قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الجمعة، 21 سبتمبر 2012

النضال من أجل حرية الصحافة في السودان

النضال من أجل حرية الصحافة في السودان
بقلم زينب محمد صالح/وكالة إنتر بريس سيرفس


Credit: Zeinab Mohammed Salih/IPS
الخرطوم, سبتمبر (آي بي إس) - في حي الصحافة الواقع في شرق الخرطوم، تجد عشرات الأفراد يجلسون تحت الأشجار وهم يشربون الشاي أو يقرأون الصحف. معظمهم هم من الصحفيين الذين كانوا يعملون في الصحف العشرة التي أغلقتها الأجهزة الأمنية التابعة للدولة أو توقفت عن الصدور بسبب القيود الاقتصادية الناتجة عن قرار زيادة الضرائب على الطباعة سعيا وراء منع وسائل الإعلام من تغطية المظاهرات المناهضة للحكومة.
ويقول محمد أحمد، الصحفي السابق في جريدة "أجراس الحرية" التي أغلقت في يوليو 2011، "لقد جلست تحت الأشجار لمدة أكثر من عام لأن الحكومة أغلقت صحيفتي، والمشكلة هي أن الصحف الأخرى التي تعتبر معارضة للحكومة تخشى التعاقد معي".
وتقدر شبكة الصحفيين السودانيين بنحو 200 عدد الصحفيين العاطلين عن العمل حالياً بسبب قرارات الإغلاق وهو ما تعتبره الشبكة أعلى معدل للبطالة شهدته هذه المهنة.
وكانت الحملة ضد الصحافة قد بدأت منذ أكثر من عام مضى، أي بعد وقت قصير من إنفصال جنوب السودان عن السودان في يوليو 2011.
وورد في حينه أنه قد تم القبض على أكثر من 10 صحفيين، ممن تعرضوا للتعذيب على أيدي الشرطة قبل وأثناء المظاهرات المناهضة للحكومة في يونيو بعد تنفيذ خطة التقشف الحكومية التي ألغت الدعم على الوقود والسلع.
وبالإضافة إلى ذلك، اتهمت أجهزة الأمن بمنع 15 صحفياً من نشر مقالات عن المظاهرات.
وفي 9 سبتمبر، أيدت المحكمة العامة في شمال الخرطوم قرار إغلاق صحيفة محلية "رأي الشعب"، وتغريمها لمخالفتها "واجبات الصحافة" و"تحريك الصراع الطائفي" بعد أن نشرت مقالات عن قوات المتمردين الذين يقاتلون الحكومة في إقليم دارفور، غرب البلاد.
وكانت الحرب بين القوات المتمردة فى دارفور والحكومة السودانية قد بدأت عام 2003 عندما بدأ جيش تحرير السودان وحركة العدل والمساواة بمهاجمة الحكومة واتهامها بالتحيز ضد الأفارقة السود لصالح العرب.
ثم دخلت الفصائل المتحاربة في محادثات السلام عام 2010. إلا أن القتال إستمر في المنطقة، وأسفر آخر الأحداث في 6 سبتمبر عن مقتل 10 جنود حكوميين.
وأغلق جهاز الأمن الوطني صحيفة "رأي الشعب" في يناير. وبالرغم من سعي ملاك الصحيفة لدى المحكمة لإعادة فتحها، إلا أن القاضي قرر عدم السماح للصحيفة بالصدور من جديد دون الحصول على موافقة جهاز الأمن الوطني.
وقال أشرف عبد العزيز، رئيس الدائرة السياسية في صحيفة رأي الشعب، أن "جهاز الأمن الوطني اشتكى ضدنا في المحكمة وأغلق صحيفتنا لأننا نشرنا تقرير عن حركة العدل والمساواة التي تقاتل ضد الحكومة في دارفور. وحقيقة أن جهاز الأمن الوطني له الحق في السماح لنا بالنشر من عدمه هو وضع غريب جداً".
وصرحت شبكة الصحفيين السودانيين لوكالة إنتر بريس سيرفس بأنها ستتقدم بشكوى في الأسابيع المقبلة ضد الحكومة السودانية لدي مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف.
ووفقاً لأحد قادة الشبكة، خالد أحمد، سيتم إرسال الشكوى بعد أن تكتمل الآليات الوطنية والإقليمية للضغط على الحكومة للسماح بوسائل إعلام حرة ونزيهة.
وكان عدد من الصحفيين قد احتجوا لدي اللجنة السودانية لحقوق الإنسان ضد الرقابة في يوليو الماضي، دون جدوى.
ويقول خالد أحمد أن مذكرة الشبكة الأخيرة التي قدمتها إلى لجنة حقوق الإنسان في السودان في 4 يوليو دعت إلى وقف الرقابة والإفراج عن الصحفيين المحتجزين لدى الشرطة.
ويضيف، "انهم لم يردوا على مذكرتنا كما توقعنا، لكننا سوف نواصل مهمتنا وتقديم شكوى إلى مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف حتى نتمكن من تحرير وسائل الإعلام في بلادنا".
ويقول فيصل محمد صالح، رئيس التحرير السابق لصحيفة "الدعوة" المغلقة الآن، ورئيس مركز طيبة الصحفي، لوكالة إنتر بريس سيرفس، أن الرقابة قد أثرت سلبا على دور وسائل الإعلام في نشر المعلومات، "وبسبب الرقابة، صار القراء لا يشترون الصحف لأن محتواها واحد. فهم الآن يشترون صحيفة واحدة فقط أو اثنتين".
وقال المحلل السياسي محمد حافظ، لوكالة إنتر بريس سيرفس، أن "الحملة ضد الصحافة سيكون لها تداعيات سلبية على الديمقراطية وعلي أي إصلاح سياسي ممكن. فحرية التعبير هي جزء أساسي من العملية الديمقراطية، وتتداخل مع الحريات الأخرى مثل حرية التجمع وتكوين الجمعيات. فإذا كانت الحكومة تمنع الصحفيين ووسائل الإعلام من القيام بعملهم، لن تكون هناك ديمقراطية في السودان".
وأضاف أن الرقابة الحكومية الحالية "تبين أن الحكومة تخاف من حرية الصحافة."
ومع ذلك، قال ربيع عبد اللاتي، مستشار وزير المعلومات والاتصالات، لوكالة إنتر بريس سيرفس، أن "الرقابة التي تم فرضها على وسائل الإعلام جاءت نتيجة للظروف العامة والخاصة في البلاد".
وأكد أن الرقابة لن تنتهي إلا إذا تغيرت الظروف، "فبلادنا لديها ظروف خاصة، لأننا في حرب مع الجماعات المتمردة، ولذلك يتوجب على وسائل الإعلام أن تكون حذرة".
كما أضاف أن الصحف التي أغلقها جهاز الأمن الوطني، والتي سيتم توجيه إتهامات ضدها لها، قامت "بنشر مقالات سلبية، وهددت أمننا القومي".
أما عثمان شينجر، رئيس تحرير صحيفة "الجريدة"، فقد أخبر وكالة إنتر بريس سيرفس أن صحيفته مثلت أمام المحكمة 15 مرة خلال الشهرين الماضيين بسبب مذكرة توقيف ضده. ووجهت الإتهامات إلى شينجر بعد نشره مقال رأي ينتقد فيه حاكم ولاية الجزيرة في السودان.
ويقول شينجر، "أعتقد أن جميع المشاكل السودانية لها علاقة بمسألة حرية التعبير عن الرأي وحق الوصول إلى المعلومات.. لقد حاولنا التحدث مع مركز الإعلام والمعلومات الذي ينظر إليه على أنه منظمة غير حكومية منحازة للحكومة. لكنه لم يرد على مكالماتنا الهاتفية ولم يسمح لنا بدخول المبنى".
وفي الوقت نفسه، يواجه بعض الصحفيين الذين اعتقلوا وأطلق سراحهم في وقت لاحق، النبذ الآن من الصحف الأخرى التي أصبحت تمارس الرقابة الذاتية.
وكان محمد ألاسبست، مدير التحرير السابق لصحيفة الأهرام اليومية، قد قضى شهرين في السجن لأنه ساعد الصحفية المصرية شيماء عادل اثناء تغطيتها للإحتجاجات في السودان لحساب صحيفة "الوطن" المصرية.
وكانت شيماء أيضاً قد أمضت أسبوعين في السجن. وقال محمد لوكالة إنتر بريس سيرفس أنه بسبب الفترة التي قضاها في السجن، فلن تتعاقد الصحف معه خوفا من استهدافها من قبل الحكومة. وأضاف أن صحيفته قد أنهت عمله معها بعد اطلاق سراحه من السجن.
ويقول محمد، "لقد طردوني من وظيفتي .. والصحف الأخرى أيضاً لا تريدني أن أعمل معها لأنني كنت في السجن وهم يخشون الحكومة.. يخشون أنهم إذا ما وظفوا شخصاً مثلي يعتبر معارضاً الحكومة، فإن الحكومة قد تحاربهم أو تقوم بإغلاق صحفهم. "
وقد أدى هذا الوضع الصعب إلى إختيار بعض الصحفيين ترك مهنة الصحافة.
فقد قال لمحمد أحمد لوكالة إنتر بريس سيرفس أنه قرر مغادرة السودان للعثور على عمل في إحدى دول الخليج. "كنت أعمل بشكل مهني والحكومة لم تقبل الاحتراف، انهم يريدون من كل الصحفيين أن يقفوا مع الحكومة أو أن لا يمارسوا الصحافة على الإطلاق".(آي بي إس / 2012)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق