قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

السبت، 15 سبتمبر 2012

د. أبا الحكم : أمريكا إلى أين..؟!؛

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
أمريكا إلى أين..؟!
"وعلى نفسها جنت براغش"
مثل عربي
شبكة البصرة
د. أبا الحكم
المقدمة :
يعتقد البعض، أن أمريكا تفهم الخارج ولها اطلاع واسع وعميق حول أوضاعه وخباياه، ويزيد آخرون بأنها تعرف ما هو كائن في بلدان العالم، وما ينبغي أن يكون حسب مقاساتها.. وفي هذا تضخيم لدور المخابرات والاستخبارات الأمريكية واستشعاراتها مراكز الأبحاث التي تعج بها أمريكا، وهي مراكز تهيئ الأرضيات السياسية والعسكرية لصنع القرار الأمريكي في التدخل والحرب على شكل خطط وسيناريوهات، يعتقد البعض أيضاً بأنها جاءت على أساس من البيانات والإحصاءات الميدانية لمكونات القوة والقوى على أرض الواقع، الأمر الذي يدفع بصانع القرار إلى الاعتقاد بأنه قادراً على تغيير ذلك الواقع أو إعادة تشكيله من جديد، وحسب المقاسات والمعايير الأمريكية.
هل أن اعتقادات البعض هذه واقعية؟، والحديث هنا عن الواقعية بمعنى المكون السيكيولوجي لكل مكونات المجتمع العربي- الإسلامي علة وجه التحديد وطبيعته وحيثيات حركته وقدراته وتطلعاته وإمكاناته، وخاصة عمق نفسيته في الاعتقاد بمكون الدين ومكون الروادع الاجتماعية ممثلة بالمحرمات والمقدسات من جهة، وبالمحددات التي تقضي برسم الحدود كالرادع الأخلاقي والرادع الديني والرادع العقيدي والرادع الاجتماعي..إلخ.
الاعتقادات تلك، التي تحدث عنها البعض ليست واقعية بالتوصيف المذكور، وعلى أساسها نرى النتائج معايرة وبعيدة عن الواقع أصلاً.. والمعنى في ذلك، أن أمريكا تخطط صوب الخارج والنتائج تكون في معظمها مغايرة تماماً لذلك الواقع، بل وغالباً ما تكون النتائج معاكسة، بل تقلب السحر على الساحر!!
أولاً- خططت أمريكا لأحداث الحادي عشر من سبتمبر2001، من أجل حقبة جديدة من الصراع تحت يافطة "الحرب على الإرهاب" قبل سقوط الاتحاد السوفياتي، وكما هو معلوم أن السياسة الإستراتيجية الأمريكية المطبقة في شكل مبدأ الرئيس القادم إلى البيت الأبيض، والتي لا تتعدى العقد من السنين خلالها يتسلم الرئيس الجديد الملفات من الولاية القديمة ليبدأ مشواره السياسي- الإستراتيجي على وفق مبدئه المعلن الذي تغذية مشروعات مراكز الأبحاث الأمريكية، ومعظمها صهيونية أو أن عناصرها المؤثرين هم من الصهاينة.. والتخطيط هذا وضع أمام الرئيس الأمريكي، والذي قدر لتنفيذه ليس عقداً من السنين، بل عقدين أو أكثر قليلاً، وحسب دراسات اليهودي البولوني " زبغنيو بريجنسكي"، من (رقعة الشطرنج – أورآسيا إلى (الفرصة الثانية) إلى (الفوضى).. كلها تتحدث عن التناقضات في مجتمعات الشرق والاختلافات العرقية والمذهبية، والأقلية والأكثرية وإماكانية تفجيرها من أجل التغير وإعادة تشكيل، ليس الواقع الجيو- سياسي فحسب، إنما تغير أنماط العلاقات والقيم والمعتقدات الاجتماعية، لصالح الصهيونية و " بلدوزرها" الإمبريالية الأمريكية.
ثانياً- الحرب على الإرهاب، باعتباره فعل إستراتيجي كوني يخضع لقانون (التحدي والاستجابة).. والاستجابة جاءت في شكل مقاومات مختلفة ومتعددة الأوجه، كلها ترفض الإذعان وترفض إملاءات الخارج، فيما وظفت أمريكا أو جندت عناصر لا تمت للدين الإسلامي بصله ودربتها وأمدتها بالسلاح والمال والمعلومات والحماية، لتكون أداة لتنفيذ سياستها الخارجية، منذ ما يسمى بـ"العرب- الأفغان" وحتى عناصر الأخوان المسلمون.. والمحصلة يسميها "بريجنسكي" استيقاظ الأصولية الدينية وفي مقدمتهم " السلفيون" و "المتطرفون" لإدارة الصراع.!!
ثالثاُ- عملت أمريكا على تقسيم بلدان العرب المسلمين إلى دول إسلامية معتدلة، ودول إسلامية متطرقة.. ثم عملت في الوقت ذاته على تقسيم المسلمين إلى معتدلين وإسلاميين متطرفين.. وعملت على تقسيم الإسلام المعتدل والإسلام المتطرف. وكل هذه التقسيمات تستهدف تفكيك المسلمين وتفسيخ الإسلام وتشويه حقائقه الراسخة منذ ألاف السنين بوسائل مختلفة ومتنوعة، ومنها على وجه التحديد الإساءة إلى الرموز الإسلامية المقدسة... الغاية الكبرى هي تهديم أسس الإسلام في خطوة لتهديم جداره المتين منذ عصور موغلة في القدم... والسؤال الكبير هنا، لماذا هذا الحقد على الإسلام والعمل على تدميره، ثم لمصلحة من ولماذا؟!
رابعاً- لا أحد في هذا العالم يستطيع أن ينزع عن القرآن الكريم حتى آية أو يحجب عنه بصيرة المسلمين.. وإذا كان العالم المسيحي يتذرع بحرية الرأي، أمام ضعف الكنيسة التي حَجًمتها الدولة القومية خلال صراعها الدامي في القارة ألأوربية، ليسيء للسيد المسيح و لنبي الإنسانية الرسول الكريم، فأن الصهيونية العالمية هي التي تقف خلف تلك الإساءات، والغاية هي تدمير الديانتين الإسلامية والمسيحية والعمل على تعزيز الديانة اليهودية...الإمبريالية كخلاصة، هي مطية للصهيونية.. لا يهما الدين المسيحي بقدر المصالح التي تجنيها من استخدام غطاء الدين للوصول إلى تلك الأهداف.. كما هي حال الدولة القومية الفارسية، التي تستخدم أداة التشيع الفارسي في سياستها الخارجية للوصول إلى أهدافها التوسعية في المنطقة.
خامساً- وظفت أمريكا قدراتها في " ثورات الربيع العربي"، فأنتجت " خريفاً عربياً "، بات قادراً ومستعداً على أن يتعرض بشكل ماحق للمصالح الأمريكية والغربية في المنطقة... فهل كان ذلك غائباً عن تخطيط أمريكا للعقود المحددة، أم أن أمريكا لا تعرف شيئاً عن مكنونات وطبيعة الواقع العربي الإسلامي وسكيولجيته؟!... والخلاصة المؤكدة، أن أمريكا هي في حقيقتها نمرٌ ليس من ورق كما قال عنها القائد الصيني " ماوتسي تونك "، إنما نمرٌ غبي له مخالب وأنياب، وليس بمقدور العالم التعايش معه، ما دام طبعه الرأسمالي الإمبريالي دمويا!!
سادساً- لو كانت أمريكا صادقة، وهي كاذبة حتى على مجتمعها وممثليه في الكونغرس ومؤسساتها وإعلامها، لكانت قد شرَعَتْ قوانين تمنع التطرف في داخلها الذي يتعرض للديانات السماوية، وعلى وجه الخصوص للدين الإسلامي الحنيف، وللمسلمين، الذين يقدر عددهم أكثر من " مليار وستمائة مليون نسمه "، الأمر الذي يضع المصالح الأمريكية والغربية أمام مخاطر التدمير والمقاطعة... والتساؤل هو، لمصلحة منْ هذه الإساءة للإسلام والمسلمين؟!، فالكل يؤشر أن المستفيد الأول هو الكيان الصهيوني وخلفه الصهيونية العالمية، والطغمة الغبية القابعة في البيت الأبيض.. فهل أن من المصلحة أن يخسر المجتمع الأمريكي والمجتمعات الغربية أكثر من " مليار وستمائة مليون مسلم"، وتخسر مصالحها في المنطقة، وحكوماتها مستمرة في دعمها للكيان الصهيوني؟!
كراهية أمريكا تتزايد في المنطقة العربية، والعالم الإسلامي يوماً بعد يوم، بسبب فجور الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة، وبسبب فجور الولايات المتحدة وحليفتها إيران في احتلال العراق، الذي فجر الموقف في عموم المنطقة.. ولا أظن إن موجات الصدمة التي حلت في العراق عام 2003 ستتوقف تأثيراتها على المنطقة برمتها، وتداعياتها على المصالح الأمريكية ستكون في قابل الأيام لا أحد يتكهن بنتائجها... والمثل العربي يقول (وعلى نفسها جنت براغش)!!
13/9/2012
شبكة البصرة
الجمعة 27 شوال 1433 / 14 أيلول 2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق