قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الاثنين، 17 ديسمبر 2012

كلمة الرفيق حسن بيان، نائب رئيس حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي في إحياء ذكرى الشهيد محمود المعوش وتكريم المناضل جمال الغوش

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
كلمة الرفيق حسن بيان، نائب رئيس حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي
في إحياء ذكرى الشهيد محمود المعوش وتكريم المناضل جمال الغوش
شبكة البصرة
أيها الرفاق والرفيقات
أيها الأخوة والأخوات
عندما نقف في حضرة الشهداء والمناضلين، مُكرمين لهم، فإننا كمن يقف في المحراب خشوعاً، أمام دلالات الشهادة والمعاني النضالية التي وَسمت هؤلاء الذين نذروا حياتهم لقضية شعبهم وأمتهم، وذابوا فيها حلولاً، حلول المتصوف في مناجاة خالقه.

عندما نقف في حضرة الشهداء مُكرمين لهم، فهذه أبسط الواجبات التي نؤديها لمن ضحى بحياته، وهي الأغلى ثمناً، وهانت عنده التضحية، تجاه القضايا الكبرى، قضايا الحرية بأبعادها القومية والوطنية والاجتماعية.
إن تكريم الشهداء واجب، لأنهم الأكرم منا جميعاً، وهل هناك أكثر كرماً من يجود بنفسه، انتصاراً لأهدافه التي تربى عليها وترجمها أداء نضالياً مميزاً وحيث اقتضت الضرورة النضالية ذلك.

عندما نقف مكرمين الرفيق الشهيد محمود المعوش في الذكرى الثالثة والعشرين وهومن شهداء حزب وطني عريق في وطنيته، فإنما نكرم من خلاله كل شهداء الحركة الوطنية اللبنانية، لأن هؤلاء ما استشهدوا إلا دفاعاً عن القضية الوطنية اللبنانية، بما هي قضية تحرير للأرض من الاحتلال، وقضية إقامة النظام الوطني الديموقراطي.

وعندما يكون الشهيد، من مناضلي جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، فإنما يكرم من خلاله كل شهداء هذه المقاومة التي تمتد بتاريخها إلى البدايات الأولى للعدوان الصهيوني على لبنان، ومواجهات العرقوب وكفركلا حيث سقط شهداء وفي الطليعة منهم الرفيق الشهيد عبد الأمير حلاوي شواهد، وحيث شكلت هذه الطليعة البدايات التأسيسية للفعل المقاوم للاحتلال الذي شهد تطوراً نوعياً بعد عدوان 1982، واستمرت فعالياته إلى الوقت الذي حيل فيه دون تمكنه من الاستمرار في أخذ مواقعه المتقدمة في مواجهة العدو لأسباب معروفة، لا نريد استحضارها لأن الفعل المقاوم استمر تحت عناوين سياسية أخرى وأسفر عن تحقيق انتصار توج في فرض الانسحاب على العدو الصهيوني عام 2000، وصد عدوانه عام 2006 وعدم تمكينه من تحقيق الأهداف التي كانت وراء العدوان.
وعندما نُكرم المناضلين ومنهم رفيقنا العزيز جمال الغوش، وهو الذي خبرته ساحة العمل الوطني والاجتماعي، فإنما نكرم أيضاً من خلال تكريمه كل المناضلين الوطنيين، إلى أي فئة وطنية انتموا.

وإذا كانت هذه المناسبة، تشكل الاطلالة الأولى مع رفاقنا في الحزب الشيوعي اللبناني، في تكريم قائد وطني كُرم بالشهادة، ويكرم اليوم بإحياء الذكرى، فإننا نغتنم هذه الفرصة لنقول لرفاقنا في الحزب الشيوعي اللبناني، بأن العلاقة الخاصة التي كانت تجمع بين الشهيد محمود المعوش، والمناضل جمال الغوش، لم تكن إلا بسبب إدراكها انهما ينتمان إلى تيار وطني التقى على الأهداف الوطنية الكبرى كما على إدارة الشأن الحياتي والمطلبي للشريحة الشعبية التي انتميا إليها، وكانا سوياً وفي حال التحام دائم مع القضايا الشعبية لهذه البلدة المعطاة ولهذه المنطقة التي تأبى إلا أن تكون وطنية الهوى عروبية الهوية.

إننا أيها الرفاق، نغتنم هذه الفرصة، لنقول أن إحياء هذه الذكرى وفي مشهديتها الحالية تعيدنا إلى الأيام السوابق، أيام كانت الحركة الوطنية اللبنانية، تشكل واحدة من رافعات العمل السياسي في لبنان والتي خاضت عبر إطاراتها ومؤسساتها المشتركة، معركة الدفاع عن المقاومة الفلسطينية ومعركة التغيير الوطني الديموقراطي، وكان أبرز تعبير عن رؤيتها المشتركة هو البرنامج المرحلي للحركة الوطنية اللبنانية.

واليوم، وفي ظل هذا الأطباق على الحياة السياسية اللبنانية من قبل التمحورات الكبرى التي تقدم نفسها تحت يافطتي 8 و14 آذار، ما أحوجنا اليوم، إلى استنهاض وطني عام، يعيد الاعتبار للقوى الوطنية في الحراك السياسي والذي بدون هذا الدور للحركة الوطنية المشدودة إلى برنامج التغيير الوطني الديمقراطي، لا يمكن أن تأخذ موقعاً مؤثراً في الحياة السياسية اللبنانية.
هذا الدور الذي نرنو عليه، لا أوهام لدينا، بأنه سيعطينا حصة في الحكم، لأن هذا النظام بطبيعته الطائفية، والذي تتحكم بمفاصله حيتان المال وتماسيح الطوائف لا يحتمل مشاركة وطنية في إدارة الشأن العام.

وإذا كنا ندرك هذه الحقيقة، فإن الحقيقة الأخرى التي ندركها ايضاً بأن الحركة الوطنية التي لا تستطيع أن تكون شريكاً في الحكم، بإمكانها أن تكون رقيباً ومحاسباً على أداء الحكم ليس تحت قبة البرلمان ولكن من خلال الشارع عبر الرقابة الشعبية، وحيث لا تبقى الحركة المطلبية، حركة محاصر بمافيات السلطة والمال، وحتى لا تبقى الحركة النقابية مفتقرة إلى رافعتها السياسية. ويخطىء من يظن أن الحركة النقابية التي تتعرض للشرذمة والاحتواء لبعض قواها قادرة على تحقيق المطالب المشروعة والمحقة دون حاضنة شعبية ودون حركة وطنية قائدة لهذه الحركة الشعبية.

ولهذا فإن الحاجة باتت ملحة لإعادة تفعيل العمل الوطني عبر إطارات مؤسساتية. وهنا نقول ولرفاقنا في الحزب الشيوعي اللبناني خاصة ونحن الذين خضنا وإياكم تجربة في العمل الوطني المشترك رغم افتراقنا واختلافنا حول كثير من القضايا، أنه ليس باستطاعتكم أن تؤسسوا بمفردكم لحركة وطنية لبنانية، ونفس الشيء بالنسبة إلينا، لأننا لا نستطيع أن نؤسس بمفردنا لحركة وطنية لبنانية، وبالكاد نستطيع وإياكم أن نشكل نواة لتأسيس حركة وطنية تضم كل الأطياف الوطنية اللبنانية.

ونقول بصراحة ايضاً، إننا ما نتفق عليه اليوم هو أكثر مما نختلف عليه، لا بل تكاد تكون الافتراقات حول بعض القضايا ليست جوهرية وهذا الاختلاف طبيعي، لأننا لسنا حزباً واحد، وفي داخل الحزب تبرز عادة رؤى متبانية حول بعض القضايا.
إن ما يجمعنا، هو موقفنا المبدأي والنضالي من العدو الصهيوني وأهمية الفعل المقاوم للاحتلال، وأين أدى هذا الفعل المقاوم دوره النضالي، والتي كانت أبرز تجلياته في لبنان يوم فرضت المقاومة انسحاباً على العدو كناتج لفعل نضالي متراكم، ودورالمقاومة الفلسطينية في تصديها للعدوان على غزة 2008/2009 و2012 وفي مواجهة الاستيطان الصهيوني وفي الدور البطولي الذي اضطلعت فيه المقاومة الوطنية العراقية وحيث فرضت انسحاباً على أميركا وهي التي كانت تمن النفس ببقاء احتلالي طويل الأمد.
إننا نعتقد اننا نتفق وإياكم، بأن هذه الطبقة السياسية الحاكمة التي تتناوب المواقع، تارة موالاة وتارة معارضة، هي المسؤولة عن تثقيل الوضع السياسي والأمني والاقتصادي، بهذا العبءالذي شل الحياة السياسية ويشل دورة الحياة الطبيعية وأن لا حل وطنياً، الا عبر الغاء الطائفية السياسية، والمدخل لذلك قانون انتخابي خارج القيد الطائفي وعلى اساس النسبية والدائرة الوطنية الواحدة.

إننا ما نتفق عليه يشكل اساساً لصياغة برنامج سياسي مشترك، نستند إليه في الاداء النضالي لأجل تفعيل الحركة السياسية الوطنية وإثبات حضورها في مجرى الحياة السياسية وفي إعادة الاعتبار للحركة الشعبية التي عطلتها الانشطارات العامودية في بنى المجتمع اللبناني وحيث نناضل لأن نقيم نظاماً، يكون فيه الجميع متساوون في إطار الانتماء للمواطنة، وليس في إطار الانتماء للطوائف والمذاهب.

وأما بالنسبة لهذا الحراك الشعبي العربي الذي يختلج في أقطار الوطني العربي، فنحن معه على قاعدة وطنية أهدافه، وسلمية حراكه ورفض كل اشكال التدخل الدولي والاقليمي ولإعادة إنتاج نظم سياسية، لا مكان فيها للاستبداد ولا للتوريث ولا للتأبيد ولا للفساد ولا للتبعية لمحاور لاستقطاب الدولي والاقليمي.

إننا مع هذا الحراك لإقامة النظم السياسية، التي تقوم على قاعدة الفصل بين السلطات وعلى مبدأ تداول السلطة، وجعل الديموقراطية هي الناظم للحياة السياسية وإقامة الدولة المدنية التي يتساوى فيها للجميع في الحقوق والواجبات.

إننا في هذه المناسبة إذ نوجه التحية للرفاق في الحزب الشيوعي اللبناني قادة وكوادر ومناضلين، والى شهدائهم وفي الطليعة منهم الشهيد الذي نكرمه الى رفيقنا المناضل جمال الغوش، نقول ختاماً أن يدنا ممدودة، وقلوبنا مفتوحة، وعقولنا منفتحة على نقاش وحوار سياسيين، لأجل توحيد القوى الوطنية اللبنانية، لقناعة لدينا بأنه لا يمكن بدون ذلك تشكيل و بلورة كتلة شعبية تثبت حضورها ودورها خارج هذا الاصطفاف المذهبي والطائفي ولأجل توفير الرافعة السياسية لمشروع الإصلاح كحد أدنى والتغيير كحد أقصى في بنى هذا النظام وبما يستجيب والحقوق الأساسية لهذا الشعب الصامد الصابر والذي كفى حتى الآن ما قدم وما حل به ولم يحصد بقدر ما ضحى.

تحية لشهداء الحركة الوطنية اللبنانية
تحية لشهداء المقاومة الوطنية اللبنانية
تحية لشهداء فلسطين، وشهداء العراق ومقاومته الباسلة
تحية لشهداء الامة العربية
تحية لكم جميعاً والسلام عليكم
شبكة البصرة
الاحد 3 صفر 1434 / 16 كانون الاول 2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق