش الالكترونية) وتتسابق بعض الاطراف، بسبب عقدة تخلف فيها، للاعلان عن وجود جيش الكتروني لديها كما فعل النظام السوري، ونشرت تقارير اغلبها كاذبة عن انجازات الجيش الالكتروني للنظام السوري، فما هي مهمة هذه الجيوش ولم تأسست؟
عندما تحول الانترنيت الى شبكة عامة وبدأت باستقطاب الملايين وتفوقت على التلفزيون والصحف في نشر المعلومات والتأثير في الرأي العام كانت هذه الجيوش السرية هي الجندي الاول الخادم لمن اسسها. فلقد تم تدريب المئات على كيفية طرح المواضيع التي تجر للشغب والمعارك الدامية بين وطنيين، من خلال استخدام المجندين العرب وغير العرب كالصهاينة في فلسطين المحتلة او المخابرات الامريكية والايرانية في هذه الجيوش والتستر باسماء عربية، وهؤلاء يتقنون اللغة العربية وباللهجات العربية المختلفة ويتقمص كل واحد منهم دور الوطني الحريص ويبدأ بجر النقاش الى مستنقع الشتائم الوسخة وتحول النقاش الذي يفترض ان يكون موضوعيا ومؤدبا الى شجار عناصر بلا اخلاق او ضمير او شعور بالمسؤولية ووعي لاهمية المحافظة على شعرة معاوية مع الطرف الاخر.
نذكّر الجميع بأم حقائق الفيس بوك وامثاله : هذه الجيوش الالكترونية هي الطرف الاول وراء الشغب والعراك الذي يملء الفيس بوك وتويتر وغيرهما، ولذلك فالجدل الحاد وغير المنضبط اخلاقيا ليست وظيفته الدفاع عن موقف ما بل هدفه الاكبر هو بدأ المعارك وادامتها كلما اقتربت من الانتهاء، وهذا عمل مخابراتي مدروس وظيفته الحقيقية هي اشعال الفتن وتمزيق الصفوف.
ان من يثير الشغب ويمارس العدوان ويستخدم لغة بذيئة عند النقاش يدمر العلاقات الودية بين الوطنيين والعراقيين والعرب عموما ومن ثم فانه يستحق الشك بأنه عميل مجند لتحقيق هذا الهدف في احد الجيوش الالكترونية التابعة لاحد اجهزة المخابرات. ورغم هذا التنبيه فان ظاهرة اللغة المنحطة والاستفزازية مازالت موجودة في صفحات بعض الوطنيين العراقيين والعرب، الامر الذي يثبت ان تلك الجيوش الالكترونية تحقق نجاحات واضحة عبر هؤلاء الاشخاص دون انتباه العناصر الوطنية لهذا الامر.
وما يهمنا هو عدم تورط اي وطني في الشغب وتبادل الشتائم او طرح قضايا استفزازية خصوصا الان في موضوع محدد وهو موضوع المجلس السياسي العام لان مصير العراق وتحريره ومستقبله متوقف عليه وعلى نجاحه في اقناع الاطراف الوطنية الاخرى بالانضمام اليه، وهذه الرغبة الصادقة هي التي جعلت من اسس المجلس السياسي يبقيه مفتوحا للجميع ولم يعلن ستراتيجيته وانما اكتفى ببيان سياسي عام يحدد اهم المنطلقات لاجل ان يكون الوضع النهائي من حيث قياداته وستراتيجيته السياسية من صنع كافة الاطراف الوطنية.

من هنا فان علينا قبل كل خطوة ان نفهم حقيقة ودوافع البعض حينما يهاجم المجلس السياسي ويوجه اتهامات له ولمن فيه، فهذا البعض ليس كتلة واحدة متشابهة الدوافع والاهداف بل انه ينقسم الى مجموعتين رئيستين : المجموعة الاولى تتعمد الاستفزاز لمنع الحوار الايجابيبين الوطنيين لتحقيق التفاهم والوحدة، وهي مجندة في الجيوش الالكترونية، اما المجوعة الثانية فهي تضم اشخاصا بعضهم لاشك في وطنيتهم لكن وعيهم ناقص وشعورهم بالمسؤولية ضعيف، وتحركهم احقاد وثأرات او دوافع ايديولوجية، وهذه المجموعة تسيء لوحدة الثوار لانها تدعي انها تتحدث باسم جهة ما او انها محسوبة على جهة ما، فتورطها فيما لم تقله تلك الجهة او تريده، او انها تحرف وتتطرف فتثير الاحقاد وردود الفعل الانفعالية.
لذا فان من يحرص على عدم اثارة الشبهات حوله من الوطنيين عليه الابتعاد كليا عن التورط في جدل يقوم على الشتائم والاستفزاز ويبتعد عن الحوار المؤدب والمنضبط في اطار واضح وهو خدمة الثورة والعراقية وليس تخريبها. اما من يدعي انه بعثي ويستخدم اسما غير اسمه ويهاجم الاخرين ردا على هجومهم على البعث لكنه يستخدم اسلوبا عدوانيا ولا اخلاقيا يسيء للبعث اكثر مما يغيض من يهاجمه فسوف نكشف اسمه الحقيقي ونؤكد انه ليس بعثيا ولا صلة له بالحزب وانه موضع شبهات وربما يكون جاسوسا مجندا في احد الجيوش الالكتروينة التابعة لدولة معادية كايران او اسرائيل.

2 – لقد سبق ونبهنا رفاقنا البعثيين الى الضرورة التامة لعدم الرد الفردي على اي تهجم على الحزب من قبل من يرفض المجلس السياسي وقلنا بان مركز الحزب هو الذي يرد ان كانت هناك ضرورة، وهو من يحدد من يرد وطريقة الرد، لمنع الشغب وسوء الفهم وجرنا الى الموقع الذي يريده العدو المشترك وهو ايران وامريكا واسرائيل، والان وبعد تكرار التنبيهات فاننا مضطرون ان نطبق الضوابط الحزبية لوضع حد لتصرفات من لا يلتزم بتوجيهات الحزب ويواصل الرد بدون توجيه مركزي، ولذا نطلب من كافة الرفاق التقيد بعدم الرد حتى باسلوب علمي تحليلي موضوعي مؤدب وينسجم مع تقاليد الحزب الاخلاقية لان المسألة بالغة الحساسية ولا تتحمل اي خطأ في التقدير.

3 – من المؤسف الاشارة الى ان بعض المرضى نفسيا، خصوصا الذين لا يستطيعون السيطرة على عقدة حب الظهور او الرغبة الجامحة في ركوب الموجة، يقومون بدور سلبي في اثارة الشغب والفتن بين الوطنيين بصب الزيت على النار او اشعال النار كلما اطفأها الخيرون الواعون لمصلحة العراق، لذا نحذر من المرضى نفسيا الذين لا يعرفون الا هدفا واحدا وهو اثارة الشغب لاشباع عقدة الظهور او ركوب موجة الصخب والاثارة.

4 – ونكرر بديهية معروفة وهي ان راي الحزب الرسمي يعبر عنه ببيانه وتصريحات رموزه وما ينشر منها في الشبكات الوطنية، اما المقالات حتى لو نشرت في شبكات وطنية وتضمنت عدم التقيد بهذه التوجيهات المركزية فانها تعبر عن راي اصحابها ومرت الى النشر بالخطأ او نتيجة سوء فهم او خطأ تقدير وليس سوء نية. ونرجو من كافة الوطنيين عدم الالتفات بصورة كبيرة لبعض الشطحات وانما التعامل مع المصادر الرسمية في الحزب لمعرفة موقفنا من اي قضية ومنها قضية كيفية معالجة المشاكل التي خلقت بعد اعلان تشكيل المجلس السياسي الان.

5 – واخيرا نود التأكيد على ان العراق هو بلد الخيرين والحكماء ولذلك فمن يتصور ان الامور فالته مخطئ، فهناك الكثير من الخيرين الذين لا يضمدون الجراح فقط بل ايضا يعملون بصمت لوضع حد للفرقة والفتن، فلا تتجاوزوا على تلك المبادرات الخيرة وتعرضوها للفشل بكتابات منفعلة وغير مسؤولة.

6 - عندما يكتب احد الكوادر او يصدر بيان بموقف ما فليس هذا معناه ان الرفاق واصدقاء البعث يجب ان يهبوا لتكرار ما ورد على لسان كادر، فالكادر مخول مركزيا ولاغراض محددة بدقة ولذلك لا يجوز ان يستخدم ذلك للقيام بشن حملات متواصلة بحجة ان الرفيق الفلاني قد كتب او صرح بكذا اوكذا.

7 - الحزب يضع على راس اولوياته الوطنية العراقية تحرير العراق وبما ان هذا الهدف كبير ومعقد وخطير نظرا لوجود اعداء كثر واقوياء فان نزعة محاربة الجميع في وقت واحد هي عقلية اما شخص بلا تجارب وكل ذخيرته العواطف النبيلة ولذلك لا يعرف شروط النصر، او انه مدفوع لتوريط القوى الوطنية بعدة معارك لاجل استنزافها وتسهيل القضاء عليها او على الاقل تمزيقها واضعافها وحرمانها من فرصة تحرير العراق.
لذلك فالثائر الواعي والشاعر بالمسؤولية هو الذي يحدد بدقة وبعد دراسة ميدانية معمقة من هو العدو الاخطر الذي اذا هزم يهزم بقية الاعداء او على الاقل تسهل عملية الحاق الهزيمة بهمهذه بديهية يعرفها كل واع ومثقف ثوري وليس مثقف كافيهات يده في الماء وليس في النار، لذلك فان او ل واهم شروط صواب الموقف هو تجنب الانجرار الى معارك متعددة في جبهات متعددة والتركيز فقط على المعركة الرئيسة وعقد هدنة او صلح مع الاطراف الاخرى وبحسب الحالة. هذه هي المبادئ الاولية لخوض اي صراع.

8- احد اهم اسباب بقاء البعث ونموه الكبير بعد الغزو، رغم الاجتثاث الكارثي، هو انه منظم مثل كتيبة عسكرية منضبطة اثناء الحرب وليس ناد للسمر او مقهى يدور فيه نقاش مترف وجدل بيزنطي، واذا كان هناك من يعتقد بان التوجيه المركزي لم يعد يناسب هذه المرحلة فنقول له بكل صراحة وود : انت مخطئ فهذه المرحلة واكثر من غيرها تفرض مركزية صارمة على الرفاق وعليهم طاعة المركز بلا ابطاء او تردد لان الحزب وبقية القوى الوطنية تخوض معركة حياة او موت، وفي معركة من هذا الطراز لا مكان لليبرالية او الدلال او الميوعة، فمن يريد مواصلة النضال ضمن صفوف الحزب فاهلا وسهلا به ومن يريد التغريد على هواه فالحزب لا يتحمل اراء واجتهادات تزرع الفرقة والتشرذم والثأرات. نحن طليعة ولسنا افرادا عاديين بثقافتهم ووعيهم والناس تحاسبنا بطريقة خاصة لاننا كذلك.
28-3-2014
شبكة البصرة

الخلافات تكتيكية وتطابقات المصالح إستراتيجية.. كيف؟ (في ضوء زيارة الرئيس الأمريكي للمملكة العربية السعودية)

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الخلافات تكتيكية وتطابقات المصالح إستراتيجية.. كيف؟
(في ضوء زيارة الرئيس الأمريكي للمملكة العربية السعودية)

شبكة البصرة
د. أبا الحكم
الصوره من CNN
نعم.. قد تكون قاعدة المصالح الإستراتيجية بين بلدين متطابقة، والخلافات بينهما في الظاهر العام، تكون تكتيكية.. وتلك حالة ينبغي أن تكون متفق عليها من قبل، لا أن تكون من باب التبرير لتوصيف حالة أخرى عملت على زعزعة الثقة ودفعت بها إلى التراجع إلى مستوى يتطلب تغيراً في المسار السياسي على النحو الذي يعيد التوازن الضروري بين الإستراتيجية والتكتيك كمنهج نظري يرتكز عليه المنهج العملي للسياسة الخارجية للدولة الأمريكية، التي فقدت زمام مسارها وتعذر عليها الرؤية الصحيحة والحقيقية لمصالحها ومصالح الآخرين في منطقة تعد من أهم مناطق العالم من حيث الطاقة المادية والروحية، التي لم تفهمها أمريكا حين حددت خياراتها النظرية غير الصحيحة، وهي ترمي إلى وضع المنطقة حقيقة أمام خيار واحد لا غير، تعمل أمريكا على إقناع الطرف العربي المفاوض بهذا الخيار، الذي يحقق مصالح أمريكا الإستراتيجية ولا يحقق شيئاً للطرف المفاوض العربي، في ظل أجواء تحديات الوجود وتحديات الهوية القومية، لا وجود لفرض الإختيارات من هذا النوع بأي حال.. لأن الإختيار في هذه الحالة سيكون اللآإختيار تماماً.. وهذه الحالة غير ممكنة.

فما هي خيارات "أوباما" في هذه الحقبة الزمنية الخطيرة التي تحولت المخاطر والتحديات من ملفات تضم المخططات إلى التنفيذ الفعلي لهذه المخططات على الأرض في كل الساحات العربية دون أي لبس أو إلتباس في الرؤية أو التفسير أو التحليل :
أولاً- إما القبول بإيران مسلحة بقنبلة نووية.
ثانياً- أو توجيه ضربة عسكرية لا يمكن معرفة نتيجتها.
ثالثاً- أو العمل جدياً على إقناع إيران بالتخلي عن ذلك المسعى.. حيث يشدد المسؤولون الأمريكيون على أن الخيار الأخير هو الذي اتخذه الرئيس الأمريكي "باراك أوباما".. فيما ترى الإدارة الأمريكية (.. إن الحل الدبلوماسي هو الأفضل إن لم يكن الوحيد أمامها).!!

دعونا نناقش هذه الخيارات، من أجل أن نضع إحتمالاتها أيضاً على طاولة التشريح في ما إذا كانت هذه الإحتمالات مفيدة لمصالح دول المنطقة أولاً، ومفيدة للمصالح الأمريكية ثانياً أو أنها تتعارض مع مصالح دول المنطقة وتتطابق فقط مع المصالح الأمريكية :
1- لما كان الخيار الأفضل لأمريكا وهو الوحيد، فلماذا الخيارات المطروحة.؟
لقد اختارت أمريكا الحل الدبلوماسي وهو الحل الذي تريده إيران لملفها النووي طالما أن أحد أهم عناصرالإستراتيجية الإيرانية قائم على إكتساب الزمن من أجل استكمال بناء القدرة(Ability)، لصنع السلاح النووي، وهو الأمر الذي تعمل عليه إيران في كافة المباحثات التي استغرقت زمناً طويلاً من التسويف والمماطلة والخداع.. ومن ذلك يتضح أن مسار الدبلوماسية الأمريكية يتماشى ويتساوق مع خط الدبلوماسية الإيرانية القائم على المماطلة.

2- إن مسار العمل الأمريكي الدبلوماسي لا يجب أن يكرس واقعاً مفروضاً على العرب على أساس الخيار الأمريكي الوحيد.. وبناءً على الرؤية الأمريكية الخاطئة والساذجة سيتعرض الأمن القومي العربي والقطري إلى الخطر.

3- (..تعيد أمريكا التأكيد على أنها تواصل العمل ضد دعم إيران للإرهاب، وتؤكد للقادة الإيرانيين، أن رعاية حكومتهم لتصرفات غير قانونية أو غير مقبولة للمجتمع الدولي).. وهنا اعتراف أمريكي بأن إيران تدعم الإراهاب.. إلا أن هذا الإعتراف ليس كافياً، فما هي الإجراءات العملية والقانونية الدولية لمحاسبة إيران على تصرفاتها.. إن الإشارة إلى أن تصرفات إيران غير مقبولة للمجتمع الدولي يكتنفها الغموض والتملص من مسؤولية محاسبة إيران راعية الإرهاب في المنطقة والعالم.. من هو المجتمع الدولي من حيث الشخصية الدولية غير المقيدة بقانون إذا ما تم ربط موضوع الإرهاب بمحكمة الجنايات الدولية، التي من شأنها أن تضع السلوك الإيراني تحت طائلة القانون الدولي وتشريعاته التي تدين أفعالها الإجرامية في العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين وغيرها، وتحريضها على أعمال العنف وتشكيلها وتعاملها مع عناصر قيادية في القاعدة، واحتضانهم لها وتدريبهم ودعمهم بالسلاح والعتاد والأموال والمعلومات والتدريب على اعمال الإرهاب في الساحات التي تخدم الإستراتيجية الإيرانية في المنطقة.

4- (.. ملتزمون بالدفاع عن اصدقائنا وحلفائنا في المنطقة).. هذا ما قاله "أوباما"، ولكن من هم الأصدقاء ومن هم الحلفاء؟، الإسرائيليون هم الحلفاء القدامى وتحالف أمريكا معهم تحالفاً إستراتيجياً، وهذا مفهوم، ولكن من يضمن بأن الإيرانيين ليسوا حلفاء أمريكا للمستقبل القريب؟ وكيف يمكن ضمان أو الإعتقاد بأن مثل هذا التحالف لن يكن ضد مصالح العرب، طالما أن إيران لديها مشروعها التوسعي على حساب المنطقة بشكل عام ومنطقة الخليج والجزيرة العربية بصورة خاصة؟!

5- (.. لن تقبل أمريكا باتفاق سيء مع إيران، أي لا يضمن عدم تطوير طهران سلاحاً نووياً ).. هذا ما قاله "أوباما".. ولكن ماذا لو اكتشفت أمريكا فجأة السلاح النووي الإيراني أو أن قدرات إيران النووية المستمرة في التطوير قد أغرتها في تصعيد قدرات الخط العسكري المرافق لخط مفاعلاتها النووية؟، وماذا ستفعل أمريكا؟ ستضع المنطقة أمام الأمر الواقع وهو القبول بالرضوخ العربي للإبتزاز السياسي والأيديولوجي إلى الدرجة التي تمسح فيها كافة مناهج التعليم العربية التي تتحدث عن التاريخ العربي الإسلامي والقومية العربية، لأن المشروع الفارسي الصفوي أساساً موجه، ليس ضد أمريكا ولا إسرائيل، إنما ضد الأمة العربية حصراً.
(the two countries were working together to address issues including the Syrian crisis preventing Iran from developing nuclear weapons)..
، كيف تمنع أمريكا إيران من تطوير سلاحاً نووياً وبأي آلية عملية وقانونية ورقابة فنية وقانونية مباشرة ودائمة، ومحددات صارمة تجعل الخروج عليها يقع تحت طائلة الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.. ولكن هل تكفي هذه الإجراءات، إذا ما فاجئت إيران العالم بسلاحها المهدد للعرب على وجه التحديد ولكافة الدول الإقليمية؟ ماذا استطاعت أمريكا والوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA)، أن تفعل لكوريا الشمالية وقبلها الباكستان ولا نقول لـ(إسرائيل) التي ما تزال تتمسك بإستراتيجية الصمت في الردع؟!
لقد أوضحت "ميشيل دان" الخبيرة في معهد (كارنيجي) لشؤون الشرق الأوسط (إن هناك إفتقار لرؤية أمريكية إستراتيجية للشرق الأوسط منذ ثورات 2012، وقد طالت فترة هذا الإفتقار) واضافت (الولايات المتحدة باتت من دون نظرة إستراتيجية منسقة في وقت تتغير فيه الصورة في المنطقة).. إذن، كيف تضمن الدول العربية الرؤية الأمريكية الإستراتيجية المعروضة حالياً، وأمريكا تفتقر إليها أصلاً.؟!

6- قال بيان البيت الأبيض يوم 28/3/2014 (..إن القوات الدفاعية الأمريكية والسعودية تتمتع بشراكات في غاية الأهمية، وتشترك في عمليات مشتركة بشكل دوري للدفاع عن المصالح المشتركة لأمن الخليج).. ماذا يعني ذلك؟ هل يعني أن أمريكا تقبل بدور للعربية السعودية في الخليج العربي مقابل قبول أمريكا لدور إيراني في الخليج على أساس التوازن الإقليمي؟ هل يعقل ذلك، وإن السعودية تشكل العمود الفقري لأمن الخليج العربي بعد إسقاط النظام الوطني في العراق والإخلال بالتوازن الإستراتيجي الإقليمي الذي فسح المجال للثور الإيراني الفارسي الصفوي أن يعبث بأمن واستقرار المنطقة برمتها؟! وهل يعقل، إن صح ذلك، أن تعطي أمريكا لإيران دوراً - وهب الأمير بما لا يملك - يضع المنطقة على حافة بركان بدعوى الأمن الإقليمي؟ ولكن، حماية الأمن الإقليمي مِنْ مَنْ؟
لم تتحدث أمريكا عن تفاصيل هذا الدور، ولماذا، وحدوده التأثيرية ومقاصده السياسية وأهدافه.. وهي المسألة التي يوليها الشعب العربي اهتماماً كبيراً وبالغاً، والتي ستدخل المنطقة، إذا ما تحققت، في أتون صراعات دامية قد تؤدي بانهيار السلم والأمن الدوليين، حين تتفاقم الأمور وتعم الفوضى والتدخلات من كل حدب وصوب.. أمريكا ستكون الخاسر الكبير وستفقد مصالحها في المنطقة وستمهد لأطراف دولية اخرى اجتياحها او ملء فراغاتها.. كما أن الخاسر الكبير الآخر هو الشعب العربي، الذي لن يسكت ابداً على مثل هذه اللعبة المفضوحة، القائمة على أساس (اختلافات في التكتيك وتطابقات في المصالح الإستراتيجية)، هذه الرؤية النظرية التي ترفضها حتى المعاهد الأمريكية المتخصصة، فكيف يقبلها العرب.؟!
29/3/2014
شبكة البصرة

الجمعة، 28 مارس 2014

ترسانة أسلحة وجيوش قريش في مصر والعراق

ترسانة أسلحة وجيوش قريش في مصر والعراق

غارعشتار
أجرى موقع دربونة  مقارنة بالصور للتقارب والتماثل بين الإخوان المسلمين في مصر وميليشيا الصدر في العراق.




على اليمين الإخوان وعلى اليسار الصدريون. الاسلحة هي ذاتها: السيوف ، والملابس والاقنعة واللحى، وزعم السلمية والاسلام.
والطائفتان لايمتان بصلة الى الاسلام أو القرن الواحد والعشرين .. إنهم مجرد صورة تاريخية من عهد قريش الغابر انعكست بخطأ فني على صفحة هذا الزمن.. أو كأنهم طفرة جينية للبشر حسب نظرية دارون. أو على أكثر احتمال: فيلم خيال علمي مرعب. والأكثر إثارة أن الجماعتين في الصور تكفر إحداهما الأخرى وتعتبرها عدوة، ولكنهما يتماثلان الى حد الملل بالتفاصيل والتصرفات. 

المفكر الألماني تودنهوفر يقدّم رؤية غربية منصفة للثورات العربية

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
المفكر الألماني تودنهوفر يقدّم رؤية غربية منصفة للثورات العربية
شبكة البصرة
بقلم الدكتور عبد الواحد الجصاني
أولا : تقديم :
نشرت صحيفة (سيليش زايتونغ) الألمانية يوم 5/1/2012 دراسة للمفكر الألماني الدكتور يورغن تودنهوفر عنوانها (لماذا تأخرت الثورات العربية 222 عاما عن الثورة الفرنسية). ولقيت هذه الدراسة صدى واسعا في المانيا لسببين أولهما المنزلة العالية للكاتب كمفكر جريء شديد النقد الموضوعي للسياسات العدوانية الغربية وشديد الإعجاب بالحضارة العربية والإسلامية، وثانيهما لإن الدراسة هذه لم تكن بحثا نظريا، بل خلاصة تجربة الكاتب خلال خمسين عاما قضاها متنقلا بين الدول العربية والإسلامية، وآخرها معايشته الثورات العربية عام 2011، فقد زار ليبيا مرارا خلال الصراع الدموي الأخير وكاد يفقد حياته عندما قصفت قوات الجيش الليبي سيارته في الطريق بين بنغازي والبريقة وقتل مرافقه الليبي، وكان في ميدان التحرير طيلة أيام الثورة وشارك الثوار المصريين إحتفالاتهم يوم تنحي مبارك في 11/2/2011، وهو الغربي الوحيد الذي زار درعا وحمص وحماة قبل أن تسمح سوريا بوصول وسائل الإعلام الغربية اليها.
إستنتاجات وخلاصات دراسة تودنهوفر عن الثورات العربية ذات قيمة فكرية كبيرة ومن المفيد إطلاع المثقفين العرب عليها من أجل تعميق النقاش الفكري العربي حول الثورات العربية ومستقبل النظام السياسي العربي ويسرني أن أقدم ترجمتها إلى اللغة العربية بعد أن أقدم لها بهذه السطور (الترجمة العربية للدراسة في آخر المقال).

ثانيا : إستعراض موجز لأهم خلاصات الدراسة :
1 –تعامل الغرب مع الثورات العربية إنطلاقا من مصالحه الإستعمارية، فهو لم يكن معنيا مطلقا بنشر الديمقراطية في العالم العربي لا في الفترة الإستعمارية ولا حاليا. يقول تودنهوفر (لم يكن نشرالحرية والمساواة والاخاء وإدخال الديمقراطية إلى الوطن العربي جزءا من أهداف الغرب المحتل، فبالنسبة للغرب الحرية لا تعني مطلقا " التحرر منّا "، وعندما إنتهت فترة الإستعمار الغربي المباشر للبلدان العربية  تحوّل الغرب إلى دعم الملوك والحكام المستبدين العرب الذين كانوا مستعدين لتبني سياسات الغرب الخارجية مقابل حصولهم على السلاح والمال. ولغاية بداية عام 2011 ساعد الغرب بلا خجل الدكتاتوريات العربية على قمع شعوبها لا بل إستخدم الغرب الأجهزة الأمنية للأنظمة الدكتاتورية العربية كمراكز متقدمة له للتعذيب). ويضيف (بعد أن فوجئت الولايات المتحدة بأحداث تونس ومصر حاولت أن تجعل من الربيع العربي فرصتها التاريخية لإعادة تشكيل الشرق الأوسط وفق تصوراتها والهدف الأساسي للولايات المتحدة ليس الديمقراطية بل تعزيز وحماية مصالحها في شرق أوسط كبير موالٍِ لها).

2– يرى تودنهوفر أن ثورات (الربيع العربي) جارفة وستتواصل، فهي (تشبه المعجزة بقوتها وتأثيرها السحري) مضيفا (حتى لوإحتاج التغيير في العالم العربي الى عقود أو أكثر، كما حصل في أوربا، فإن زمن الملوك والسلاطين والحكام غير المنتخبين والحكام الذين يعينون أنفسهم وصل إلى نهاية مؤكدة ولم يعد لهم مكانا على المسرح السياسي الدولي). ويعتبر السبب الرئيس لهذا التحول نحو الديمقراطية هو أن (الديمقراطية هي أكثر أشكال الحكومات نجاحا في عصر الصناعة والإعلام الحالي) وأن (الهياكل الاستبدادية المتحجرة لعصر ما قبل الصناعة لا تستطيع مواجهة تحديات عالمنا الصناعي الحالي) مضيفا (إن الحكام الذين يفشلون في إدراك ديناميكية السلوك الجمعي للثورة الديمقراطية في الوقت الصحيح، مثل قادة تونس ومصر، يكون رد فعلهم بطيئا وبذلك يفقدون فرصتهم وتقوم القوة الجارفة للجماهير الثائرة بإزالتهم). وحذّر تودنهوفر بقية الحكام العرب ممن لم تصلهم رياح الثورة بقوله (إن حكاما، كملك المغرب وملك الاردن، من الذين يحاولون منع حدوث الاصطدام من خلال تنازلات ذكية لربما يكسبون وقت نجاة ثمين، ولكن حتى بالنسبة لهم إذا لم يواجهوا إستحقاق الانتخابات الحرة وإذا لم يقبلوا بتحديد سلطاتهم مثلما يحصل في الملكيات الدستورية، فعند ذلك سوف تقوم الثورات الديمقراطية ذات الجاذبية السحرية- الصوفية بإزالتهم).

 3– يعتبر تودنهوفر أن الربيع العربي فضح زور إستخدام الغرب لشعار(الإرهاب الإسلامي) لتبرير دعمه للأنظمة الإستبدادية في الوطن العربي، إذ يقول (لسنين طويلة صوّر إعلامنا المجموعات الإرهابية المتطرفة المتكاثرة، كالقاعدة، على أنها الخصم الخطير للحكام المستبدين في الدول العربية، والهدف من ذلك هو شرعنة دعمنا لهذه الأنظمة). وأضاف (الثورة لم تكن ضد الحكام المستبدين فحسب بل وأيضا ضد الإرهابيين الذين تجاسروا وتحدثوا بإسم العالم الإسلامي، وهي بالنتيجة ثورة ضد الصورة المشوهة التي صنعها الغرب بعناية عن بعبع سمّاه الإسلام).

4– أفرد تودنهوفر فقرة عن دور الإعلام في الثورات العربية، وبدأ بإقرار حقيقة أنه (جرى تسريع دوران عجلة الثورات وإمتداد تأثيرها بشكل هائل من قبل الإعلام الحديث). ووصف دور قناتي الجزيرة والعربية بالآتي (تعمل هاتان القناتان العربيتان سوية مع بعض الشبكات الإخبارية الغربية لصب الزيت على النار، فهي تضخّم الثورة وتعطيها حجما أكبر واقوى من حجمها الحقيقي). ويضيف عن سبب تبني الجزيرة للثورات العربية بالقول (قناتا الجزيرة و العربية هما الموجهتان الرئيسيتان للمليونيات العربية. أمير قطر هو الموجّه لقناة الجزيرة ثمّ تحوّل إلى أكبر مزود للثورات العربية بالأسلحة. لم تعد الجزيرة و العربية قنوات إخبارية ولكن محركاً ويداً ضاربة للثورات طالما أن هذه الثورات ليست موجهة ضد المشايخ في الخليج أو ضد السعودية. قطر هي في المقام الاول قاعدة أمريكية جيوستراتيجية وفي المقام الثاني هي دولة عربية صغيرة تعدادها عدة مئات من الألاف من السكان).
ثم يتحدث عن التقارير الكاذبة التي بثتها الجزيرة والعربية وتحقق بنفسه من كذبها حيث يقول (خلال الأسابيع الأربعة التي قضيتها في سوريا في شهري يونيو/حزيران ونوفمبر/تشرين الثاني 2011 كنت شاهدا على الكثير من التقارير الكاذبة التي لو أردت تدوينها لملأت صفحات كتاب). ويسرد في دراسته الكثير من تلك التقارير التي تأكّد بنفسه أنها ملفقة.

5– يستعرض تودنهوفر لعبة الغرب في تلفيق الأخبار لتبرير عمل عدواني محدد ثم يجري تناسيها بعد أن تحقق أغراضها، ويضرب لذلك مثلين صارخين حيث يقول (إدّعى مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية السيد مورينو أوكامبو وإدّعت مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة السيدة سوزان رايس أن جيوب جنود القذافي كانت مليئة بالفياغرا من أجل إغتصاب النساء، والحقيقة لم تكن كذلك، وأصلا القتلة ومغتصبو النساء لا يحتاجون للفياغرا، وهكذا إختفت رواية الفياغرا من عناوين الأخبار بعد أن أدّت غرضها في تبرير قيام قوات الناتو بتدمير دبابات القذافي في مداخل مدينة بنغازي، بالضبط كما حصل في كذبة (حاضنات الأطفال) الكويتية التي استخدمت ضمن مبررات شن حرب الخليج الثانية).

ثالثا : ملاحظات على الدراسة :
1– يبقى المفكر والمثقف الغربي، مهما كانت حصانته المبدأية وسلامة تفكيره ومنطقه، متأثرا بشكل أو بآخر وبوعي أو بدون وعي ببعض الصور النمطية والمسلمات الغربية، وأدناه بعض ما يؤخذ على هذه الدراسة، ولعل القاريء سيجد غيرها :
1– عنوان الدراسة يقول إن الثورات العربية تأخرت 222 عاما عن الثورة الفرنسية، وهذا يفصح عن إقتناع ضمني للكاتب بإن أوربا هي النموذج ومعيار الحكم على بقية أجزاء العالم، وبالنتيجة فهو يربط بشكل غير موضوعي بين السياق التاريخي لتطور الأمة العربية وذلك الخاص بالأمم الغربية متجاهلا الخلفيات الفكرية والثقافية المختلفة للأمتين. فخلال القرون الثلاثة الأخيرة، مثلا، تداخل كفاح العرب ضد الإستعمار الخارجي مع كفاحهم ضد الاستبداد الداخلي، بينما لم تشهد اوروبا غزوا أجنبيا خلال هذه الفتره وكان كفاح شعوبها يتركز على معارضة الاستبداد الداخلي وتحقيق الديمقراطية. إن إستعراض ثورات العرب في القرن الثامن عشر ضد الستعمار العثماني والبريطاني والفرنسي والاسباني والايطالي يؤكد أن ثورات العرب تزامنت مع، إن لم تسبق، الثورة الفرنسية. وبالمقابل، وعلى العكس مما كان متوقعا، فإن الثورة الفرنسية أنجبت نظاما عمل على إحتلال بلدان عربية مثل مصر والجزائر وثار العرب ضد المستعمرين الفرنسيين. إن سياسة الغرب في إجهاض سعي العرب للحرية والديمقراطية يزداد شراسة مع تنامي كفاح العرب لنيل الحرية، ورأينا كيف يواصل الغرب دعم الاحتلال الصهيوني لفلسطين ومنع الفلسطينيين من تقرير مصيرهم، وكيف غزا الغرب العراق لإجهاض تجربته الوطنية، وكيف دعم الغرب إنفصال جنوب السودان، لا بل وكيف يسعى الغرب الآن لمصادرة الثورات العربية لتحويلها إلى (فوضى خلاّقة).

2– يعتبر تودنهوفر ثورات (الربيع العربي) بداية عصر الديمقراطية، ويضع جميع الأنظمة العربية في خانة الإستبداد والتسلط متجاهلا الإختلافات في الوضع السياسي بين الدول العربية، فهناك أنظمة ملكية وراثية إستبدادية وهناك جمهوريات تقودها احزاب شعبية تقدمية وضعت بلدانها على طريق الديمقراطية والتنمية.

3– مع إقرار تودنهوفر أن الثورات العربية هي في جانب منها ثورة الفقراء ضد الأغنياء، إلا أنه لم يتطرق إلى حقيقة أن الذي سبب إفقار الملايين في الوطن العربي وفي دول الجنوب عموما هم اغنياء دول الشمال، وثورة الفقراء على أغنياء الداخل لن تنجح في إزالة الفقر وتحقيق المساواة في داخل المجتمعات العربية طالما أن سبب الفقر الرئيس خارجي ويتعلق بظلم النظام الإقتصادي العالمي حيث تتعمق الفجوة الإقتصادية بين بلدان الشمال الغنية وبلدان الجنوب الفقيرة المحرومة من الوصول إلى روؤس الأموال والتكنولوجيا والأسواق العالمية. ومعلوم إن الفقر ونقص التنمية يزيد التخلف السياسي والثقافي والإقتصادي ويقود إلى الإحباط ويشجع قيام صراعات داخلية جديدة. إن حرب الفقراء على الأغنياء يجب أن تكون عالمية تتوحد فيها مظاهرات ميادين التحرير العربية مع حركات (إحتلوا الوول ستريت) الغربية.

4– بدا الدكتور تودنهوفر متحاملا بعض الشيء على العقيد القذافي ونظامه، وقال إن القذافي توعّد بملاحقة الثوار (زنقة زنقة) ثم إنتهى الأمر بأن لاحقه الثوار زنقة زنقة. والحقيقة هي أن حلف الناتو هو الذي لاحق القذافي زنقة زنقة، أما المتمردين فكانوا كالكومبارس يملأون المشهد لإغراض إعلامية بينما الجهد العسكري موكول للناتو الذي حوّل هذا التمرد إلى مناسبة لتصفية الحساب مع القذافي وللإغارة على أهداف مدنية وإقتصادية لإعادة ليبيا إلى عصر ماقبل الصناعة. ومن باب الإنصاف القول أن الدكتور تودنهوفر وبعد نجاته من قصف قوات القذافي عقد مؤتمرا صحفيا في بنغازي وآخر في القاهرة قال فيه ان قوات القذافي تستهدف المدنيين ولكنه يحذر الثوار الليبيين من طلب المساعدة من حلف الناتو لإن للناتو اهدافا غير أهدافهم وان نقاء الثورة ومبدئيتها ستتلوث بطلب المساعدة من الناتو.

رابعا : تودنهوفر يتعرض للإعتداء في ميدان التحريرفي مصر :
يبدو أن تجربة الدكتور تودنهوفر مع الربيع العربي لن تقف عند حدّ، ففي يوم 25/1/2002 عاد تودنهوفر للمشاركة في إحتفالات شعب مصر بالذكرى السنوية الأولى لثورة يناير، وفي ميدان التحرير المكتضّ بمئات الألاف من البشر إعترضه بعض الغوغاء و(البلطجية) وإعتدوا عليه بالضرب وكسروا نظارته وحاولوا سرقة نقوده وهاتفه، كما هجموا على مرافقته المصورة الألمانية وجردوها من ثيابها وحاولوا إغتصابها لولا تدخل بعض الثوار الذين أنقذوهما. هذ الحادثة لم تكن الوحيدة في ميدان التحرير ذلك المساء، فقد سجلت عشرين محاولة إغتصاب، وهي تعطي صورة عن إندساس الغوغاء في الثورة أو حتى خيانة الثوار لمبادئهم والتي تطرق اليها تودنهوفر في دراسته وحذّر منها. الرائع في هذا الرجل ومرافقته أنهما لم يصابا بالإحباط نتيجة هذا الأعتداء الوحشي، بل تحمّلا هذه التجربة المريرة برضا وواصلا لقاءاتهما مع الشخصيات السياسية ومع شباب الثورة. ولم ينس تودنهوفر علاقته الخاصة بالعراق فقد خص قناة (الرافدين) العراقية المجاهدة بمقابلة تلفزيونية أكّد فيها حبّه للعراق وتضامنه مع شعب العراق في التحرر من الإحتلال، وإستعرض في المقابلة كتبه الثلاث التي أصدرها عن العراق : الأول عن آثار الحصار الظالم على شعب العراق وعنوانه (من يبكي على عبدول وتانايا) والثاني عن الغزو الأمريكي للعراق والمآسي الإنسانية التي خلفها وعنوانه (آندي ومروه) والثالث عن المقاومة العراقية وعنوانه (لماذا تقتل يا زيد) والذي كتبه بعد أن عاش أياما مع المقاومين العراقيين في الرمادي. كما إستعرض آخر كتبهوعنوانه (بعبع الإسلام) الصادر أواخر عام 2011 وفيه يكشف فيه زيف ربط الإرهاب بالعرب والمسلمين ويوثّق إرهاب الغرب ضد العرب والمسلمين منذ الفترة الإستعمارية لحد الآن..
خامسا : أدناه ترجمة دراسة الدكتور تودنهوفر:
كيف وصلت الثورة الفرنسية الى العالم العربي بعد 222 عاما
بقلم الدكتور يورغن تودنهوفر
ترجمة الدكتور عبد الواحد الجصاني
كبت الحريات
بعد تفجّر الثورة الفرنسية عام 1789، وما تلاها من ردّات دموية لا تحصى، إحتاجت فرنسا ثمانين عاما لتصبح ديمقراطية حقيقية، واحتاجت ألمانيا مائة وثلاثين عاما، أما الوطن العربي فقد إحتاجت الثورة الفرنسية مائتان وإثنان وعشرين عاما لتصل اليه.
لم يكن نشرالحرية والمساواة والاخاء وإدخال الديمقراطية إلى الوطن العربي جزءا من أهداف الغرب المحتل، فبالنسبة للغرب الحرية لا تعني مطلقا (التحرر منّا). وعندما إنتهت فترة إستعمار الغرب المباشر للبلدان العربية، تحوّل الغرب إلى دعم الملوك والحكام المستبدين العرب الذين كانوا مستعدين لتبني سياسات الغرب الخارجية مقابل حصولهم على السلاح والمال. ولغاية بداية عام 2011 ساعد الغرب بلا خجل الدكتاتوريات العربية على قمع شعوبها، لا بل إستخدم الغرب الأجهزة الأمنية للأنظمة الدكتاتورية العربية كمراكز متقدمة له لممارسة التعذيب، وقام سرا بنقل المتهمين بالإرهاب، وأغلبهم أناس أبرياء، الى دول شمال أفريقيا لإن الغرب يعتبر حكامها الدكتاتوريين هم افضل من يعذب المعتقلين. وكانت زنازين معمر القذافي لغاية وقت قريب مراكز تعذيب مشهورة. وبمقابل خدمات القذافي في التعذيب إستجيب لبعض نزواته : زوده ساركوزي بسيارة مصفحة تشبه سيارة المارسيدس الشبح من التي يحلم بها جميع قادة المافيا. أما وتوني بلير فقد أرسل أحد معارضي نظام القذافي إلى حتفه، والمانيا زودته بأحدث الأسلحة وكذلك فعلت بقية دول حلف الناتو وروسيا أيضا. ويشاء القدر أن ينفجر صاروخا من تلك الأسلحة على سيارتنا في ليبيا ويحولها الى كرة من نار ويقتل صديقي عبد اللطيف.
عبد اللطيف الهادي الجعكي رجل أعمال دائم الإبتسام من بنغازي كان مضيفنا خلال زيارتنا الى بنغازي في مارس/آذار 2011، وكانت لازمته المحببة عند الحديث هي (ولم لا!)، وبها أجابني عندما سالته إن كنا نستطيع الذهاب من بنغازي إلى البريقة، وهي مدينة نفطية ليبية تقع على مسافة 190 كيلومترا جنوبي بنغازي كانت قوات القذافي قد إحتلتها لأيام وسمعنا أنها تحررت. وإنطلقنا إلى البريقة، وقبل الوصول إليها بمسافة 25 كيلومترا وفي منطقة وادي اللهب شاهدنا خمس سيارات مدنية دمرت توا ولا زالت النار تشتعل فيها، فنزلنا من سيارتنا لمعرفة ماذا حصل ولإلتقاط بعض الصور، وفجأة إنهمر الحجيم علينا فسقط صاروخ أرض - أرض على سيارتنا، وكان عبد اللطيف قد عاد إليها لتوّه اليها لجلب شيء ما، ثم إنهمر وابل من القذائف عليّ وعلى مرافقيّ وهما المصوّرة الصحفيّة الألمانية يوليا ليب والشاب الليبي يوسف. وبدا وكأن جنود القذافي يستهدفون إبادة جيش كامل. وإستمر سيل القذائف المضادة للجو والرمانات والصواريخ لثلاث ساعات، وإختبأنا خلف كثيب رملي منحنا الحماية وانقذ حياتنا. وعندما حل الظلام هربنا عبر الصحراء إلى بنغازي.
وفي نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2011 عدت من جديد الى وادي اللهب حيث موقع المعركة السابقة ووجدت العديد من القنابل وفوارغ القذائف وكثير منها مصنوع في الغرب. لقد إستخدم القذافي الأسلحة التي استوردها من الغرب ومن الشرق ضد شعبه وضد غيرهم، وسيستمر حكام مستبدون آخرون في البلدان العربية بإستخدام الأسلحة المشتراة من الغرب بنفس الطريقة، ولحدّ اليوم لا زال الحكّام المستبدون القساة العرب يحظون بدعم الغرب في قمع شعوبهم.
 
فترة التسامح
لعقود طويلة تعرضت الشعوب العربية للظلم والإذلال من حكام ما بعد الفترة الإستعمارية. هذه الأنظمة الظالمة دأبت على قمع الإنتفاضات التي تحصل بين الحين والآخر بوحشية وبلا هوادة. وفي بلدان مثل سوريا وليبيا والعراق والجزائر تعايش كثير من الناس في النهاية مع تركيبة السلطة هذه، والبعض منهم إستفاد منها. وهكذا كان على الشعب العربي أن يرزح تحت أعباء 222 سنة من الاستعمار ومابعد الاستعمار والدكتاتوريات. لم ار بحياتي شعبا بمثل هذا الصبر!
تنقلت بين البلدان العربية خلال الخمسين سنة الأخيرة، حتى اصبحت وطني الثاني تقريبا. في عام 1960 كنت في مدينتي الجزائر وقسنطينه شاهدا على حرب الجزائر، وكنت شاهدا على الأزمة الدموية الفرنسية – التونسية في بنزرت عام 1961، وعبرت صحراء الجزائر على ظهور الإبل، وكتبت كتابا عن حرب العراق وأنا مقيم في أطراف صحراء المغرب، ولمرات لا تحصى زرت سوريا ومصر، وخاصة خلال العقد الماضي، ولم يكن هناك شيء ينبيء بإن العاصفة قادمة.

ثورة المستضعفين
وصل تراكم الإحباط والإذلال في النهاية إلى درجة تفوق التحمل، حصل ذلك قبل أن يحرق بائع الخضار نفسه وقبل جريمة قتل صاحب صفحة على الإنترنت بوقت طويل، ليقود تراكم المرارات الى إنفجار كالبركان في تونس ثم في مصر. 
إنطلقت فجأة رياح الثورة وبما يشبه المعجزة أو كحرائق الغابات بين مجموعة من البشر تعدادها مائة أو ألف أو عشرة آلاف من المستضعفين الذين طغى عليهم شعور يصعب وصفه وغيرقابل للتفسير المنطقي بالقوة الجماعية التي لا تقهر. وهكذا تمكنت جرثومة الديمقراطية والحمّى الثورية المصاحبة لها من الجماهير ولم يعد ممكنا الإفلات منها. مرة قال لي عبد اللطيف وهو يبتسم : فجأة وبدون سابق إنذار أصبح الأمل أكبر من الخوف.
ورغم حقيقة أن الثوار لم يكونوا أغلبية، فأغلبية الشعب نادرا ما تكون ثورية، ولكن روح الثوار المعنوية المؤمنة بالنصرإنتشرت بين الجماهير كالنار في الهشيم، وأصبحت مثل عاصفة النار أو الزوبعة أو الطوفان أو مثل الوباء ينتشر من مدينة الى مدينة ومن بلد لآخر. من كانوا مستضعفين مهمشين أذلاء ها هم اليوم يتحدّون حكامهم وهم انفسهم مندهشين من هذه الشجاعة والقوة التي إعترتهم فجأة.
في البداية إعتقدت ان الثورة التونسية كانت إستثناء ولكن عندما نزل مئات الآلاف من الناس الى الشوارع في مصر وطالبوا بالحرية والديمقراطية شعرت بإن الحظة التي إنتظرتها طويلا قد أتت أخيرا. لقد قرر الشعب العربي أن يتخلص من نير الدكتاتورية، ولذلك سافرت فورا الى القاهرة ومنذ ذلك الوقت قضيت ما مجموعه أربعة أشهر في تونس ومصر والمغرب وليبيا وسوريا، وكنت دائما بجانب الثوار. وجدت أن الكثير من الأشياء التي أعرفها عن الثورات الأوربية تكررنفسها هنا في شارع الحبيب بورقيبه في تونس العاصمة وفي ميدان التحرير في القاهرة وفي ساحة التحرير في بنغازي، حتى الرموز وصور الأطفال والمراهقين وهم يلوحون بالأعلام كانت متشابهة، بل وحتى أعمال التخريب كانت متشابهة ولا تشكّل إستثناء، مثلما حصل في ليبيا عندما قام الثوار في فورة الإنتصار بتدمير النصب والتماثيل والأبنية وقطع فنية لا تقدر بثمن متناسين أنهم أصبحوا الآن مالكين لها. عندما ذبح الثوار القذافي كما يذبح الكلب الضال فإنهم بذلك لم يكونوا أفضل من جلاّديهم، فقبلهم تنكّر ثوار الثورة الفرنسية لمبادئهم بطريقة مشابهة.

لا عقلانية الثورة
الثورة العربية، مثل جميع الثورات، تشبه المعجزة بقوتها وتأثيرها السحري والصوفي وحتى الديني. ورغم مكابرة الكثيرين فلا بد من إقرار حقيقة أن لا أحد يمكنه أن يدعي القدرة على تفسير ما حدث، ولا حتى الحكام ولا الثوار أنفسهم. من الصعب أن يفسّر أحدنا بشكل دقيق ما حدث ويحدث في تونس ومصر وليبيا وسوريا.
الطبيب والمؤرخ الفرنسي غوستاف لوبون كان أول من عمل تشريحا عقلانيا لما أسماها (سايكولوجية الجماهير) وإستنتج أنها تتجاوز أي منطق عقلاني. لنتذكر الثورة السلمية في جمهورية المانيا الديمقراطية أو ما سميت (معجزة توحيد ألمانيا)، ألم نشعر وقتها إن ما حصل تجاوز كل منطق؟ فالاندفاع الذي يشبه الصحوة الدينية للجماهير في المانيا جعل جميع القادة السياسيين تقريبا يقفون عاجزين، قليل منهم فقط إستطاع ركوب الموجة المعجزة للثورة والإدعاء فيما بعد أنهم (آباء الثورة) و (آباء الوحدة الألمانية) متناسين كيف كانت مواقفهم قبل التغيير.
في مطلع شهر مارس/آذار 2011 كنت في الرباط والتقيت بقائد المعارضة المغربية عبد الإله بن كيران في مكتبه المتواضع، وبينما كنا نستمتع بشرب الشاي بالنعناع سألته إن كان يستطيع أن يفسر ما يجري في الوطن العربي، فما كان من الرجل الأريحيّ ذو اللحية الخفيفة الرمادية إلا أن أطلق ضحكة وقال : لا أعرف. وعذرته فلربما كان يتوقع مني أن أعطيه تفسيرا باعتباري كنت شاهد عيان على الثورة المصرية، أو قد يكون مبالغا في تواضعه. بعد هذا اللقاء فاز ابن كيران في الانتخابات البرلمانية وجرت تسميته من الملك محمد السادس لتشكيل الحكومة الجديدة، فهل إستوعب الملك الثورة؟

حتمية الثورة الديمقراطية
إن الحكام الذين يفشلون في إدراك ديناميكية السلوك الجمعي في الثورة الديمقراطية في الوقت الصحيح، مثل قادة تونس ومصر، يكون رد فعلهم بطيئا وبذلك يفقدون فرصتهم وعندها تقوم القوة الجارفة للجماهير الثائرة بإزالتهم. وفي الحقيقة جميع الحكام بشكل عام يبالغون في تقدير قوتهم.

إن حكاما، كملك المغرب وملك الاردن، الذين يحاولون منع حدوث الاصطدام من خلال تنازلات ذكية لربما يكسبون وقت نجاة ثمين، ولكن حتى بالنسبة لهم إذا لم يواجهوا إستحقاق الانتخابات الحرة وإذا لم يقبلوا بتحديد سلطاتهم مثلما يحصل في الملكيات الدستورية، فعند ذلك سوف تقوم الثورات الديمقراطية ذات الجاذبية السحرية- الصوفية بإزالتهم.
الحكام المستبدون الذين يعتمدون حصريا على القوة العسكرية، مثل الثائر السابق معمر القذافي، لا فرصة للنجاة لديهم، فالثورة تأكل أبنائها كما يقال. اراد القذافي أن يلاحق المتمردين (زفقة زنقه) ولكنهم لاحقوه في النهاية زنقة زنقه. وحتى في الأنظمة الاستبدادية التي تواصل ديمومتها بفضل المزاوجة بين استخدام القوة الغاشمة وتقديم المنافع المادية للجماهير، كما هو الحال في المملكة العربية السعودية أو البحرين، فإن المهمشين المقهورين والذين لا وصوت لهم سوف لن يفرّطوا بالثقة بالنفس والمعنويات العالية التي إكتسبوها.الشرارة الثورية ستستمر في التوهج في قلوب جميع العرب. قال لي رجل أعمال سوري : مهما تكن نتائج الثورة الحالية فسوف لن يعود الوضع إلى ما كان عليه سابقا.
 
الديمقراطية هي أكثر أشكال الحكومات نجاحا في عصر الصناعة والإعلام الحالي. الهياكل الاستبدادية المتحجرة لعصر ما قبل الصناعة لا تستطيع مواجهة تحديات عالمنا الصناعي الحالي، وهذه حقيقة لم أكن يوما مقتنعا بها كمثل إقتناعي بها خلال الأشهر الأربعة التي كنت فيها شاهدا على معركة العرب من اجل الديمقراطية.
يشاهد العرب بشكل يومي، عبر الفضائيات، الحرية التي ينعم بها الآخرون ويتساءلون أين حريتنا؟ وحتى الديمقراطيات الغربية، التي تعاني من المديونية وعدم الثبات والمخادعة وما تتصف به أحيانا من نخب سياسية غير كفوءة، تبقى نموذجا يحلم به العرب كون البشر في هذه الديمقراطيات مواطنون وليسوا رعية، وأن مجتمعاها، رغم مظاهر الإنحدار فيها، تشهد تقدما لا يشوبه فساد كبير.  
حتى لواحتاج التغيير في العالم العربي الى عقود، أو أكثر، كما حصل في أوربا، فإن زمن الملوك والسلاطين والحكام غير المنتخبين والحكام الذين يعينون أنفسهم وصل إلى نهاية مؤكدة ولم يعد لهم مكانا على المسرح السياسي الدولي. لا يمكن إيقاف انتصارات الديمقراطية. الديمقراطيات العربية الجديدة ستواصل مسيرتها مع ما يعتريها من آثار وتركات الماضي التي تتخفى تحت أسماء وأقنعة جديدة لا تتوافق مع مفاهيمنا الدستورية. إن إزالة ظلم الماضي لا يكفي لوحده لنجاح الأشكال الجديدة للحكومة. الديمقراطية لا تأتي بالضرورة بإنجازات سريعة ولكنها بالتأكيد تملك أفضلية حاسمة على الأشكال الإستبدادية للحكم، فهي تسمح بتنفيس الإحباط، وفيها دائما بديل لعنف الثورة ودمويتها وهذا البديل هو التصويت السلمي لإسقاط الحكام أي هزيمتهم بالإنتخابات بدلا من تقديم خمسين ألف ضحية لتحقيق هذا الهدف كما حصل في لليبيا.

الثوار
التحدي الأكبر أمام الثورات العربية هو البطالة والشباب الخريجين الذين يجدون آفاق المستقبل مغلقة أمامهم. هؤلاء الشباب غالبا ما يكونوا متأثرين بالغرب أو حصلوا على تعليمهم فيه. بعض الثوار الذين التقيت بهم في ميدان التحرير في ذروة الثورة المصرية كانوا يتحدثون الألمانية، وظهر لي أنهم يشاهدون التلفزيون الألماني، أحدهم هتف بي وبمرافقيّ في وسط الجماهير المحتشدة قائلا (يا سيد تودنهوفر شكرا لمشاركتك في ثورتنا) وكنت بالغ الإندهاش، ثم فهمت منه أنه شاهد قبل أسبوع أحد البرامج الحوارية الألمانية التي شاركت فيها وكان النقاش حول مصر.
وسائل الإعلام حوّلت عالمنا الى مجتمع صغير، او لنقل على الأقل أصبح العرب يعرفون الغرب جيدا. كان الشباب العربي خلال التظاهرات يخبرونني بآخر نتائج مباريات الدوري الألماني. الشباب الثوري يتلقى الدعم من الطبقات الفقيرة من سكان أحزمة الفقر حول المدن الذين سبب تفكك البنى التقليدية للمجتمع وتوسع المدن إفقارا متواصلا لهم. الطبقة الحاكمة التي كانت في السابق تعتبرهم رعاع، أخذت الآن تغازلهم، لكن فقراء المدن فضّلوا التحالف مع الشباب الأكاديمي الذي يشتركون معهم في صفة البطالة والتهميش. هناك حقيقة أقر بها حتّى (مترنيخ) وهي إن الثورة الديمقراطية في جانب منها حرب الفقراء على الأغنياء.
قبل أيام من الانتخابات البرلمانية في مصر التي جرت أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2011 عدت من جديد الى ميدان التحرير في القاهرة، وهذه المرة كان أغلب المتواجدين فيه من الطبقة الفقيرة، وكانوا يحملون حنينا وشوقا إلى تلك اللحظات من القوة المطلقة ليوم الحادي عشر من فبراير/شباط 2011 عندما إستطاع من لا أسماء ولا وجوه ولا أهمية لهم أن يسقطوا الفرعون مبارك.
وتماما كما حصل في الثورة الفرنسية التي قامت قبل 222 عاما، فإن الثورات العربية فجّرها أناس لا إنتماء سياسي محدد لهم، إنهم من نخبة البرجوازية الصغيرة : مثقفون وشباب وأطباء ومهندسون يدعمهم، في الغالب، مواطنون يعيشون في الخارج وكذلك القوى الأجنبية المهتمّة. في القاهرة أنشأ الأطباء مستشفيات مؤقتة في قلب ميدان التحرير يقدمون فيها الاسعافات الأولية لجرحى المتظاهرين ويشدّون من عزيمتهم. شاب ليبي طالب في الدراسات العليا في القانون هو الذي نظّم مؤتمري الصحفي مع الثوار في بنغازي. في دمشق تحدثت حتى آخر الليل مع شاب فنان يسافر بإنتظام إلى واوربا لينقل رسائل الثوار إلى المعارضة في الخارج. هذه النخب الصغيرة أخذت المبادرة وحرّضت الجماهير ونظّمت المظاهرات وادامت الإتصالات مع الإعلام ومع الدول الخارجية. نادرا ما تبدا الأمة ثورتها بنفسها. الجماهير بحاجة إلى قيادة وتوجيه هذه المجموعة الصغيرة من النخبة زبدونها ستفقدالجماهير الفرصة. الشعوب لديها أحلام ولكنها لا تعرف السبيل لتحقيقها.
لسنين طويلة صوّر إعلامنا المجموعات الإرهابية المتطرفة المتكاثرة، كالقاعدة، على أنها الخصم الخطير للحكام المستبدين في الدول العربية، والهدف من ذلك هو شرعنة دعمنا لهذه الأنظمة. هذه المنظمات الإرهابية لم تكن جزءا من الثورات العربية. قلت لثائر ليبي شاب مظهرك يشبه مقاتلي القاعدة فأبدى إنزعاجه لمقارنته بمجرمي القاعدة وقال إن إي ثائر ليبي لا يقبل هذه المقارنة وإنه لم يحلق لحيته لإنه أصلا لا يملك الوقت الكافي للنوم ولا يهتم بأمر اللحية. في الحالات النادرة التي خرج فيها الإرهاب من حجوره لركوب الثورة إستطاعت الثورة تنحيته جانبا. الثورة لم تكن ضد الحكام المستبدين فحسب بل وكانت ضد الإرهابيين الذين تجاسروا وتحدثوا بإسم العالم الإسلامي، وهي بالنتيجة ثورة ضد الصورة المشوهة التي صنعها الغرب بعناية عن بعبع سمّاه الإسلام.

تأثير الإعلام
جرى تسريع دوران عجلة الثورات وإمتداد تأثيرها بشكل هائل من قبل الإعلام الحديث، وهذا ليس أمرا جديدا، فحتى في أيام الثورة الفرنسية كان هناك حديث عن دور الإعلام في الثورة ولعبت المئات من الصحف والمجلات والكتيبات والملصقات والبوسترات والرسوم الكاريكاتورية، التي إنتشرت بشكل فجائي، دورا مؤثرا في الثورة الفرنسية.
واليوم، أصبحت سلطة الإعلام أكبر، ففي شمال أفريقيا إعتمدت الثورة بالدرجة الأساس على التلفزيون، الذي كان دورة في (المليونات العربية) أكثر أهمية من الأنترنت. ففي ليبيا، على سبيل المثال، جرى قطع خدمة الأنترنت كليا في أيام الثورة، وكان التنظيم والإتصالات تجري من خلال الهواتف النقالة والمساجد والتلفزيون. كان الناس يتظاهرون خلال النهار وفي الليل يشاهدون وقائع الثورة على شاشات القنوات الفضائية التي تنقل أخبار الثورة بشكل مستمر، وإن تحولت عنه فيكون ذلك لنقل أخبار بطولات دوري كرة القدم الأوربية أو أية أحداث كروية مهمة. 
إن الفهم السائد في الغرب بأن الثورة المصرية كانت (ثورة فيسبوك) هو فهم يثير السخرية وخاصة لدى الشباب المصريين. في البدايات الاولى للإنتفاضة لعب الفيسبوك دورا مهما كوسيلة للإتصال، ولكن كانت هناك وسائل إتصال أخرى كالهواتف النقالة والمنشورات والإعلام الشفاهي. وكما حصل في جميع التظاهرات اللاحقة تحول الفيسبوك إلى وسيلة من ضمن وسائل عديدة أخرى من وسائل الإتصال، مع أن الفيسبوك وسيلة إتصال مجانية لم تجن منها شركات التسويق التجارية العالمية أرباحا.
أمّا قناتا (الجزيرة) و (العربية) فقد كانت أهميتهما إستثنائية، فهما الموجهتان الرئيسيتان، عن قصد، للمليونيات العربية. أمير قطر هو الموجّه لقناة الجزيرة ثمّ تحوّل إلى أكبر مزود للثورات العربية بالأسلحة. لم تعد (الجزيرة) و(العربية) قنوات إخبارية ولكن محركاً ويداً ضاربة للثورات طالما أن هذه الثورات ليست موجهة ضد المشايخ في الخليج أو ضد السعودية. قطر هي في المقام الاول قاعدة أمريكية جيوستراتيجية، وفي المقام الثاني هي دولة عربية صغيرة تعدادها عدة مئات من الألاف من السكان.
تعمل (الجزيرة) و(العربية) بالتناغم مع بعض الشبكات الإخبارية الغربية لصب الزيت على النار، فهي تضخّم الثورة وتعطيها حجما أكبر واقوى من حجمها الحقيقي، وتطلق رسائلها وتقاريرها الثورية بشكل يومي بطريقة الحملة المنظّمة لتصل الى بيوت الناس في الوطن العربي. هي في أحيان تكون القوة الدافعة وفي أغلب الأحيان تكون القوة التي تنشر المبالغات عن الثورة. أحيانا إستنادا إلى سياسة المحطة نفسها، ولكن في أغلب الأحيان بناء على حسابات سياسة القوة الدولية. ومعلوم أن الثورات تزدهر بدعم الإعلام بمبالغاته عنها وبشيطنته للحكام الظالمين وبالتفريق السطحي بين الأخيار والأشرار. 
هناك من يرى أن الظالم لا يجب أن يعامل بعدل وموضوعية وصدق، وهكذا في الثورة كما في الحرب تكون الحقيقة هي الضحية الأولى ويجري تجاهلها بلا تحفظ بينما تزدهر روايات المجازر والرعب وأحيانا تختلق إذا دعت الضرورة لذلك. الدعاية الثورية تكون دائما أحادية الجانب والجرائم تنسب دائما إلى الطرف الآخر فقط، بينما جرائم الثوار يتم تجاهلها. أفلام (اليو تيوب) يجري التعامل معها على أنها حقائق دامغة وأصيلة مع أنها لا تعتبر دلائل أو قرائن في أية قاعة محكمة محترمة. منذ الثورة الفرنسية كانت الثورات أفضل فرصة لمروجي القصص الكاذبة أو (حكواتية العصر الحديث). إدّعى مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية السيد مورينو أوكامبو وإدّعت مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة السيدة سوزان رايس أن جيوب جنود القذافي كانت مليئة بالفياغرا من أجل إغتصاب النساء، والحقيقة لم تكن كذلك، وأصلا القتلة ومغتصبو النساء لا يحتاجون للفياغرا، وهكذا إختفت رواية الفياغرا من عناوين الأخبار بعد ان أدّت غرضها لتبرير قيام قوات الناتو بتدمير دبابات القذافي في مداخل مدينة بنغازي، بالضبط كما حصل في كذبة (حاضنات الأطفال) الكويتية التي استخدمت ضمن مبررات شن حرب الخليج الثانية.
خلال الأسابيع الأربعة التي قضيتها في سوريا في شهري يونيو/حزيران ونوفمبر/تشرين الثاني 2011 كنت شاهدا على الكثير من التقارير الكاذبة التي لو أردت تدوينها لملأت صفحات كتاب. في أحد الأيام في شهر نوفمبر/تشرين الثاني أذاعت قناة الجزيرة خبرا يقول إن خمسة قتلى مدنيين نقلوا إلى المستشفى العام في مدينة حمص، فهرعت في الحال إلى المستشفى المقصود فأخبرني الأطباء أنهم لم يستقبلوا اي جريح أو قتيل، وكذا الأمر مع بقية مستشفيات المدينة، ولما اخبرت أحد الأطباء أن مصدر هذا الخبر الكاذب هو قناة الجزيرة أشاح بوجهه عنّي ولم يعلق. لقد تحولت الجزيرة منذ وقت طويل إلى إعلام تابع لقوى دولية. لربما شعر هذا الطبيب الرائع أنه يجب أن لا يشغل نفسه بالرد على تقارير كاذبة، ومع ذلك فإن هذا لا ينفي حقيقة أن هذا الطبيب كان شاهدا على وفاة عدد غير محدود من الأبرياء في بقية الأيام، إنهم ضحايا القتل المجاني من كل الأطراف. في تشرين الثاني/نوفمبر2011 تحدثت الصحافة العالمية عمّا إدعته كارثة إنسانية نتيجة نقص المواد الغذائية في حمص فذهبت فورا الى حمص لإجد دكاكين المدينة مليئة باللحوم والخضار والفواكه. وفي رحلة تالية الى المدينة تحدثت مع أحد الثوار عن هذه الأخبار الملفقة فضحك وقال لي لا تلم قناة الجزيرة فقد كنت أنا واصدقائي من زودها بهذه المعلومات.
وفي شهر ديسمبر/كانون الأول 2011 نشرت وسائل الإعلام الدولية أخبارا تقول أن سوريا منعت إستخدم أجهزة الهاتف من نوع (آي فون)، وعلى الفور إتصلت بشخص في دمشق ممن يستخدمون هذا الجهاز فأجابني بإن هذه القصة غير صحيحة وواصل الحديث من جهاز الآي فون عن الكثير من الإدعاءات الكاذبة التي ينقلها الإعلام الدولي.
لا شك أن الحكومة السورية تتحمل أيضا حصتها من المسؤولية عن هذه الفوضى الإعلامية. التقارير الإعلامية المضللة وأفلام اليوتيوب وصلت ذروتها عندما منعت الحكومة السورية وكالات الأنباء الأجنبية من دخول البلاد. ولا مناص من أن نذكر هنا إن مصداقية التلفزيون الرسمي السوري ليست بأفضل من مصداقية (الجزيرة) و(العربية).

دور القوى الإقليمية والقوى الكبرى
تحاول القوى الإقليمية والقوى الكبرى دائما أن يكون لها دور في سياق الثورات وأن توجهها من أجل أن تكون لها الكلمة الأخيرة في تحديد المنتصرين.
بعد أن فوجئت الولايات المتحدة بأحداث تونس ومصر حاولت أن تجعل من الربيع العربي فرصتها التاريخية لإعادة تشكيل الشرق الأوسط وفق تصوراتها. ومعلوم إن الهدف الأساسي للولايات المتحدة ليس الديمقراطية بل تعزيز وحماية مصالحها في شرق أوسط كبير موالٍِ لها. حلفاء أمريكا مثل السعودية والبحرين ليس لديهم ما يخشونه من الغرب طالما إنه يسمح لهم بمواجهة الحركات الديمقراطية في بلدانهم بالهراوات. 
وبالمقابل يتصرف الغرب بطريقة مختلفة عندما يتعلق الأمر بالثورات في دول معادية له، فهي تعطيه الفرصة للتخلص من الأنظمة التي تضمها قائمته للأنظمة المارقة، كما هي الحالة إزاء القذافي ثم الأسد، كما إنها تعطيه الفرصة، من جديد، لحمل لواء الدفاع عن حقوق الإنسان وتشكيل تحالفات (مقدسة) للدفاع عن الديمقراطية، وهو بذلك يكرر ما فعلته القوى الأوربية الكبرى في القرن التاسع عشر عندما أنشأت (التحالف المقدس) للدفاع عن الأنظمة الملكية.
وبنفس الحماسة الزائفة يقوم الغرب بدمج هدفي الديمقراطية والتدخل الأجنبي في عملية قذرة واحدة تطير بجناحي الكذب.
وحتى عندما تساعد بعض القوى الكبرى الثوار من اجل تحقيق الإنتصار فغالبا ما يسرقون منهم ثورتهم في النهاية، إنهم لا يكترثون بالحرية للمضطهدين أو لمن سماهم فرانز فانون (المعذبون في الأرض).

الطريق الصعب للديمقراطية
نادرا ما ينجح الثوريون في محاولتهم الأولى لتحقيق احلامهم بالحرية والكرامة والعمل والرفاهية، ونادرة هي الحالات التي يدرك فيها الثوار أن تغيير رأس السلطة لا يكفي بل يجب ان تصل الثورة الى عقول الناس. الثورة تحتاج لعقود وقرون لتنشيء الديمقراطية الحقيقية وسيادة القانون وفصل السلطات واحترام حقوق الإنسان، وغالبا ما تحتاج لوقت اكثر لكي تنضج ثمار الثورة. الثورات هي خطوات صغيرة في الطريق الطويل نحو دولة ديمقراطية دستورية، فالديمقراطيون في الغرب لا زالوا لحد اليوم يبحثون عن الديمقراطية الحقيقية، وخلال مائتي عام عانت أوربا من نكسات ودمار ودماء ودموع. إن الغربيين الذين، بعد أشهر فقط من الثورات العربية، يشيدون بنجاحاتها أو ينقمون عليها لا يعرفون شيئا عن تاريخ الثورات الطويل في قارّتنا الأوربية. العرب لن يصلوا في أشهر إلى ما إحتجنا أجيالا للوصول اليه، وتبقى الثورات العربية مهددة دائما بالإنتكاس والتحول إلى الإستبداد إذا تراكمت الآثار البغيضة للثورات. ومثلما عملت الديمقراطيات في الغرب يجب أن تتحول الديمقراطية في البلدان العربية إلى واقع معاش وأن يجري الدفاع عنها بشكل يومي دائم. الدكتاتوريات الشعبية هي أخطر عدو لجميع الديمقراطيات، وهي مرض يتربص بالديمقراطيات كظلها وبشكل أزلي وحتى ألمانيا لم تنفض، إلى اليوم، عن نفسها هذا الخطر بشكل نهائي.
هناك بدائل لدموية وبؤس وبربرية الثورة. الحكام العرب المهددون بالثورة اليوم يحتاجون أن يضعوا أنفسهم على رأس حركة الديمقراطية، وأن يتجرأوا في البدء بالثورة من القمة. ملوك السعودية والمغرب والأردن، وحتى الرئيس بشار الأسد، لا زالت الفرصة أمامهم للقيام بذلك،والفرصة لن تنتظر طويلا.
قبل عودتي إلى ألمانيا بقليل، وفي أوائل ديسمبر/كانون الأول 2011 عدت إلى بنغازي وتجولت في ساحة التحرير وكانت مزينة بمئات الأعلام وآلاف الصور لقتلى الثوار. وشعرت وأنا أشاهد هذه الصور كأن عبد اللطيف ينظر إليّ بتساؤل. كانت هنالك لوحة كبيرة عليها شعار بالإنجليزية يقول (لدينا حلم) مع ان القلة في ليبيا يتحدثون الإنجليزية. صديقي أحمد، وهو شقيق عبد اللطيف، سحبني من أطراف قميصي وقال لي (قل لإصدقائك الذين صمموا هذا الشعار الجميل باللغة الإنجليزية بأن هذا الحلم هو حلمنا وقتلانا دفعوا حياتهم ثمنا من اجل ثورة عربية وليس أمريكية.
شبكة البصرة