الديمقراطية إلى من يعمل بالمعارضة وقت الفراغ
محمد عيسى
وكالة انباء الرابطه
لن نبحث عن الجذر اللغوي للديمقراطية، ومن أطلق هذه التسمية لأول مرة كما درجت العادة, سنحاول تخطي عتبة الاكتفاء بترديد هذا المصطلح بشكل مبهم، كما هو واقع الحال بين أوساط المعارضين والمثقفين.
فمنهم من يقول: الديمقراطية هي حكم الشعب، أو حكم الشعب للشعب. وآخرون يرون أنها دستور مدني، أو انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة، إلخ..
عندما نريد التحدث عن ظاهرة ما، يجب علينا أولاً أن ندرس تاريخ هذه الظاهرة وتطبيقاتها كواقع. والأهم.. المتغيرات العملية ومفاعيلها التي كانت سبباً في نشوئها بالمعنى الاجتماعي عبر التاريخ.
الديمقراطية.. هي نتاج للثورة البرجوازية في أوروبا. هذه الثورة التي خلقت قوى منتجة وعلاقات إنتاج جديدة، كانت الأساس في الفرز الطبقي للمجتمعات الحديثة. وهذا الفرز خلق توازن قوى في هذه المجتمعات, أو لنقل توازن مصالح متبادلة، ما بين أرباب رأس المال، والقوى المنتجة في المجتمع، بعد أن كان هذا التوازن مكسوراً لمصلحة الطبقة الحاكمة في عصر ما قبل الثورة.
هذا الواقع الجديد أسس لقوانين جديدة, بحيث لم يعد بإمكان الطبقة الحاكمة وضع الدساتير التي تحافظ على مصالحها من دون مصالح الشعب, فالطبقة العاملة أصبحت تمثل قوة حقيقية على الأرض، بتنظيماتها النقابية والسياسية، وكذلك الفلاحون، والصناعيون، والمثقفون، إلخ.. فالتشاركية من قبل قوى المجتمع منعت الاستبداد والانفراد بالسلطة إلى درجة لا بأس بها. فالنظام البرجوازي أسس ولأول مرة، ما يسمى الحقوق والواجبات. فالمواطن يؤدي واجبه تجاه الدولة والمجتمع، مقابل حصوله على حقوقه, وهذا ما يكفله له الدستور كعقد اجتماعي متفق عليه من قبل طبقات الشعب كافة. فالانتخابات الحرة، والإعلام الحر، والنشاطات الثقافية والسياسية، واستقلال السلطات ـ تشريعية، تنفيذية، قضائيةـ كل هذه الأمور أتت نتيجة للتوازن الطبقي في المجتمع البرجوازي، وليس العكس. ومرد هذا كله إلى حركة الاقتصاد وتطوره, فالاقتصاد هو المقياس، أو حجر أساس لانطلاق الشعوب نحو الحرية والعدالة والمساواة.
إذا ما نظرنا إلى العالم من حولنا فسنجد أن البلدان الفقيرة من غير الممكن أن توجد فيها ديمقراطية أو حرية, فهي موجودة في الدول المتقدمة صناعياً وتكنولوجياً فقط.
إن الديمقراطية ليست حكم الشعب، أو حكم الشعب للشعب كما يقال. فما من دولة عبر التاريخ حكمها الشعب. إلا إذا اعتبرنا مصر كأول نموذج لهذا الحكم. وبما أن قسماً من شعب مصر، يريد أن يحكم القسم الآخر من الشعب, والديمقراطية أيضاً ليست دستوراً مدنياً، أو انتخابات حرة, فهذه إجراءات مكملة ولاحقة كنتيجة.
نعم, نحن بحاجة إلى ثورة مدنية اجتماعية، لا ثورة دينية طائفية. وبحاجة إلى شعارات: عدالة ومساواة.. لا شعارات، إمارة وجاريات. فالثورات العربية حتى الآن هي ثورات ضد الوطنية وضد التحرر الاجتماعي والسياسي، وهذا ما نستحقه, لأننا جمدنا الواقع ومنعناه من التغير والتطور، إلى أن لحق به هؤلاء الظلاميون وامتطوه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق