قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الأربعاء، 8 فبراير 2012

توجان فيصل: لا شىء في الأردن يدعو للابتهاج ..الخروج من البيت يعيد القتامة بسماع قصص الفساد والظلم وترهل إدارة الدولة. .

توجان فيصل: لا شىء في الأردن يدعو للابتهاج ..الخروج من البيت يعيد القتامة بسماع قصص الفساد والظلم وترهل إدارة الدولة. .
08/02/2012
ثقوب في الثوب الأسود
توجان فيصل-كاتبة أردنية

العنوان مستعار من رواية لإحسان عبد القدوس, كونه يعبر بدقة عن الحال الذي نعرض.

فلا شىء في الأردن عاد يدعو للابتهاج .. البيوت غارقة بمشاكلها والخروج من البيت يعيد القتامة بسماع المزيد من قصص الفساد والظلم وترهل إدارة الدولة. كما في الحداد, السواد يلف الصورة وينبئك بالحال حتى قبل أن يبدأ الصوت النادب أو الغاضب ..

ولكن الثوب بات بالياً, وأخذ يتفتق من أكثر من جهة. فالاعتصامات القطاعية بدأت بالتحول لإضرابات آخرها إضراب المعلمين الذي تحاول الدولة أن تجرّم فيه المعلم صاحب الحق بزعم أنه يضر بالعملية التربوية, في حين أن كامل الجسم التعلمي تفتق أيضاً ثوبه المهلهل عن خفاياه.

والثوب التعليمي مهلهل "حرفيا", وبخاصة في العهد الجديد حيث قام وزير مرفّه "بتعيير" المعلمين بثيابهم الرثة .. وقبلها جرى ما يشبه ذلك التعيير للطلبة . فحين ظهر أن غالبية طلبة المدارس الحكومية لا يملكون معاطف تقيهم البرد, وبدل النظر في أسباب ذلك, تصدرت الصحف والتلفزة الحكومية صور تبرع الملكة رانيا بمعاطف كان يجري صف الطلاب والطالبات لتصويرهم وهي تلبسهم إياها فيما أغلبهم يتوارى كي لا يظهر في الصورة. وتوالى بعدها رفض الطلبة, وبخاصة اليافعين الذين يتسمون بحساسية مفرطة لموضوع المكانة بين زملائهم, ارتداء المعاطف التي لم يراع فيها حتى المقاس .. مؤثرين البرد على وسمهم بهكذا عطيّة.

ولكن تدني تحصيل الطلبة وتسربهم من المدارس لم يكن البرد سببه الأوحد, بل إن ذات عوامل حرمان هؤلاء من الثياب كانت تسببت في حرمانهم من الغذاء .. وتوالت قصص إغماء أطفال أتوا للمدرسة بمعد خاوية. فجاء "مشروع" تقديم وجبة غذاء للأطفال بذات نهج اليد العليا وصفقات البزنس الحاكمة لكل شيء . فتوالت هذه المرة أنباء تسمم الأطفال بالجملة نتيجة تناولهم تلك الوجبات, ونقلهم للمستشفيات ..

ولم يعاقب أحد, ولكن جرى استبدال علبة الحليب بكاسة ماء ثمنها يساوي بضعة أرغفة, لو ملكة الأهل الذين لا تصل مياه صالحة للشرب لبيوتهم .. أي أن مقولة "كلوا بسكوت", مضافاً لها "واشربوا كأس ماء بسعر البسكوت", طبّقت لصالح مزودي البسكوت والماء المعلب في كاسات.

ثم ألغي المشروع لينتقل أصحابه لمشاريع عطاءات أخرى تستثمر الإفقار, ليس آخرها ما عرف من توظيف هؤلاء المستثميرن "المتنفذين" لأول دفعة من البلطجية من بين فتية متسربين من المدارس من جنوب البلاد المفقر, جلبوا في شاحنات صغيرة للتصدي بالعصي والسلاح الأبيض للمعتصمين على دوار الداخلية في هجمة 24 آذار الشهيرة والتي أدت لسقوط أول قتيل من المعتصمين .. ولم تقدم حتى وجبة الطعام لهؤلاء المجندين, بل أطعم بعضهم محسنون رثوا لحالهم.

وقميص العملية التربوية الذي ترفعه الدولة ملوث بدماء طلبة ومعلمين كثر سالت في أحداث عنف مدرسي وجامعي, يجمع المحللون على أنها نشر متعمد لعنف أهلي لإلهاء الشعب والحيلولة دون توحده في مسار إصلاحي.

والثقوب تتوالى لتصل القمة بالقاع. فبمتابعة ذات مثال العملية التعلمية - الصحية, نجد ان تدني مخرجات الجامعات تهدد مخرجاتها في حقل الطب وخدمات مستشفياتها. فغلبة نهج نهب أموال مؤسسة الضمان بتوريطها في استثمارات تغطي بها خسائر مخطط لها لمستثمرين متنفذين, قلصت نسبة شمول الضمان لدخول أساتذة الطب في أهم صرحين تعليميين وعلاجيين, وهما مستشفى الجامعة الأردنية ومستشفى الملك المؤسس التابع لجامعة العلوم والتكنولوجيا .. بما يجعل تسرب تلك الكفاءات التعليمية والخدمية العلاجية, مسألة وقت, والأخطر أن خيرتهم ستستقطب للخارج.

وقد أعلن مراراً, ومؤخراً بدرجة الخطر, عن حال مزر لمستشفى الجامعة الأردنية ..وفيما تبقى من خدمات صحية, نجد ذات تعامل الدولة بمفهوم الربح الآني بتأجير أسرّتها لمرضى وافدين يدفعون أو تدفع حكوماتهم بسخاء, على حساب المرضى الأردنيين.

ولا يمكن حصر الثقوب التي تفتقت في هذا الحقل وحده, فهنالك إضراب إطباء وزراة الصحة لتدني أجورهم, وقبله أضربوا مرارا لضربهم من قبل مرضى ساخطين أو مدعومين .. وبالمقابل امتنعت مستشفيات خاصة عن قبول مرضى مؤمنين لعدم قيام شركات التأمين بتسديد فواتيرها, وهي الشركات التي أصبحت أحد إبرز عناوين تغول حفنة من الفاسدين على الدولة ذاتها وابتزازها بدءا من رأسها الممثل بالملك .. ذلك الابتزاز العلني الذي أحدث مؤخرا ثقباً فاضحا ..

الثقوب تتوالى اعتصامات وإضرابات وإغلاقات .. ولم يبق من الثوب الأسود بقية تستر عورة, ما يؤمل باقتراب خلعه ليلبس الوطن ثوبا زاهيا بلون ربيعه.
المصدر هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق