قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الأربعاء، 30 مايو 2012

الانتخابات الرئاسية المصرية وإعادة رسم الخريطة السياسية الصدمة... المفاجأة... والمنطق


بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الانتخابات الرئاسية المصرية وإعادة رسم الخريطة السياسية
الصدمة... المفاجأة... والمنطق
شبكة البصرة
عمر نجيب
جاءت نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية المصرية والتي جرت يومي 23 و 24 مايو 2012 صادمة للبعض ومفاجئة لآخرين في حين اعتبرتها فئة ثالثة منطقية.
قبل نشر الأرقام الرسمية لنتائج جولة الانتخابات الأولى، كانت صحيفة "المصري اليوم" المستقلة في عددها ليوم الجمعة 25 مايو الأكثر دقة.
حيث أكدت الصحيفة ان "21856708 ناخبا شاركوا في الانتخابات من إجمالي عدد الناخبين البالغ 50524993 ناخبا أي بحوالي نسبة 43.3 في المائة".
وأضافت الصحيفة أن مرشح حزب الحرية والعدالة الذي يمثل جماعة الاخوان المسلمين محمد مرسي قد فاز بأعلى الأصوات بحصوله على 5446460 صوتا بنسبة 24.9 في المائة". وجاء في المركز الثاني القائد السابق لسلاح الجو المصري أحمد شفيق الذي حصل على "5338285 صوتا بنسبة 24.5 في المائة".
بينما احتل المرشح الموصوف بالناصري حمدين صباحي المرتبة الثالثة اذ حصد "4616937 صوتا بنسبة 21.1 في المائة"، وجاء القيادي السابق في جماعة الإخوان المسلمين والمنشق عنهم، عبد المنعم أبو الفتوح في المركز الرابع بحصوله على "3889195 صوتا بنسبة 17.8 في المائة"، اما الأمين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسى فجاء في المركز الخامس مع "2471559 صوتا بنسبة 11.3 في المائة".
في وقت متقارب قدر رئيس اللجنة الانتخابية المستشار فاروق سلطان نسبة المشاركة في هذه الانتخابات ب50 في المائة موضحا أن الاقتراع جرى عامة في "هدوء ونظام".
مراكز رصد أشارت أنه عند التفكير في نتائج الجولة الثانية من الانتخابات يجب التذكير بأن محمد مرسي فشل في كسب تأييد حزب النور السلفي الذي أيد منافسه أبو الفتوح، وأن هذا الأخير اقتنص أصواتا من أقصى اليمين الإسلامي متمثلا في السلفيين ومن الإسلاميين المعتدلين والليبرالين.

صناديق الاقتراع
في الأيام القليلة التي سبقت الجولة الانتخابية الأولى أكدت غالبية القوى السياسية بما في ذلك حزب الحرية والعدالة، أنها ستحترم نتائج الانتخابات وستتعاون مع أي رئيس ينتخبه الشعب.
وكيل اللجنة التشريعية لمجلس الشعب المصري صبحي صالح القيادي بالجماعة، صرح يوم الأربعاء 23 مايو لقناة "سي إن إن" الأمريكية إن جماعة الإخوان المسلمين "لن تعود إلى الميادين إذا نجح أي من المرشحين البارزين بطريقة سليمة دون العبث بنتيجة الانتخابات، حتى وان كانوا من المحسوبين على النظام السابق".
ووصف صالح، التجربة الانتخابية بالمطمئنة والايجابية "بسبب مشاركة أعداد كبيرة من المواطنين ومحافظة الجيش والشرطة على الاستقرار، مع نسبة مخالفات نادرة حيث يعمل القضاة بهدوء". المعروف أن حزب الحرية اعتبر أن كلا من عمرو موسى وأحمد شفيق آخر رئيس وزراء في مصر قبل تولي الجيش السلطة مؤقتا من أنصار الرئيس مبارك.
هذه المواقف اعتبرها الملاحظون مؤشر تطور للفكر الديمقراطي وبادرة مطمئنة للمستقبل.
يوم 25 مايو تبدلت بعض المواقف، حيث أعلن القيادي في جماعة الاخوان عصام العريان خلال مؤتمر صحافي بالقاهرة أن فوز احمد شفيق امام مرشحها محمد مرسي، سيضع "الأمة في خطر". وأضاف أن الجماعة تريد بدء حوار مع المرشحين الذين لم يفوزوا في الدور الأول "لإنقاذ الثورة" التي أطاحت بمبارك في 11 فبراير 2011.

رد فعل الشارع
اهتمت وسائل الإعلام عربية وأجنبية بعد إنتهاء الجولة الأولى التي أكدت السلطات القضائية والمراقبين الأجانب نزاهتها، بنقل بعض انطباعات وردود فعل المواطنين، وكالة رويترز ذكرت: بعض المصريين أكدوا فرحتهم بالانتخابات بينما أعرب آخرون عن قلقهم من انحصار المواجهة بين مرشحين احدهما إسلامي والآخر كان مسئولا سابقا.
وقال عبد الله رزق 25 عاما لدى خروجه من المسجد بعد اداء صلاة الجمعة "ليس لدي أي اعتراض على احد طالما كانت الانتخابات نزيهة. لا شك في ان هناك مرشحين افضل من غيرهم لكنني سأقبل بالفائز أيا كان". وذكر عبد الله أنه أعطى صوته لصباحي مشيرا أن المصريين "سيتقبلون أي نتيجة" تأتي بها الصناديق.
على مقربة منه يبدي حسن محمد يوسف المدرس في كلية الحقوق جامعة القاهرة الذي يؤيد الاخوان المسلمين سعادته بتصدر مرسي لكنه غير راض عن أن يكون منافسه في الجولة الثانية احمد شفيق الذي يجسد في نظره النظام السابق.
ويقول حسن آسفا "المشكلة هي أن شفيق لديه الكثير من الأصوات وهذا يظهر أن الشعب المصري ما زال شعبا جاهلا".
لكن غالبية المتجمعين حوله ابدوا استنكارهم الشديد لهذا الرأي وانبرى احدهم قائلا "كيف تقول أن الشعب المصري جاهل. الجاهل هو أنت".
ويرد عليه حسن بجفاء "لدي الحق في ان أقول ما اعتقد. أين هو التغيير في عقلية الناس؟ النظام السابق حكمنا ثلاثين عاما".
أحمد رفاعي البالغ من العمر 32 عاما ويعمل موظفا بطنطا قال "لن أنتخب مرشح الإخوان المسلمين أبدا في الانتخابات الرئاسية لأنهم لم يأتوا بشيء إلى الآن إلا الفوضى".
وأضاف "طبعا حصدوا أصواتا كثيرة في الانتخابات التشريعية. لن يتكرر هذا أبدا".
ويخشى الأقباط بدورهم الذي يشكلون ما بين 6 و8 في المائة من تعداد السكان من التمييز ضدهم وأن يؤدي مجيء الإسلاميين إلى الحكم إلى تهميشهم أكثر.

ثقب أسود
عدد من المحللين النافذين في الصحف ومراكز الأبحاث في كل من واشنطن وتل أبيب كانوا من بين من فاجأتهم نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية المصرية.
كتب آفي يسسخروف في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية: "الربيع العربي" بتفرعاته، أوضح للكثيرين بان الرأي العام في الشرق الأوسط هو بمثابة ثقب أسود، ليس فقط بالنسبة لمحافل الاستخبارات الإسرائيلية بل وايضا للصحافيين والخبراء الذين يفترض أن يكونوا ضالعين في معرفته. فالمرة تلو الاخرى وجدنا أنفسنا مذهولين في ضوء التطورات الدراماتيكية التي تتناقض مع كل ما عرفناه وتعلمناه عن الشرق الأوسط.
الانتخابات للرئاسة المصرية تجسد بقدر أكبر هذه الصعوبة التي نواجهها، نحن المراسلين والكتاب عن العالم العربي، في فهم إلى أين في واقع الأمر يتجه الرأي العام. واضح أنه من الصعب توقع نتائج الانتخابات. ومع ذلك في الغالب يمكن القول من هم المرشحون المتصدرون ومن هم أصحاب الاحتمالات الاكبر في الفوز. في حالة مصر، كل تقدير، مهما كان منمقا، مثله كمثل الرهان.
الأمر ينبع، ضمن أمور اخرى من التحولات في السياسة المصرية في الاشهر الاخيرة. صحيح أن الجمهور المصري لم يغير جلدته ولم يصبح اكثر علمانية منذ الانتخابات للبرلمان. الاحزاب الاسلامية انتصرت فيها بأغلبية كبيرة، وحظيت بنحو 70 في المائة من عموم المقاعد في مجلس النواب. الاستنتاج المنطقي هو أنه في الانتخابات المصرية سينتصر مرشح اسلامي، مثل مرشح "الاخوان المسلمين" محمد مرسي أو رفيقه السابق في الحركة، الذي طرد منها مكللا بالعار، عبد المنعم ابو الفتوح.
ولكن منذ الانتخابات البرلمانية سجلت عدة تغييرات ذات مغزى: الاخوان المسلمون قرروا التقدم بمرشح خاص بهم للرئاسة، وظهروا عمليا كعصبة سياسيين جوعى للسلطة، مثل نظرائهم العلمانيين. هذا القرار اثار غير قليل من النقد وخيبة الأمل حتى في أوساط مؤيدي الحركة. اضافة إلى ذلك، فان الانتصار الاسلامي الجارف ايقظ من سباتهم العلمانيين والاقليات. وبالطبع، الصوت الاسلامي منقسم بين المرشحين الرائدين وخلافا للبرلمان، حيث يوجد مكان للجميع، ففي الانتخابات للرئاسة لن ينتصر سوى مرشح واحد. وليس صدفة أن تكون المشادة الوحيدة التي نشبت في أول يوم من الاقتراع كانت بين مؤيدي مرسي وابو الفتوح. من الصعب التقدير كيف ستؤثر هذه المنافسة على الشارع المصري، المتدين في معظمه.
بالمقابل، المعسكر الثاني في مصر ايضا عرض بعض المرشحين البارزين مثل عمرو موسى واحمد شفيق وحمدين صباحي والذين شقوا الصوت العلماني. وبينما لشفيق وربما ايضا لموسى صوت على أي حال من خائبي الأمل من "الثورة"، العطشى لإعادة القانون والنظام للدولة، فان صباحي يمثل التيار الناصري وهو كفيل بان يظهر المرشح المفضل للعلمانيين والناصريين من معارضي النظام السابق.
غير قليل من الاستطلاعات نشرت في الاسابيع الاخيرة بالنسبة لفرص المرشحين المختلفين للانتصار في الانتخابات، ولكن مدى مصداقيتها ليس واضحا. فتكاد تكون كل الاستطلاعات أظهرت بان فرص مرشح الاخوان المسلمين محمد مرسي، منخفضة على نحو خاص. من الصعب التصديق بان الجهاز الهائل للحركة في مصر لن ينجح في أن يجلب مرسي إلى واحد من الاماكن الأربعة الاولى. استطلاعات اخرى نشرتها معاهد بحوث حكومية أشارت بالذات إلى شفيق بأنه المرشح المتصدر، وهنا أيضا مشكوك أن يكون هذا صحيحا.
ولعل المشكلة الأكبر للصحافيين الاسرائيليين في فهم ما يجري هناك، هي انعدام قدرتنا على أن نكون في مصر في زمن المجريات. منذ الثورة تمنع السلطات دخول الصحافيين ذوي جوازات السفر الاسرائيلية فقط. ويعلل الأمر بالحرص على سلامتنا، ويحتمل عن حق. ولكن هكذا تتضرر قدرتنا كمحللين، خبراء، مراسلين، على أن نشعر بنبض القاهرة، الاسكندرية وكل مكان آخر في الدولة. المكالمات الهاتفية قد يكون بوسعها المساعدة، وكذا الفيس بوك ومحطات التلفزيون العربية. ومع ذلك في عصر الشبكات الاجتماعية ايضا، لا يزال لا يوجد بديل لتواجد المراسل في ساحة الحدث.
إذن من سينتصر؟ أنا أراهن على ابو الفتوح. واذا اخطأت، فعلى الأقل يوجد لدي كل المعاذير لأشرح كيف حصل هذا.

إنهاء الفوضى والأزمة الاقتصادية
يوم السبت 19 مايو نشرت صحيفة "لوس انجليس تايمز" الأمريكية تحقيقاً أنجزه جيفري فليشمان عن الانتخابات الرئاسية المصرية والقضايا الرئيسة المطروحة فيها وما تعنيه بالنسبة الى الناخبين المصريين:
"ميكانيكي يضرب بمطرقته صدام سيارة، واولاد يهيمون وسط السيارات بينما يعبِر أدهم بِشر بحماس عن آرائه في عصر يوم مضطرب على جانب النيل في حي طرة جنوب القاهرة قائلاً إن رئيس مصر القادم يجب ان يوفر له عملاً، ولا يقول له كيف يعبد الله، وأضاف "اريد رئيسا يعيد بناء البلاد. إننا بحاجة إلى ننهض مرةً أخرى إلى العظمة".
تجمع رجال حول أدهم بِشر في مساحة من الظل، وجادلوا بعضهم البعض بشأن التضخم والأمور السياسية قبل الاختفاء في شارع بحي طرة. ويريد الرجال، ومعظمهم سائقون وعمال نسيج عملا ثابتا. ويتساءل ابناؤهم، ومعظمهم طلبة جامعيون، عما إذا كان المستقبل سيجلب مالاً كافيا.
بعد دقائق جلس نبيل محمد، وهو سائق سيارة شحن يعمل بشكل دائم، على مقعد بجانب أدهم بشر تحت مظلة متهالكة.
قال محمد والعرق يتصبب من عنقه، وفي يده حلقة مفاتيح "نحتاج إلى رئيس قوي لإحلال النظام وإعادتنا إلى الحياة. احتجاجات المصريين كثيرة. ونحن لا نسمع بعضنا بعضا، واذا لم نتوقف فإننا سننهار". وأضاف: "هناك الكثير من السياسيين الذين يحاولون التخفي وراء ستار الاسلام. لكن الدين يظل بين الله وكل فرد. انه ليس من صلاحيات الساسة. وهؤلاء السياسيون يسيئون إلى الإسلام أكثر من أي شيء آخر".
لم يكن في المنطقة الا القلة من الناس عندما كان محمد بعد صبيا. كانت المنازل لا تعلو إلى أكثر من طابق واحد، ولم يكن الطريق السريع الممتد مع مجرى النيل عريضا بهذا الشكل. لكن جاء الصيادون والمزارعون الى القاهرة بحثا عن حياة أفضل. وبنيت المساجد ونمت المنطقة، ولم يكن همها قط من هم الرؤساء او الدعاة المحليون لان أيا منهم لم يرفع من مستوى حياة محمد إلى ما فوق أي شيء اللهم إلا الكفاح".

دولة مدنية
الانتخابات صراع بين محافظين مغالين وليبراليين على ما اذا كانت مصر يجب ان تميل الى اصولية المملكة العربية السعودية او إلى اتجاه تركيا المعتدل. ويحرك هذا النقاش أساتذة وعلماء دين ذوو نفوذ يستشهدون بالتقوى كمقياس سياسي.
يتفق معظم المصريين على أن الإسلام يجب أن يهدي السياسة القومية. لكن رجالاً مثل أدهم بِشر من بين الأكثر من 40 في المائة من المصريين يخشون من ان انشغال النخبة بالدين والحديث عن احياء الخلافة التي يعود عهدها إلى مئات من السنين أمران يلهيان عن مشكلات البلاد المتأصلة.
قال شادي غنيم، وهو مستورد اجهزة اليكترونية يؤيد عمرو موسى: "نحتاج الى انهاض الاقتصاد على رجليه. المستثمرون الاجانب لن يعودوا ما لم يكن بوسعهم الوثوق برئيس معتدل".
قبل الإقتراع بأيام أفادت نتائج أحد الاستطلاعات إلى أن عوامل الشك تنمو لدى الكثيرين ومن ضمنهم هؤلاء الذين صوتوا في الانتخابات التشريعية لصالح الإخوان، وهؤلاء يمثلون حوالي 40 في المائة، منهم ناخبون لم يقرروا اين يضعوا اصواتهم في ما يتعلق بالاخوان ويسعون وراء مرشح اقل امتثالاً للعقيدة الدينية وأكثر اهتماما بإقامة دولة مدنية مستقرة".

تراجع اقتصادي
الأزمة التي انفجرت قبل 15 شهرا أدت إلى تراجع إقتصادي أقل ما يوصف به أنه كارثي. فقد ارتفعت نسبة البطالة، التي كانت في حدود 9 في المائة في يناير 2011 إلى 12 في المائة في مارس 2011 ثم وصلت إلى 24 في المائة لدى الشباب.
أما احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي المصري الذي وصل إلى أعلى مستوى في تاريخه بنهاية ديسمبر 2010 متجاوزا الـ36 مليار دولار فقد تقلص إلى 15.119 مليار دولار في مارس الماضي.
وزيرة التخطيط والتعاون الدولي فايزة أبو النجا، كشفت أن احتياطيات النقد الأجنبي كانت تتراجع خلال الأشهر الأولى للإضطرابات بمعدل ثلاثة مليارات دولار شهريا، ثم أخذت تتناقص إلى 2.5 مليار دولار شهريا، ثم إلى ملياري دولار، ثم إلى 1.5 مليار دولار، ثم إلى مليار دولار، إلى أن وصل معدل التآكل إلى 700 مليون دولار مع نهاية فبراير 2012، مشيرة إلى أنه من المتوقع أن يبلغ معدل السحب في أبريل 600 مليون دولار على أن يعود الاحتياطي إلى الارتفاع.
إذا كان العديد من المصريين قد صدم بتدهور الحالة الإقتصادية نتيجة أحداث ميدان التحرير فإن شكا بدأ يساورهم من أن قوى خارجية تسعى لركوب حركة التطور في البلاد لتخريبها وتقسيمها.
المواجهة التي جرت بين القاهرة وواشنطن بسبب عمليات التدخل والتجسس عبر ما يسمى الجمعيات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني، وضبط أجانب يرتكبون أعمال تخريب كانت أحد الدوافع الهامة للمراجعة.
تقرير صدر في شهر مارس 2012 عن مركز المصريين للدراسات السياسية والاقتصادية كشف عن حجم الخسائر التي تعرض لها الاقتصاد المصري نتيجة المطالب والاحتجاجات الفئوية بلغت أكثر من 15 مليار جنية مصري وذلك من خلال 850 وقفة احتجاجية على مدار العام الذي تلي أحداث 25 يناير وهو ما جعل الاقتصاد المصري يتعرض لخسائر فادحة.
وحذر التقرير من استمرار التوترات السياسية والاحتجاجات الفئوية حيث أكد التقرير أن الخسائر قد ترتفع إلى أكثر من 100 مليار جنيه في حالة الاستمرار في الاحتجاجات الفئوية. كما شدد التقرير على أن الاحتجاجات الفئوية ليست خطرا على الاقتصاد فحسب بل خطر على أمن واستقرار مصر لأن الاحتجاجات الفئوية دائما ما تكون ذريعة لكل من يريد أن يعبث بأمن مصر مستغلا التوترات التي تعيشها مصر في هذه الظروف الراهنة.
كما أشار التقرير أن التوترات السياسية ألحقت خسائر ضخمة بالقطاع السياحي في مصر، حيث أدت الخسائر إلى فقد 3 ملايين زائر.

11 مليار دولار
يوم 9 فبراير 2012 جاء في تقرير لوكالة فرانس برس: بعد عام على تنحي الرئيس حسني مبارك، يشكل تردي وضع الاقتصاد المصري الذي كان مزدهرا في السابق تهديدا للمرحلة الانتقالية في الدولة التي تضم اكبر عدد من السكان في العالم العربي، بحسب خبراء ومحللين اقتصاديين.
وبمعدل نمو يقدر بواحد في المائة مقابل ما بين 5 إلى 7 في المائة في السنوات السابقة، تأمل الحكومة في الحصول على مساعدة من صندوق النقد الدولي وجهات مانحة اخرى، لتجنب انفجار اجتماعي محتمل في الأشهر المقبلة.
ويقول صلاح جودة مدير مركز الأبحاث الاقتصادية في القاهرة "بعد عام على الثورة، الاقتصاد في حالة فوضى وخارج عن نطاق السيطرة".
ووفق أرقام رسمية، تراجعت عائدات القطاع السياحي في مصر بنسبة ثلاثين في المائة اي فاقد في الربح يبلغ نحو اربعة مليارات دولار، وهو رقم يراه يقول عدد من منظمي الرحلات السياحية أنه بعيد عن الواقع.
وبينما تقوم الوكالات العالمية للتصنيف الائتماني بخفض درجة مصر باستمرار، لم يعد المستثمرون يتنافسون على السوق الداخلية في بلد يبلغ عدد سكانه أكثر من 82 مليون نسمة.
عجز الميزانية بلغت نسبته 7.8 بالمئة لاجمالي الناتج الداخلي، بعض المراقبين يقولون أنه يتجاوز العشرة بالمائة، وهو يثير مخاوف بشأن قدرة مصر على الابقاء على نظام دعم المنتجات الأساسية او دفع ثمن وارداتها خلال اشهر.
ويسمح نظام الدعم هذا بابقاء الاسعار منخفضة للسلع الضرورية مثل الوقود والخبز والأرز والغاز المنزلي.
وقال حمدي عبد العظيم الخبير الاقتصادي في اكاديمية السادات ان "تغيير سياسة دعم المواد الغذائية والغاز والبنزين قد يؤدي إلى كارثة سياسية".
ورأت المحللة الاقتصادية زينب عبد الرحمن ان خفض قيمة التمويل العام "ستؤثر على قدرة الحكومة على طلب القروض من الممولين المحليين والدوليين".
واضافت ان "مصر ستواجه صعوبات كبيرة في نقاشاتها مع صندوق النقد الدولي بسبب انخفاض وسوء التوقعات في المستقبل إضافة إلى انعدام الأمن".
وأكد وزير المالية المصري ممتاز ان برنامج الانقاذ الاقتصادي في بلاده بحاجة إلى "حوالي 11 مليار دولار خلال العامين الماليين الحالي والقادم". ويقول خبراء مصريون أن البنك الدولي وصندوق النقد مسيران من طرف إدارة واشنطن، ولهذه الإدارة حسابات تريد تسويتها مع مصر، زيادة على ذلك فإن البيت الأبيض المتمسك بمشروع الشرق الأوسط الكبير لا يريد نهوض مصر أو استقرارها ولهذا فهو سيستغل الحاجة إلى القروض لفرض شروط لا تنفع سوى المخططات الأمريكية.

حالة توافق مفقودة
كتب عمر كلاب الصحفي والكاتب الأردني مؤسس موقع مرايا الإخباري يوم 26 مايو:
غضب المصريون أم عتبوا، فإن القراءة الأولى للنتائج الأولية لانتخابات الرئاسة المصرية تقول بالفم الملآن، ان النظام المصري لم يسقط، وما زال متماسكا و قادرا على مقارعة كل القوى التي راهنت على "الثورة" وميدان التحرير لإنتاج الفارق في مزاج الشارع المصري.
فالفوارق الهزيلة بين مرشح الإخوان ومرشح النظام او الفلول كما يقول الاشقاء في مصر تتحمل نتائجها القوى السياسية المصرية الحديثة والتقليدية التي عجزت عن إيجاد توافق لتشكيل فريق رئاسي قادر على مقارعة النظام السابق ورجاله، إما لطغيان الشوفينية الحزبية والتنظيمية وإما للتقليل من قوة النظام السابق بعد عزل رئيسه، فالرئيس سقط والنظام متماسك ويستطيع إلى الآن تقديم نفسه للشعب بصفته قادرا على ضبط الأمن ووقف الانهيار الاقتصادي والاجتماعي في الشارع المصري.
فمنذ سقوط نظام الرئيس مبارك والشارع المصري يلمس تراجعا في الاقتصاد وانحدارا في منسوب الأمن والأمان بل ان فوز الإخوان المسلمين في البرلمان لم يمنح تطمينات للشارع المصري و مثقفيه واحزابه، كي يطلقوا شارات النصر الحقيقية ويعلوا قيمة الأمل بالتغيير، فما حدث بعد انتخابات البرلمان كان مقلقا بكل المقاييس للقوى الليبرالية.
الظاهرة الثانية ان القوى السياسية ما زالت ممسكة بالمصالح الحزبية على حساب الصورة الكلية لمشهد مصر بعد الثورة، لأن مجموع ما حصل عليه مرشحو القوى الإسلامية السياسية والتيار الناصري يفوق النسبة المطلوبة لحسم النتيجة من الجولة الإولى، وكان الأجدى ان يتم تشكيل فريق رئاسي من مجموع القوى السياسية الثورية للحفاظ على التغيير الذي حصل في مصر منذ يناير 2011.
فقد تنامى دور حزب "الكنبة" في انتخابات الرئاسة حيث جلس 50 في المائة من المصريين على مقاعد منازلهم و لم يمارسوا دورهم المأمول في الانتخابات الرئاسية.
الآن مشهد مصر اكثر وضوحا من الجولة الاولى، فالخلاف السياسي سيتراجع مؤقتاً ليظهر بعده الاتفاق على الحساب الجنائي وسيتم حسمه لصالح مرشح النظام السابق، او بين فريق سياسي يحسم مثلاً الرئاسة لصالح مرسي ويكون نائبه حمدين صباحي.
الا اذا حدثت مفاجأة من العيار الثقيل و نجح الفريق احمد شفيق في تشكيل تحالف رئاسي يجمع القوى الليبرالية التي باتت بيضة القبان في انتخابات مصر رغم استبعاد تشكيل مثل هذا الحلف ولكنه ممكن اذا اصطدم برغبة الإخوان في الاستئثار بالحكم في مصر برلمانياً ورئاسيا كما كشف الإخوان من خلال سلوكهم البرلماني على صعيد اللجان البرلمانية.
مصطلح الفلول اسقطه الشارع المصري بعد ما منح شفيق هذا الكم من الأصوات وكشف "عورة " السلوك السياسي للقوى الناهضة بعد سقوط مبارك، فالمناطق السياحية مثلاً منحت شفيق ثقة مطلقة عكس الكثافة السكانية ما يعني ان النجاح على مستوى الأمن الشعبي ما زال هو المطلوب أكثر من الديمقراطية.
مشهد مصر رغم وضوحه الآن إلا أنه مشوب بالقلق فتشتت الصوت الانتخابي يكشف عمق الاختلافات داخل الشارع المصري وهذا يعني امكانية نزول الرافضين للنتائج الى الشارع و العودة الى المربع الاول وازدياد مساحات الشك بين السياسيين ما ينعكس على مستويات الأمان التي بدورها ستضعف الحالة الاقتصادية وتزيد من هوامش الفقر في مصر ما يعني ان الثورة فقدت شرعيتها وشعبيتها ما لم تتحرك القوى السياسية لإنتاج حالة توافق وتقاسم للمقاعد والقيادة في مصر.

الحسم في يونيو
التنبؤ بمن سيفوز في جولة الانتخابات الرئاسية التي ستجري يومي 17 و18 يونيو صعب خاصة على ضوء المفاجآت الممكنة، ولكن هناك مؤشرات قد تكون دالة.
في انتخابات البرلمان التي أجريت بين نوفمبر 2011 ويناير 2012 فاز الإسلاميون بنحو 70 في المئة من أصوات الناخبين، حصلت جماعة الإخوان على القسم الأكبر منها. لكن في الجولة الرئاسية الأولى لم يحصد هؤلاء سوى 25 في المئة لمرسي يضاف اليها جزء مما حصل عليه أبو الفتوح.
ومنذ مارس 2012 حذرت الكثير من المصادر الاخوان من تراجع شعبيتهم في حملة انتخابات الرئاسة.
وكتب المحلل توم بيري لرويترز: أدارت جماعة الاخوان المسلمين آلة حملة انتخابية هائلة في سعيها للفوز بانتخابات الرئاسة المصرية لكنها تبذل جهودا مضنية لكسب الأصوات بعدما شابت صورتها بعض الشوائب إلى جانب كون مرشحها محمد مرسي لا يتمتع بقبول واسع وحزبه متهم بالحصول على أموال من دول أجنبية خاصة خليجية.
وتحاول الجماعة التغلب على مشكلة أوسع تواجه صورتها حيث يتعرض الأخوان لانتقادات شديدة في كل المجالات تقريبا.
وعقب صلاة الجمعة مؤخرا مثلا انتشر نشطاء من الجماعة خارج احد مساجد القاهرة يوزعون منشورات لحملة مرسي مرفقة بورقة تحاول تفنيد الاتهامات الموجهة للجماعة ومن بينها أنها نقضت وعودها وأنها تسعى للهيمنة على الحياة العامة.
وقال عصام خليل أحد المنظمين في حملة للجماعة "نرى أن شعبيتنا تراجعت قليلا. لكننا في سبيلنا لاستعادتها".
واضاف "لدينا مجموعة من النشطاء انتشروا بالشارع يقابلون الناس وينظمون اجتماعات ومسيرات ويعرضون فيديوهات في الساحات".
ويعتقد بعض المعلقين أن فرصة الجماعة ضئيلة بعدما طرحت مرشحا يقول كثيرون انه لا يتمتع بقبول يذكر خارج نطاق أعضاء الجماعة في وقت تكافح فيه الجماعة أيضا مفاهيم سلبية لدى جمهور الناخبين الأوسع.
ويواجه مرسي انتقادات تتهمه بالفظاظة وأحيانا بالافتقار إلى الرؤية الواضحة في خطاباته العامة كما وصف بأنه موظف في الإخوان أكثر منه شخصية ذات رؤية.
وتعتمد أحاديثه بكثافة على مرجعيات دينية تعكس مسوغاته المحافظة. لكنه فشل في كسب تأييد حزب النور السلفي الذي أيد منافسه ابو الفتوح.
واطلق خصوم المرشح محمد مرسي، عليه اسم "الاستبن" وهي كلمة عامية مصرية تعني الاطار الكاوتشوك الاحتياطي للسيارة، وجاءت هذه التسمية من اعلان الاخوان المسلمين عن طرحه في بداية الامر ك "مرشح احتياطي" اذا ما تم استبعاد المرشح الاصلي خيرت الشاطر نائب المرشد العام للجماعة لاسباب قانونية.
الجماعة تقول أنها ما زالت داخل السباق وستربحه. وأصبحت حملة مرسي بدرجة كبيرة جهدا جماعيا يبعث برسالة مفادها أن حركة تخوض هذه الانتخابات وليس مجرد فرد. وشعارها هو "نهضة مصرية بمرجعية إسلامية".
ويقول قادة الجماعة أن استطلاعات الرأي لا يمكن الوثوق فيها وان كثيرا من الناخبين لم يحسموا قرارهم حتى الآن.
وقال عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة المنبثق عن الجماعة على هامش تجمع حاشد لها في القاهرة ان الاراء تتغير من يوم لآخر.

بر الأمان
من الذين لا يؤيدون مرشح الجماعة من يؤكد مصر تحتاج رجلا عسكريا مثل شفيق يعرف مصر جيدا ويستطيع العمل مع القيادة العسكرية للابحار بهذه البلاد إلى بر الامان، ويذكر هؤلاء بأن الرجل شارك في حرب الاستنزاف ضد إسرائيل وأسقط لها طائرتين. كما أنه انقذ شركة مصر للطيران من الإفلاس وحولها إلى شركة رابحة".
وقال عبده مختار البالغ من العمر 36 عاما الذي يعمل في شركة للكهرباء قرب الجبل الاصفر لوكالة فرانس برس انه مقتنع بأن شفيق رجل المرحلة. وأضاف لقد كان رجلا عسكريا ورئيسا للوزراء ووزيرا. لا يمكن ان تسوء الأمور مع شفيق. هذا البلد بحاجة إلى رجل دولة وليس مبتدئا في السياسة".
ويشير ملاحظون إلى أن التجربة المريرة التي تمر بها تونس بعد إبعاد الرئيس بن علي عن السلطة وسيطرة حزب النهضة وأنصاره السلفيين، والفوضى القائمة في ليبيا وإنهيار كل الخدمات وإنتشار الفقر والفوضى وتبلور مخاطر تقسيم البلاد، والأزمة الدامية في سوريا وقبلها في اليمن، كانت من العوامل التي أثرت على الناخبين في عدة مناطق بالمنطقة ولإعادتهم النظر في مصداقية الأدبيات الدعائية التحريضية لصناعة ما سمي بالربيع العربي. وهكذا كانت النتيجة هزيمة ما يوصف بالقوى الإسلامية في انتخابات الجزائر التشريعية التي راقبتها منظمات دولية ولم تتمكن من الطعن في نزاهتها.
والأن يظهر أن الأمر إنتقل إلى مصر حيث بدأ الشعب يعيد النظر في مدى مصداقية تفاعله مع عمليات الدعاية المتقنة والمكلفة لشيطنة خصوم حركة الإخوان وتابعيها من أجل دفع أرض الكنانة إلى مربع عمليات مخطط الشرق الأوسط الكبير.
الأمر لا يتعلق بالدفاع عن أنظمة إرتكبت أخطاء فادحة ليس فقط تجاه مواطنيها بل تجاه الأمة العربية كلها عندما تسترت أو صمت أو تهاونت عندما تعرضت البوابة الشرقية للأمة العربية لأبشع الجرائم في التاريخ عندما غزاها الأمريكيون سنة 2003، ولكن الأمر هو أن خصوم هذه الأمة سعوا لنقل الأمة عبر تلاعبهم وركوبهم حركة التطور من مرحلة مرضية متوسطة الخطورة إلى نقلة مميتة يتصورون أنها ستشكل نهاية أمل 330 مليون عربي.
يقول محللون أنه لو جرت إنتخابات تشريعية في مصر في موعد الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، فإن ما كان سيصدم عند إحتساب الأصوات التي حصلت عليها الجماعة وبعملية حسابية قريبة من الدقة الأكثر صفاء على أساس توزيع مناطقي، هو أن الإخوان ما كانوا ليفوزوا بأكثر من 80 مقعدا في مجلس الشعب المصري وهي نفس الحصة التي كانت لهم خلال حكم الرئيس حسني مبارك.
شبكة البصرة
الاثنين 7 رجب 1433 / 28 آيار 2012

شاهدوا بما يحدث في ليبيا من تطهير عرقي من قبل مليشات مسلحه تابعين للحلف الناتو تقوم بعملية القتل والتهجير وحرق المنازل واصبحوا لاجئين خارج ليبي


بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
شاهدوا بما يحدث في ليبيا من تطهير عرقي من قبل مليشات مسلحه تابعين للحلف الناتو تقوم بعملية القتل والتهجير وحرق المنازل واصبحوا لاجئين خارج ليبي
شبكة البصرة
شاهدوا بما يحدث في ليبيا من تطهير عرقي من قبل مليشات مسلحه تابعين للحلف الناتو تقوم بعملية القتل والتهجير وحرق المنازل واصبحوا لاجئين خارج ليبي
شبكة البصرة
الثلاثاء 8 رجب 1433 / 29 آيار 2012

فريدة لكحل :أحمد قذاف الدم ابن عم الزعيم الليبي الراحل في حوار شامل :علينا أن ننحني لليبيا


بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
أحمد قذاف الدم ابن عم الزعيم الليبي الراحل في حوار شامل :علينا أن ننحني لليبيا
شبكة البصرة
فريدة لكحل - القاهرة
·        القبائل الليبية تحضر لانتفاضة ضد حكام ليبيا الجدد
·        الذين يحكمون ليبيا اليوم كلهم بايعوا القذافي في خيمته

بعد صمت طويل، وبعد الحبر الكثير الذي أساله عبر الجرائد، واللغط الإعلامي الأكثر الذي أخذ حيزا كبيرا على الفضائيات العربية والعالمية، يخرج الذراع الأيمن للقائد اللليبي معمر القذافي أحمد قذاف الدم، منسق العلاقات الليبية المصرية سابقا، عن صمته.. يكشف في حوار حصري للشروق، عن مبادرة الحوار بين "الأشقاء الفرقاء" الليبيين التي أطلقها مؤخرا، تفاصيلها، واين وصل فيها، وكذا موقف الفرقاء منها، كما تناولت الشروق معه مستجدات الوضع في ليبيا، موقفه إزاء وجهة نظر الجزائر وتعاملها مع ما شهدته ليبيا، وكذا احتضانها لعائلة القذافي، كما ينفي في هذه الدردشة التي جمعته بالشروق استيلاءه على أموال القذافي... "لم أهرب من ليبيا"، "لم أخن القذافي"، "التاريخ سينصف القذافي".
كيف ترى ليبيا اليوم؟
الحرب حولت ليبيا كلها وأفريقيا الى دماء، تحولت المنطقة إلى بؤر توتر، أسلحة في كل مكان، قتل، دماء.. أعراض تنتهك، نساء تسجن، الكل متوتر وقلق، لا أحد آمن على مستقبله..

لهذه الأوضاع اقترحت مبادرة للخروج من الأزمة، ماذا تتضمن وأين وصلت فيها؟
دعوت لمداواة الجراح، وهذا لن يتم إلا من خلال حوار يقوده الخيرون من هذا الوطن، بعيدا عن ادعاء الانتصار من طرف أو الشجاعة من طرف آخر، فأمامنا أمرين أو خيارين، إما الحوار أو الانتحار جميعا، مثل ما تفعله حيتان المحيط.. التقيت كثيرا من القبائل ومن الشباب من اجل المبادرة وفيه جهات رفضت، فطرف يرى أن هؤلاء أتى بهم الناتو وآخرون يرون ان الآخرين تابعون للنظام السابق، لكن اذا لم نفتح أمامهم الطريق للحصول على حقوقهم سوف يحصل الصدام.

المجلس الوطني يقلل من حجم المأساة، وأنت تضخمها؟
لأنهم يرون بعين واحدة.. لا اعتقد ان هؤلاء الليبيين الذين خرجوا لتأييد القذافي في الساحات قد تبخروا، مثلهم كمثل الأعور الذي يرى بعين واحدة، انا اتواصل مع الطرفين، واعرف كيف يفكر الطرفان، وكيف يحضرون للانتقام بعد ان خرجوا من تحت الركام، وأعرف ان القبائل التي هضم حقها لغاية الساعة تجهز نفسها لكي تنتفض، فأحياء كبيرة في طرابلس وكثير من المدن تعد العدة، وحتى من خرجوا ضد القذافي فهم غير راضين عن الوضع، وإن كانت الحكومة او المجلس راضية، فهذا لا يعبر عن إرادة الليبيين، ولذلك السؤال هو: كيف سنمضي غدا، هل نستمر في رؤية الشوارع مليئة بالمدافع، لو كنا راضين لكانت لنا حكومة قدسية لها اهدافها، انا لا اقول كلاما من عندي، بل اتحدث عن الموضوع مع الأطراف الأخرى، وعبد الجليل قال ان البلاد ممكن أن تذهب للهاوية، وشلقم يقول انك لا تستطيع الخروج للشارع، كلهم ينتقدون ما يجري، حتى اعضاء المجلس انفسهم، الأمور عندهم ليست على ما يرام، يجب الا نخدع انفسنا، الا إذا اردنا تضليل الناس، يجب ان نقول الحقيقة مهما كانت صعبة، والحل واضح، وكل الليبيين مع الحوار والمصالحة.

هل للمجلس الانتقالي من القدرة ما يكفي لتتجاوز ليبيا محنتها هذه؟
لديه رغبة، لكن ليست لديه القدرة، لأن جذوره ليست ممتدة في الليبيين ومعظمهم جاء من الخارج ولا يعرف ماهية التركيبة الليبية، وبعضهم لا يعرف الديموغرافيا الليبية ولا طبيعة الليبيين، والآخر ينظر بنظرة فوقية للأمور، قد يكونوا ظلموا فيها بشكل او بآخر.

هل تواصلت مع قيادات المجلس؟
نعم، تواصلت معهم، واتصلت بالقبائل والكتائب.

هل فيه استجابة؟
الكل مستجيب، لكن لا أحد يجرؤ على الكلام، حتى لا يتهم كعميل للناتو او عميل للنظام السابق، ولكن اعتقد سوف ندفع بالحق حتى ينتصر.

ألا ترى أن مبادرتك مستحيلة في ظل مطالبة المجلس بتسليمك للقضاء الليبي؟
اذا كان كل من كان في النظام السابق ان يسكت او يسجن، فالأولى بقيادات المجلس ان يصمتوا، لأن معظمهم كانوا ضمن النظام السابق، كل القيادات في الشرق والغرب جاءوا إلى خيمة القذافي، وبايعوه في يناير وفبراير، وهذا موثق، هل كانوا يساقون غصبا عنهم، كلهم مروا عليه حتى مجموعة المحامين الذين انتفضوا في بنغازي.
الشعب الليبي وحده من يقول رأيه في النظام السابق، وحتى في الأشخاص، لا أدافع عنه، وأقول كله حسنات، ولا أريد اظهار عورات قيادات المجلس، فهي واضحة للعيان، وكل ما يقومون به هو تضليل للرأي العام وتصدير للأزمة إلى الخارج، والدليل اذا تكلمت عائشة أقلقتهم، وسمعنا صراخا على أعلى مستوى في ليبيا وهجوما على الجزائر، يخيفهم صوت امرأة مكلومة تدافع عن والدها، هل هذا منطق.
من سيتم تهميشه لن يقبل بتلك السلوكيات التي تحدث الآن، كما أن ذلك ينافي مبدأ الثورة ومنطق حقوق الانسان، وان لم نواجهها سنقع في المحظور، واعرف ان كلامي لا يرق للجميع، وهناك من يشتمني، وهناك من يتهمني بالخيانة والموالاة للقذافي، القذافي اصبح تاريخا وسينصفه التاريخ ويعطيه حقه، لكن ليبيا باقية والمجلس سيخافه حيا أو ميتا، طريقة دفنه جريمة في حد ذاتها، من اخلاق المسلمين ان يسلم لعائلته، سلوك غير أخلاقي، الأمريكان سلموا صدام حسين لأهله، فلم فعلوا هم ذلك؟

حجتهم كانت الخوف من نبش القبر؟
يؤسفني ما سأقول، لكن كنت اتمنى ان اسمعه من غير ليبي، فيه حقائق غير قابلة للجدل، لقد حللنا الحرام، وحرمنا الحلال، اصبحت الخيانة للأسف في ليبيا وجهة نظر، قد يأتي يوم اتكلم فيه عن هذه المواضيع المرة التي رأيناها، حاليا اهم شيء فيه شباب له آمال ومطالب شرعية خرج من اجلها، كان ينبغي ان تحترم، قفزت عليه قوى اخرى لا ادري من اين، فلم نصل لا للمطالب لتحقيق آمال حلموا بها، اصبحنا رهن قوة اخرى تدخلت في بلدنا وساقتنا لما تريد وفق استراتيجية دولية شملت ليبيا.
لم يأتوا من اجلنا، ولم يأت السيد ليفي من اجل حريتنا، بل وضعنا في علبة وعرضنا في كان، لأخذ جائزة مدعيا انه رمز ثورتنا، وانه جاء لإنقاذها، كان خلافهم من اجل شيء مخجل.

لكن هذا لا ينطبق على عائشة القذافي التي دعت من على التراب الجزائري للقتال؟
السيدة عائشة هي خنساء العصر، كانت في جمعيات خيرية وإنسانية، لم تقد قوات، تكلمت لأنها مكلومة، فما الضير.. هل كانوا يريدونها ان تصفق لمقتل والدها، هل هذه هي الشهامة او النخوة والأخلاق التي عرف بها العرب والمسلمون، اين قيمنا واخلاقنا، هذا موقف لا يدل على عدائية الجزائر لثورة ليبيا، وعائلة القائد عائلة محترمة، ونحيي الجزائر والجزائريين على موقفهم النبيل تجاه عائلة الأخ القائد، وهؤلاء خارج النزاع حتى لو اختلفنا نحن الليبيين.
ومن يصف الموقف بالعدائي يدل على العجز وضيق أفق، ولا يليق بنا ان نطالب الجزائر بتسليم عائلة لجأت اليها، لأن ذلك ليس من اخلاق العرب ولا المسلمين، ولا الثوريين، الا اذا كنا نريد تصدير الأزمة الى الجزائر ومصر وتونس، حتى نقول سبب البلاء جاء من هذه الدول، وهذا كي نتخلص من سبب العجز القائم وعدم السيطرة على الأوضاع في ليبيا، وهذا شيء معيب.

الأمر أيضا حدث مع رفض النيجر لتسليم الساعدي القذافي؟
الدول لديها تقاليدها ولا يليق ان نكيل التهم ونلفق ملفات أن هؤلاء عملوا كذا وكذا.. كان هناك صراع وكان هناك اختلاف، على السلطة في ليبيا وكان هناك من مع ومن ضد، تدخلت قوة غاشمة وسحقت الطرف الآخر، لكن لم تلغه، او لا تستطيع ان تلغيه، لأن هؤلاء ليسوا فلولا او ازلاما كما يدعي البعض، هؤلاء قبائل كبيرة، فعندما نتكلم عن قبيلة الورفلي فيها مليون شخص، كيف نصفهم بالفلول او الأزلام، فهؤلاء من طينة الشعب الليبي، واساس ليبيا، وعندما نتحدث عن التوارق او عن قبائل سرت او الوسط بالكامل او حتى بالشرق فهناك قبائل ماتزال تساند القذافي، او مازالت تدافع عن عهده.
هذا الثقل القبلي يجعلنا نتحدث عن طرفي نزاع، كما قلت غلّبت القوة الغاشمة طرفا على طرف، اذن لا نستطيع ان نتكلم عن ديموقراطية او حرية او حقوق الإنسان، ونحن نقف ضد قبائل بأكملها، صحيح هناك من أجرم، لكن ايضا من أجرم كان من الطرفين، ويجب ان يحاكم الجميع، ويجب ان تكون المحكمة عادلة، وليس ان تكون هي الخصم والحكم في الوقت ذاته، ويجب ان تكون المحاكمة بعد انتخاب حكومة شرعية.

هل نفهم من كلامك أنك مع محاكمة أبناء القذافي، خاصة سيف الإسلام؟
لا نختصر الأشياء ونحصرها في القذافي، فأبناء القذافي لم يكن منهم وزير او مسؤول، وسيف الإسلام كان موجودا وتم القاء القبض عليه وقصفته طائرات الناتو، ونحن نعلم ما حدث بعد ما قصفت طائرات القذافي حين استشهد معه 70 شخصا، وللأسف حتى من صرعهم الغاز قتلوهم وهم مغمى عليهم، وستظهر حقائق كثيرة لاحقا في هذا الشأن، كما ستظهر تسجيلات وفيديوهات كثيرة توثق لجرائم الناتو، لا أحد يزايد على أحد، الأسرى والقتلى بالآلاف، وحتى ما يخص البنى التحتية والوضع المالي، نرجو ان يعود لنا رشدنا ونقول يجب ان تنتصر ليبيا ولم ينتصر أحد على آخر.
كلنا اخطأنا في حق ليبيا، وسقناها الى هذه المحرقة، علينا ان نصحح اخطاءنا جميعا، وان نتحمل المسؤولية في لحظة غاية في الحساسية، ولذلك تقدمت بنداء لأهلنا في ليبيا، علينا ان نجلس للتحاور، لا يستطيع طرف ان يلغي الآخر، لكن مستعدون جميعا للانحناء أمام ليبيا، لكي تتعافى ونستطيع ان نرى أملا في مستقبل هذا الحوار، ترعاه الجامعة او الأمم المتحدة، ام تراه الجهتين مناسبا... اللقاء او الحوار الذي سيتم من اجل وفاق وطني على اسس تنتصر فيه ليبيا وبعيدا عن الشرعية التي صنعتها الصواريخ.. انا قلت انا لا ابرر، لكن من اخطأ في حق ليبيا يجب ان يحاكم من الطرفين.
المدن التي سحقتها طائرات الناتو وأساطيله يجب ان تعامل بمثل ما تعامل الأخرى.. للأسف، الجثث لغاية اليوم تحت الأنقاض، اين منظمات حقوق الانسان التي تنادي دوما بذلك، اين المطالبين بالحرية، الجرحى، من الطرفين كلهم اولاد ليبيا، الشهداء لا فرق، يبقى امامانا بناء الدولة نتفق عليها وهذا الشيء ليس مستحيلا، لأن التركيبة الاجتماعية في ليبيا قادرة على ان تخلق أمرا ايجابيا اذا ما جلسنا مع بعض بمسؤولية، ولترعى الجزائر او مصر هذا الحوار، نرحب بأي طرف تهمه ليبيا، النساء قتلن وعذبن، هل حدث هذا في عهد القذافي، ما لم يتم هذا، فهناك قلق كبير عند كل طرف، بأنها قد تنساق مجددا الى مواجهة بين القبائل، التي تحالفت مع بعض، وهو تحالف تاريخي وليس جديد، اخشى ان ندخل في مرحلة لا نستطيع بعدها الا اللوم، لأنه لا يمكن لليبي ان ينحني لآخر، وهذا العناد هو الذي اوصلنا لهذه المرحلة، الآن ارى انه لا يوجد من هو مطمئن على الوضع في ليبيا ولا يوجد شخص مستقر، والصورة غير واضحة وقاتمة، لا مجلس انتقالي ولا مواطنين ولا احزاب التي شكلت على عجل، تقارير الأمم المتحدة والصليب وهيومن رايس ووتش سيئة، الآلاف من شبابنا وزعوا على العالم، شباب معتصمون لم تتحقق لهم أهداف ما حرجوا لأجله، شيء مهين، لا يليق بشبابنا ان يصبح همهم الحصول على دنانير لجهد قاموا به من اجل الوطن.
ليبيا قد تتعرض لتقسيم ونرى ظهور فيروسات بدأت في الانتشار في الجسم الليبي المريض اذا لم نواجهها ونعاجلها قد نجد انفسنا للأسف كما حدث في العراق والصومال، ولسنا استثناء.
هناك من يحضر لانتفاضة، وأ عرف الكثير من الأحياء في طرابلس، وفي عدة مدن تعد العدة لذلك..

الساعدي يهدد بزعزعة المنطقة وسيضرب ليبيا أو دول الجوار، هل لديه من الإمكانات ما يكفي لذلك؟
لم أسمع أبدا بهذا الكلام، لكن أعرف أن المنطقة تزلزلت من خلال تدخل الناتو في ليبيا، وتحولت الأسلحة لتدمير الدولة وليس النظام.. الجزائر، مالي، النيجر، تشاد، مصر وتونس كلها تأثرت من تبعات هذا الزلزال الذي وقع بسبب تدخل الناتو وليس الساعدي، وحركت الفيروسات في الجسم الليبي والإثنيات والعداوات القديمة الموروثة من عهد القبلية والنعرات.. هذا هو ما سيؤدي إلى تقسيم ليبيا وانعكاساتها على هذه الدول لأنه لديهم امتداد فيها، والبداية مالي وقد يزحف إلى بلدان أخرى.

هل لديك اتصال بالساعدي أو مع أحد أفراد العائلة المقيمة في الجزائر؟
لا أبدا لم اتصل بأي شخص وللأسف لا يوجد أي اتصال مع العائلة

هل بسبب خلاف ما؟
أبدا ليس هناك أي خلاف والعائلة ستظل في وجدان الليبيين وذلك ليس محل جدال أو نقاش.. فيجب أن تكون هناك أخلاقيات حتى في الصراع.

يقول الخبراء أن الصراع في الساحل هو صناعة قذافية، ما رأيك أنت؟
القذافي عندما كان موجودا بايعه التوارق في تومبكتو زعيما عليهم، وبعد الذي حدث في ليبيا، بدأ هناك قلق عند إثنيات التوارق والتبو.. وهؤلاء لديهم امتداد في النيجر ومالي والتشاد، وتقوقعوا خاصة بعد الروح الشريرة التي سكنت الليبيين، وكيل الاتهامات الكثيرة للتبو والتوارق، وقيل أنهم أتباع للنظام السابق وهذا إقصاء وتهميش لقوة سياسية في ليبيا.

هل كان فيه قبائل جزائرية من بين القبائل التي بايعت القذافي؟
التوارق الذين التقوه كانوا من كل الدول حين أمّهم للصلاة في ذكرى المولد النبوي الشريف، كان هناك كل زعماء التوارق في كل مكان، حضروا الصلاة وضربوا الطبل وبايعوه "أمغارا" عليهم

ما الذي قدمه القذافي ثمنا لهذه المبايعة؟
ليس هناك ثمن، القذافي كان مدركا تماما لاستهداف هذه الإثنيات من الغرب، وكان منصفا معهم، هؤلاء الأحرار ليسوا قابلين للشراء، يطالبون بحقوق مشروعة احترمها القذافي فاحترموه، ومعاملة القذافي للتوارق في ليبيا انعكس على باقي التوارق في باقي الدول.

ما طبيعة ولائهم له إذن؟
المسألة ليست مسألة تمويل القذافي، كان يطمح لبناء الولايات المتحدة الإفريقية، وقد طاف بإفريقيا، وما فعله مع التوارق فعله مع كل القبائل في إفريقيا، قابل تقريبا 70 إلى 80 في المئة من الناس وقيادات هذه الممالك، وهذا جزء مما أخاف الغرب، لأنه تعامل مع الإثنيات أو الممالك والثوابت الإفريقية، لأنه كان يرى أن الحكومات تأتي وتذهب، لكنه تعامل مع الثوابت، فملك قلوبهم فنصبوه ملكا عليهم، زار سكان قرى لم يزرها رؤساء بلدانهم أنفسهم، وكان ينقل لهم حلمهم المتعلق بالولايات المتحدة الإفريقية، وهذا من الأسباب التي جعلت الغرب يتكالب عليه، وكان كل عام يصلي بالملايين في احتفالية المولد ويدخل الإسلام أفواج منهم عندما قصف كان الغرب في غاية السرور والسعادة

يقال إن القذافي أرسلك إلى بنغازي لإخماد الأحداث، لكنك خنته وتآمرت عليه وزدت من اذكائها؟
لم يرسلن القذافي إلى بنغازي.. اختلفت معه في البداية على قتل سبعة أشخاص في بنغازي، وعلى الطريقة التي تمت معالجة الحادث بها، وذكرت هذا في الاستقالة، وعبرت عنه بشكل واضح، وقلت إن القذافي صاحب المؤتمرات واللجان الشعبية ومن المفروض أن لا يعالج الحادث هكذا.. وكنت مع مطالب الناس، لأنه ظهر جيل لديه آمال أخرى غير التي كنا نحلم بها نحن، جيل يريد نموذج دبي في الحياة ودرس في الغرب الديموقراطية، والقذافي يرى نظام الشورى وأنه لا ديموقراطية بدون مؤتمرات شعبية، حلمه توحيد الأمة، وحلم الشباب التقوقع في ليبيا، حلمه ضد الغرب وحلم الشباب يريدون علاقة مع الغرب، يريد بلد بدون خمر ولا نواد ليلية، والشباب درس في الغرب يرى أن البلد جامدة ولا يوجد فيها أي إمكانات للعيش.. يؤكد أنه بنى ليبيا محافظة، لكن الجيل الجديد بدأ يفكر في أمور أخرى، كان يفكر في التغيير منذ بداية الألفين.

لكن نقلت وسائل إعلام حينها أن جوهر خلافك مع القذافي، كان بسبب وقوف سيف الإسلام ضد التغيير؟
أبدا لأن سيف كان يعبر عن هذا الأمر يعني مع التغيير، ولا توجد أي خلافات، أنا كنت أعمل مع القذافي ولم يكن بيني وبين سيف أي احتكاك عملي دوليا وليس أمن داخلي.

لماذا هربت من ليبيا؟
لم أهرب خرجت بارادتي استقلت وخرجت، وسيأتي يوم نتحدث في هذا الموضوع، لكن أقول أني كنت ذاهبا إلى بريطانيا، لكن عندما جئت إلى القاهرة لم أكن أنوي إعلان الاستقالة، ولكن خرجت إشاعة أني جئت لأجند قبائل أولاد علي، وهم أخوالي لأن والدتي منهم وهم قبائل على الحدود، فوددت أن أنفي بشكل غير مباشر أني جئت في مهمة، ولم أقدم هذه الاستقالة من مصر حتى لا يقال أني قدّمت الاستقالة تحت تأثير مصر لعلاقتي بمصر، فذهبت لسوريا وأعلنت استقالتي من هناك، فور تقدميها بساعات بدأت سفارات الغرب تتصل بي وتدعوني، فأحسست أن شيئا ما غير طبيعي لأن القضية ليبية، ثم اتصل بي وزير الخارجية المصري وطلب مني العودة، ورجعت حتى لا يقال أيضا أني غاضب من مصر ولأكون قريبا من ليبيا، وفعلا بدأت التواصل معهم ولازلت.. ومن لفقوا التهمة كانوا قاصرين لأن القذافي لم يكن بحاجة لرجال، بل لروسيا والصين والصواريخ والقاذفات لمواجهة الحلف الأطلسي لأن لديه ما يكفي من الرجال، وبالتالي فالحجة ليست منطقية،

ستطالب ليبيا مصر بتسليمك للسلطات الليبية؟
أنا خرجت من ليبيا بإرادتي، وسأعود في أي لحظة بإرادتي ولم يمنعن أحد من دخول ليبيا ولم أفعل شيئا أخجل منه، وأنا أتحدى أي شخص يقول هذا الكلام، هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين.

يقال إن للقذافي استثمارات كبيرة في مصر وأنك استوليت عليها؟
غير صحيح الاستثمارات الليبية في مصر، شأنها شأن الاستثمارات الليبية في كل الدول تتبع لطرابلس، ليس لأحد سلطة عليها أو قرار فيها، والأن رجعت بالكامل لليبيا، موجودة ولم تبع ولم يخرج أحد لليبيين ويقول أن استثماراتكم لم يسرقها أحد، ويعتذر المجلس ويقول أننا اتهمنا احمد بها.. أين هي الشفافية التي يتحدثون عنها.
لم أدرها ولم أملك قرارات، ولا حتى من يشرف عليها، كلام غير صحيح، أنا عملت في القوات المسلحة وفي العلاقات الدولية، لو قالوا باع دبابة أو طائرة ممكن لكن استثمارات مستحيل،

وزن سيف الإسلام في ليبيا قبل الأحداث، هل كان فعلا سيتقلد زمام الأمور؟ هل فعلا كان سيترشح خلفا للوالد؟
ليس ترشيحه لكن الأمر برمته يعود لليبيين، فسيف جاء ليساهم في التغيير، وكل من يحكم ليبيا الأن هم فريق سيف، إذن لا اعتقد أن هناك تناقض بين ما كان يقوده سيف وما يقوله هؤلاء.

هل يمكن القول أن لقب ملوك إفريقيا نزع منذ رحيل القذافي؟
اجتمع ألف من القبائل والممالك ومشايخ إفريقيا في بنغازي، وبايعوه ملكا عليهم، ودخل من الباب الواسع وتعامل مع الثوابت وهؤلاء لهم أتباع، وبعضهم لديهم 11 مليونا أي أكثر من الشعب الليبي، مما أكسبه شرعية إفريقية شعبية، معمر ثائر لم يكن يوما تقليديا.. وحين يتحدثون عن أمواله في أمريكا كله لغط إعلامي، لم يذهب في الصيف لا لموناكو ولا لمكان أخر بل كان يذهب للصحراء، ليأكل التمر ويشرب حليب الإبل،
معمر يملك مليارات، لا اعتقد أن هناك من يدخل أمريكا ويشتمها ويخبئ عندها أمواله، أؤكد أن معمر لا يملك شرو نقيرا، يستطيعون القول أنه دكتاتور، لكن لن يستطيعوا أن يقولوا أن لديه المليارات في البنوك الغربية، لم يكن يهتم بالنقود وكل استشمارات ليبيا في البنوك الغربية هي باسم الدولة وليست باسمه أو باسم أحد من أولاده، هذا هراء
ولديهم كل الوثائق والمستندات التي تؤكد ذلك، ومن العيب الاستمرار في هذه الاتهامات، وهذه جزء من الحرب النفسية لكي يشوهوا صورة الزعيم في عيون أنصاره،

لماذا انقلب الأوروبيون فجأة عليه؟
الأوروبيون لم يتوقفوا لحظة في الحرب ضد القذافي، منذ أن طرد قواعدهم والحرب مستمرة بشتى الوسائل، وهو كان صداميا وعبر عنه في العلن، ولم يزر أوروبا ولا أمريكا إلا مؤخرا، وهاجمهم في عقر دارهم
هم لا يريدون زعيما بل حاكما منصاعا أو كرزايا في هذه المنطقة

قيل الكثير عن زيارة سيف الإسلام والسنوسي لإسرائيل، بحكم قربك من القذافي هل هذا صحيح؟
لو كان لمعمر القذافي علاقة مع إسرائيل أو تحبه، أو يؤمن بالعلاقة معها لما سقط، كان قاسيا على نفسه وعلى الليبيين، يحمل القضية والهدف والطموح أعلى من قدرات ليبيا ومن طاقة الليبين.

كيف كانت علاقته بالجزائر؟
كانت تشكل نقطة ضعف كبيرة، لأنه عاش مع بداية الوعي السياسي له الثورة الجزائرية، شارك في التجمعات والتظاهرات، وجمع التبرعات، ثم عاصر التجربة النووية التي وقعت في الجزائر، وهي جزء من كرهه وعدائه لفرنسا رسم في عقله الباطن، لا يمكن لشخص بهذه العقلية أن يقيم علاقة مع الإسرائيليين، قاطعنا مصر 14 سنة لأنها اعترفت بالعدو الصهيوني، وكان يقول أن الاعتراف بها هي اعتراف بأن هذه الأرض ليست للفلسطينيين، وإن اعترفنا إذا.. لماذا قاتلناهم في الستينيات والسبعينيات، ولماذا كل هذه التضحيات..
كان يقول أن الأرض التي خضّبت بدماء الشهداء هي أرض طيبة، ولا يستطيع أن يرفض لأهلها شيئا، لذلك عرض الوحدة في حاسي مسعود وكان يرى أن أي وحدة بين الجزائر وليبيا ستشكل خريطة جديدة في المنطقة، حلمه دوما الوحدة مع الجزائر.
كان يحب الجزائر لأن الجزائريين كانوا واضحين، كان من السهل رؤية الجزائري وموقفه عكس بعض القيادات في المشرق العربي، يقولون شيئا ويعملون عكسه لذلك كان في صدام كثير مع القيادات العربية
لم يكن على خلاف مع الجزائر في أي مرحلة من المراحل، ورفض ترسيم الحدود مع الجزائر وقال إن هذا عار لأنه ليس بيننا وبين الجزائر حدود.

ألم تثر قضية التوارق واجتماعه بها غضب الجزائر؟
لا أبدا لم يكن هناك خلاف على هذا لأن الجزائريين كانوا يفهمون القذافي، ولا اعتقد أن توارق الجزائر كانوا يعانون من أي قضية، وهم ثوريون وأعرف أنهم مرتاحين وليس مثل ما يعانيه باقي التوارق.

ما كان تقييمك لموقف الجزائر اتجاه الأحداث التي شهدتها ليبيا؟
الجزائر كفّت ووفّت مع الشعب الليبي، وأعتقد أن الشعب الجزائري والحكومة الجزائرية لديهم من الوعي والروح الثورية ما يجعلهم يستوعبون ويفهموا الأوضاع في ليبيا، وكان موقف الشعب والحكومة كعهدهم دائما مع كل القضايا العادلة، وأكيد كنت مع الموقف الجزائري.. إذا كانت فرنسا هي التي قادت الحملة على ليبيا، فمن الطبيعي أن يرفض الشعب الجزائري المجلس الانتقالي.

المجلس وصف موقف الجزائر اتجاه ما حدث في ليبيا بالعدائي، وقالوا إن الموقف نابع من خوف الجزائر من احتمال انتقال عدوى هذه "الثورة" إليها؟
هذا مبالغ فيه.. الحقيقة نحن نتفهم أن لا يمكن أن يقبل الشعب الجزائري أن يكون شريكا في حرب فيها فرنسا، فهو لم ينس ما قامت به فرنسا في حقه، وأيضا للجزائر سياستها الخاصة ولديها من الخبرة والحنكة ما يؤهلها للتعامل مع الأوضاع بفهم عميق لما يجري في المنطقة كلها، والذي لم يكن مفاجأة بالنسبة للسلطات الجزائرية ولا حتى لأهل الجزائر. ويؤسفني أن أسمع بعض الليبيين ينتقدون الجزائر لاستضافتها عائلة القائد، وهذا يدل على أن هؤلاء الناس ليسوا ليبيين لأن السيدة صفية لم تكن تقود جيشا ولم تكن مسؤولة تظهر على التلفزيون وتسير أمرا ما، هي سيدة ليبية عادية ويكن لها الليبيون الاحترام والتقدير، وكذلك السيدة عائشة.

هل تعتقد أن الجزائر بعيدة عن الحراك الشعبي الذي تمر به المنطقة العربية؟
نحن كالجسد في عصرنا هذا، فإذا وقعت مشكلة في كوريا تنعكس على الجزائر أو ليبيا، فما بالك بمشكل على الحدود، لطالما هناك حدود وقيود على حركة المواطنين، يجب أن توفر فرصة أمام الشباب.. ما لم يتم الاستجابة لهذا الجيل الذي يحس بالانكسار والهزيمة على كافة الأصعدة فسوف يخرج للشارع، وقد يحرق الأخضر واليابس، وسوف لن يكون مبرمجا وبالتالي هذا الغليان سينفجر والمسكنات لن تحل المشكل، ما أقوله ليس تنجيما ولا ضربا من الخيال بل هو واقع للأسف.
والجزائر فيها نفس ثوري ويستجيب لهؤلاء الشباب ويجب أن تبني الجزائر استراتيجية بعيدة المدى تلبي نداء هذا الجيل، ولكن لا تستطيع أي حكومة بمفردها أن تواجه تحديات المستقبل ما لم يندمج هذا الفضاء لكي يتكامل، مهما قامت من ثورات لن تنجح إلا إذا أزالت هذه الحدود الاستعمارية، وسمحت بحركة الناس ووحدت الاقتصاد والجيوش والقدرات على الأقل في شمال إفريقيا.. إن المستقبل غير واضح ونحن نرى الدول ذرية لا يجمع بينها إلا ماض أسود تتحد، وهي على مرمى حجر واحد منا، إنه شيئ مخيف ومخجل في نفس الوقت علينا أن نتدارك الأمر ونثق في أنفسنا ونستخدم سلاح العصر وهو العلم الذي خاصمناه طويلا فعم الظلام. الجزائر يقودها المناضل عبد العزيز بوتفليقة، ونخب حزبية وسياسية ناضجة سواء كانت في السلطة أو في المعارضة، ينتمون للثورة ولديهم من الوعي ما يجعلهم يجنبون الجزائر الانفلات وهم ليسوا بمعزل عن مطالب الناس والمرحلة الحالية ولن يكون الحراك السياسي الجزائري دون وعي كما حدث في بعض الدول.
الشروق 28/5/2012
شبكة البصرة
الثلاثاء 8 رجب 1433 / 29 آيار 2012