قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الجمعة، 17 فبراير 2012

عبد العزيز المقالح : الوفاق هو الحل


الوفاق هو الحل
 - 17 فبراير, 2012
عبد العزيز المقالح
كثيرة هي الشعارات التي شهدتها الأقطار العربية في الخمسين عاماً الماضية، التي طفت على سطح الواقع العربي من دون أن تلامس أعماق مشكلاته أو تتبنى الحل المطلوب والعاجل . في الآونة الأخيرة ارتفع شعار جديد هو شعار “الوفاق”، وكان ينبغي أن يكون في طليعة كل الشعارات السابقة وأن يخضع للممارسة الصادقة والالتزام الصارم بوصفه المفتاح الحقيقي لحل قضايا الاختلاف بين مكونات العمل السياسي في كل قطر عربي، والآلية الناجعة في وضع حد للصراعات الثانوية التي عملت على تأخير تطور الأقطار العربية على مدى عشرات السنين . والآن إذا أخلصت نوايا المتوافقين في الالتزام بمعنى هذا الشعار فقد عثر الجميع على مفتاح الحل الذي سيضعهم أمام مسؤولياتهم، فضلاً عن أنه سيجعل من فكرة التعايش والانخراط في العمل الجاد أمراً لا يمكن تجاوزه أو الإخلال بمنطلقاته .
لن أتحدث عن الوفاق الذي بدأت ملامحه تتكون في يمننا الحبيب، ولا عن ذلك الذي تبلور بصورة لافتة في تونس، وربما في مصر العربية، ولكني سأتوقف عند الوفاق الجديد الذي أعلنته القيادات الفلسطينية وربطته بتشكيل حكومة واحدة بدلاً عن حكومتي غزة ورام الله . وهي خطوة متقدمة رغم اعتراض البعض عليها، وتعد بداية موفقة لنزع فتيل الخصام الذي طال بين فرقاء القضية الواحدة، وضحايا المأساة الواحدة، لاسيما بعد أن فشلت التجارب الانفرادية وأعطت للعدو الصهيوني بعض المبررات لاستمرار صلفه ومواصلته لعدوانه على الأرض والبشر . علاوة على أن حكومتي غزة ورام الله لم تحققا شيئاً يذكر للإنسان الفلسطيني الذي زادت أعباؤه، وبلغت معاناته الحد الأقصى .
لقد ذهبت سنوات طويلة على أقطارنا العربية وهي تسير في نفق مظلم بحثاً عن حلول إيجابية وتوافقية تضمن لها الاستقرار وتبتعد بها عن الصراعات التي قادت في عدد منها إلى مجازر وصراعات دموية، ما كان ينبغي لها أن تحدث بين أخوة تعايشوا عبر العصور واستطاعوا بوحدتهم أن يواجهوا حملات الغزو وقوى الاحتلال، حتى إذا ما تمكنوا من استعادة زمام الأمور في أوطانهم دفعتهم الخلافات في وجهات النظر إلى إشعال الحروب ومحاولة الاستيلاء على السلطة وكأنها الهدف الذي سيقود هذا الفصيل السياسي أو ذاك إلى خيري الدنيا والآخرة . وبدت السلطة للبعض مغنماً يسيل عند ذكره اللعاب في حين أنها مغرم تشيب له الرؤوس المخلصة قبل الأوان .
وتأسيساً على ذلك، فإن الوفاق الذي أصبح شعار المرحلة في كثير من الأقطار العربية إن لم يكن فيها جميعاً، ينبغي ألا نكتفي بالتبشير به والترحيب بإطلاقه في وسائل الإعلام، بل صار من واجبنا أن نعمل على تحويله إلى واقع عملي وملموس، وأن يقوم على مبدأ التسامح والتصالح ونسيان خلافات الماضي القريب والبعيد، والانطلاق بالشعب نحو واجباته وأداء التزاماته والبدء بمعالجة التراكمات المختلفة عن سنوات الصراع والاختلاف وما رافقها من خسائر وانكسارات وتبديد للإمكانات . وما أروع وأبدع ذلك التوجيه الإلهي الناصع المعنى “وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرّ وَالتّقْوَىَ وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ” . وما الوفاق في حقيقته سوى التجسيد العملي للتعاون النبيل .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق