قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الأربعاء، 23 مايو 2012

مآخذ حقوقية على معايير النزاهة والوطنية في ليبيا!.


بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مآخذ حقوقية على معايير النزاهة والوطنية في ليبيا!.
شبكة البصرة
بقلم ناصر صلاح الدين
محام وناشط حقوقي ليبي
بمعيّة المجلس الانتقالي المؤقت المصون وفي ظل عهد حكمه الديمقراطي الميمون صار حصول المواطن الليبي على وظيفة عامة مصنّفة او استمراره فيها ‘ مرهون بموافقة هيئة رقابة إدارية غير منتخبة تحكم غيابيا على مدى نزاهته ووطنيته!. لعمري أن هذا لمن العجب العجاب!.
"حرصاً على تحقيق أهداف ثورة (17 من فبراير) وتفاديا للالتفافات التي يقوم بها أزلام النظام السابق بغية التسرب لتولي المناصب الإدارية والقيادية، فإن الواجب والمسؤولية تستدعيان ضرورة وضع معايير وضوابط للتأكد من عدم تولية من كان من الموالين للنظام السابق بعض المناصب والمهام القيادية والإدارية.." هذا المقطع منقول حرفيا من نص المقدمة التمهيدية لقرار المجلس الانتقالي المؤقت الصادر بتاريخ 18 ديسمبر 2011 بشأن وضع ضوابط معايير النزاهة والوطنية.
بداية وبصفتي محام وناشط حقوقي، أسجل أولا تحفظي على وصف فئة عريضة من المواطنين الليبيين بـ لفظة " أزلام" إذ لايجوز تضمين نص قانوني صفة تعزيرية بنية التحقير الإجتماعي بحق أي إنسان!. تانيا ومن خلال استعراض الوظائف المحظورة على المستهدفين بنص القرار المشار إليه نجدها تتدرج من وظيفة مدير مدرسة ابتدائية إلى رأس الهرم الوظيفي بالمجلس الانتقالي نفسه ورئاسة مجلس الوزراء، وهذا بالنتيجة يعني كل الوظائف الحكومية المصنّفة. ثم أنه وبالتدقيق في المعايير الضبطية والفئات المستهدفة نجدها تشمل شريحة واسعة من كافة اطياف الشعب اللبيي، ذلك أنه من الطبيعي وعلى مدى الأربعة العقود الماضية أن تكون معظم القوى الوظيفية والفاعليات الشعبية قد انخرطت بشكل او بآخر في مؤسسات النظام السابق سواء عن قناعة او نفاق!.
وهنا نشير إلى أن هذا القرار يتعارض مع ما جاء في الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان من حيث ضمان الحريات والحقوق الأساسية، وأقل مايقال فيه أنه لم يراعي حق المساواة في المعاملة وتكافؤ الفرص لجميع الفئات والأفراد في المجتمع دون أي تمييز. بل وفوق ذلك يقر الإقصاء ويوسّع التهميش بشكل يولّد الاحباط ويثير غريزة البغض والكراهية للدولة والمجتمع!.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: هل من العدل والإنصاف الطعن في نزاهة ووطنية المواطن الليبي ومعاقبته بالعزل والحرمان من أداء الوظيفة العامة بقرار إداري لايستند على حكم قضائي؟!. ولايفوتني هنا أن أسجل تحفظي علي قرار إنشاء الهيأة العليا لتطبيق معايير النزاهة والوطنية وطبيعة المهام المنوطة بها من حيث مساسها بكرامة الإنسان الليبي والتشكيك في قدرته على بناء شخصية تتحلى بالنزاهة والوطنية.
ونعني بالنزاهة هنا الصدق في القول والعمل والمعاملة، والوطنية هي العاطفة التي تعبر عن الولاء والانتماء للوطن. وبالتالي من غير المنطقي إطلاق حكم التشكيك في صدق ومحبة المواطن الليبي الأصيل لوطنه وإخلاصه له. ومن تم فليس من المعقول أن يكتسب المواطن الليبي نزاهته ووطنيته أو يفتقدهما بصك اوقرار من هيئة رقابة إدارية هي حتما محكومة بالتوجهات السياسية لمجلس انتقالي مؤقت وغير منتخب!. خاصة وأن هذا المجلس ذاته يفتقد للشرعية الدستورية. وإنه وحكومته الانتقالية إنما يمثل سلطة حكم الأمر الواقع، ومن أجل تأدية مهام انتقالية محددة تتعلق أساسا بتنظيم النواحي الإجرائية اللازمة لتسهيل قيام مؤسسات الدولة الشرعية.
لكن للاسف الشديد وفي ظل هذا المجلس الانتقالي المؤقت اصبح مفهوم النزاهة والوطنية عند المتحكمين في ليبيا اليوم من ادعياء الوطنية واصحاب الجنسيات المزدوجة! ضيق جدا لا يسع غيرهم ولا يحتمل وجهة نظر غير وجهة نظرههم. وإلا.. أليس اهالي عشرات القبائل الليبية الشريفة ـ التي واجهت عدوان حلف الناتو الصليبي ـ تشكل الركيزة الأساس لمكونات الشعب الليبي؟ ألم يعرف رئيس وأعضاء المجلس الانتقالي المؤقت ماذا فعلت هذه القبائل من اجل ليبيا على مدى العصور الماضية؟ وما هو مقياس الوطنية عند هؤلاء (رئيس وأعضاء المجلس الانتقالي المؤقت)؟! ومن أعطاهم صلاحية تحديد مقياس وطنية الليبيين؟. 
 
ويبقى أن نقول لاشك أنه من الصعب تحديد معايير وافية وموحدة للوطنية ذلك ان الاختلاف في هذا المفهوم لا فكاك ولا مفر منه.ولكن يظل التشكيك بنزاهة ووطنية ملايين الليببين الموالين للنظام السابق، كلام سخيف يدعو للدهشة والذهول!.
وأخيرا ً.. أن من أهم العوامل المساعدة على علاج المشاكل هو الاعتراف بوجودها، و أقولها لكم صريحة وواضحة: نحن صرنا اليوم مجتمع تسوده الكراهية والقبلية والمؤامرة وسوء النية!.
ونحسب أن الحل المنطقي يكمن في العمل على تحقيق المصالحة الوطنية من خلال تشريع عادل وقضاء نزيه، والقبول بالتعايش المشترك على أساس التسامح وأحترام الاختلاف في الرأي والفكروالسياسة في ظل دولة القانون والحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.
شبكة البصرة
الثلاثاء 1 رجب 1433 / 22 آيار 2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق