قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الجمعة، 10 فبراير 2012

اوهام قبل الامس في عصر ما بعد الغد : نحن وامريكا وبيننا هولي وود 33

                                                                  
                                                                         تذكر دوما ان الاسماك الميته وحدها تسبح مع التيار   
                                                                                                             مالكولم مكريدج  
                                                                                                                 مثل عالمي   
                                                                          تدمير ( الكبار ) وتنصيب ( الصغار ) ج
                                                                                                 صلاح المختار                                                                                         
هل يقتصر التأمر الخارجي على اليمن نتيجة استغلال تغلب علاقات ما قبل الوطنية فيه كالقبلية المعززة بالتخلف والامية والفقر المدقع للاغلبية من المواطنين ؟ كلا ، فلئن كانت اليمن تمثل حالة انموذجية من سلبيات التخلف الكبير التي يمكن استغلالها ، خصوصا امكانية التأثير على شرائح شعبية واسعة حتى من قبل العدو التقليدي للامة وهو امريكا ، فان الحالات الاكثر تقدما وتطورا اجتماعيا وثقافيا واكثر غنى ماليا ، كمصر والعراق وتونس وسوريا وغيرها ، يمكن ايضا ان تتعرض لاستغلال التأثيرات المتنحية السابقة للوطنية من قبل امريكا وغيرها بطرق عدة .
فمصر ( ام الدنيا ) والتي كانت طليعة الامة العربية في التقدم الاجتماعي والثقافي ، وفي تثبيت مفهوم المواطنة المتساوية للجميع وبغض النظر عن الهوية الفرعية المتنحية ، تقع اليوم فريسة  لتأمر خارجي وداخلي خطيرين ، فالمنظمات الامريكية التي دربت شباب الفيس بوك في اليمن واستخدمتهم لتمزيقه هي نفسها التي قامت بمصر بعمل اخطر واقدم عبر دورات تدريبية وتأهيلية تخرج منها الكثير ممن يطلق عليهم الان شباب ( الفيس بوك ) المصريين والذين فعلوا بمصر اسوأ مما فعل شباب الدورات الامريكية في اليمن ، فقد قبضوا المال من امريكا علنا ، وادخلوا في دورات تدريبية مخابراتية علنا ، واخذوا يروجون لافكار غريبة على مصر وشعبها علنا كممارسة الجنس خارج اطار الزواج وتشجيع الشذوذ الجنسي ، كما سنوضح ، مكملين دور حزب امريكا القديم وهو حزب انصار حسني مبارك وخدمه في اثارة الشغب والمشاكل المعقدة في مصر .
يقول الاستاذ محمد سيف الدولة في مقال له ما يلي :  رغم اننا لم نعلن الحرب على اسرائيل ،  ورغم اننا لم نعلن انسحابنا من معاهدة السلام بل يؤكد ((الجميع)) بمناسبة وبدون مناسبة على الالتزام بها وبأخواتها من  اتفاقيات الغاز والكويز والسياحة ..الخ،  ورغم اننا لم ندفع باى قوات إضافية الى سيناء بالمخالفة للإعداد المسموح لنا بها بموجب المادة الرابعة من المعاهدة ، ورغم اننا لم نرتكب اى فعل عسكرى او اقتصادى او دبلوماسى  يمكن تفسيره على انه انتهاك لاحكام المعاهدة  ، ورغم اننا نؤكد كل يوم على التمسك بالعلاقات الاستراتيجية والخاصة مع الولايات المتحدة !  رغم كل هذا الالتزام المصرى الرسمى بالصراط المستقيم على الطريقة الامريكية الاسرائيلية المباركية  الا ان الامريكان لم يتوانوا فى الاسابيع الماضية عن تهديدنا تهديدات صريحة وواضحة بانهم سيقطعون عنا المساعدات العسكرية ، بسبب ما اتخذته لجان قضائية مصرية من اجراء تحقيقات حول أنشطة غير  قانونية تقوم بها المنظمات الاستخباراتية الأمريكية الثلاث : المعهد الديمقراطي والمعهد الجمهوري وفريدوم هاوس ) .
           يواصل الاستاذ سيف الدولة كشف التدخل الامريكي المباشر والضغط الشديد على المجلس العسكري الحاكم  من اجل السماح للمنظمات الاستخبارية الامريكية بمواصلة نشر افكار في مصر تفضي حتما الى التشرذم فيقول :    
      ( فمنذ بضعة ايام اعلن البيت الابيض ان الرئيس الامريكى قد اتصل بالمشير طنطاوى بهذا الشأن وفُهم من صياغة نص البيان انه ربط بين الموافقة على قرض صندوق النقد الدولى البالغ 3.2 مليار $ وبين السماح للمنظمات الاستخباراتية بالعودة الى النشاط  فى مصر . ثم قام عدد من اعضاء الكونجرس بارسال خطاب الى اوباما يحرضونه على قطع المساعدات عن مصر ان لم يتم حل ازمة المنظمات المذكورة ، وقبلها اعلنت فيكتوريا نولاند المتحدثة باسم الخارجية الامريكية انه لن يكون بمقدورهم اقناع الكونجرس بالتصديق على المساعدات ان ظلت هذه الازمة قائمة ، ثم اعلنت فى مؤتمر صحفى لاحق ان الادارة الامريكية تضغط على مصر بكل الاساليب والوسائل بما في ذلك طريقة العصا والجزرة (هكذا قالت) ، وهى الحملة التى بدأت يوم 31 ديسمبر الماضى باتصال بانيتا وزير الدفاع الامريكى بالمشير فى اليوم التالى لتفتيش هذه المنظمات . ثم ما تلى ذلك من طوفان من الزيارات من مسئولين وشخصيات امريكية للضغط والتهديد مثل جيفرى فيلتمان وفرانك بيرنز مساعدى زير الخارجية ثم الرئيس الامريكى الاسبق جيمى كارتر ثم مايكل بوزنر مساعد وزير الخارجية لحقوق الانسان ، وأخرهم الوفد القضائى الامريكى رفيع المستوى برئاسة وزير العدل الامريكى شخصيا الذى يزورنا الآن ، بعد منع سفر 6 مواطنين امريكان من السفر لانهم محل للتحقيق ، منهم سام لاهود مدير فرع المعهد الجمهوري فى مصر و هو ابن وزير النقل الامريكى . زيارات وتهديدات من الكونجرس واتصالات من اوباما ووزير دفاعه ،  وتصريحات من الخارجية الأمريكية ومقالات تحريضية فى الصحف الامريكية ، وحملات ضارية لا تزالا مستمرة حتى كتابة هذه السطور ، كلهم يضغطون ويتوعدون لإرغام الإدارة المصرية على الخضوع وإطلاق يد المنظمات الأمريكية . ) .  مقال بعنوان ( ضغوط امريكية فوق العادة ) وصلني بتاريخ 29/1/2012 .
       ماذا يقدم لنا هذا المقال ؟ انه يؤكد بوضوح كامل ان ما يجري في اليمن يجري مثله في مصر وباقي الاقطار العربية لنفس الاهداف وبنفس الوسائل والادوات فنفس المعاهد الاستخبارية التي تدرب يمنيين على التشرذم والتمرد والفوضوية تقوم بتنظيم شباب في مصر وتدفع الملايين من اجل جعلهم قادرين على نشر الفوضى والتخريب لوحدة مصر ، ونفس المعاهد تقيم نفس الدورات في مصر واليمن وغيرهما رسميا ، وعندما تتدخل حكومة ما لايقاف ذلك مثلما فعلت مصر فان امريكا بكل مسؤوليها ، ابتداء من الرئيس وحتى اصغر مسؤول يبدأون بحملات ضغط شديدة وتهديدات وقحة لاجل اعادة السماح لهذه المنظمات التجسسية بالعمل الحر ، وربط ذلك بالعلاقات والمساعدات المالية والعسكرية وغيرها ، لان عملها هو الضمانة الاساسية لايجاد بيئة التشرذم والانقسامات بكافة اشكالها .
      ولكي نرى نتائج عمل هذه المنظات بالاضافة لما رايناه من كوارث في مصر منذ استولى المجلس العسكري على الحكم واعاد انتاج نظام حسني بدون حسني ، فان ما حدث في بورسعيد كان كارثة وطنية بكل ما تعنيه هذه العبارة من معنى حيث سقط اكثر من 80 قتيل ومئات الجرحى ظاهريا نتيجة خلافات حول كرة القدم ، وهي حادثة تنبهنا الى ان امريكا واسرائيل لا تقبلان بتفتيت مصر طائفيا وسياسيا فقط بل هما تريدان تفتيت الناس من طائفة واحدة بصورة عدائية حتى في قضايا الرياضة والفن ، وتصل روح العداء حد التنكيل بلا رحمة والقتل بلا تردد مع اننا نعرف ان الشعب المصري الشقيق هو من اكثر الشعوب هدوءا ومسالمة !
                                                                                           تبدد الغموض
      ان ما سبق عرضه من احداث ومواقف ووثائق تجرنا رغما عنا الى الحقائق التالية :
       1 – العمل ونقيضه لماذا ؟ ان دعم امريكا المطلق لعمل ونشاط شباب الفيس بوك ، وهم حزب امريكا  الجديد بلا شك ، الناشطون تحت غطاء اقامة المجتمع المدني وفرض الياته وازالة عمل واليات المجتمع التقليدي ، وهذا الدعم يقوم علنا ورسميا على التدخل المباشر وبقوة وعنف لدعمهم ومنع ايقاف عملهم ، ولكن ، وبنفس الوقت ، تعمل امريكا وبصورة مباشرة وبالواسطة على منع بناء اسس المجتمع المدني ، كما في اليمن عن طريق تنمية ودعم القبلية والطائفية والمناطقية ...الخ ، اما اذا كانت هذه الاسس قائمة وبدرجات مختلفة ، كما في مصر والعراق وسوريا وتونس وغيرها ، فانها يجب ان تزال لاجل منع نشوء مجتمع مدني حقيقي عبر تنمية او اثارة او تقوية او احياء او خلق ، عوامل نقض اسس بناء هذا المجتمع كالطائفية او القبلية او العنصرية او الايديولوجيات الظلامية ...الخ .
وهذه عملية مركبة ومعقدة ( sophisticated  ) وليست بسيطة ، هدفها تمزيق المجتمع وتصعيد الصراعات فيه وعدم السماح بانتهاءها قبل التدمير الشامل للدولة والمجتمع ، من خلال توفير وقود دائم ومستمر لتوالي الازمات وتفريخ احداها للاخرى ، وبطبيعة الحال فان التشرذم وانتشار الهويات الفرعية وطغيانها على الهوية الوطنية يقضي نهائيا على اي امكانية لاقامة مجتمع مدني ، من خلال جعله يبدو كانه عمل خيالي ومن يقومون به اناس غير واقعيين ومعادين ، ومن ثم يصبح دعاة اقامة منظمات ( المجتمع المدني ) عبارة عن اغراب في احياء مغلقة عليهم ، فيغنون ليل نهار ويزعجون الناس وهم في عزلة تامة ولكن بعد اثارتهم لزوابع وفتن واضطرابات مدمرة لاستقرار الدولة والمجتمع ، وهو حال يوصل بعضهم  في النهاية الى سلوك منحرف جنسيا وسياسيا واجتماعيا واسريا ، كما راينا ونرى في اليمن ومصر والعراق وليبيا وسوريا ، وهو ما سنتناوله لاحقا .
   ونشير هنا الى ظاهرة مرتبطة بهذه الحقيقة وهي ان امريكا برجالها الرسميين وبمنظاتهما الاستخبارية التي تعمل تحت غطاء اتصلت وتتصل بكل القوى السياسية في اليمن ومصر وتونس وغيرها واعطت الانطباع لكل طرف بانها تؤيده وتدعمه رغم تناقض هذه الاطراف لكي تشحن كل طرف وتشجعه على مواصلة نهجه المنفرد والانشقاقي والعدائي .
        2 – مع امريكا ولكن بلا عمالة مباشرة  : ان التثقيف على منطلقات ليبرالية في معاهد امريكا التجسسية ينمي أسوأ ما في الليبرالية وهو روحها  وهي ثقافة ( الاناالمتفردة ) التي تفضي الى جعل المعيار الفردي هو المستخدم في تقرير كل المواقف ، وبما ان الليبرالية تهتم اكثر ما تهتم  بتضخيم الانا الفردية وتجعلها محور الكون والوجود فان كل شيء يصبح وجهة نظر بما في ذلك خرق ثوابت الامة والتجاوز على حرماتها الوطنية والدينية والقومية والقانونية ، مثل تحليل الخيانة والتجاوز على الذات الالهية وتعمد ممارسة سلوك جنسي استفزازي . والدخول في هذا النفق الليبرالي يجعل الجواسيس الصغار لا يعرفون انهم جواسيس ، وان عرفوا فانهم يعدون تعاونهم مع امريكا محصور بهدف اقامة الديمقراطية وليس تنفيذ اوامرها مع انها العدو الرئيس لامتنا كما يتجلى في سياساتها في العراق وفلسطين .  
          ان طريقة اعداد هؤلاء توفر لهم قناعة بان ما يفعلونه هو قناعة وليس عمالة ، وهذا بالضبط هو ما تريده امريكا واي جهاز استخباري في العالم ، لان العمالة تقترن بالعار والخيانة اما وجهة النظر ومهما كانت فانها وفقا لنمط التفكير الليبرالي لا تدخل نظريا في خانة الخيانة وانما هي خيار طبيعي في اطار تفكير حر ، يجر صاحبه ايضا الى قبول الشذوذ الجنسي وعلاقات الجنس خارج الزواج ، وهو ما ظهر واضحا في مصر واليمن بعد الاحداث الاخيرة ، اما في العراق فان ظهور التفسخ الجنسي بدأ بعد الاحتلال وبفضل التشجيع الامريكي ، وهو تشجيع يتكرر الان في اليمن ومصر وغيرهما ، من جهة ، ونتيجة لترويج ايران لزواج المتعة الذي ورط الكثير من النساء في علاقات جنسية مفتوحة من جهة ثانية ، مما ساعد على حصول تفسخ اجتماعي واخلاقي مقلقين جدا لكل العراقيين . 
وهنا نجد انفسنا امام سؤال منطقي وعملي بنفس الوقت وهو : هل اليمن بوضعها القبلي والاجتماعي مثلا يمكن ان تكون ليبرالية كي يسمح ببروز تيارات وافراد فيها يتصرفون كأنهم امريكيين بطروحاتهم الليبرالية ؟ ان المعاهد والمنظمات الامريكية العاملة تحت غطاء نشر الديمقراطية وحماية حقوق الانسان هي الاداة الاستخبارية المموهة ، بدليل ان امريكا اقامت الدنيا ولم تقعدها بعد لان مصر اوقفت عمل هذه المنظمات رغم ان العسكر في مصر لم يتراجعوا عن علاقاتهم مع اسرائيل ولا اضعفوا علاقاتهم الستراتيجية مع امريكا ! ولئن قامت مصر بمنع وكشف بعض هذه المنظمات ، ودعمت ذلك ويكيليكس بنشر اسماء من يزورون السفارة الامريكية ويتلقون المساعدات المالية منها ، فان اليمن لا يستطيع ذلك لان بعض شيوخ القبائل يحمي من يتعاون مع امريكا ويقبض منها واذا اعتقل فان تلك القبيلة ستعلن الحرب على من يعتقله ! وهكذا يكون ممكنا تحقيق افضل واوسع اختراق استخباري باقل المشاكل في اليمن ، اذ يكفي ان تكسب شيخ قبيلة عبر منح مالية او عقود تجارية او وكالات تجارية له او لمن يرشحه لكي تصبح امريكا مقبولة وتروج دعايتها وتحمى مصالحها ، وتلك الحقيقة تفسر لم تشكلت في اليمن مئات المنظمات التي تعمل باسم المجتمع المدني وتمول مباشرة واحيانا بصورة صريحة دون اثارة زوابع كتلك التي تثار في مصر وغيرها .
      3 – قادة صغار لكنهم بلابوصلة :  هنا نصل الى الفكرة المركزية فعملية شرذمة الاحزاب والقوى السياسية الوطنية خلال العقود الماضية بطرق مختلفة كانت ممهدات مبرمجة لاضعافها او انهاءها لاجل خلق فراغ سياسي وفكري ونفسي يطول امده ، ثم تبدأ عملية ملأه ببديل مختلف تماما عن القوى الوطنية لانه عبارة عن نخب شبابية تفتقر للخبرة والتجارب العملية التي تمكنهم من معرفة كيف يسوسون العملية السياسية بصواب ، واذا اضفنا الى ذلك ان هذه النخب ليست منسجمة فكريا ونفسيا وتربويا فهي تضم تيارات واتجاهات متناقضة تبدأ من الفوضوية والعفوية وتنتهي عند التطرف الديني والسلفية ، وهكذا تجد بين هذه النخب الملحد والمتطرف دينيا ، وتجد المحافظ اخلاقيا والمتحلل جنسيا يعملان سوية ضد النظام القائم .
والسؤال المنطقي هو التالي : كيف يمكن لمن يفتقر للخبرة والتجارب ولمن يتميزون بوجود تناقضات حادة بينهم  ، ولمن لا يمتلكون سوى قوة ذواتهم كنخب ، كيف يستطيع هؤلاء النجاح في السيطرة على السلطة والمجتمع بعد اسقاط النظام ؟ وهل يمتلكون القدرة العسكرية والتنظيمية الفاعلة التي تحافظ عل استقرار الدولة والمجتمع وتمنع تمزقهما بعد اسقاط النظام ؟
          في الصراعات السياسية المعقدة ، خصوصا ذات الطبيعة الستراتيجية ، لا يمكن كسب المعارك الا بوجود تجربة وخبرة طويلتين ووجود تنظيم فعال ومنسجم ولديه ستراتيجية واضحة المعالم ، وتلك هي البوصلة التي لا يمكن خوض صراع بدونها اذا كان المطلوب هو تحقيق النصر الكامل ، وليس مجرد تفجير معركة لا نعرف كيف ستنتهي ولصالح من ستنتهي ، واكبر دليل على صواب ذلك هو ما الت اليه احداث تونس ومصر بعد تضحيات جسام قدمها الشباب الوطني ثم قطف الثمار ( اصدقاء ) امريكا وفرنسا فقط ! هنا يظهر التحدي الاعظم : فأولئك الذين يخوضون معارك كبرى بدون تخطيط مشترك ذو طبيعة ستراتيجية سيجدون انفسم امام خطر الهزيمة او انهم سيحققون نصرا اوليا لكنهم سيصدمون حينما سيتقدم الصفوف من لديه القوة والتنظيم والمال لقطف ثمار تضحيات من ثار وانتفض ونزف الدم . هذا هو اهم دروس الثورات والانتفاضات الكبرى في العالم قديما وحديثا ، فلا نجاح في تحقيق النصر والوصول الى الاهداف المرسومة الا بوجود تنظيم طليعي له قاعدة شعبية واعية ومنظمة ويتحرك وفقا لستراتيجية واضحة .
      ويزداد الطابع المغامر لانتفاضة نخب ليست لديها نظرة ستراتيجية ولا تنظيم شعبي وعسكري حينما تكون هناك قوى مخابراتية متقدمة الامكانيات ولديها نفوذ وعناصر اعدتهم سلفا لتولي الامور في لحظة ما ، مما يجعل النخب المضحية تبدو كأنها تمهد الطريق للشيطان كي يصل الى السلطة ممتطيا ظهورها !
      فقط انظروا لما حصل في العقود الاربعة الاخيرة من حروب وازمات وضعت القوى الوطنية المجربة في زاوية التحدي وخنقت هناك ، ومن هناك ايضا بدأ اليأس يدب تدريجيا من هذه القوى مما سمح لقوى اخرى برفع رأسها والتحرك لملء الفراغ الذي اخذ يتسع مع اشتداد الصراع بين الاستعمار والقوى الوطنية التي فقدت زمام المبادرة . والان وصلنا الى رسم طريق واحد فقط وهو ان الفراغ في الشارع يملء بقوى منظمة قديمة لكنها لم تكن بطلة الانتفاضات العربية ، لكنها على صلات بالغرب او ان الغرب يجد فيها خير ادوات لتمزيق الاقطار العربية طائفيا وسياسيا . ان قيام خطط امريكا والصهيونية على دعم عناصر ونخب عفوية الاتجاه وتفتقر للخبرة ،وتتميز بالتناقضات العميقة فيما بينها ليس سوى وصفة لشرذمة الوطن وتمزيق الشعب ومنع نضاله من الوصول للهدف المنشود وهو الاستقرار على قاعد تحقيق مصلحة الشعب ومنع الاستغلال وانهاء الفقر والامية والتخلف واقامة الديمقراطية الحقيقية وتحرير الارض والثروات جنبا الى جنب مع تحرير الانسان .
ان تدمير الكبار المجربين وذوي البوصلة ، الوطنية والقومية والستراتجية ، الهادية واستبدالهم بصغار ، عدميين او فوضويين او ليبراليين مقطوعي الجذور ، تحركهم المشاعر والعواطف وتنقصهم البوصلة ليس سوى خطوة تمهيدية لظهور ( المهدي المنتظر ) وما سيجره ذلك على الامة من كوارث فظيعة ستكون كارثتنا الحالية بالنسبة لها مجرد قرصة نحلة . كيف سيحصل ذلك ؟ يتبع . 
9/2/2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق