مرحلة اعداد خطة تحرير الفاو.. ملاحم البطولة العراقية.. تفاصيل معركة تحرير الفاو يرويها المقاتل اللواء الركن ح . ج ( م . ع ) في جيشنا العراقي بعهد نظامنا الوطني الشرعي قبل الاحتلال - الحلقة الثانية
مرحلة اعداد خطة تحرير الفاو
جرى التخطيط لمعركة تحرير الفاو وفق احدث تطورات العلم العسكري وفن التخطيط للحرب مبنياً على قدرات العدو وحجمه وتوزيعه واماكنه واساليب قتاله والاسلحة المختلفة التي يمتلكها نوعها وكفاءتها وتعبية استخدامها وتحصيناته وخطة مراقبته ضمن قاطعه الدفاعي ونظام حراساته واماكنها ودورياته وكمائنه ونقاط ضعفه وقوته وغيرها من التفاصيل الدقيقة..
وباستخدام احدث وسائل الاستطلاع الجوي والرصد الارضي ومصادر الوحدات المقاتلة والساندة التي هي بتماس مع العدو , ودخلت في خطة التحرير بشكل اساسي نتائج تخطيط تدريب الوحدات والمخصصة للمهمة وكيف اصبحت جاهزيتها وما لدينا من حجم القوات وتسليحها ومقارنتها مع قوات الخصم والاستفادة من كل الدروس المستنبطة من المعارك تم خوضها مع العدو في المملحة , اتباع سياقات المعركة الصحيحة لكافة المستويات وفق ما جرى التدريب عليه , وفي معركة تحرير الفاو تم تحديد الاهداف للوحدات بدقة عالية سواء للقوات البرية او الجوية او لطيران الجيش او الصاروخية حتى تحقق شل قدرات العدو وخاصة مقراته واماكن احتياطاته والجسور التي كان يستخدمها ومرابض اسلحته الساندة , ضمن ما جرى التركيز عليه في خطة التحريرهو عامل الكتمان لما لهذا العامل من اهمية كبيرة في انجاح العملية وتحقيق المباغتة لها , وللتاريخ اذكر ان الكتمان لعملية تحرير الفاو كان انموذجاً فريداً قل نظيره في معارك جرت في الحرب الحديثة في عصرنا الحالي , ويستحق هذا العامل ان يشار اليه في ارقى المعاهد والاكادميات العسكرية العالمية , رافقت عملية الكتمان كل مراحل العملية من مرحلة التوجهيات ,مروراً بمرحلة التدريب ثم مرحلة اعداد خطة التحرير والاستحضارات , حتى القوات المكلفة بواجب تحرير الفاو عندما دخلت معايشة مع القطعات وهي لا تعلم بالواجب بشكل صريح , ولربما كان باعتقادهم مسك المواضع الدفاعية بدل القوات الاصيلة, وهنا يحضرني ما اطلعت عليه من مذكرات رئيس اركان الجيش في حينه وهو يذكر عن مدير الاستخبارات العسكرية بزيارة الملحق العسكري الامريكي انذاك له قبل تحرير الفاو وسؤاله له ( هل لديكم نوايا بالهجوم على الفاو..؟) وكان رد مدير الاستخبارات للملحق العسكري الامريكي , لدينا نوايا باتجاه الشمال الشرقي للعراق . وبعد تحرير الفاو تكررت زيارة الملحق العسكري الامريكي لمدير الاستخبارات والكلام لايزال لمدير الاستخبارات , طالباً توضيح اسباب اخفاء عنه عملية الهجوم على الفاو وهو في حالة غضب نتيجة عدم مقابلة المدير له الا بعد ساعتين من الانتظار في غرفة معاونه والاهم هو اخفاء عنه عملية تحرير الفاو , لياتيه الرد من المدير بانهم بلد له ارادته واستقلاله ولا نقبل احداً ان يتدخل او يطلب ما لا يخصه , وياتي رد الملحق العسكري الامريكي ( لقد انهيتم خدمتي في الجيش الامريكي ) ويخرج في حالة غضب شديد.
المبادئ الأساسية التي إعتمدتها القيادة العامة للقوات المسلحة في إعداد خطة تحرير الفاو
أ. كفاءة التخطيط والتدريب .
ب. الإرتقاء بمستوى التدريب الفني والتعبوي للضباط والجنود .
ج. إعتماد التسليح الحديث للتشكيلات والوحدات التي ستشترك في المعركة.
د. حشد القدرة النارية في الوقت والمكان لمواجهة الكثافة البشرية.
هـ. تأمين عنصر المباغتة التعبوي والسوقي.
و. دقة تنفيذ و إدارة المعركة.
ز. مشروعية الحرب والقتال لتحرير الأرض.
ح. الدفاع عن الوطن طريقاً لتحقيق السلام .
لقد وضعت ( ق ع ق م ) المبادئ الأساسية أعلاه في حساباتها العملية منذ إجتماعها في 14 آيار 1986 حيث تم لِأول مرة مناقشة عملية تحرير الفاو وتم حساب مفردات إحتلال الفاو بدقة عبر حسابها لموازين القوى لتصل إلى نتيجة مهمة هي :
أ. إن الفعل العراقي بالرغم من إحتلال الفاو مازال فعالاً .
ب . إن القوات البحرية مازالت فعالة للغاية .
ج. إن القوة الجوية مسيطرة على سماء المعركة وسماء إيران كلها .
د. إن طيران الجيش قادراً على تقديم الإسناد الناري والإداري للقطعات بكفاءة عالية.
الأمر الذي أفقد إحتلال الفاو قيمته الستراتيجية وكان إدراك القيادة بأن العدوان الإيراني في الفاو ينبغي أن لا يُجابه بتسرع وبغياب البصيرة وقد عملت القيادة العراقية العليا على تحقيق مايلي :
أ. زيادة حجم القوات المسلحة بتشكيل وحدات جديدة للحرس الجمهوري.
ب. توفير الأسلحة والمعدات اللازمة.
ج. تدريب الوحدات الخاصة لعملية تحرير الفاو في أراضي مشابهة لقاطع الفاو.
د. العمل بأقصى درجات السرية والكتمان.
هـ. تعزيز القوات البحرية والبرية حول ميناء أم قصر.
و. زيادة الضربات الجوية في العمق الإيراني وضرب المنشأت النفطية والسفن الناقلة للبترول الإيراني ، وكذلك تكرار ضرب جزيرة خرج بهدف حرمان إيران من مصادر تمويل الحرب.
ز. وضع خطة لمشاغلة قطعات العدو في الفاو إعتمدت على الصبر والمباغتة وتهدف الى:
أولاً. إستنزاف قوات العدو وتدميرها وإلحاق أفدح الخسائر بها بواسطة القصف المدفعي.
ثانياً. إدامة الإشتباك القريب بقوات العدو من خلال الغارات والكمائن والدوريات القتالية.
ثالثاً. إضعاف معنويات العدو.
رابعاً. أشعارالعدو بعدم الإستقرار في المناطق التي إحتلها وتمركز فيها.
خامساً. جعل العدو الإيراني في وضع سيئ بسبب خسائره البشرية التي فرضت عليه ، وصولا إلى جعله أعزل ضعيف الثقة والإيمان بقيادته .
مرحلة الإستحضارات
الإستحضارات التي قامت بها القيادة العامة للقوات المسلحة
1. الاستحضارات التمهيدية
أ . تحرير عدد من وحدات الفرق والمناورة بها.
ب .تحرير ثلاثة عشر تشكيل لأغراض التدريب المركزي.
ج .المناورة بـسبعة تشكيلات من قواطع العمليات الأخرى.
د .تحشيد قطعات الحرس الجمهوري في قاطع الفيلق السابع وإجراء التدريب والمعايشة.
هـ .إنشاء ميادين تعبوية مشابهة لقاطع الفاو لغرض تدريب الفيلقين السابع والحرس الجمهوري.
و.حساب توقيتات المعركة.
ز . المناورة بجهد مدفعي كبير لأغراض التنفيذ ويشمل هذا الجهد :
أولا ً. أربعة وعشرون كتيبة مدفعية.
ثانياً .إثنى عشر بطرية خفيفة.
ثالثاً . خمسة بطريات إنبوبية خفيفة.
رابعاً . سبع عشرة بطرية إنبوبية كراد.
خامساً . أربعة مقرات كتيبة.
سادساً. البطريات الثقيلة.
سابعاً . عدد من بطريات الصواريخ لونا (40).
ثامناً . بطرية أس- أس (40).
ح . تخصيص جهد هندسي كبير لأغراض التنفيذ وكما يأتي:
أولاً. خمسة عشر سرية هندسة .
ثانياً . خمسة كتائب هندسة الميدان
ثالثاً . عدد من وحدات ودبابات التجسير.
رابعاً .عدد من وحدات القوارب والعبور للمشاة.
ط .تخصيص وحدتي مقرات خاصة للواجبات الخاصة للعمل خلف خطوط العدو على الضفة الشرقية لشط العرب قبل ساعة الشروع.
ي . تعزيز جناح طيران الجيش الثالث بعدد من:
أولاً. طائرات الأوسلو.
ثانياً . طائرات بي ســـي 7 .
ك . إضافة إلى كل ذلك كانت هناك إستحضارات فيما يخص القواعد الجوية ووحدات الميدان الطبية وفتح المستشفيات وتهيئة ناقلات الدبابات وفتح أكداس لمواد التحكيم والتحصين وتهيئة جهد هندسي إحتياطي (للطوارئ) وتهيئة أكداس الأعتدة لمختلف أنواع الأسلحة وتهيئة المنظومات الإدارية من خلال المناورة بعدد من سرايا التموين والنقل.
2.الإستحضارات التنفيذية
فتح مركز القيادة العامة للقوات المسلحة المتقدم في القاطع الجنوبي للإشراف المباشر على سير العملية والحقت به مقرات متقدمة لكل من :
أ . قيادة القوة الجوية والدفاع الجوي.
ب . قيادة طيران الجيش.
ج . الإدارة والميرة.
د . التوجيه السياسي.
هـ . الهندسة العسكرية.
و . مدفعية الميدان وبإشراف مدير الصنف.
ز . فتح مقر مسيطر لمدفعية الميدان .
ح .فتح مقر للسيطرة على السابلة في القاطع الجنوبي.
الإستحضارات التي قامت بها قيادة قوات الحرس الجمهوري
أ .إجراء التحشد.
ب .الحفاظ على الأمن.
ج .جمع معلومات الإستخبارات عن قطعات العدو.
د .التدريب وإكمال الملاكات.
هـ .معالجة الرصد المعادي.
و .مجابهة الإسناد الناري المعادي.
ز .معالجة تأثير عامل المناخ.
ح .العمل على مجابهة الصعوبات الجغرافية ومنطقة الموانع.
ط .تحطيم الحاجز النفسي.
ي .مواجهة عامل الإعاشة.
إن الفقرات التي وردت أعلاه ضمن إستحضارات الحرس الجمهوري تطلبت جهوداً مضنية وطويلة ولايستطيع الشخص أن يقدر حجم تلك الجهود الجبارة إلا من كان ملماً بالإمور العسكرية.
الإستحضارات التي قامت بها قيادة الفيلق السابع:
أ . إعداد مسرح العمليات.
ب . تحديد الموانع الطبيعية.
ج . تحديد حجم التهديد المعادي.
د .تخصيص القطعات.
هـ .تحرير التشكيلات لإغراض التدريب.
و .التحسب للطقس.
ز .المعايشة.
وهكذا فقد كانت هناك إستحضارات لقيادة القوة الجوية والدفاع الجوي وقيادة القوة البحرية والدفاع الساحلي وقيادة طيران الجيش.
يتبع
الحلقة الثالثة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق