من يحكم مصر اليوم؟
السيد زهره
وكالة انباء الرابطه
تحدثت امس عما اسميته " ازمة قيادة" في مصر ، تجسدت في فوضى اتخاذ القرارات ثم التراجع عنها في الفترة الماضية ، وتساءلت عن الاسباب التي يمكن ان تفسر هذه الأزمة.
البعض قدم بالفعل بعض التفسيرات في الفترة الماضية . لعل اهمها القول بأن الأزمة ناجمة بالأساس عن نقص الخبرة السياسية في الحكم وادارة شئون البلاد ، بمعنى ان الرئيس مرسي ليست له بالطبع سابق خبرة في الحكم والادارة بشكل عام.
والحقيقة ان هذا ليس تفسيرا او تبريرا مقبولا.
كثير من القادة في العالم يتولون الحكم دون سابق خبرة . يحدث هذا في الدول المتقدمة والمتخلفة على حد سواء. في الدول الغربية مثلا كثيرا ما يفوز في الانتخابات رؤساء احزاب ويشكلون الحكومة دون ان يكون لهم سابق خبرة في الحكم.
ومع هذا ، نادرا ما نسمع عن مثل هذه الفوضى في ادارة شئون الدولة تحت ذريعة قلة الخبرة.. لماذا ؟ لأن مثل هذا الكلام لا يجوز ان يقال في بلاد توجد بها مؤسسات راسخة ويحكمها دتور وقانون, ومصر من هذه البلاد.
وايضا ، لا يمكن للانصاف القول ان هذه الأزمة هي لأسباب تتعلق بشخصية الرئيس مرسي.
اذن ، ماهو التفسير؟
التفسير سوف نعرفه ان حاولنا ان نجيب عن هذا السؤال : من الذي يصنع السياسة ويتخذ القرار في مصر؟
نظريا ، وعمليا ايضا ، من المعروف ان صنع السياسة والاعداد للقرار ، واتخاذ القرار ، هما عمليتنان مختلفتان ومترابطتان في نفس الوقت.
بمعنى ان صنع السياسة هي عملية تشارك فيها بالضرورة اكثر من جهه ومؤسسة واكثر من مستشار .. وهكذا. أي ان عملية صنع السياسة هي مرحلة الاعداد للقرار ودراسته من جميع جوانبه. ثم بعد ذلك ، القرار يتخذه بالطبع المسئول صاحب القرار وهو في هذه الحالة الرئيس.
اذن ، فيم يتعلق بالقرارات التي اشرنا اليها وتم التراجع عنها وجسدت ازمة القيادة ، من الذي يقف وراء هذه القرارات بالضبط ؟.. من الذي يقف وراء اقتراحها واعدادها والتحضير لها قبل ان يتخذها الرئيس؟
لنأخذ كمثال محدد هنا حالة الاعلان الدستوري الذي فجر الأزمة والذي اصدر الرئيس قرارا به.
حين صدر هذا الاعلان ، خرج كثيرون ووجهوا انتقادات حادة جدا ، وجارحة احيانا ، الى مستشاري الرئيس مرسي الكثيرين ، واعتبروا ان من المعيب جدا ان يشير المستشارون على الرئيس باعلان مثل هذا بما تضمنه ، وان يوافقوا عليه.
ولكن بعد ايام ، سرعان ما اكتشف الجميع ان كل مستشاري الرئيس لم يكن لهم أي علاقة اطلاقا بالاعلان الدستوري. بمعنى انه اتضح ان احدا لم يأخذ راي أي من المستشارين في الاعلان اثناء وبعد اعداده. ليس هذا فحسب ، بل اتضح ان كل المستشارين لم يعلموا اساسا بوجود هذا الاعلان ، وانهم مثلهم مثل باقي الناس ، فوجئوا به وسمعوا به لأول مرة بعد اعلانه. وكان هذا احد الاسباب المباشرة لتقديم عدد كبير من مسشاري الرئيس استقالاتهم.
وفي نفس الوقت ، فوجيء الجميع بما قاله نائب الرئيس. قال انه كان خارج مصر ، وانه ايضا مثله مثل المستشارين ، لم يكن لديه أي علم بالاعلان ، ولم ياخذ احد رايه فيه ، وعرف به بعد الاعلان عنه .
وزير العدل المصري بدوره ، قال انه لا علاقة له بالاعلان الدستوري لافي اعداده ولافي اصداره ولا حتى بالعلم به. وقيل انه قدم استقالته لهذا السبب
رئيس الوزراء بدوره كانت له تصريحات قال فيها ان الحكومة ليست لها علاقة بالاعلان.
اذن ، هذا اعلان دستوري خطير بماتضمنه فجر ازمة كبرى وقسم الشعب ، اصدره الرئيس مرسي. لكن اتضح ان المستشارين ، ونائب الرئيس ووزارة العدل ، ورئي س الحكومة ، لا علاقة لهم بالاعلان ولم يعرفوا به اصلا.
السؤال البديهي هو: من الذي اقترح هذا الاعلان اذن ، واعده ، ورتب لاصداره على هذا النحو؟
اذا كانت كل مؤسسات الدولة وكبار رجالها لم يكونوا طرفا في اتخاذ قرار الاعلان، فمن الذي اتخذ القرار اذن؟
الجواب البديهي ببساطة انه لا بد ان هناك دائرة سرية ضيقة وراء اقتراح واعداد هذا الاعلان الدستوري ووراء صدوره بهذا الشكل. وهذه الدائرة السرية الضيقة هي كما هو واضح خارج مؤسسات الدولة ، أي انه لا صفة لها في اتخاذ أي قرار ، ومع هذا ،فهي التي تحكم وتقرر.
بعبارة اوضح ، كل هذا يؤكد ما يقوله اغلب المصريين اليوم من ان جماعة الاخوان المسلمين ، وتحديدا مكتب الارشاد بها ، هي التي تقف عمليا وراء اغلب هذه القرارات التي اظهرت ازمة للقيادة وفجرت ازمة كبرى في مصر.
الاخوان المسلمون اذن ، ومن دون أي صفة ، هم الذين يصنعون السياسة ويتخذون القرارات التي تصدر عن الرئاسة المصرية.
هذا وضع في منتهى الخطورة له تبعات كارثية ، ويحمل الرئيس مرسي مسئولية كبرى.
للحديث بقية باذن الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق