في ندوة بمقرّ الأمم المتحدّة بجنيف: ادانة الدور الإيراني في تصدير الإرهاب للمنطقة - تقرير هام
ادان خبراء وشخصيّات دولية مرموقة الدور الإيراني في تصدير الإرهاب الى المنطقة وممارساتها العدوانية وتدخلاتها في الشؤون الداخلية للدول الأخرى. جاء ذلك في ندوة ضمن اعمال الدورة 31 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف (التي اختتمت اعمالها في 24 آذار 2016) نظّمها مركز جنيف الدولي للعدالة، بالتعاون مع المنظمة الدوليّة للقضاء على كافة اشكال التمييز العنصري وعدّة منظمّات اخرى، و تركزّت على دور ايران في تصدير الارهاب الى الدول المجاورة من خلال الميليشيات المسلّحة، ومسؤوليّة المجتمع الدولي تجاه ذلك.
وجرى في الندوة التي عُقدت الندوة تحت عنوان: داعش والمجموعات الإرهابيّة الاخرى، استعراض اهمّ المجاميع الارهابيّة في العراق وسورّية ولبنان واليمن وامتداداتها في الدول العربيّة الأخرى. وقدّ تحدّث في الندوة كل من الأستاذ صباح المختار رئيس جمعيّة المحامين العرب في المملكة المتحدّة، والسيد طاهر بومدرة، ممثل الأمم المتحدّة السابق في العراق المسؤول عن ملف حقوق الإنسان، والسفير ابراهيم العدوفي الممثل الدائم للجمهورّية اليمنيّة في جنيف سابقاً، والسيد سترون سنيفنسن العضو السابق في البرلمان الأوربي ورئيس الجمعيّة الأوربيّة لحرّية العراق.
وادار الندوة الخبير الفرنسي في مجال حقوق الإنسان الأستاذ جيان فرانكو، الذي افتتح الندوة بالقول انه ومنذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر، و العالم يواجه شكلاً جديداً من الحرب من قبل مجموعات تستخدم العمل الإرهابي كتكتيك يهدف الى زعزعة الإستقرار في العالم الإسلامي وفرض انظمة جديدة بدلا من الانظمة القائمة. وان هذه المجموعات الإرهابيّة تستخدم اساليب الترغيب والترهيب للزجّ بالشباب من كل انحاء العالم في مشاريعها. واكدّ ان الاعمال الإرهابيّة ازدادت منذ الغزو غير الشرعي للعراق واحتلاله من قبل الولايات المتحدّة الامريكيّة. واكدّ ان الإرهاب يمثّل تحدّياً جديداً للدبلوماسيّة وخاصّة فيما يتعلّق بكيفيّة التعامل مع الفاعلين الذين لا يريدون الظهور والجلوس على طاولة المفاوضات ولذلك يصعب وضع حدّ لحالة العنف والفوضى.
صباح المختار: هل الأمريكان والبريطانيين يستهدفون داعش حقّاً؟
من جانبه قال السيد صباح المختار، الخبير القانوني الدولي ورئيس جمعيّة المحامون العرب في المملكة المتحدّة، ان الاعمال الإرهابيّة موجودة على نطاق العالم منذ امد طويل لكنها لم تنتشر بالطريقة التي تنتشر فيها حالياً، مؤكدا انه من الصعب معرفة الأهداف الحقيّقية لهذه المنظمات.
واضاف ان داعش، وكما في اماكن اخرى، قد ارتكبت جرائم ضد الإنسانية في العراق، واستهدفت الفسيفساء العراقي من خلال تهجير السكان المسالمين، وتدمير الممتلكات الشخصيّة والاضرحة الدينيّة والمعالم الثقافية والارث الحضارّي. وان داعش استهدفت المسلمين والمسيحيين والازيديين وكل من لم يتعاون معها او رفض فكرها المتطرّف.
وارتكبت داعش مذبحة جماعيّة للجنود في قاعدة سبايكر واغلبهم من الشيعة، لكنّها قامت ايضاً بمذابح جماعيّة ضدّ العرب السنّة كما جرى لعدد كبير من افراد قبيلة البونمر في محافظة الانبار.
ويضيف المختار، ان من القضايا والتساؤلات التي تُثار: ما هي حقيقة داعش؟ وكيف يمكنك أن تعرف ان الأمريكيين والبريطانيين عندما يقومون بضربة جوية فانهم يستهدفون داعش؟ فهنالك خسائر كبيرة جدّا في صفوف المدنيين جرّاء تلك الغارات ولا نعلم حقيقة الادّعاء بقتل افراد من داعش. هنالك من يشكك في حقيقة داعش، وهنالك من يقول انها صناعة أمريكية وان الهجمات العشوائيّة هي لإثبات أن أمريكا تقاتل الارهاب!.
وراى المختار انه من الواضح الآن ان الأميركيين يدفعون القوى المحلّية لمحاربة تنظيم القاعدة او داعش في العراق، بمعنى ترك الجميع يتقاتل، وهذا لا يمكن ان يؤدّي الى معالجة الجذرية للمشاكل. واشار السيد المختار هنا الى الاعمال الارهابيّة ضد الفلسطينيين (ارهاب الدولة الاسرائيليّة) وارهاب المرتزقة الذين رافقوا القوات الامريكيّة الغازية للعراق، ثم تصاعد انواع جديدة من التنظيمات الارهابيّة تحت ذريعة محاربة داعش، وغير ذلك من الامثلة، مؤكدّا ان الحل يجب بمكافحة كل هذه التنظيمات وكل الاعمال الارهابيّة بغض النظر عن جنسية او ديانة مرتكبيها.
طاهر بومدرة: الدستور الإيراني لا يؤهل ايران لكي تكون عضوا
امّا السيد طاهر بومدرة، وهو ممثل الأمم المتحدّة السابق في العراق المسؤول عن ملف حقوق الإنسان فيه، فقد تناول دور ايران في تغذية الاهاب في المنطقة مؤكّداً بداية ان الدستور الإيراني لا يؤهل ايران لكي تكون عضواً في الأمم المتحدّة، فهو يقنّن التوسع الايراني في المنطقة من خلال (ولاية الفقيه)، وهذا ما يتعارض مع ميثاق الأمم المتحدّة. وشرح السيد بومدرة كيف ساهمت ايران في انشاء الميليشيات في العراق، وكيف ساهمت مساهمة اساسيّة في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ضد الشعب العراقي وفي اماكن اخرى من البلاد العربيّة. وقال ان ايران تشترك مع الولايات المتحدّة في صناعة القرار في العراق.
ثم قدّم السيد بومدرة مشاهداته كمسؤول في الأمم المتحدّة في العراق لما تعرّض له الكثيرين من انتهاكات جسيمة. مؤكدّا ان الشباب من عمر 12 سنة يزجّون في السجون، لفترات مختلفة لكن الذين تتراوح أعمارهم بين 18-25 سنة، يبقون ما لا يقلّ عن ثلاث إلى خمس سنوات في السجن دون توجيه اتهامات لكنهم يواجهون ابشع ضروب الاضطهاد.
واضاف: ان الولايات المتحدّة تحاول تبرير ما قاموا به في العراق بالادعاء انهم انشأوا دولة تحترم سيادة القانون والديمقراطية في الوقت الذي يمارسون فيه ابشع الانتهاكات. وارتكبوا جريمة كبرى في انهم سلّموا (السيادة) للمالكي وليس إلى العراقيين، ليس للشعب. فالمالكي امتلك كلّ المفاتيح بيده، رئاسة الوزراء، الجيش، القضاء، المال، المجموعات المسلّحة، وحتى مفوضيّة حقوق الإنسان في العراق التي يدّعون انها مستقلّة. كما امتلك المالكي سجون (خاصّة) به لا احد يعلم مكانها، وهو متهم بحالات اختفاء قسري كثيرة. ومن المضحك، والمبكي معاً، ان احد هذه السجون الذي افتضح امره كان يسمّى (سجن الشرف).
وشرح السيد بومدرة كيف انه تاكدّ اثناء ممارسته لعمله ضمن الامم المتحدّة في العراق انه لا يوجد نظام قضائي مستقل في العراق: فالقضاة تتلاعب بهم السلطة كما تشاء، كما تستخدم شاشة التلفزيون لعرض المتهمّين وتوجيه الادانات التي تصل الى الاعدام. وكلّ ذلك ياتي استجابة لطلبات السياسيين وخاصة مجموعة المالكي.
وانتقد عمل الأمم المتحدة في العراق قائلا انه ليس لديها اية مصداقية، وهنالك حاجة إلى إصلاح جدّي. فكل تقارير بعثة الأمم المتحدّة في العراق لا تصدر إلّا بعد ان ترسل الى الحكومة العراقية. وهناك تجري عملية شطب لاي انتقاد واضح لاجهزة السلطات. كذلك هناك حاجة إلى موافقة السلطات في اي تنقل داخل البلاد، وهذا ينطبق على كل المنظمات العاملة في العراق.
واختتم بومدرة حديثه بالقول إن الوضع أصبح تحدّياً كبيراً للأمم المتحدة، ففي اليمن، لبنان، سورّية، العراق، نيجيريا، وغيرها نرى ان هنالك مساعٍ حثيثة من جهاتٍ مرتبطة وممولة من ايران لبسط الهيمنة الايرانيّة على هذه الدول طبقاً لولاية الفقيه التي ينصّ عليها الدستور الإيراني.
السفير د. ابراهيم العدوفي: ميليشيا الحوثي الوجه الآخر لداعش في اليمن!
شرح الممثل الدائم السابق لليمن في الامم المتحدّة، السفير ابراهيم العدوفي كيف ترعرعت ميليشا الحوثي جرّاء الدعم الإيراني، مؤكّداً ان جميع الميليشيات سواء كانت تسمّى داعش، او الحوثي، او بوكو حرام او القاعدة، هي مجموعات ارهابيّة ترتكب جرائم ضد الإنسانيّة ويجب ان تُعامل على قدم المساواة من قبل الأمم المتحدّة والمجتمع الدولي. واعتبر ان ميليشيا الحوثي هي من الحركات الأصولية التي تعتمد الكراهية السياسية والدينية اساساً لخطابها، كما تعتمد سياسة إلغاء الآخرين الذين لا يوافقونها الموقف. ولا تعترف ميليشا الحوثي بسيادة القانون.
وتناول العدوفي بالتفصيل الدور التخريبي الذي لعبته وتلعبه ميليشيا الحوثي في اليمن والذي قوّض السلم الأهلي. مبيناً انه بعد التوصل الى اتفاقيّة الإنتقال السلمي للسلطة وتسشكيل حكومة وحدة وطنيّة عبرالمفاوضات والحوار السلمي بين مختلف الاطراف بما فيهم الحوثيين، وان المفاوضات قد وصلت إلى نتائج ممتازة، وخلصت إلى صياغة مؤسسة جديدة في البلاد، انقلب الحوثيوّن على ذلك وانهوا الشراكة القائمة.ففي سبتمبر2014 دخل أفراد هذه الميليشيات العاصمة (صنعاء) بالقوّة، وسيطروا على المقدّرات في البلاد، وغيّروا النظام بأكمله.
وشرح العدوفي قرارات مجلس الامن الصادرة بخصوص اليمن والتي تحثّ الحوثيين على التخلّي عن العنف، واستعادة السلام والحوار بين مختلف الأطراف مشيراً ان ميليشيا الحوثي لم تلتزم بايّ من هذه القرارات بل استمرّت في تحديها وارتكبت ابشع الجرائم ضد المدنيين العزّل في انتهاك واضح للقانون الدولي الإنساني. وتمادت في انتهاكاتها من خلال تجنيد الأطفال في القتال حيث ان ذلك اصبح ظاهرة واضحة في اليمن. وقال انه لا يمكن تحقيق السلام في اليمن الاّ بتجريد الميليشيات من السلاح والضغط لتفعيل القانون الدولي والقانون الدولي الانساني ووقف كافة الاعمال الارهابيّة التي تمارسها الجماعات المسلّحة.
سترون ستيفنسون: ايران تستخدم الإرهاب كذريعة للتدخل في المنطقة
وقال السيد سترون ستيفنسون، وهو عضو مخضرم في البرلمان الأوربي لغاية عام 2014، وكان المسؤول عن بعثة البرلمان الخاصّة بالعراق، كما انه حالياً رئيس الجمعيّة الأوربيّة لحرّية العراق ومقرّها بروكسيل، ان ايران تستخدم ذريعة الارهاب للتدخل في المنطقة من خلال اذرعها المتمثلّة بالميليشيات المواليّة لها في العراق، وبحزب الله في لبنان، وميليشيا الحوثيي في اليمن. وانها تحاول زعزعة الاستقرار من خلال هذه الاذرع.
وراى ستيفنسون ان افضل من سهلّ لايران هذه السياسة هو رئيس الوزراء السابق نوري المالكي الذي اطلق العنان للميليشيات الموالية لإيران لتعبث في البلاد ولتقوم باعدامات واسعة النطاق للمواطنين على الهويّة. واكدّ ان المالكي هو من فتح الباب امام داعش، وسحب الجيش العراقي من المواجهة.
واضاف ان ايران والمالكي يشتركان في ذبح (العرب السنّة) في العراق، ويمارسان عملية تطهير عرقي طائفي واسعة النطاق في مناطق عدّة من العراق. واضاف ان السياسة الامريكية ساهمت في تمادي المالكي وايران والميليشيات. وان المفروض ان يكون المالكي الآن خلف القضبان في السجن، فهو من سرق اكثر من 500 مليار دولار امريكي من خزينة الدولة العراقيّة بين عامي 2006 و 2014، مما افقر شعب العراق. وبفضل ذلك فان العراق هو من اكثر الدول فساداً.
واوضح السيد ستيفنسون ان معظم المغيبين في السجون السرّية هم من مكون واحد (العرب السنّة)، ويجري تلفيق تهم بالارهاب ضدّهم. كما تحدّث عن ممارسات السلطات العراقية ضد اللاجئين الايرانيين في معسكر اشرف والذين تعرّضوا لهجمات عدّة من ايران ومن قوات المالكي المواليّة لها حتى تمّ نقلهم الى معسكر ليبرتي قرب بغداد.
واكدّ ستيفنسون ان ايران هي اكبر مصدّر للارهاب، وينبغي ان تُعاقب على ذلك، وانتقد مواقف العالم الغربي من ايران وطالب بتغييرها لكي تحترم ايران جيرانها وتحترم التزاماتها الدوليّة وتكف عن تصدير الارهاب.
مركز جنيف الدولي للعدالة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق