قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الجمعة، 18 مايو 2012

قضية واضحة في الأروقة الاوربية ... وملف منسي في العراق


قضية واضحة في الأروقة الاوربية ... وملف منسي في العراق

 دكتور برهان جلبي / عضو حزب المحافظين البريطاني / لندن

انتهاكات حقوق الأنسان في العراق



إذا حدث ألأسوأ فان كل الذين يعيشون هذه الأيام سوف يكونون شهودا على محنة أخلاقية وسياسية وقانونية من الطراز الاول .
طارق عزيز وزير الخارجية العراقي السابق لا ينتظر شيئا في ظل هذه المحنة الا احد أمرين : الموت ببطء تحت طائلة التدهور المتسارع في صحته او الاعدام , لقد كان حكام العراق الجدد يخططون كما أعلن في أكتوبر (تشرين الاول ) الماضي من جانب عضو نافذ في الحكومة لإعدام طارق عزيز للاحتفال بعيد رأس السنة الجديدة , لا توجد حكومة في العالم يمكن ان يبلغ بها العمى الأخلاقي الى الحد الذي يجعلها "تحتفل" بوضع رأس إنسان على مائدة رأس السنة الا ان حكومة قامت في ظل حرب لم تسال مرتكبيها حيث تسببوا في قتل مليون ونصف المليون وتهجير خمسة ملاين إنسان واعتقال وتعذيب مئات الآلاف من الضحايا الذين لا يعرف عددهم الدقيق بعد يمكنها ان تفعل أي شيء بالأحرى فالمرء اذا كان مأخوذا كليا بالحقد والكراهية فانه لا يستطيع الا ان يفعل ما يروق له حتى ولو كان على تصادم مع كل القيم والأعراف والمبادئ الانسانية وسواء قتل عزيز في زنزانته او وضعت جثته على مائدة العشاء ليأكل منها كل الذين جاءوا من قرون ما قبل ظهور الانسانية فهناك شيء واحد لا تستطيع حكومة بغداد ان تتحاشاه وهو ان لعنة التاريخ سوف تطاردها الى الأبد ولكن اللعنة لن تقتصر على هذه الحكومة وحدها فالولايات المتحدة وكل حلفائها الذين ساهموا في غزو ق عام 2003 سيكونون معنيين بها ولكن ليس لأنهم لم يعملوا الا القليل لإبعاد شبح القتل عن هذا الدبلوماسي الكبير بل لأنهم خذلوا ابسط القيم الانسانية والى جانبها حزمة من المواثيق والأعراف الدولية التي لا تجيز تهديد حياة اسير من أسرى الحرب , يجب التذكير باستمرار ان عزيز سلم نفسه طوع إرادته الى سلطات الاحتلال بعد ان تلقى ضمانات من قائد قوات الغزو ديفيد بترايوس بان تتم معاملته كأسير حرب وفقا لمعاهدة جنيف 1949 وان لا يتم تسليمه الى الحكومة العراقية التي نشأت بعد الغزو وكانت هناك تأكيدات معلنة من جانب الرئيس الامريكي باراك اوباما تؤكد على عدم تسليم عزيز الى تلك الحكومة الا ان هذه التأكيدات وتلك الضمانات سرعان ما تبخرت وتم نقل عزيز ليقع تحت وصاية سلطات لم تخف رغبتها بإعدامه وفعلت القليل لإخفاء الوقائع التي تؤكد تعرضه لأنماط مختلفة من التعذيب ويواجه عزيز وضعا صحيا متدهورا باستمرار ناجما بالدرجة الرئيسية عن إصابته بمرض السكري وأدى تفاقم هذا المرض الى انه فقد النظر في احدى عينيه الأمر الذي يشير بوضوح الى انه قد يتوفى بسبب فشل اعضاء اخرى وقد يشعر حكام العراق الجدد برغبة شديدة في تحويل جثمانه الى مائدة احتفال ليأكلوا منها فتشفي بعض أحقادهم الا ان هذا العمل لن ينجيهم من وصمة العار التي ستظل تلاحقهم وهي أنهم قتلوا عميدا كبيرا من عمداء الدبلوماسية في التاريخ العربي المعاصر وأنهم أخضعوه الى محاكمة لا تتحلى بأدنى المعايير القانونية المألوفة لدى الدول نصف المتحضرة بل ولأنهم أرادوا تحويل إعدامه الى مناسبة احتفالية قبل ان يقرروا دفعه الى مواجهة الموت ببطء ولكني اعرف في الوقت نفسه ان هذه المأساة تواجه المزيد من الإدانات من قبل العديد من المؤسسات البرلمانية والشخصيات المعنية بحقوق الانسان والسياسيين الغربيين الذين بادروا الى توجيه الضغوط على حكوماتهم من اجل عمل أي شيء لإنقاذ حياة طارق عزيز وإتاحة الفرصة لإطلاق سراحه بأسرع وقت ممكن ويستطيع المرء ان يحصل على الكثير من الشهادات من كبار المسؤولين ومن شخصيات دبلوماسية مرموقة على مستوى العالم لتؤكد الموقف نفسه فقد كان طارق عزيز دبلوماسيا من الطراز الرفيع وشخصية سياسية تتسم بالنضج والعقلانية والحكمة , ان الدفاع عن طارق عزيز لا يقتصر على الدفاع عن شخصية دبلوماسية كبيرة ولكنه دفاع عن قيم وأخلاقيات ثمينة لا يستطيع العالم ان يستغني عنها فعدا عن انه كان يجب ان يحظى بالحماية القانونية في إطار المواثيق والمعاهدات الدولية المتعلقة بضمان حقوق أسرى الحرب , نحن نعلم ان عزيز يدفع ثمن أحقاد فارسية ضده ولكننا نعرف ان الأحقاد لن تورثنا الا المزيد من المرارات وسوف تؤدي الى تدمير آخر خطوط الرجعة من اجل إقامة علاقات حسن جوار بين العراق وإيران ,المصالح الآنية تتجاهل عادة النظر في معاني الإعمال الناجمة عن الأحقاد الا ان التاريخ لا يستطيع ان يتجاهلها .  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق