قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الأربعاء، 1 فبراير 2012

توجان فيصل: تلك رسالة الملك عبد الله التي ذكرها الزميل ليث شبيلات :" أنا لست كوالدي"..

توجان فيصل: تلك رسالة الملك عبد الله التي ذكرها الزميل ليث شبيلات :" أنا لست كوالدي"..
01/02/2012
بروتوكول
 توجان فيصل (كاتبة اردنية)
المصدر هنا
أجمعت الصحافة الأردنية، بعلم أو بدون علم،على وصف استقبال الملك لخالد مشعل بأنه كان استقبالا "بروتوكوليا", بمعنى أن لا نتائج سياسية له.

 وهذا يوقفنا أولا عند تعريف البروتوكول، والذي يتسلسل من كونه يعني المسودة الأصلية لأي اتفاق أو محضر اجتماعات سياسية، إلى معنى "التشريفات" الدبلوماسية والعسكرية، والتي هي بذات الأهمية في مجال تأطير العلاقة السياسية أو التأسيس لها.

ولكن البروتوكول يدخل، وبأكثر من أي تعامل اجتماعي آخر،على منظومة "الإتيكيت" الذي بعضه أصبح دوليا، وبعضه موضع اختلاف ثقافي. والتمكن من جمع ضرورات التعامل مع مختلف القطاعات المحلية والدولية، هو أحد مقومات "الدبلوماسية", وهي تعطي الانطباع الأول عن السياسي وعبره عن بلده، ولهذا تتوجب دقة اختيار الدبلوماسيين الذين يرسلون للخارج .والأهم منها دقة اختيار من يتولون "البرتوكولات التشريفاتية" في مقار الحكم، كون الحكم هو "المضيف"هنا، بكل ماتحمله السمة من توقعات.

ومعروف أن الملك حسين كان من أكثر القادة العرب إتقانا للبروتوكول في بعده الداخلي تحديدا، إذ جهد في مراعاة العادات والتقاليد المحلية، ومزجها بدرجة عالية من" الإتيكيت " العالمي بما يتفق مع توقعات ضيوفه وحضوره، ما أوجد له أرضية تعامل ناجعة حتى مع معارضيه، بل وخصومه السياسيين.. والعديد منهم شهدوا له بهذه الميزة الدبلوماسية.

وساد انطباع عام إيجابي في عهده عن "الديوان الملكي" يتلخص في أن "من دخل الديوان فهو آمن"، بحيث لا تمس هناك كرامته أو مكانته أو وضعه السياسي أوالدبلوماسي أو العشائري، بل إن الأشخاص العاديين كانوا يعاملون بدرجة من التقدير تشعرهم بأهمية لم يشعروا بها في أمكنة أخرى أقل مقاما من الديوان.. ومشاهداتي الشخصية في اجتماعات منفردة أو جمعية ومتنوعة مع الملك، أوضحت لي أن الملك حسين كان "المايسترو" الذي يدير كامل أوركسترا الديوان بما يضمن أن لا يخالط أداءها أي نشاز حتى في غيابه.. ويلحظ هذا في إيماءات خفيفة منه لطاقمه لا تفوت العارف, تصحح فورا أقل هفوة.

ومع أنني لم أدخل "الديوان" إلا مرة واحدة في العهد الحديث, وبدعوة رئيسه حينها السيد عبد الكريم الكباريتي للتباحث معي كموفد من الملك عبد الله.. إلا أنه جرت مياه كثيرة تحت الجسر بعدها جرفت ثوابت الديوان تلك وغيرت صورته . فبدأنا نسمع عن مدعوين إليه، أو مدعوين باسمه لمائدة غداء أو عشاء ملكي يجري تفتيشهم.

 وشاع أن عددا من كبار الشخصيات القيادية، في الحكم أو المعارضة، جرت دعوتهم ثم تركوا في الانتظار لساعات، وفي النهاية يمر عليه من استدعاهم ليوجه للمستدعى إنذاره وقوفا ويمضي .. ما جعل كثيرين يستنكفون عن قبول دعوات احتفالات أو دعوات اجتماعات في الديوان. وإذا كانت تلك رسالة الملك عبد الله التي ذكرها الزميل ليث شبيلات :" أنا لست كوالدي"، فالأحداث قبل الأقوال عززت الرسالة بما لا يحتاج لتأكيد.

ولكن هكذا تغيير لا يمكن أن يتم باتجاه واحد. فما كان يمكن مجرد تصور أن يشار للملك حسين بمثل ما يشار به الآن علانية للملك والملكة في تعليقات القراء على المواقع الإلكترونية وفي المسيرات والمظاهرات الإحتجاجية، وفي حوارات وأحاديث في جلسات خاصة وعامة، بما فيها أحاديث رؤساء حكومات ومسؤولين سابقين تكاثروا كالفطريات, مما اعتبرته مقالات لكتاب الدولة ذاتهم عملية ابتزاز يتحصن بها هؤلاء ضد المحاسبة.

موظفو "الديوان" في عهد الملك الراحل، كانوا أيضا أقل من عُشر تعدادهم الآن .. وقد يكون هذا الزحام أحد أسباب اختلاف التعامل "البروتوكولي". والأمر هذه المرة (أم هل هنالك مرات لم نسمع بها؟) تجاوز الشخصيات الوطنية الصرفة لأهم شخصية على الساحة الفلسطينية الآن في معيار الإقليم والعالم.

 فخالد مشعل هو زعيم حماس الفصيل الفلسطيني المقاوم الرئيس، وأحد أفرع تنظيم الإخوان الذي تعاظم دوره في ثورات العالم العربي. والأردن تحديدا له عدة تقاطعات مصلحية مع حماس, إن لم تبحث الآن ستفرض نفسها قريبا .. فهل يتناسب "البروتوكول" الذي اعتمده الديوان في التعامل مع حماس, بمعناه المبين أعلاه كمسودة تفاهم، مع أهمية وحتمية تلك التقاطعات؟؟

الولائم الرسمية ليست للأكل بل لإكرام الضيف, وأقله أن يكون مقعد مشعل على طاولة الملك.. والمثل الشعبي يقول"لاقيني ولا تغديني".. وهو التعريف الشعبي الأدق "للبروتوكول".
   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق