قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الخميس، 13 مارس 2014

باي باي ديمقراطية: انتقال الإرادة الشعبية من الصندوق الى المحفظة


باي باي ديمقراطية: انتقال الإرادة الشعبية من الصندوق الى المحفظة

غارعشتار
هذه ترجمة مختصرة لمقالة كتبها (نيل كلارك) وهو صحفي ومذيع من بريطانيا ونشرت (هنا)
ترجمة: عشتار العراقية
احتجاجات اوكرانيا العنيفة التي دعمها الاتحاد الاوربي اطاحت برئيس منتخب واعتبرت اوربا هذا الانقلاب (نصرا للديمقراطية) في حين ان رغبات 2 مليون انسان خرجوا في لندن للاحتجاج على غزو العراق عام 2003 لم تجد اذنا صاغية ولكن كان لابد من احترام أرادة محتجين أقل عددا بكثير في ميدان كيف.
  في اماكن اخرى من اوربا، وفي شباط اصبح ماتيو رينزي ثالث رئيس وزراء غير منتخب في ايطاليا، وآخر رئيس وزراء انتخب في ذلك البلد كان في عام 2008.
في اليونان ومن تشرين ثاني 2011 الى آيار 2012 كان فيها رئيس وزراء ايضا غير منتخب هو لوكاس باباديموس نائب رئيس البنك المركزي الاوربي سابقا.
في هنغاريا كان رجل الاعمال غير المنتخب غوردن باجيني رئيسا للوزراء من 2009 الى 2010.
ماذا يحدث في اوربا؟ لقد لعبت التغييرات الاقتصادية على مدى الثلاثين عاما الاخيرة دورا رئيسيا.
لقد تحولت الإرادة في عصر الليبرالية الجديدة من الناس العاديين الى الصفوة الذين يشكلون 1%. والان حتى في  الدول الاوربية التي ينتخب فيها رئيس الوزراء، يتوجب على الحكومات ان تتبع سياسات تهدف لتحقيق مصالح الصفوة المالية الدولية شديدة القوة  والنفوذ، حيث تدرك الحكومات أن ثمن إزعاج هذه الصفوة، الإزاحة عن السلطة.
وهكذا فإن الأحزاب الرئيسية من اليسار الى اليمين تعمل على ارضاء الليبرالية الجديدة ورأس المال بقدر الامكان. وفي الانتخابات على المواطن ان يختار بين احزاب تقدم سياسات تقشف شديدة وخصخصة واخرى تقدم نفس السياسات ولكن اقل شدة في تقشفها وخصخصتها واحزاب تدعو لتقشف وخصخصة معقولين. اما الاحزاب التي تقدم بدائل حقيقية فهي تهمش عادة ويدمغ قادتها بالتطرف وتشوه سمعتهم. في دول اوربا حاليا لا يقبل رئيسا للوزراء سوى من يقبل بالليبرالية الجديدة ويخضع لرأس المال والشركات الكبيرة .
لم يعد الحال كما كان قبل 40-50 سنة حيث كانت هناك احزاب اشتراكية وديغولية وديمقراطية اجتماعية وديمقراطية مسيحية وشيوعية ومحافظة تقليدية، حيث تستطيع ان تختار من يمثلك منها. كانت هناك اختلافات حقيقية بين برامج تلك الاحزاب. وبدلا من التكنوقراط الذين يرتدون البدل الرسمية المتشابهة ولا يفعلون الا مايرضي البنوك المهيمنة ، كان لدينا سياسيون ذوو كاريزما يلهمون الناس برؤاهم للمستقبل.
الان ويل للحكومة الاوربية التي تتجرأ على وضع مصالح شعبها قبل مصالح الصيارفة ورأس المال الاجنبي. انظر ماذا حدث لهنغاريا التي حاولت ان تعيد قطاع الطاقة الى الملكية العامة لتخفيض اسعار الطاقة. تسلمت الحكومة الهنغارية رسالة من الاتحاد الاوربي في تشرين الاول تهاجم سياساتها. وقد القت المتحدثة في شؤون الطاقة في الاتحاد الاوربي مارلين هولزنر محاضرة على هنغاريا محذرة من خطط الحكومة لخفض الاسعار لأن هذا سوف يبعد المستثمرين الاجانب.
ومنذ الثمانينيات وخاصة في العشر سنوات الاخيرة ، اتجهت السياسات الاوربية الى الامركة. مثلا مواضيع مثل اعادة التأميم تعتبر (خارج الموضوع) ولكن يسمح ويشجع النقاش والحديث عن مواضيع لا تمس الصيارفة ومصالح الصفوة مثل السماح بزواج المثليين.
وكما في امريكا، يقنع الصفوة الاوربية عامة الناس ان يشتركوا في حروب ثقافية حتى لا يكون لدينا الوقت والطاقة لمحاربة الصفوة.
بالرغم من كل شعاراته في (تشجيع الديمقراطية) فإن الاتحاد الاوربي ، مثل مؤسسة المنحة القومية للديمقراطية NED سيئة الصيت ، لعب دورا في وأد الديمقراطية الحقيقية. ففي كل مكان من قارة اوربا هناك دائما احتجاجات من الشعوب ضد برامج التقشف ورغم انها اكثر سلمية من احتجاجات اوكرانيا ولكن ليس هناك حكومة غربية وقفت الى جانب المحتجين في اوربا.
كمثال على احتقار الاتحاد الاوربي للديمقراطية ماحدث في ايرلندة حيث صوت الناس برفض معاهدة لشبونة في حزيران 2008 . ضغط الاتحاد الاوربي على ايرلندة لاعادة التصويت بعد عام. وخطة الاتحاد الاوربي هي انك إذا لم تصوت للنتيجة التي يرضى عنها الاتحاد فسوف تظل تعيد التصويت حتى تأتي النتيجة المرجوة.
كما لاحظوا الهجوم على سويسرا وهي دولة ديمقراطية ليست عضوا في الاتحاد الاوربي بسبب قيامها بالاستفتاء على قضية الهجرة والحد منها. غضبت الصفوة الاوربية : كيف تتجرأ حكومة اوربية ان تطلب من شعبها ان يستفتي على ماينبغي عمله؟ وقال وزير الخارجية الالماني فرانك والتر شتاينماير "لقد دمر السويسريون انفسهم بهذه النتيجة. إن التعاون النزيه الذي كان لدينا في السابق مع سويسرا كان يشمل ملاحظة القرارات المحورية التي يتخذها الاتحاد الاوربي" وحذر وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس من ان الاتحاد الاوربي سوف يعيد النظر في علاقته بسويسرا.
القضية حول استفتاء سويسرا ليس ما إذا كنا نوافق على الحد من الهجرة ، وإنما ما إذا كنا نؤمن بأن من حق الدول اتخاذ قراراتها على هذا الموضوع او غيره. ولكن اليوم نجد ان الصفوة في الاتحاد الاوربي تكره ان تقوم الدول وشعوب تلك الدول باتخاذ قرارات بأنفسهم. في شباط هذا العام تساءلت فيفيان ريدنغ نائبة رئيس المفوضية الاوربية ما إذا كان الشعب البريطاني قادرا على ان يتخذ (قرارا حكيما) حول عضوية الاتحاد الاوربي.
المفارقة انه كلما اصبحت اوربا اقل ديمقراطية ، أمعن  صفوتها في القاء المحاضرات على الشعوب الاخرى في الديمقراطية . لقد اصبح (الترويج للديمقراطية) بزنس كبير في حين تكبح ارادة الشعوب الاوربية حيث انتقلت الارادة السياسية من الصندوق الى المحفظة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق