لماذا استهداف الفاو من قبل الاعداء وخاصة الايرانين ؟!.. ملاحم البطولة العراقية.. تفاصيل معركة تحرير الفاو يرويها المقاتل اللواء الركن ح . ج ( م . ع ) في جيشنا العراقي بعهد نظامنا الوطني الشرعي قبل الاحتلال - الحلقةالاولى
لماذا استهداف الفاو من قبل الاعداء وخاصة الايرانين ؟!
الفاو قضاء له اهمية استراتيجية كبيرة ليس كباقي الاقضية العراقية
وذلك لوقوعه عند مصب شط العرب ولكونه يربط البصرة بدول الخليج العربي, جرت كما يذكر التاريخ القديم , محاولات العيلامين في عهد الحكم الشوري للاستيلاء على مدينة الفاو , لكنهم فشلوا في ذلك بعد أن خسروا المعركة التي دارت بالقرب من نهر الكرخ أمام الجيش الآشوري القادم من العراق وقتل قائد العيلاميين وخلفت هذه المعركة نقوشاً وكتابات ما زالت محفورة على الواح من المرمر تحذر أهل عيلام من معاودة التحرش بالعراق..
وتبدأ بعبارة (من هنا مر ملك العراق العظيم) ,كما يذكرالتاريخ تنازع على الفاو, البرتغاليون والعثمانيون والإنجليز الذين أحتلوها سنة 1914 , وفي العصر الحديث , حرب ايران على العراق في معركة قادسية صدام المجيده احتلها الايرانيين في 6 شباط عام 1986 لنفس الاهمية الاستراتيجية والعسكرية بشكل خاص , حيث احتلال الفاو يسهل لهم تحقيق هدفاً كبيراً ومهماً هو البصرة , وما تمثله محافظة البصرة من اهمية استراتيجية , باعتبارها محافظة تحدها دول الخليج العربي من الجنوب والجنوب الغربي والى الشمال محافظات العراق , وموقعها على رأس الخليج العربي باعتبارها منفذ العراق الوحيد المطل عليه , احتلال الفاو تم بمخادعة سوقية من قبل الايرانين حيث كانت تشير معلومات الاستخبارات العسكرية العامة والميدانية في قواطع عمليات الفيالق الجنوبية , ان للايرانيين نوايا عدوانية باتجاه هور الحويزة (قاطع الفيلق الرابع) , نتيجة ما رصد من حركة قطعات داخلة للمواضع الدفاعية التي امام القاطع الدفاعي للفيلق وزيادة ملحوظة للمحطات الاسلكية والرصد والاستطلاع المعادي والتسجيل بالنيران من قبل مدفعية العدو , وبهذه التحركات والنشاطات الموهومة تمكن الجيش الايراني المعادي من خداع جيشنا وجعله يلفت انتباهه ويجري تركيزه واهتمامه على هذا القاطع وحقيقة الامر كان العدو يجري استحضارات معركته باتجاه قاطع الفيلق السابع وتحديداً نحو الفاو , الذي يفتقر هذا القاطع الى القوات والاحتياطات الكافية والغيرقادرة على صد هجوم معادي ايراني واسع . كما حصل في 6 شباط 1986 حيث شن العدو الايراني هجومه المباغت واستطاع خلال وقت قياسي من احتلال الفاو وتمركز قواته فيها واندفاعها نحو الشمال باتجاه البصرة , حاولت قطعات من الجيش العراقي والحرس الجمهوري , استعادة الفاو لكنها فشلت , الا انها تمكنت من ايقاف تقدم زخم هجوم العدو في المملحة شمال الفاو من خلال خطوط صد دفاعية , وبنفس الوقت شكلت القيادة العامة قوات قيادات محاور بامرتها تشكيلات من الجيش , وكلفت بواجب طرد العدو من الفاو ولكنها فشلت في تحقيق مهامها , شعرت القيادة العامة للقوات المسلحة ان العدو هو المستفيد من هذه الهجمات غير المخطط لها والتي ينقصها التخطيط والاستحضارات الكافية , مما يوقعها بمخطط العدو لاستنزافها الكبير ثم ليواصل بعدها هجومه نحو تحقيق هدفه , مما دفع بفكر القيادة العسكرية العليا الى التحول من الهجمات الفاشلة الى حالة الدفاع القوي , والعمل على استقرارالموقف تدريجياً لحالته الاعتيادية , على ان يجري التفكير بتحرير الفاو لاحقا وفقاً لما يمليه الموقف العسكري الملائم , من تهيئة القطعات وتدريبها على مهمة طرد العدو الايراني من الفاو.
اصدرت القيادة العسكرية الميدانية العُلْيا توجيهاتها لإنشاء دفاعات ميدانية على شكل نصف دائرة تُحيطُ بمثلث الفاو من جهة الشمال والغرب مؤلفةً من ثلاث خطوط دفاعية كما يلي:
الخط الاول: مؤلف من قطعات المُشاة المُسندة بالهاونات من مختلف العيارات وأسلحة ضد الدبابات ومحمي بمنظومة مانع تتألف من حقول الألغام والموانع السلكية.
الخط الثاني: مؤلف من قطعات المشاة ( تحت إعادة التدريب ) ووحدات المغاويرالتي يمكن المناورة بها عند الحاجة.
الخط الثالث : مؤلف من القطعات المدرعة والآلية .
كانت الخطوط الدفاعية مُسندة بثلاث خطوط إسناد ناري تتألف من مدفعية الميدان – المدفعية المتوسطة – المدفعية الثقيلة – صواريخ أرض أرض ، وتدريجياً قد هدأ القاطع الدفاعي مع استمرار المناوشات بالنيران المختلفة بين قواتنا والعدو.
كل الدلائل تشير ان احتلال الفاو من قبل الجيش الايراني , لم يكن اعتباطاً وانما جاء بنصحية طرف دولي وعلى الاكثر من الانكليز لانهم احتلوها في الحرب العالمية الاولى في حربهم مع الخلافة العثمانية وبعدها واصلوا تقدمهم نحو البصرة وتمكنوا من احتلالها من الجيش العثماني , وهذا ليس بغريب على الانكليز والايرانيين حيث تنسيقهم وتعاونهم قائم ولبريطانيا مع دول الغرب دور في سيناريوا المجيئ بالخميني على رأس السلطه في ايران .
مراحل تحرير الفاو
1. مرحلة التوجيهات
يعتبر احتلال الفاو من قبل جيش العدو الايراني انتكاسة للجيش العراقي وصدمة للشعب العراقي وانعطاف مهم في مسار الحرب لصالح ايران في حربها التي تعتبرها مهمة لان هدفها المعلن والواضح هو احتلال العراق وظمه لبلاد فارس باعتبار العراق كانت ضيعة من بلاد فارس قبل تحريره من قبل الجيش الاسلامي بعهد الخليفة عمر ابن الخطاب رضي الله عنه وبقيادة الصحابي الجليل سعد بن ابي وقاص رضي الله عنه , ان احتلال الفاو ترك عامل مهم سلبي على معنويات جيشنا وشعبنا واعطى زخماً من المعنويات لجيش العدو الفارسي وهذا شكل خطورة بالغة لعموم وحدات جيشنا , لهذا امر تحرير الفاو لابد من ان يكون مهما غلت التضحيات ودحر جيش الفرس ولجم اطماعهم التوسعية وكسر شوكتهم للابد , لكن مع ضرورة التريث وإختيار الظروف الملائمة لتحرير الفاو لأن تحرير الفاو يتطلب الإعداد لمعركة تحقق المباغتة بالوقت وبحجم القطعات ونوعيتها وبمستوى تدريبها والإستخدام الأمثل للأسلحة بكافة أنواعها.
بدأ الرئيس الراحل صدام حسين رحمه الله سلسلة إجتماعات متواصلة مع أعضاء القيادة العامة للقوات المسلحة وقادة الفيالق الثالث والسابع والحرس الجمهوري لغرض الإعداد الجيد لمعركة تحرير الفاو وبدأت هذه الإجتماعات في ( 16 /3/1986 ) ولحين وضع اللمسات الأخيرة لخطة تحرير الفاو.
2. مرحلة الاعداد والتدريب
التدريب للقوات من اهم توجيهات القيادة العامة للقوات المسلحة
افرزت المعارك العنيفة الفاشلة لمحاولة استعادة الفاو دروس مستحصلة في غاية الاهمية لجعلها في المهمة والاهداف التدريبية ضمن خطة التدريب التي سيتم اعتمادها ويجري التدريب عليه , حيث واجهت تلك القوات صعوبات في اجتياز الارض الرخوة والطينية والسواتر الترابية العالية العرضية والطولانية التي اقامها العدو وشكلت عقد اصطناعية تخدمه في اتخاذ مواضعه الدفاعية وملائمة لاستخدامات اسلحته المختلفة وقد حماها بحقول الغام واسلاك شائكة مختلفة امام مواضعه الدفاعية , لقد شملت خطة التدريب معالجة كل ما ابتكر العدو واضاف من تفنن في تعزيز مواضعه الدافعية وجعل خرقها امراً مستحيلاً على قطعاتنا , لهذا احتوت مناهج التدريب كما اسلفنا اعلاه كل هذه المبتكرات والفنون لدى العدو , وبعد ان تحددت القطعات المكلفة بواجب تحرير الفاو خضعت هذه القطعات للتدريب وفقاً للخطط التدريبية وما تظمنت من مهام واهداف تدريبية وميادين مشابهة لطبيعة الارض في المملحة واكثر تعقيداً منها لربما ,وباشراف جميع القادة والامرين , كما شكلت لجان فحوص تدريبية من المقرات العليا واخرى لمتابعة سير التدريب وانتظامه , وكان سلم الاشراف ونتائج الفحوص التدربية وتقارير سير التدريب ترفع نتائجها لاعلى المراجع وتعرض على انظار السيد الرئيس الراحل رحمه الله , للاطمئنان على المتحقق من تطبيق الخطة التدريبية كمهمة واهداف تدريبية , فعلاً كان التدريب عملي وواقعي بشكل كبير وتحقق ضمناً المستوى العالي في اللياقة البدنية للمقاتلين ضباطاً ومراتب ولمختلف الصنوف المقاتلة والساندة والخدمية , لقد تدربت القطعات تدريباً شاقاً وعنيفاً في الميادين الخاصة التي تم اختيار ارضها في هور الحَمار والقرنة حيث كانت اصعب من طبيعة ارض الفاو لغرض اعطاء الواقعية في التدريب وللوصول الى الكفاءة التدريبية العالية وهذه التدريبات لربما كانت الاعنف والاقوى في تاريخ الجيش العراقي هدفها رفع القدرات القتالية للوحدات وتعزيز الثقة بالنفس والسلاح ومعرفة استخدام الارض تعبوياً مما سينعكس بشكل فعال على رفع المعنويات وجعل النصر يرى بين اعين المقاتلين كافة , كانت الخطة التدريبية وما تظمنت من مهام واهداف موفقة جداً والتدريب عليها قد تحقق بشكل فعال للجهود المخلصة والامينة والشعور بالمسؤولية من قبل جميع القادة والآمرين بمختلف المستويات حتى لمستوى المراتب
. وهنا يحضرني سؤال في غاية الاهمية وجهه الرئيس المجاهد الراحل صدام حسين رحمه الله, لكوكبة من المقاتلين كنت من بينهم في حفل تكريم من قبل سيادته باوسمة العز والفخر التي اعتاد ان يمنحها القائد العام لمقاتليه في ميادين القتال او في مقره الدائم ( القصر الجمهوري ) , وكان السؤال هو (ما سر انتصار جيشنا الباسل في تحرير الفاو) وكان لي الشرف بالاجابة الصحيحة التي اثلجت صدر سيادته واردف معقباً على اهمية التدريب الخاص وفق المهمة المراد انجازها من قبل القطعات المكلفة لهذا الغرض , وحقيقة كان التعاون في التدريب والقتال لجميع الصنوف والخدمات عامل مهم ساعد على تحرير الفاو العزيزة وانتزاعها بكل يسر من العدو الفارسي اللئيم
يتبع
الحلقة الثانية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق