قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الجمعة، 17 فبراير 2012

صباح الموسوي: مستقبل الأحواز على ضوء المتغيرات العالمية


صباح الموسوي: مستقبل الأحواز على ضوء المتغيرات العالمية
16/02/2012
مستقبل الأحواز على ضوء المتغيرات العالمية
  صباح الموسوي

 لاشك أن كثيراً من الملامح السياسية والثقافية والاقتصادية العالمية والعلاقات بين الأمم والشعوب قد شهدت تغيراً واسعاً، وهي ما تزال آخذة بالتغيير، وهذا ما تسبب في استبدال كثير من المصطلحات والمفاهيم السياسية السابقة بمصطلحات جديدة لتكون متلائمة مع مسيرة التغيير الجارية في العالم. مثال على ذلك نجد أن مصطلح العولمة قد حل محل الإمبريالية، ونظام السوق محل الرأسمالية، ومصطلح الإرهاب محل الرجعية. كما حل مصطلح دويلات الأمة محل دولة الأمة الواحدة، وإلى ما هنالك من مصطلحات أخرى ذات صلة.
ومن المؤكد أن هذا التغيير ليس وليد صدفة إنما هو جزء من مباني سياسة عالمية جديدة جاءت لتنهي المفاهيم والمصطلحات السابقة وتؤصل لمرحلة قادمة. وهذا ما دفع بالمراقبين والمحللين السياسيين لوضع تصوراتهم للسيناريوهات التي يتوقع أن يقوم عليها النظام السياسي الجديد في المنطقة. كانت أغلب تلك السيناريوهات وضعت بناءً على جملة من الأحداث التي مرت بها المنطقة والعالم أجمع، والتي كان من بينها على سبيل المثال فشل العملية السلمية بين العرب وإسرائيل، وحدوث هجمات11 سبتمبر2001، وحرب إسقاط نظام طالبان الأفغانية وغزو العراق وغيرها. حيث أفرزت تلك الأحداث وقائع جديدة يعتقد المحللون أنها تستلزم بناء نظام إقليمي جديد من أجل إعادة ترتيب أوضاع المنطقة.
على هذا الأساس فقد تصور بعضهم شكل ذلك النظام ورسم خارطة جغرافية جديدة للمنطقة آخذة بنظر الاعتبار الأقليات القومية التي هضمت حقوقها في المرحلة الماضية، وهذه الخارطة تدفع بإلقاء الضوء على قضية عربية غيبت عمداً عن مخيلة العالم؛ وهي القضية الأحوازية التي ما برح أبناؤها يكافحون من أجل بلوغ غاياتهم في تحقيق حق تقرير مصيرهم بأنفسهم والعيش بحرية كسائر الشعوب الأخرى. لقد مرت أكثر من ثمانية عقود من الزمن والأحواز تخضع لسلطة الدولة الإيرانية التي مكنتها القوى الاستعمارية عام 1925م من الاستيلاء على هذا الإقليم وإسقاط سلطته العربية، وقد قاوم الأحوازيون هذا الضم رافضين التنازل عن سيادتهم والتخلي عن هويتهم العربية، ورغم جميع المحاولات الجريئة التي قام بها أبناء هذا الإقليم؛ والتي تمثلت بانتفاضات وثورات عديدة؛ إلا أنهم لم يتمكنوا من تحقيق ما يهدفون له، وذلك لعدة أسباب من أهمها؛ غياب توازن القوى بينهم وبين السلطة الإيرانية المحتلة، تصادم تطلعاتهم مع مصالح الدول الكبرى، انشغال العرب في القضية الفلسطينية وغيرها من الأمور الأخرى.
كل هذا شجع الأنظمة الإيرانية المتعاقبة على المضي بالعمل على تغيير معالم الإقليم مستخدمة القمع وسيلة لتحقيق أهدافها. وقد استطاعت هذه الأنظمة أن تفرض مناهجها التربوية والتعليمية والثقافية في الإقليم لتصبح اللغة والآداب والثقافة الفارسية المكون الأساس للمفاهيم الفكرية والمعرفية لعرب الأحواز، بما يؤدي مع مرور الزمان إلى نشوء أجيال أحوازية لا عهد لها بالعلوم والمعارف العربية، ولا تعرف عن ماضيها سوى أنها عربية دون أن تعرف إذا ما كان يترتب على ذلك حقوق وواجبات أم لا، ومن أين لهذه الأجيال أن تعرف ذلك مادام أنها فتحت أعينها وهي ترى وتسمع كل ما يدور حولها من سلطة وتعليم وثقافة وإعلام جميعها فارسية، ولا وجود للعروبة والأحواز مكان فيها. إلى جانب كل ذلك كان للصمت الدولي وتغييب القضية الأحوازية عن المسرح العربي (إلا ما ندر) دور كبير في إنجاح مخطط الأنظمة الإيرانية، غير أن هذه الواقع المرير لم يكن قادراً على منع ظهور حركات وتنظيمات أحوازية بين الفينة والأخرى، في محاولة منها لزرع روح التحدي في الشارع الأحوازي، ورغم ما تعرضت له هذه الحركة من قمع شديدة إلا أنها استطاعت أن تستمر في كفاحها من أجل الحفاظ على الهوية العربية والحد من تأثير سياسات الدولة الإيرانية على الشعب الأحوازي.
غير أن ما تحمله السيناريوهات القادمة للمنطقة تظهر أن تغيراً قد حصل في أجندة الدول الكبرى، وحصول هذه التغيرات إلى جانب أحداث مهمة أخرى ذات صلة بمشروع نظام الشرق الأوسط الجديد يسترعي انتباه المتابع السياسي إلى إمكانية أن يصبح للقضية الأحوازية شأن هام في المرحلة القادمة، وذلك نظراً لموقعها الجيوستراتيجي من أهمية بالغة، إضافة لما تمتلكه من احتياطي نفطي هائل يأتي بالمرتبة الثالثة بعد احتياطي السعودية والعراق. وإذا كان نجاح تغيير الوضع في بلد ما مرتبط بتحرك أبناء ذلك البلد؛ فإننا نقول إن ما قدمه الشعب الأحوازي من كفاح وتضحيات جسام خلال الفترة الماضية، وما تمر به الأحواز في الوقت الحاضر من توترات أمنية وسياسية، تظهر بوضوح تام أن الشعب الأحوازي لديه الاستعداد لتغيير الواقع الحالي وخلق واقع جديد في الأحواز إذا ما تهيأت له سبل التغيير.
المصدر هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق