بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
| ||
في سبيل البعث (10)... نحو رؤية جديدة للاسلام السياسي
| ||
شبكة البصرة
| ||
اسماعيل ابو البندوره (ج9) | ||
أنشأ غياب وانحسار التيار القومي بعد هزيمة عام 1967 فراغا سياسيا، وعقائديا استثنائيا في الحياة السياسية العربية، الأمر الذي حتم نشوء حالة فكرية – سياسية لاعناوين لها، وتتميز بالسيولة، وظهور اجتهادات، واغلوطات في كيفية ادارة هذا الفراغ، كما برزت قوى كثيرة نسبت نفسها الى الدين الاسلامي وجعلت من الدين " الذي هو أحد مرجعيات الامة العربية الكبرى" غطاء، وايديولوجيا، وقناعا، واطروحة تمترست وراء قداسة مفترضة، وربطت سلوكها السياسي بالعقيدة الدينية، على الرغم من أنها احزاب سياسية تتعامل مع الواقع السياسي واليومي المجرد من القداسة، وتعمل بين الجماهير مثل باقي الاحزاب والحركات السياسية، ولا احد يعترف لها بأي قداسة سياسية في الواقع العربي، ولكنه جمهور يمجد العقيدة الدينية التي تتعالى على السياسة، ولاتقبل التوظيف السياسي من أي جهة كانت.
وكان هذا النمط من الاحزاب السياسية الدينية قد أقام السياسة على الشعبوية واستقطاب الجماهير المقهورة والمهدورة، بأفق خيري – اغاثي، وفكر رغبي، وحتميات، ومسلمات، ويقينات انطلقت من المطلق الديني، وتأويل النصوص الدينية تأويلا براغماتيا، يحتكر الحقيقة،ويسوغ الجنوح السياسي، وتكييف النصوص وفقا لمتطلبات السياسة، ورغبات هذه الحركات السياسية واهوائها.
وكانت مشكلة هذه الاحزاب والحركات الدينية أن افكارها السياسية لاتقوم على عقيدة راسخة وانما على اجتهادات ورؤى متحركة وبراغماتية تتبدل وفقا لمنطق التأويلات التي تكون احيانا فاسدة " أوتكون مغالطات فاسدة السياق "، وتنطوي على توفيقات، وتلفيقات احيانا تصل الى حدود الشطط وتسطيح الفكر، أو النأي عن الحقيقة والواقع. ولذا لم تشكل تراكما يذكر على صعيدي الفكر والسياسة، مع أنها وفقت في ابتكار وطرح رؤى شعبوية مستمدة من التراث الديني وقداساته، ودغدغت العواطف، واستقطبت العقول المؤمنة، فتسنى لها أن تكون من قوى الساحة الرئيسة، واتيح لها دخول الحياة السياسية من هذا الباب الذي مكنها من الوصول الى المواقع السياسية، ومؤسسات المجتمع المختلفة، وقيادة المجتع الى حد كبير تحت تلك العناوين المضببة والمتحركة التي اشرنا اليها.
ولأن حزب البعث العربي الاشتراكي قرأ وقارب هذه الظاهرة بتمعن وعمق كبيرين في مراحل مختلفة، وقدم رؤى تأسيسية مرجعية عنها، وأنشأ معايير فكرية للحكم عليها، كما امتلك فهما متقدما للدين الاسلامي، باعتباره ثورة العرب نحو الحرية، وحاول من الناحية الفكرية أن يحرر الدين مما احاط به من اغلوطات وتوظيفات خاطئة، وناهض القوى السياسية الدينية المختلفة التي تريد تحويله الى أداة لمحاربة الحداثة والتقدم، أو جعله احتياطيا للقوى الارتدادية التي تريد اختراق العقل العربي والتلاعب به.
وقدم الحزب وفي كل الاوقات والمراحل اطروحات خصبة حول الظاهرة الدينية، وطرق اشتغالها في الواقع العربي، وميز بين العقيدة الدينية والطائفية، وبين الانتماء للأمة والانتماء لعقيدة كلية، ووضع حدودا بين المقدس والمدنس، وطالب دائما بجعل الدين الاسلامي مرجعية تحرك العقل العربي نحو الحرية، والتقدم، والجهاد، ومواجهة التحديات التي تتعرض لها الامة العربية، انطلاقا من فهم تكويني عميق بأن الحزب مع الدين ضد الالحاد، وأن الالحاد حالة زائفة، وبأن الاسلام الحضاري هو دين الامة العربية ودين ابنائها عموما مسلمين ومسيحيين، وأن الدين ثورة لا يفهمها الا الثوريون، وبأن للقوميين دورا رئيسا في المحافظة على الاسلام وصيانته من التوظيفات الايديولوجية، والاعتقادات الخاطئة، والتأويلات الفاسدة وعندما ينأى البعض عن جوهره وحقيقته.
وتبرز الآن الحاجة الملحة الى المفهوم البعثي عن الدين، وعن الاطروحة المتقدمة التي قدمها مؤسس الحزب عن العلاقة بين العروبة والاسلام، والادوات المعرفية، والاجهزة المفاهيمية التي يمكن من خلالها فهم الدين ودوره في الحياة العربية، وخصوصا في هذه المرحلة التي اصبح يلاحظ فيها التوافقات الجديدة بين بعض الاحزاب والحركات السياسية الدينية، التي عادت ثانية لاستثمار وادارة الفراغ الانتقالي الحالي، مع المخططات الاستعمارية المستجدة التي ظهرت بعد الانتفاضات العربية الاخيرة، وذلك من اجل اثارة الصراعات والتناقضات في صفوف الامة، وتعويق ثورة الامة بالتلفيقات الشاذه والسلوك السياسي الغريب (مرشد يدعو الى الجهاد، ورئيس يجدد العهد والصداقة مع شمعون بيريز)!!!
|
قال سبحانه وتعالى
قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم
الخميس، 25 أكتوبر 2012
في سبيل البعث (10)... نحو رؤية جديدة للاسلام السياسي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق