اربط إعدام القائد صدام بعيد الأضحى المبارك، بذكرى اليمة على كل الوطنيين والقوميين العرب، لانهم فقدوا رمزا قوميا وصاحب مشروع قومي نهضوي. وقد شهد عيد أضحى أخر وجبة جديدة من المناضلين، تم الحكم عليهم بالإعدام، وهم من مناضلي رموز النظام الوطني السابق، ضمن سياسة انتقامية طائفية، تعهد القائمون على تنفيذها من اعوان نظام ملالي ايران تصفية كل هذه الرموز، واستبدال النظام الوطني بنظام مرتبط بالغرب وبالولايات المتحدة حصرا وبنظام ملالي ايران. واستبدال الرموز الوطنية بلصوص وفاسدين باعوا الوطن مقابل حفنة من الدولارات اودعوها في مصارف الغرب.
كشفت وثائق ويكيليكس أن الولايات المتحدة أصيبت بحرج جراء إعدام صدام حسين، والطريقة التي تم فيها إعدامه أمام أنظار الرأي العام العالمي، حيث قام الذين حضروا تنفيذ الإعدام تصوير صدام بالأجهزة الخلوية وتسريبها إلى وسائل الإعلام، ومما أثار السفير الامريكي السابق (زلماي خليل زاده) هو أقوال الحراس عبارات سوف يستغلها أعوان صدام ويؤكدون أن المحكمة غير شرعية، وان المحاكمة غير عادلة، مثل (اذهب إلى جهنم). وعبر نائب المدعي العام العراقي خلال لقائه السفير الأمريكي عن امتعاضه من سلوك الحراس، وقال انه تصرف مشين، وقالت الوثيقة إن الحكومة العراقية لم تسيطر على الشهود، وقد نفذت الإعدام بشكل متسرع وسط فوضى أحدثها الحراس وهم يهتفون بصوت مرتفع (مقتدى.. مقتدى) مما يعني أنهم من أنصار مقتدى الصدر.
وأوضح نائب المدعي العام انه لا يجوز حضور عملية الإعدام أكثر من أربعة أشخاص وهم القاضي والمدعي العام ورجل دين ومدير السجن، في حين حضر عملية الإعدام أكثر من 20 شخصا أو أكثر.
الأمر الذي يؤكد النفس الطائفي في عملية الإعدام هوما قاله رئيس الوزراء نوري المالكي ردا على احتجاج نائب الرئيس طارق الهاشمي، عندما قال له : كيف تعدمون صدام في يوم العيد؟ فقال على الفور : (هذا عيدكم) أي انه عيد السنة. مثل هذا القول وهذا الفعل إنما هو استكبار وتجبر على إرادة السماء، حيث جعل المالكي وأعوانه من اتباع ملالي ايران ذاك اليوم يوما للنحر، وساعة للانتقام وتصفية حسابات، يوم لنحر المناضلين بدل نحر الأضاحي تكفيرا للذنوب والخطايا، إنها عدالة الانتقام التي يسعى إليها وكلاء ايران والادارة الامريكية في المنطقة الخضراء في بغداد..
إن تصميم الإعدام في يوم العيد كان تحديا لملايين المسلمين في العالم، كما شكل استجابة لفكرة خبيثة من حيث الشكل والمضمون، وهو عنوان مشروع فتنة طائفية، قادت إلى الانقسام وتفتيت العراق إلى دويلات طائفية وقومية تتصارع فيما بينها منذ عشر سنوات، وأدى هذا الانقسام والتشرذم والفساد المالي والاداري وسرقة اموال العراق من قبل العصابات المتسلطة على رقاب ابناء الشعب الى جعل العراق في مقدمة الدول الفاسدة في العالم.
كما إن الإعدام انتقام صهيوني من صدام، لأنه تبنى مشروعا قوميا وحدويا نهضويا يهدد الكيان الصهيوني في المدى القريب، ولاسيما بعد أن دكت المواقع الصهيونية ب 93 صاروخ. كما انه انتقام أمريكي أيضا لان صدام لم يرضخ للإدارة الأمريكية قبل أسره وبعده، ورفض عرض الإدارة الأمريكية على لسان وزير الدفاع رامسفيلد عندما قابله في الأسر، وأصر أن يستشهد فوق تراب العراق على أن ينجو بنفسه وعائلته.
أما الانتقام الأكبر هو انتقام إيراني من صدام الذي اجبر كبير سلطتهم وإمامهم الأكبر خميني على تجرع كأس السم بعد ثمان سنوات من الحرب، وقبوله قرار مجلس الامن الدولي رقم (598) مضطرا.
إن الأحكام التي أصدرتها محكمة (بريمر) ونفذها اتباع الصفويين ضد رفاق الشهيد صدام خلال السنوات الماضية، هي أحكام أمريكية بأدوات عراقية طائفية، وقد تجاوزت الإدارة الأمريكية كل القوانين الدولية وخاصة اتفاقيات جنيف الثالثة حول أسرى الحرب، ومعاملة الأسرى برتب عاليه، خالفوا كل هذه القوانين عندما سلموا صدام إلى خصومه ليفعلوا به ما يشاءون، وينتقموا منه بالصيغة الطائفية المقيتة كالتي شاهدها العالم.
بعد عشر سنوات على الاحتلال وست سنوات على إعدام صدام هل سار العراق الجديد نحو الأحسن أم إلى الأسوأ؟ كل الوقائع التي يشهدها العالم تؤشر أن العراق يسير نحو الهاوية، ويبدو أن الإدارة الأمريكية قدمت أبشع نموذج في الانحطاط في المنطقة عندما تواطأت مع نظام الملالي بتسليم العراق لهم ولاتباعهم، هو نموذج (الفوضى الخلاقة) التي ألهبت الأوضاع في السودان ولبنان وفلسطين والصومال وما تبعها في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريه، كل هذه الساحات مرشحة للانقسام والتفتيت، الأمر الذي سيعيد الأمة العربية إلى عهد الطوائف الذي عاشته الأندلس من قبل.
النموذج الجديد الذي قدمته الإدارة الأمريكية في العراق هو نموذج الانتقام وتصفية الأخيار من أبناء العراق، علماء وأطباء ومهندسون وضباط برتب عاليه خبروا ضروب الحروب وسجلوا صفحات من المجد في ساحات الوغى في فلسطين والجولان وسيناء وجنين، والدفاع عن البوابة الشرقية للوطن العربي. نموذج خلف أربعة ملايين مشرد خارج البلاد، ومليون ونصف أرمله ومليون قتيل، أضيفوا إلى جيش العاطلين عن العمل، وشيوع الفساد في كل مرفق الدولة، حتى أن الفساد طال وزراء ورتب عاليه فيها.
الانتقام لا يولد إلا الانتقام والحقد يؤخر مسيرة التقدم، ويلغي أية فرصة للحوار والتفاهم الوطني، وهو ما تفعله حكومة المالكي الذي انفرد بالسلطة وفتح ابواب العراق لقوات القدس والحرس الايراني ومليشيات الاحزاب الطائفية لمزيد من قتل الابرياء وخيرة رجال العراق، وكذلك جعل العراق ساحة للتأمر على الاقطار العربية والخليجية بخاصة.
ان رفاق الشهيد صدام الذين ساروا على دربه الجهادي كانوا اوفياء للعهد والوعد، وسطروا ملحمة جهادية سيذكرها التاريخ الانساني بأحرف من نور، وكما طردوا القوات الامريكية من العراق سوف يطردون عصابات الملالي شر طردة من العراق.وان غدا لناظره قريب.
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق