قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

السبت، 10 أغسطس 2013

مسلسل "نيران صديقة" وخرافة البنات الكرديات في الملاهي المصرية

مسلسل "نيران صديقة" وخرافة البنات الكرديات في الملاهي المصرية

تحقيق: عشتار العراقية 
غارعشتار
أجج المسلسل المصري "نيران صديقة" شرر اكذوبة كردية راجت قبل وإبان نظر قضية "الأنفال" في محكمة الإحتلال، وقد سبق أن فندتها في أكثر من موضوع، ولكني أرى أن اعود الى تناولها، خاصة بعد أن (تذكرها) نيجرفان برزاني رئيس الحكومة الكردية، أثناء فرجته على المسلسل المصري. وقصة المسلسل أن كاتبه شاب حديث العهد بالكتابة اسمه (محمد أمين راضي) وقد خرج علينا في شهر رمضان بمسلسل فيه الكثير من الغموض والإثارة، ومن ضمن ذلك ما اعتقد انه يأتي بأحداث (واقعية) في ظنه ليشبكها في قصته الخيالية. وقد قال في حوار معه حول هذا  الموضوع  مايلي:"وقال «راضي» لـ«المصري اليوم»، حول ما تناوله أحداث المسلسل، فيما يعرف عراقيًا باسم «فتيات الأنفال»، اللاتي تم ترحيلهن إلى مصر للعمل في ملاهي ليلة خلال حكم الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، إن القضية حدثت في ثمانينيات القرن الماضي، وتم نشرها في جريدة أخبار الحوادث، ولفتت انتباهه فقام بتحويلها إلى قصة درامية داخل سياق أحداث المسلسل" (بقية المقابلة هنا).
كان محمد أمين راضي، مؤلف مسلسل «نيران صديقة» تطرق في أحداث الحلقة الخامسة إلى اعتراض صاحب ملهى ليلي بمصر على قيام مساعده بتشغيل 18 فتاة عراقية من ذوات أصول كردية كراقصات في ملهاه، وبرر مساعده ما فعله بأن هناك من أمره بفعل ذلك، ليتضح فيما بعد أن والد صاحب الملهى هو من أمر بذلك، فيدور حوار ساخن بين الأب والابن، يطلب خلاله الابن تفسيرًا من والده عن سبب دفعه بتلك الفتيات للعمل في ناديه، فيبرر الوالد ذلك بأنه أفضل لهن العمل كراقصات بدلًا من أن يقتلهن صدام حسين، كما فعل مع ذويهن، فيأتي رد الابن بأن القتل أفضل لهن، لأنهن سيصبحن شهيدات في ذلك الوقت بدلاً من أن يعملن راقصات، وينتهي حوارهما باتهام يوجهه الابن لوالده بأنه يعمل مع العصابات.

الحلقة الخامسة التي يرد فيها ذلك في الفيديو أدناه لمن يريد أن يستزيد:

الكوميديا في الموضوع أن المتحدث باسم وزارة الشهداء بحكومة إقليم شمال العراق، فؤاد عثمان، طالب الإثنين، مؤلف عمل مسلسل «نيران صديقة» بكشف مصدر معلوماته حول قضية ترحيل فتيات عراقيات في ثمانينيات القرن الماضي، إلى مصر، خلال حكم الرئيس العراقي السابق صدام حسين، للعمل في ملاهي ليلية، حسب ما تناولته أحداث المسلسل، كنوع من المساعدة في كشف جرائم النظام العراقي السابق، مع توضيح أي معلومات حول تلك الفتيات، لتكمل جهات التحقيق العراقية عملها، مؤكدًا أنه سيتوجه إلى القنصلية المصرية في أربيل، بشمال العراق، لتقديم طلب رسمي بذلك.
ولمن لايرى النكتة في هذا الطلب لابد أن أوضح:
أولا- مصدر معلومات المؤلف المصري هي جريدة اخبار الحوادث التي تنشر أي شيء للإثارة بدون التحقق من أي مصدر. كاتب وجد خبرا مثيرا فوظفه في مسلسل درامي وهو يعتقد أنه جاء بما لم يأت به الأوائل. وكل الذي جاء به: خرافة من خرافات بروباغندا الأكراد.
ثانيا - كان رئيس العراق المحتل جلال طالباني قد سأل صديقه حسني مبارك في ذلك الموضوع منذ عام 2006 ونفى الرئيس المصري القصة.
ثالثا - كان للحزبين الكرديين الرئيسيين مكاتب معلنة ومفتوحة في القاهرة في ذلك الوقت (قبل الاحتلال) والعلاقات جيدة جدا مع العميل حسني مبارك ولم نسمع أن احدا من مسؤولي المكاتب قد حقق في هذه القضية .
رابعا - العلاقة ممتازة بين الحكم الكردي في شمال العراق وبين مصر ايام حسني مبارك حتى انه ربما كانت مصر الدولة العربية الاولى التي تفتح قنصلية لها في اربيل عام 2010. (انظر هنا الغزل المتبادل) لماذا ياترى لم يحقق حكام الاكراد بقضية البنات الكرديات في حينه وانتظروا بالصدفة ان يكتب كاتب مصري مسلسلا رمضانيا ليسألوه عن مصادره؟
++
الواقع أنه ليس هناك دليل لدى الأكراد على الكذبة التي اطلقوها قبل وأثناء المحاكمة الاحتلالية وكلها تعتمد (على كلام جرائد) ووثيقة مزورة ، وسأقول لكم لماذا اطلقوها، ومحاولاتهم اليوم لإثارة الموضوع بسبب المسلسل هو من قبيل البروباغندا حيث لم يصدقوا أنفسهم ان دراما رمضانية عربية اشارت الى (مظلومية ) الاكراد. وفي الواقع أنا أشك في أن يكون المؤلف قد وقع على الموضوع بالصدفة ولم يطبخه له احد الأكراد في السفارة العراقية بالقاهرة، او ممثلية العراق لدى الجامعة العربية، او في المكاتب الكردية السياسية والثقافية في القاهرة، لأن الموضوع يبدو مقحما على المسلسل. فإذا كان مؤلف مصري يريد أن يبين فساد والد صاحب المقهى وتعاونه مع العصابات، كان يمكن له ان يختار أي جريمة اتجار بالبشر من داخل مصر مثلا. ما الذي يذهب به الى قضية لا يعرف عنها الاكراد انفسهم شيئا ، طبعا غير الذين خلقوا الاسطورة؟
++
في محاكمة  الأنفال، ظهرت الوثيقة المزيفة والتي كانت قد نشرت منذ تموز 2003 في الجرائد. وانظروا ملابساتها:
المصدر - (استأنفت المحكمة الجنائية العراقية في جلستها الخامسة عشرة اليوم محاكمة الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين وستة من كبار مساعديه السابقين المتهمين بارتكاب جرائم ابادة جماعية ضد الاكراد في حملة الانفال خلال عامي 1987 و1988.. حيث طلب القاضي محمد العريبي الخليفة من المتهمين الجلوس هادئين مؤكدا انه ليس لديه أي شيء ضد المتهمين بينما دار جدل حول وثيقة قدمها المشتكي الاول عن بيع المخابرات السابقة 18 فتاة كردية الى نواد ليلية في مصر .
وقال المشتكي الاول عبد القادر عزيز انه بعد سقوط النظام حصل على وثيقة تؤكد ان السلطات العراقية باعت الى مصر 18 فتاة كردية فوجد ان بينهن شقيقته.
 وقال المشتكي الاول في جلسة اليوم وهو عبد القادر عزيز من مواليد عام 1956 بقرية وارانيه بمحافظة كركوك انه في شهر نيسان (ابريل) هاجمت القوات العراقية قريتهم فهرب السكان لكنها اعتقلت افراد عائلته ومن ضمنهم والده بينما هو التحق بقوات البيشمركة الكردية . واشار الى انه تم نقل المعتقلين الى الحجز الصحراوي بنقرة السلمان جنوب العراق وبعد صدور عفو عن الاكراد في اواخر العام عاد والده وابلغه انه منذ الاعتقال لايعرف شيئا عن افراد العائلة الاخرين .. واوضح المشتكي انه بعد العفو وعودته تم الحاقه بالجيش العراقي . واشار الى انه بعد سقوط النظام قرا في جريدة كردية ان السلطات العراقية باعت الى مصر 18 فتاة كردية فوجد ان بينهم شقيقته. وقدم الى المحكمة قائمتين باسماء القرى التي هدمتها القوات العراقية واسماء المفقودين من ابناء قريته وبينهم شقيقه وشقيقته. وقدم شكوى ضد صدام والمجيد طالبا بالتعويض .
ثم اوضح ان الرئيس جلال طالباني فاتح الرئيس المصري حسني مبارك حول موضوع الفتيات لكن هذا الاخير اكد بعدم وجودهن في مصر . واشار الى انه كان ينتمي الى الحزب الشيوعي العراقي وان السلاح الذي كان يقاتل به الاكراد يتم الاستيلاء عليه من اسرى وقتلى الجنود العراقيين .
وقد شكك الدفاع والمتهم صابر الدوري بوثيقة بيع الفتيات الى مصر .. وتساءل المحامي كيف يمكن ان تبيع الدولة فتيات الى نواد ليلية في مصر .. بينما اكد صابر الدوري ان الوثيقة مزيفة لانها تحمل اسماء ادارات حكومية سابقة بشكل خاطيء . وهنا طلب الادعاء من المحكمة التحري عن صحة الوثيقة ومفاتحة السلطات المصرية عن طريق الخارجية لمعرفة موقفها من الامر .) انتهى الاقتباس
++
طبعا لن اناقش الان ما اوضحه الشاهد من صدور عفو عن الاكراد وعودة والده من المعتقل (دون ان يؤنفل) والعفو الذي صدر عنه بصفته بيشمركة وقف ضد بلاده ثم حتى عودته الى الخدمة العسكرية ، مما يناقض الكثير من ادعاءات المظلومية، لأني سبق أن ناقشت كل ذلك في موضوع (ترتيب شهادات الزور) في 2008 وقد اشرت حينها الى قضية بيع الفتيات الكرديات الى الملاهي المصرية بالقول (بيع 18 فتاة كردية الى الملاهي المصرية تفيد عنصر الإبادة والجرائم ضد الانسانية، التي من شروطها ايضا : اجبار النساء من عرق او قومية او طائفة معينة على البغاء، ومن هنا جاءت قصة بيع فتيات كرديات للملاهي المصرية!! وقد نفت الحكومة المصرية هذه الشائعة). فكما ترون أن حكومة الاحتلال ومن ورائها المستشارون الأجانب ارادت  تحقيق كل شروط (جرائم ضد الانسانية) التي أتهم بها الرئيس القائد صدام حسين ورفاقه. ومن تلك الشروط هي كما أسلفت (اجبار النساء من عرق او قومية او طائفة معينة على البغاء) فكان  اختلاق هذه القصة التي لا يصدقها عقل. لماذا لايمكن تصديقها؟ تعالوا نرى:

أولا - تم التشكيك من قبل السيد صابر الدوري بالوثيقة التي ظهرت في المحكمة وهذه صورتها:

ونص الوثيقة "من مديرية مخابرات محافظة  (التأميم) الى مديرية المخابرات العامة برقم 1601 وتاريخ 10/12/1989 ,
(سري وعلى الفور الى مديرية المخابرات العامة الموضوع اجراءات بعد الايعاز المباشر من لدن القيادة السياسية، وقيامنا بعمليات الانفال الاولى والثانية والتي تم فيها حجز مجاميع مختلفة من الاشخاص ومن تلك المجاميع مجموعة من الفتيات التي تتراوح اعمارهن بين 14 و29 سنة، وقد قمنا وحسب اوامركم بارسال مجموعة من تلك الفتيات الى ملاهي والنوادي الليلية لجمهورية مصر العربية وحسب طلبكم، واليكم طيا قائمة بأسماء تلك الفتيات مع عمر كل واحدة منهن للتفضل بالاطلاع مع التقدير)

أولا - ارجو ممن يعرف التغيرات التي طرأت على تسميات الجهات الرسمية كما اشار اليها السيد صابر الدوري أن يطلعنا عليها.(اعتقد أن المخابرات كان اسمها (جهاز المخابرات العامة) أما (مديرية) فهي لصيقة بالاستخبارات العسكرية ، وهناك مديرية الأمن العامة )
ثانيا - لماذا تقوم المخابرات وفروعها بتبادل رسائل رسمية تكشف (جرائمها) وتوضح بالاسماء والاعمار ومن اصدر الامر ومن نفذ كتابة في وثيقة لم تتلف حسب مايحدث اثناء الانقلا بات او الثورات  او الاحتلالات او اي قلق او توتر يمس تلك الاجهزة؟
ثالثا - ما اهمية ذكر الاعمار في مثل هذا الموضوع ؟ الم تكن الاسماء كافية؟ وألم يكن من الأوجب ذكر المناطق او القرى التي أتت منها الفتيات؟ أو في حالة (بيع) كما أشيع، ألم يكن من الأوجب ذكر السعر؟
رابعا - طالما أن الوثيقة مفصلة الى هذا الحد، لماذا لم يذكر فيها الطرف المتلقي للفتيات في جمهورية مصر العربية؟ او اسماء الملاهي  والنوادي الليلية؟
خامسا - ما الحكمة من ارسال البنات الى مصر؟ من قلة البنات في مصر؟ لماذا لم يرسلن الى الخليج مثلا؟ أو الأردن؟ أو سوريا؟ أو اليمن؟ وهي الأماكن التي استقبلت فعلا النساء العراقيات المتاجر بهن بعد الاحتلال كما فصلت في ملف (الاحتلال وتجارة الرقيق) ؟
لماذا اختار مخترعو الوثيقة (مصر) ؟ وعلى افتراض أن الوثيقة صحيحة؟ ربما لأن العراق كان يتحالف مع مصر ودول عربية اخرى في مجلس التعاون العربي في 1989؟ ربما لأن (ملاهي ونوادي) مصر لها سمعة رنانة بين العرب؟ ربما لأن مختلقي الوثيقة كانوا يريدون الإساءة الى مصر؟
سادسا - على افتراض صحة الواقعة: كيف دخلت 18 فتاة كردية الى مصر بدون معرفة الأجهزة الأمنية المصرية وبدون منحهن تأشيرات؟ وإذا تم ذلك فكيف لا تعرف عنهن اجهزة الأمن شيئا؟ وإذا كان حسني مبارك قد نفى وجودهن فلابد أنه استشار اولا اجهزة الامن لديه، ثم لماذا لم تبحث السلطات الكردية هذا الأمر بعد زوال حسني مبارك قبل سنتين وتغير قيادات اجهزة الأمن المصرية؟
سابعا - الى جانب الملاحظات التي ابداها القارئان (ابو هاشم وابو خليل) في التعليقات في ادناه حول الوثيقة المزورة، فإن هناك ملاحظة اخرى وهي أن تاريخ توقيع الوثيقة في اسفلها غريب شوية: اولا ان التاريخ مطبوع وهو عادة يكتب باليد مع التوقيع، ثم لم يذكر اسم او منصب المسؤول الموقع، كما ان التاريخ هو 20/12/1989 في حين ان تاريخ الكتاب الذي صدر به هو10/12/1989 وعادة لايكتب رقم وتاريخ الكتاب الا بعد التوقيع وليس قبله بعشرة ايام.
ثامنا - أخيرا هاجت وماجت منظمة حقوقية كردية حول الموضوع وأعلنت في بيان غاضب لها  أن "الجهات المسؤولة في إقليم كردستان نفت صحة هذه الجريمة التي مارسها النظام السابق بحق الفتيات الكرديات"، داعية "الجهات المعنية الى تقديم إيضاح بشأن قضية الفتيات أو الاعتذار لذويهن".المصدر 
++
فإذا كانت الجهات المعنية في كردستان قد نفت الواقعة فعلام الضجة التي يفتعلها نجيرفان برزاني ووزير شؤون الشهداء؟
أترك بين أيديكم هذه الأسئلة والملابسات. وعلى الأكثر تكون الأسماء المذكورة في الورقة اما مزورة وإما تخص فتيات انتحرن او قتلن لاسباب يعلمها الله وأهاليهن، والمعروف ان نسبة الانتحار أوقتل البنات في كردستان تفوق كل النسب في بقية انحاء العراق. اقرأ بهذا الصدد موضوع (محرقة 14 ألف إمرأة كردية منذ 1990)
++
ملاحظة مهمة: ارجو الا تفوتكم قراءة التعليقات بالغة الأهمية التي تدلل على زيف الوثيقة التي تفتقر الى أبسط قواعد كتابة المراسلات الرسمية في العراق والتي يعرفها كل من عمل في إدارة حكومية . وبهذه المناسبة أقدم بالغ شكري وتقديري لكل من ساهم من القراء الكرام في التوضيح وكشف التزييف. 
ملاحظة اخرى مهمة: بعثت تغريدة الى المؤلف المصري محمد أمين راضي وأنظروا جوابه:
ولكن الكلمة مسؤولية. ليس من الذكاء تحويل إشاعات الى (حقائق) تصدقها شعوب تلتهم كل مايقدم لها في شكل دراما مؤثرة. بمثل هذه الإشاعات تم تدمير العراق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق