بسم الله الرحمن الرحيم
شبكة المنصور
زيد احمد الربيعي
في أزمة تأميم القناة فوجئ الاستعمار بمستوى من الوعي والنضال والتنظيم في البلاد العربية لم يكن يتوقعه ولم يعد العدة له فارتبك وطاش سهمه خسر المعركة، وكانت الولايات المتحدة أقل الدول الاستعمارية تورطا وانغماسا مباشرا في تلك المعركة وبالتالي أقل من غيرها تحملا لمسؤولية الفشل، فوجدت في ذلك الفرصة المواتية لتلعب دورها وتضع كل وزنها في ضرب وتفتيت حركة التحرر العربي فتنقذ بذلك مبدأ الاستعمار من الانهيار كما تنقذ بقايا هيبة حلفائها الانكليز والافرنسيين، وتصل مقابل ذلك إلى أن ترثهم فيما كان لهم من مصالح في البلاد العربية وتبسط عليهم وعلى ضحاياهم، ظل نفوذها واستغلالها الثقيل. ويجب أن نعترف بأننا نحن العرب قد فوجئنا هنا بعض الشيء، فخسرنا نتيجة لهذه المفاجأة جولة صغيرة في بداية المعركة الجديدة الطويلة، ذلك لأننا لم نكن نصدق بسهولة أن المصالح الرأسمالية والعقلية الاستعمارية، قد سيطرت على حكومة الولايات المتحدة إلى هذا الحد الذي بزت معه الاستعمار القديم في أبشع صوره وأوقح أساليبه. والمعركة الاستعمارية الجديدة ليست مفاجأة لنا، فلقد كنا ننتظرها عقب العدوان على مصر، ولكن أسلوبنا في مواجهتها ما زال الأسلوب الذي يحتاج إلى تطوير. لقد رفع الاستعمار مستوى هجومه بتسليمه قياده إلى أميركا لما تملكه هذه الدولة من قوة عالمية ووسائل فائقة في الضغط والإفساد، تمكنها، علاوة على تهديدنا من الخارج بعدوانها وعدوان الدول الخاضعة لنفوذها، من التآمر من الداخل على استقلالنا وحريتنا وتماسك كياننا القومي بأسلحة الرشوة والإفساد وإثارة الفرقة والانقسام والحرب الأهلية. وكل هذا يقتضينا نظرة جديدة وإعدادا جديدا في مستوى الخطر الذي نواجهه.
إن ذلك التنسيق في السياسة والنضال الذي حققناه فيما بين بعض أقطارنا لم يعد كافيا، ولابد أن يصبح التنسيق توحيدا كاملا لسياسة الأقطار المتحررة، وأن تتوحد قيادة النضال الشعبي في جميع أجزاء الوطن العربي. أما وحدة الجبهة الداخلية في داخل كل قطر، فلقد ظلت حتى الآن وحدة سطحية مرتجلة تخفي كثير من التضارب في المصالح والتنافر في العقلية والأساليب، ولا تستطيع بالتالي أن تصمد طويلا أمام الهزات والمغريات. ويهمنا الآن أن نرسم خطوط هذه الجبهة الداخلية السليمة التي نحتاجها. ولنقل قبل كل شيء إن وحدة الجبهة الداخلية لا تفترض ولا تشترط منح أي انقسام، ولكنها تشترط أن يكون الانقسام صحيحا أي مقتصرا على الحد الضروري الذي لابد منه في كل حركة تحررية سليمة، أي مقتصرا على التفريق بين الغالبية العظمى من أبناء الوطن الذين تجمعهم على اختلاف ميولهم ومصالحهم واجتهاداتهم، الأخوة القومية ومصلحة عليا واحدة في المحافظة على بقاء الأمة وسلامة الوطن واستقلاله، وبين ذلك النفر القليل من العملاء والمأجورين لأعداء البلاد. هذا النوع من الانقسام لا نقبل به فحسب بل نتطلبه ونشترطه أيضا، ولكن المهم ألا نترك أحدا يمشي في صف الاستعمار وضد مصلحة الشعب والوطن، لمجرد نقص في الوعي عنده ونقص في وضوح الأهداف التحررية، ونشوء أوهام ومخاوف لا محل لها ولا مبرر، بين كثير من فئات المواطنين، تتيح للاستعمار أن يستغل ويفسد. إذن فما دامت حركة التحرر العربي حركة جدية صادقة، فلا بد لها من الانفصال عن ذلك العدد المحدود من العناصر المريضة التي حرمت من شعور الوطنية والكرامة الإنسانية واستعبدت للجشع والأنانية. وما دامت حركة التحرر العربي حركة ثورية أصيلة تطمح إلى بناء المستقبل على أسس ثابتة قويمة، فلا بد لها من أن تقبل الانقسام العقائدي على المبادئ الفكرية والاجتماعية، ولابد أيضا من أن تحدد الطبقة المؤهلة لقيادة هذا النضال.
ونظرة واحدة نلقيها على تركيب جبهتنا الداخلية في معظم أقطارنا وعلى توزيع القوى السياسية والأحزاب والتكتلات، تقنعنا باصطناع هذا التوزيع، وهذه الخلافات التي خلقتها الدعايات والمصالح والأهواء الشخصية الصغيرة أكثر مم صنعتها الفروق العقائدية واعتبارات المصلحة القومية.
وان أهم مقياس نهتدي به في هذا التصحيح هو: أولا، تعيين أهداف المرحلة التي نجتازها لكي لا نختلف اليوم على شيء لم يحن بعد وقت تحقيقه، ولم يحن بالتالي وقت الاختلاف عليه. ثانيا، أن نربط بين أهدافنا القومية في هذه المرحلة ربطا عميقا وان نوضح هذا الترابط توضيحا كاملا، لكي لا يبقى داع للتناقض والالتباس وللتناحر والانتكاس. فالمرحلة مرحلة تحرر قومي لجميع أجزاء الوطن العربي. ويدعم هذا التحرر، لكي لا يبقى شعارا أجوف ونضالا متعاكسا متضاربا، تحقيق بعض الخطوات الواقعية في مجالي الوحدة العربية والإصلاح الاجتماعي. ويجب أن يكون واضحا أن ما تقتضيه المرحلة التحررية من تضامن بين جميع العرب المؤمنين بحق أمتهم في الحياة، لا يجوز أن يعني بشكل من الإشكال أن الأوضاع الفاسدة يجب أن تستمر دون أي إصلاح وتقدم، وان الحكام يستطيعون أن يحكموا الشعب بالإرهاب والتنكيل، وان يقضوا على طلائعه الواعية وقواه النضالية ثم يدعون في الوقت نفسه أنهم يحاربون الاستعمار ويعملون للتحرر القومي، إذ أن محاربة الاستعمار تكون بإنعاش الشعب لا بقتله. كما أن هذا التضامن القومي لا يجوز أن يعني إطلاق يد كبار الرأسماليين والإقطاعيين في امتصاص دماء الشعب وفي إفقاره وفي خنق إمكانياته الإنتاجية والنضالية، لأنهم إذا استمروا في هذا الأسلوب الاستغلالي الجشع وفي تجاهل ما للشعب وللأمة من حق عليهم فإنهم سيجدون أنفسهم دوما في صف الاستعمار مضطرين غير مختارين يملي عليهم شروطه ويسخرهم لأغراضه، لأنهم بإضعافهم الشعب قد اضعفوا أنفسهم وبلادهم.
وهكذا إذا حاولنا أن نمضي في توضيح المرحلة التحررية وعلاقة أهدافه بعضها ببعض يمكن أن نصل إلى تضييق شقة الخلاف بين الأحزاب والفئات السياسية والاجتماعية، وان نتفق على بعض القواعد الأساسية كبداية للالتقاء والتعاون على تحقيق أهداف وإصلاحات عاجلة ضرورية للأمة العربية، كأمة مناضلة في سبيل حريتها وبقائها، وللشعب العربي كشعب يجاهد في شتى أقطاره في سبيل التقدم والبناء.
إن الهدف الرئيسي والنهائي في المرحلة الحاضرة الذي هو التحرر من الاستعمار، هدف لا يجادل فيه أحد. ولكن جدية هذا الهدف تتوقف علي الطريق الذي نختاره لبلوغه، وعلى الضمانات الأساسية التي تعين صحة الطريق وبالتالي صدق تبني الهدف. هذه الضمانات هي : أولا، الدفاع عن الحرية السياسية والأوضاع الدستورية. ثانيا، العمل للوحدة العربية في جميع المجالات الممكنة. ثالثا، تحقيق الإصلاحات الاجتماعية الضرورية لرفع مستوى الشعب. هذا ما تستطيع الأحزاب والهيئات أن تتفق وتتعاون عليه في جبهة عربية شعبية واحدة.
إن ذلك التنسيق في السياسة والنضال الذي حققناه فيما بين بعض أقطارنا لم يعد كافيا، ولابد أن يصبح التنسيق توحيدا كاملا لسياسة الأقطار المتحررة، وأن تتوحد قيادة النضال الشعبي في جميع أجزاء الوطن العربي. أما وحدة الجبهة الداخلية في داخل كل قطر، فلقد ظلت حتى الآن وحدة سطحية مرتجلة تخفي كثير من التضارب في المصالح والتنافر في العقلية والأساليب، ولا تستطيع بالتالي أن تصمد طويلا أمام الهزات والمغريات. ويهمنا الآن أن نرسم خطوط هذه الجبهة الداخلية السليمة التي نحتاجها. ولنقل قبل كل شيء إن وحدة الجبهة الداخلية لا تفترض ولا تشترط منح أي انقسام، ولكنها تشترط أن يكون الانقسام صحيحا أي مقتصرا على الحد الضروري الذي لابد منه في كل حركة تحررية سليمة، أي مقتصرا على التفريق بين الغالبية العظمى من أبناء الوطن الذين تجمعهم على اختلاف ميولهم ومصالحهم واجتهاداتهم، الأخوة القومية ومصلحة عليا واحدة في المحافظة على بقاء الأمة وسلامة الوطن واستقلاله، وبين ذلك النفر القليل من العملاء والمأجورين لأعداء البلاد. هذا النوع من الانقسام لا نقبل به فحسب بل نتطلبه ونشترطه أيضا، ولكن المهم ألا نترك أحدا يمشي في صف الاستعمار وضد مصلحة الشعب والوطن، لمجرد نقص في الوعي عنده ونقص في وضوح الأهداف التحررية، ونشوء أوهام ومخاوف لا محل لها ولا مبرر، بين كثير من فئات المواطنين، تتيح للاستعمار أن يستغل ويفسد. إذن فما دامت حركة التحرر العربي حركة جدية صادقة، فلا بد لها من الانفصال عن ذلك العدد المحدود من العناصر المريضة التي حرمت من شعور الوطنية والكرامة الإنسانية واستعبدت للجشع والأنانية. وما دامت حركة التحرر العربي حركة ثورية أصيلة تطمح إلى بناء المستقبل على أسس ثابتة قويمة، فلا بد لها من أن تقبل الانقسام العقائدي على المبادئ الفكرية والاجتماعية، ولابد أيضا من أن تحدد الطبقة المؤهلة لقيادة هذا النضال.
ونظرة واحدة نلقيها على تركيب جبهتنا الداخلية في معظم أقطارنا وعلى توزيع القوى السياسية والأحزاب والتكتلات، تقنعنا باصطناع هذا التوزيع، وهذه الخلافات التي خلقتها الدعايات والمصالح والأهواء الشخصية الصغيرة أكثر مم صنعتها الفروق العقائدية واعتبارات المصلحة القومية.
وان أهم مقياس نهتدي به في هذا التصحيح هو: أولا، تعيين أهداف المرحلة التي نجتازها لكي لا نختلف اليوم على شيء لم يحن بعد وقت تحقيقه، ولم يحن بالتالي وقت الاختلاف عليه. ثانيا، أن نربط بين أهدافنا القومية في هذه المرحلة ربطا عميقا وان نوضح هذا الترابط توضيحا كاملا، لكي لا يبقى داع للتناقض والالتباس وللتناحر والانتكاس. فالمرحلة مرحلة تحرر قومي لجميع أجزاء الوطن العربي. ويدعم هذا التحرر، لكي لا يبقى شعارا أجوف ونضالا متعاكسا متضاربا، تحقيق بعض الخطوات الواقعية في مجالي الوحدة العربية والإصلاح الاجتماعي. ويجب أن يكون واضحا أن ما تقتضيه المرحلة التحررية من تضامن بين جميع العرب المؤمنين بحق أمتهم في الحياة، لا يجوز أن يعني بشكل من الإشكال أن الأوضاع الفاسدة يجب أن تستمر دون أي إصلاح وتقدم، وان الحكام يستطيعون أن يحكموا الشعب بالإرهاب والتنكيل، وان يقضوا على طلائعه الواعية وقواه النضالية ثم يدعون في الوقت نفسه أنهم يحاربون الاستعمار ويعملون للتحرر القومي، إذ أن محاربة الاستعمار تكون بإنعاش الشعب لا بقتله. كما أن هذا التضامن القومي لا يجوز أن يعني إطلاق يد كبار الرأسماليين والإقطاعيين في امتصاص دماء الشعب وفي إفقاره وفي خنق إمكانياته الإنتاجية والنضالية، لأنهم إذا استمروا في هذا الأسلوب الاستغلالي الجشع وفي تجاهل ما للشعب وللأمة من حق عليهم فإنهم سيجدون أنفسهم دوما في صف الاستعمار مضطرين غير مختارين يملي عليهم شروطه ويسخرهم لأغراضه، لأنهم بإضعافهم الشعب قد اضعفوا أنفسهم وبلادهم.
وهكذا إذا حاولنا أن نمضي في توضيح المرحلة التحررية وعلاقة أهدافه بعضها ببعض يمكن أن نصل إلى تضييق شقة الخلاف بين الأحزاب والفئات السياسية والاجتماعية، وان نتفق على بعض القواعد الأساسية كبداية للالتقاء والتعاون على تحقيق أهداف وإصلاحات عاجلة ضرورية للأمة العربية، كأمة مناضلة في سبيل حريتها وبقائها، وللشعب العربي كشعب يجاهد في شتى أقطاره في سبيل التقدم والبناء.
إن الهدف الرئيسي والنهائي في المرحلة الحاضرة الذي هو التحرر من الاستعمار، هدف لا يجادل فيه أحد. ولكن جدية هذا الهدف تتوقف علي الطريق الذي نختاره لبلوغه، وعلى الضمانات الأساسية التي تعين صحة الطريق وبالتالي صدق تبني الهدف. هذه الضمانات هي : أولا، الدفاع عن الحرية السياسية والأوضاع الدستورية. ثانيا، العمل للوحدة العربية في جميع المجالات الممكنة. ثالثا، تحقيق الإصلاحات الاجتماعية الضرورية لرفع مستوى الشعب. هذا ما تستطيع الأحزاب والهيئات أن تتفق وتتعاون عليه في جبهة عربية شعبية واحدة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق