الفاو مدينة الفداء وبوابة النصر العظيم.!؟ - لقطات شاخصة
قبل ثمانية وعشرون عاما من الآن بالضبط..!! كنت أجلس على حافة الطريق الواصل بين البصرة والعمارة!! في نقطة ليست على الجغرافيا!! وفي زمن لا يُعرف له عقارب!! اراقب قوافل الشهداء القادمين من البصرة باتجاه مدن العراق!! وأفكر بأني ربما ساكون التالي!! فقد كنت قاب قوسين او ادنى من المشاركة فيها!! والجيش بحاجة إلى معين متواصل!! ونحن كنا على قائمة الانتظار..!! منظر رهيب يختزل كل قصص المعارك في مشهد بسيط على قارعة الطريق لمعركة حامية الوطيس!!
إنها معركة الفاو!! مدينة الفداء وبوابة النصر العظيم!! تلك الملحمة التي يندر حدوثها في الحروب!! يوم لقن ابطال العراق الفرس المجوس درسا لم ولن ينسوه!! فكانت الكأس الذي تجرع فيه خمينيهم السم الزعاف!!
إن لمعركة الفاو دروس عديدة!! لكن الدرس الذي يحضرني الآن هو انها كانت الفاصل الزمني بين أن تستمر حربنا لما شاء الله وبين أن تنتهي بانتصارنا!! فبرغم استحضارات المعركة المهولة والقدرة العسكرية العراقية إلا إن مجرد فكرة بقاء الفاو بيد الفرس يجعل اليأس ضيفا ثقيلا على الانسان العراقي!! فمن يقول بان العدو الفارسي ضعيفا حينها فهو واهم!! ومن يقول بأن الثقة بالانتصار كانت كبيرة جدا فقد جانب الحقيقة!! إنما هي القدرة العراقية على التحدي!! والمواجهة مهما كلفت من تضحيات كانت المعيار الحقيقي للنصر المبين!! فالعراقي لا ينام على ضيم!! فما بالك وقطعة من أحشاءه بيد الاعداء!!
وبغض النظر عن رهبة الحدث!! ومعاني الفخر والبطولة!! فإن الدرس المستنبط من هذه الملحمة بالنسبة لي هو إن مهما بلغ اليأس بالإنسان مبلغا فإن هناك بابا للفرج!! وأنا أتكلم عن تجربة وليس مجرد مثالية!! ففي اليوم الذي كنت ارى فيه قوافل شهدائنا الأبطال وأفكر بأني سأكون التالي غدا فهذا بمثابة الوصول لقمة اليأس تلك اللحظات!! ربما كنت مؤمنا بالقضاء والقدر!! وربما كنت أعلم بأن ما يشاءه الله سيكون!! لكن مجرد التفكير بانك ستكون جزءا من معركة غير محسومة النتائج سيشكل رعبا كبيرا!! ربما لن تفهمه أجيال اليوم!! أو من لا يعلم ما يعنيه جحيم المعركة!!
المهم هنا ونحن نشعر بيأس قاتل يترنح بين مصيرنا كجنود وبين مصير الفاو كمدينة عراقية ربما ستبقى أسيرة بيد الفرس أطلت علينا الفرحة من اللامكان واللازمان!! إنه الانتصار العظيم!! خط رفيع فاصل بين اليأس القاتل والامل المفقود وبين انتصار تتذكره الأجيال عبر التاريخ!! عندما يقول الله كن فيكون!!
هذا هو الدرس اليوم!! لا تياسوا من رحمة الله!! ولا تقنطوا!! ولا تفقدوا إيمانكم بالنصر!! فأنتم لا تعلمون متى سيأتي!! ويفتح لكم أبواب الفرج!! خذوها من شخص كان على بعد ساعات أو ايام من الموت المحتم!! أو ما يشاء الله!! لكنه يكتب لكم اليوم!! لأن اليأس لم يقتله!! وظل متمسكا بأمل ولو بسيط!! فتحقق بمشيئة الله!! بل إن تلك الذكريات أصبحت معين لا ينضب من الأمل والثقة بالنصر في النهاية!!
المجد والخلود لشهدائنا الابرار من زاخو الى الفاو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق