قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الأحد، 28 يونيو 2015

الاستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس : مراجعة لفكرة الشعب الثائر: امتنا بخير

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مراجعة لفكرة الشعب الثائر: امتنا بخير
شبكة البصرة
الاستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس
التعميم في المصطلحات والمفاهيم خطأ فادح وخطر كبير قد يقود الى نتائج كارثية على مستوى الفهم العام وعلى مستوى النتائج المرجوة في العمل الثوري الشامل الذي يتحول الى ضرورة تاريخية في حالات غزو الاوطان واحتلالها وفي حالات أخرى عديدة منها فساد النظام السياسي وانحرافه وعمالته للأجنبي وغيرها من الأسباب التي توجب الثورة. فالقول ان الشعب هو المسؤول وهو الذي يثور وهو الذي يغير تنقصه الدقة ويعوزه الفهم الدقيق لحيثيات الفعل الثوري أهدافا وقدرات وقوى دافعه.
ان الذي يتصدى للعمل الثوري ومتطلبات التغيير هو جزء الشعب المنظم ضمن أطر طليعية هي قوى الشعب السياسية المنبثقة من صلب ارادته ومصالحه العامة والتي هي بالضرورة متطابقة تطابقا عضويا تاما مع مصلحة الوطن والامة. وعليه فان ادانة الشعب في حالة ضمور الحراك السياسي والثوري الممثل لحاجات الوطن والامة لا تمثل فقط عملا وتصورا قاصرا بل قد تكون مدخلا للردة والتآمر والتحبيط و التيئييس. والصحيح في تقييم المرحلة التاريخية ومعطياتها وخاصة في حالات التراجع هو أن تقييم القوى الحية في الامة. وثمة مسلمة أخرى على غاية الاهمية في هذا السياق هي أن يكون التقييم علميا موضوعيا تحكمه أدوات المنطق والعقل الراجح والرؤى النافذة العميقة التي تستخدم كلها كميزان ذهب في وزن العوامل الذاتية والموضوعية الداخلة في انتاج الحالة التي يتصدى لها التقييم.
على ضوء ما تقدم فإننا ننظر لحال الامة العربية وشعبها العظيم بعين ايجابية ترى المخاض وكل عوامل اليسر والعسرة فيه وتنظر بعين الفاحص المتاني لتستخلص عوامل التغيير الايجابية القائمة والقادمة. فبعد غزو العراق واحتلاله اتضح للعالم كله ان أهداف الغزو لم تكن محصورة في جغرافية العراق حصرا بل تستهدف الامة العربية وشعبها. فالاحتلال لم يأت لتغيير نظام أو ازالة حكومة واستبدالها بما يحقق غاياته بل جاء ليدمر المد القومي العربي الذي تثبت أركانه ومقتضياته في العراق وانهاء سياسة حزب البعث العربي الاشتراكي التي كانت تغذي الامة كلها وقواها الوطنية والقومية والاسلامية الوسطية بعوامل النمو والقوة والرسوخ وتمضي قدما وبقوة الى ترجيح تفاعل الامة انظمة وجماهير مع الاهداف القومية في الوحدة والحرية والاشتراكية التي هي معيار العدل بكل مقتضياته.

وكان من بين نتائج الغزو المباشرة :
أولا: انحسار المد القومي العربي وضعف منتجات قواه التي أصيبت بصدمة موجعة بل كارثة حقيقية.
الثاني: الاستثمار السياسي اللاأخلاقي لخطة الغزو ومنتجاتها من قبل قوى سياسية في مقدمتها قوى الاسلام السياسي وتمثيلاتها الطائفية البغيضة وبعض أجنحة اليسار العربي الانتهازي التي ركبت بلا حياء موجة الغزو وكأنها فرصة نازلة من السماء لتحقيق أغراض شخصية وعائلية وحزبية ضيقة مدمرة للوطن وللامة.
غير ان المشهد لم ينته عند هذه الخطوط المنظورة وما بني عليها من سياسات للمحتل ولأدواته فلقد برزت فورا عوامل التصدي بصيغة لم تكن محسوبة بدقة لا من الغزاة ولا من أعوانهم. فرغم هول الزلزال وما أحدثه من دمار على مستوى العراق والامة فان البنى التحتية والفوقية للمنظومات الوطنية والقومية والاسلامية التي تم تشكيلها في العراق ابان حقبة الحكم القومي قد نهضت بسرعة خارقة لترمم الاجزاء المدمرة في الجسد وتعاون في نمو مكونات القوة التي تتناسب مع رد الفعل الحي العضوي الثائر المطلوب.
عملية الترميم العضوي الحيوية الباهرة لا يعرفها الا من عايشها في العراق بعد الغزو ولا يدرك مدياتها وعمقها وعظمة كينونتها وما انتجته غير المتحركين في اطارها : اطار المقاومة العراقية الوطنية والقومية والاسلامية الباسلة التي هي في واقع الحال معجزة عراقية وطنية وقومية بكل المعايير بإرادة الله سبحانه.
ورغم ان بعض الاحرار والثوار وسواد الشعب الموسوم بالعزلة النوعية عن ولادات العاهرة الاحتلالية يقعون احيانا في فخ التعجل والرغبة في تحقيق الانعتاق السريع غير ان هذا لا يغشي ابدا أبصار الثوار المتوكلين على الله والقابضين على جمر الصبر واليقين الناتج من تفاعل الروح الوثابة مع الايمان بفوز يقين للحق الوطني والقومي وهذه هي دلائلنا على ان القوى الوطنية والقومية والاسلامية الوسطية المتحدة تحت أهداف التحرير والانعتاق ليس في العراق بل في كل الامة تمسك زمام المبادرة وتحرك الكثير من المنظور ومن غير المنظور من الاحداث والافق التحرري الثوري القومي الانساني :
1- قوة المقاومة الوطنية والقومية والاسلامية في العراق وحيويتها في احتواء أدوات الذبح والتآمر التي تستهدفها والتي برزت بوضوح مع تواصل الاحتلال لزمن ربما أطول مما ظن البعض انه سيتواصل. ان الكثير من الغاطس في فعل المقاومة بشقيه السياسي والعسكري لا يدرك كنهه غير الرجال الشجعان الذين يديرون دفة أعظم عمل مقاوم عرفه تاريخ الانسانية كله.
2- ان لحزب البعث العربي الاشتراكي الذي جاء الغزو لذبحه دور مفصلي في ادارة العمل المقاوم وتغذيته من حاضنته الشعبية العظيمة وفي العمل الحثيث على توحيد قوى الثورة والثبات على الايمان بضرورة هذه الوحدة والعمل على توفير مقوماتها. ان هذا الحضور حاسم في تحريك الامة وقوى شعبها العظيم لان للبعث المناضل قواعده في كل أقطار الامة.
3- الفشل الذريع الذي وصلت اليه مساعي وتحركات الاسلام السياسي بل أعمق من الفشل محن وكوارث الفشل في ادارة الصراع وادارة الدولة وانسداد الافق الذي سرعان ما سقط فيه لأسباب واضحة ومرئية في مقدمتها اعتماده على الاجنبي واستناده الى الاسناد المبني على التبعية والعمالة وليس على روح ونبض الشعب وقدراته المتحركة دوما الى الامام فضلا عن قصور وجزئية الاسس السياسية التي سقط فيها. ان المرحلة التي نعيشها الان بعد انهيار منتجات (الربيع العربي) وفشلها الذريع في رسم مشهد (الثورة) التي تم الترويج لها بقوة اعلام عملاقة وفي تحقيق أي ثبات ميداني رغم كل عظمة الدعم والاسناد الامريكي والصهيوني والايراني وغيره المقدم لها هي مرحلة عودة مشهد النهوض القومي الذي راهنا عليه وثبتنا عند حالة الايمان به بعد الله سبحانه. ان هذا الفشل لم يأت من فراغ بل بفعل حراك منظور وغير منظور لقوى الامة الحية على كل سبل ومستويات الفعل المقابل.
4- ان القوى القومية وفي مقدمتها حزب البعث العربي الاشتراكي قد اثبتت حضورها، وبغض النظر عن تفاوت قوة هذا الحضور، في ساحات لبنان والاردن وتونس واليمن والخليج وسوريا وموريتانيا والسودان والمغرب العربي. وان حراك البعث لا يمكن أبدا تجاهل معطياته ومنتجاته لان البعث هو أحد القوى الثورية الطالعة من جوف الشعب العربي وروح الامة. ان حراك البعث هو حراك الشعب العربي ومن ينكر هذه الحقيقة فهو اما بعيد عن الواقع أو منغمس في أوهام مرحلة ما بعد غزو العراق.
5- ان ظهور بوادر مقاومة واعدة في الاحواز يتزامن مع تراجع منظور في قوة العمل الشرير المعادي للامة العربية الذي ينفذه نظام ولاية الفقيه في ايران واحتمالات حصول تغييرات جذرية في علاقات القوى الكبرى والعظمى مع هذا النظام وظهور بوادر قد تشي بنهاية حتمية لهذا النظام وتصاعد الوعي العربي سواءا على مستوى الانظمة أو على مستوى القوى الحية للشعب ولسواد شعبنا العظيم كلها علامات على نجاح مشروع المقاومة القومية في العراق وفي الامة عموما وتؤكد رؤيتنا على ان شعبنا العربي مازال يمتلك قوى وطلائع قادرة على انتاج التغيير والتحرير.
ان الامة التي انتجت الانبياء والرسل والرسالات في محطات كان بعضها خارج المألوف والمتوقع تماما لهي قادرة على ان تنتصر رغم عمق الجراح وقوة وشراسة العدو المتوحد في هدف ذبح الامة والمتعدد في عناوينه وتكويناته البنيوية. وسيبقى شعبنا العظيم في اليمن وسوريا والعراق ولبنان والسودان والمغرب العربي ومصر والخليج قادر على تغذية وتأهيل واعادة تأهيل قواه الحية بمختلف توجهاتها المتوحدة تحت راية التغيير والتحرير. وتبقى مسؤولية القوى السياسية الثورية في الامة قائمة أمام الله وامام الشعب في أن تقوم بدورها التعبوي والتنويري والتسليحي والاعلامي لتجند قوى الشعب في اطار مهامها التاريخية : تحرير العراق وفلسطين وليبيا وجزر الخليج والجولان وكل ارض عربية سلبها الطاغوت. والله أكبر.
شبكة البصرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق