منظمات المتاجرة بحقوق الإنسان .. شهادة من الداخل
السيد زهره
عدت قبل يومين من تونس حيث شاركت في ندوة مهمة حول " الدين والدولة في الوطن العربي" سأعرض لا حقا لأهم الأفكار التي أثيرت فيها. لكن أود التوقف اليوم عند ما قالته أستاذة عربية معروفة باهتمامها بقضية حقوق الإنسان ولها إسهامات كثيرة في هذا المجال.
اثناء النقاشات في احدى جلسات الندوة ، قالت الاستاذة العربية انها كانت عضوة في احدى منظمات حقوق الانسان التي تحمل في اسمها صفة " العالمية" ، لكنها اضطرت الى الاستقالة بعد فترة. لماذا؟. لأنها اكتشفت ان حقوق الانسان بالنسبة لهذه المنظمة ليست سوى تجارة بالمعنى الحرفي للكلمة ، واكتشفت ان المنظمة تخدم أجندة سياسية محددة تستهدف الدول العربية بالذات.
لفت نظري ما قالته ، ولهذا ، كنت حريصا على ان التقي معها على هامش جلسات الندوة ، وان استفسر منها عن ابعاد هذه القضية وتجربتها في هذه المنظمة.
الاستاذة قالت انها انضمت في البداية الى هذه المنظمة التي تحمل صفة " العالمية" في اطار اهتماماتها العامة بقضايا حقوق الانسان في العالم بشكل عام. وقالت انها لاحظت ان المسئولين في المنظمة كانوا يشجعون عديدا من المهتمين العرب على الانضمام اليها والعمل في اطارها ، وانها اعتبرت في البداية ان هذا امر ايجابي ، ويعكس اهتماما محمودا بالدول العربية واوضاع حقوق الانسان فيها.
ومضت الاستاذة العربية تقول ، انه بعدد فترة ، اكتشفت ان المسئولين في المنظمة يريدون ان يفرضوا على الاعضاء العرب بالذات ان يتبنوا مواقف معينة للمنظمة تتعلق بدول عربية ، وان يروجوا لها ويدافعوا عنها . هذا على الرغم من ان هذه المواقف في راي الاعضاء العرب في المنظمة تنطوي على تشويه متعمد ، وليست مبنية على ادلة وحقائق ووقائع تتعلق بحقوق الانسان في هذه الدول العربية تؤكد صحتها او تبررها.
وتضيف الاستاذة انه كان من الطبيعي ان يرفض كثير من الاعضاء العرب ان يتبنوا هذه المواقف وان يشاركوا في هذا التشويه المتعمد للأوضاع في دول عربية.
ازاء هذا الموقف ، لجأت المنظمة الى اضطهاد هؤلاء الاعضاء العرب الذين يرفضون هذا النهج ويرفضون تبني هذه المواقف ويرفضون المشاركة في أي انشطة بناء عليها ، وعمدت المنظمة الى اقصائهم واستبعادهم.
وتقول الاستاذة العربية انه بمضي الوقت ، ومع معرفتها اكثر بما يجري داخل المنظمة ، وبارتباطاتها وخلفيات المواقف التي تتخذها والانشطة التي تقوم بها ، اكتشفت امرين اساسيين بوضوح تام:
الأمرالأول : ان هذه المنظمة في مواقفها ، وفي الحملات التي تشنها ، وانشطتها عموما تحت لافتة حقوق الانسان ، ليست في حقيقة الامر سوى اداة لتنفيذ اجندات سياسية محددة لدول غربية تستهدف دولا عربية بالذات ، واداة خصوصا لتنفيد اجندات الدولة الاوروبية التي تحتضن هذه المنظمة.
بعبارة اخرى ، والكلام للأستاذة العربية، انها اكتشفت ان قضية حقوق الانسان في الدول العربية يتم استغلالها وتطويعها صراحة ومباشرة من جانب هذه المنظمة لخدمة هذه الاجندات السياسية فقط.
بعبارة ثانية ، اكتشفت انه اذا اقتضى الامر ان تقوم هذه المنظمة بالتزوير الفاضح ولي ذراع الحقائق والوقائع والتشويه المتعمد لأوضاع حقوق الانسان في بلد عربي معين بما من شأنه ان يخدم الاجندة السياسية ، فانها لا تتردد ابدا في ان تفعل ذلك. وقد فعلت ذلك بالفعل في احيان كثيرة جدا وطوال الوقت.
وتصورت المنظمة ان اعضاءها العرب بقبولهم المشاركة في هذه العملية ، فانهم يعطون لهذا التشويه والتزوير قدرا من " المصداقية". لكن اغلبهم رفضوا ذلك.
والأمر الثاني : انه بالاضافة الى هذا ، أي بالإضافة الى تسخير مواقف وانشطة المنظمة لخدمة اجندات سياسية محددة تجاه دول عربية ، اكتشفت الاستاذة العربية كما قالت لي ، ان قضية حقوق الانسان هي بالنسبة لهذه المنظمة " العالمية " تجارة بكل معنى الكلمة.
بمعنى انه اذا ارادت جهة معينة ، ايا كانت هذه الجهة ، ان تشن حملة على دولة عربية معينة وان تشوه صورتها لأي سبب كان ، فان المنظمة على اتم الاستعداد لأن تتولى هذه المهمة في مقابل المال.
أي انه في هذه الحالة ، ما على هذه الجهة الا ان تدفع للمنظمة ، وهي تقوم بعد ذلك بهذه المهمة.
الأستاذة العربية قالت لي انها حين اكتشفت هذه الحقائق وتأكدت منها تماما فيما يتعلق بمواقف المنظمة وانشطتها ، قررت الاستقالة منها فورا . وهذا ما حدث بالفعل.
كما نرى ، هذه شهادة في غاية الأهمية لأنها شهادة من الداخل ، وليست مجرد راي او تحليل.
للحديث بقية مهمة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق