قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الجمعة، 3 فبراير 2012

في سبيل البعث : مقتطفات من حول القسم


بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

في سبيل البعث مقتطفات من "حول القسم"

شبكة البصرة
زيد احمد الربيعي


ان ثمة فرقا هاما بين ان يلتقي الفرد في كثير او قليل من النقاط مع مبادئ حزب من الأحزاب فتعجبه هذه المبادئ من بعض نواحيها ويروق له ان يشارك الحزب بين الحين الآخر في نضاله وأعماله، الا ان ذلك كله لا يكتسب صفة الجدية الا عندما يقرر القرار النهائي بان يربط مصيره بمصير هذا الحزب وهذه الحركة، فلا يعود التقاؤه بالحزب التقاء عفويا تابعا لهواه ولرغبته وللصدف، ولا يعود التقاؤه بالحزب ومساهمته في بعض نضال الحزب من قبيل التبرع والهبة يقدمها لهذا الحزب الذي ليس هو منه ويستطيع بالتالي ان يمنع عنه هذه الهبة إذا أراد. بين هذه الحالة وبين الحالة التي ينتقل إليها الفرد بعد الانتساب فرق كبير، لان في الحالة الثانية -بعد الانتساب- لا يعود متطوعا ومتبرعا، بل جنديا يقدم ما يعتبر انه مسئول عن تقديمه وانه إذا تأخر أو قصر في تقديمه فانه يكون قد خان فكرته وخان وجوده.
والواقع إن العلة الأساسية في مجتمعنا العربي الحاضر هي فقدان هذه الجدية في الارتباط، ليس في الأحزاب فحسب إنما في الأعمال وفي كل التصرفات. هذا المجتمع الذي ما زال مائعا وضعيفا رخوا لا يوحي بعد لأفراده بجدية الحياة. لان الحياة شيء جدي وخطير للغاية، وانه هو الخطورة بعينها. ان الحياة هي المسرح الوحيد، المجال الوحيد أمام الإنسان لكي يحقق إنسانيته، لكي يحقق شخصيته، لكي يعبر عن جدارته بهذه الحياة، لذلك لا نرى في مجتمعنا بعد علائم الإبداع وعلائم البطولة إلا نادرا، لان الإبداع ولان البطولة لا يأتيان إلا من هذا الشعور، هذا الشعور العميق الذي يشعر معه الإنسان بأنه مرتبط بشيء أساسي في الوجود، وانه مسئول في كل لحظة من حياته عن أداء واجبه نحو هذا الارتباط.
المفروض إذن في الانتساب إلى الحزب الا يكون استمرارا لحالة سبقته. وإنما ان يكون قطعا وإنهاء لتلك الحال وبدءا وانطلاقا الى حالة جادة ونفسية جديدة ومستوى جديد. فالذين كانوا أنصارا وأصدقاء للحزب يشاركون أعضاء هذا الحزب في بعض أفكارهم وفي بعض أعمالهم، يجب الا يفهموا انهم عندما ينتسبون الآن للحزب انهم سيتابعون الطريق الذي كانوا يسيرون فيه ولكن بجد أكثر وبتفرغ أكثر وبعطاء أكثر، لا يجوز ان ننظر الى الدخول في الحزب على انه استمرار للمرحلة السابقة مع تقوية وتنمية لها، وإنما الأصح ان نحاول النظر إليه بأنه حالة جديدة يجوز ان تعتبر نقيضا للحالة السابقة.
بمقدار ما كنتم بعيدين عن فكرة الحزب واتجاهه بمقدار ما تشعرون بالظمأ والجوع الى ان تتشربوا هذه الفكرة وان تدخلوا الى أعماقها، وان تجسدوها في شخصياتكم وفي أعمالكم. وهل ثمة حاجة الى الاستشهاد بحوادث وشخصيات تاريخية؟ من لا يذكر مثلا عمر بن الخطاب؟ الذي كان اكبر مناهض لدعوة الاسلام، ولما انفتح قلبه لها أصبح اكبر عضد واكبر دعامة فيها. وكأن مناهضته السابقة لم تكن الا صورة معكوسة عن استعداده العميق لتقبلها. ولكنه استعداد أصيل لا يقبل السطحية ولا الزيف. ولذلك لم يشأ ان يقبلها دون تمحيص وتشكيك ومراقبة. وكأن مناهضته كانت امتحانا لهذه الدعوة.. بل امتحانا لنفسه. هل هو جدير بها؟ هل تتسع نفسه لها ولعمقها ولجدتها؟ كان يمتحن نفسه... ولما أتم الامتحان أقبل عليها، وكان من المبرزين فيها.
والانتساب الصحيح الى اية فكرة... الى أي موقف جديد في الحياة هو أزمة، ولا كالأزمات هو زلزال في النفس لا يأتي هينا سهلا، لا يأتي تدرجا، لا يأتي وكأن المرء ما غير شيئا من نفسه، وبقي في مكانه. إنما يأتي نتيجة أزمة في النفس، نتيجة انقلاب. الانقلاب الذي يدعو اليه الحزب بذرته هي تلك التي تحدث في النفس عندما تكتشف دعوة هذا الحزب وفكرته.
هي ان الحزب لم يوجد لكي يجمع أعدادا وإنما لكي يخلق أفرادا. والخلق تبديل أساسي في النفس في المشاعر والسلوك والتصرف..
قد عبر عن نفسه، إذا كان جادا في اختياره، وإذا كان يعني ما يقول، فأنه مصمم على تبديل نفسه.
لذلك لا يصح ان تدخلوا الى الحزب وانتم منتظرون منه ان يعطيكم كل شيء وان تكونوا منفعلين آخذين لا تعطون ولا تقدمون. لا تظنوا ان الحزب شيء موجود خارج نفوس أعضائه فالحزب هو أعضاؤه. الحزب هو كل واحد منكم، وكما تكونوا يكن الحزب، وكما تريدوا ان يكون الحزب.. يكن. هذه النظرة هي اعتماد على شخصيات الأعضاء وعلى دافعهم الذاتي العميق هي التي تضمن لحزبنا النمو.. أن يتغلب على الضعف وان يرتقي ويقفز حتى يصل الى المستوى الذي يمكنه من تحقيق أهدافه وغاياته.

شبكة البصرة
الخميس 10 ربيع الاول 1433 / 2 شباط 2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق