قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الثلاثاء، 30 يونيو 2015

الطائفية والقطرية والعرقية ثالوث غير مقدس

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الطائفية والقطرية والعرقية ثالوث غير مقدس
شبكة البصرة
الدكتور غالب الفريجات
هناك أمراض قاتلة تنخر في جسد الأمة، وتعمل على تعطيل حركتها، وتقف عائقاً في طريق تقدمها، وتحقيقها لأهدافها في الوحدة والحرية والتحرر، وتتمثل هذه الأمراض بالطائفية والقطرية والعرقية.
الطائفية ممارسة مرفوضة، وهي انتماء غير سوي، لأنها تنظر إلى الولاء للطائفة على حساب الوطن، ويصبح الوطن في خدمة الطائفة، والطائفية هي تمزيق للمؤسسة الدينية التي تنتمي إليها، لا بل هي دمار لهذه المؤسسة، لأنها تحول المؤسسة الدينية إلى شيع وفرق متقاتلة ومتصارعة، ولايستفيد من هذا الصراع والإقتتال إلى أعداء الوطن والأمة والدين، وبدلاص من أن يكون الدين عامل وحدة بين أبناء المجتمع يصبح ساحة صراع وإقتتال في صفوف أبناء الوطن.
الطائفية تقوم على شرذمة الدين الواحد، وتجعل من أتباع كل طائفة دينية في مواجهة الطوائف الدينية الأخرى، وتضعف لحمة الوحدة الدينية للمجتمع، خاصة في دول تقيم وزناً كبيراً للمعتقد الديني، ويكون هذا المعتقد جزء من الممارسة السياسية، فنحن نرى ما يحصل على أرض لبنان، وبسبب من التشنج الطائفي تم تعطيل مؤسسات الدولة، وكما يظهر في استخدام ملالي طهران للطائفية لتحقيق أهدافهم القومية على حساب الوطن العربي، للوقوف في وجه وحدته والعمل على نهب خيراته، ولأن وطننا فيه طوائف دينية متعددة، إلى جانب أن هناك عددأً من المواطنين لا يدينون بديانة المجموع العام، فالطائفية تصبح واحدة من المشكلات التي تقف في طريق المجتمع إن لم يقف في طريق تسييس الدين وإستخدامه/الطوائف في طريق النهوض بالمجتمع، بدلاً من أن تكون وسيلة لتدمير المجتمع.
القطرية هي تدمير للأمة في وحدتها، عندما تقوم قطرية متشنجة أو منغلقة أو متعالية على غيرها من أقطار الأمة، وليست منفتحة على القطريات الأخرى المكونة للأمة، فهذه دمار للأمة في تطلعاتها الوحدوية، وكما هي قطريات سايكس بيكو التي تحولت في الكثير من الأحيان إلى مواجهة بعضها البعض، تاركة العدو الخارجي كالعدوان الامبريالي والصهيوني والاقليمي الذي يستهدف أقطار الأمة، وفي الكثير من الأحيان أن هذه القطريات هي عون للعدو على غيرها من أقطار الأمة، كما حصل في حفر الباطن وغزو العراق واحتلاله.
العرقية هي أيضاً تشكل خطراً على الوحدة الوطنية والقومية، خاصة والوطن العربي فيه عدد من الأقليات ليست من أصول عربية، وليس هناك من عرق أفضل من عرق آخر يعيش على مساحة الوطن ولكن عندما يكون المواطنون المنتسبون لهذا العرق أو ذاك مسلوبو الارادة، ومحرومون من حقوقهم الوطنية، فإن هذه الحالة تشكل خطر الانفصال عن الوطن، وقد يتحول هذا الانفصال إلى مخلب قط لهذا الوطن أو ذاك، بالاضافة إلى حجم تأثيره السلبي على وحدة الأمة، وخير مثال على ذلك الجيب الكردي في العراق، وما حصل لجنوب السودان الذي انفصل عن الوطن السوداني، وبات كلا النموذجين يشكل تهديداً في محيطه الوطني وفي تطلعات الأمة القومية.
مما سبق نؤكد أن الطائفية والقطرية والعرقية هي خناجر مسمومة في جسد الأمة، وبوابات تدخل خارجي لتهديد الأمة في أمنها الوطني والقومي، وفي الحالة التي يعيشها الوطن العربي من فقدان للحرية والعدالة والمساواة لجميع المواطنين، فإن هذه الأمراض أمراض قاتلة للأمة، ولا يمكن الخلاص منها إلا في حالة الممارسة الديمقراطية الحقيقية، التي تحدد ما للمواطن من حقوق، وما عليه من واجبات، وأن الجميع هم مشتركون في المواطنة، ولا سيادة إلا سيادة القانون، فالقمع الديني والإضطهاد السياسي، وكبت تطلعات المواطنين لاشباع حاجاتهم الوطنية الصادقة في إطار الوحدة الوطنية والقومية، كل هذه تفتح الباب أمام شيوع أمراض الطائفية والقطرية والعرقية في النسيج الاجتماعي للأمة، وتعمل على تمزيقه، وتقف في طريق تحقيقه لطموحاته في الوحدة والحرية والتحرير.
الديمقراطية الحقيقية هي البلسم لهذه الأمراض القاتلة، وهي تعزيز للوحدة الوطنية والقومية، ويتحول هذا التنوع في الأمة إلى إغناء للأمة، بدلاً من أن يكون وسيلة لضعفها وتدميرها، وفتح أبوابها مشرعة أمام أعدائها لتنفيذ مصالحهم العدوانية، فلا بديل عن الديمقراطية عندما يشعر كل مواطن أنه يعيش في وطن حر عيشة حرة كريمة، يؤدي ما عليه من واجبات إتجاه الوطن والأمة، ويعرف ما له من حقوق، يفهم أنه ليس من حقه التجاوز على حقوق الآخرين، فالقانون يوقفه عند حده، لأنه لا سيادة إلا للقانون الذي يعيش جميع المواطنين تحت ظله، فالقانون لايميز بين مواطن أسود أو أبيض، ولا بين مواطن من هذه الطائفة أو تلك، ولا بين مواطن، وذاك المواطن من أصول عربية أو غير عربية، فالدين لله والوطن للجميع، والقانون هو سيد الموقف، عندها تموت الأمراض الطائفية والقطرية والعرقية التي تنخر في جسد الأمة، وعندها أيضاً تكون الطريق مفتوحة أمام الأمة لتحقيق ما تصبو إليه من وحدة وعدالة وتحرر.
شبكة البصرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق