قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الثلاثاء، 1 مايو 2012

الممهدون لاغتصاب البحرين من هم؟ 2


بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الممهدون لاغتصاب البحرين من هم؟ 2
ماهي طبيعة صراعنا؟ من اجل الديمقراطية؟ ام من اجل الهوية؟
الاغبياء وحدهم من يتعلمون من اخطائهم اما انا فافضل التعلم من اخطاء الاخرين
بسمارك القائد الالماني الشهير
شبكة البصرة
صلاح المختار الجزء الاول هنا
ان خلط الاوراق او تداخل الخنادق يعد الان جزء اساسيا من خطط الاعداء، فلكي تجر كتل جماهيرية الى خندق معاد دون ادراك انه معاد يجب تبني شعارات تبدو ظاهريا صحيحة سياسيا لكنها في الواقع خاطئة مبدئيا وستراتيجيا، فمثلا الحديث عن وجود انظمة فاسدة ومستبدة وتابعة صحيح بلا ادنى شك، ونحن في العراق اهم واول ضحايا هذه الانظمة التي تأمرت على العراق وساهمت في غزوه وتدميره، لكن ادراك هذه الحقيقة ولكي لا نصبح ادوات بيد العدو او طرف ليس صديقا لنا، امر يجب ان يقترن حتما بوعي طبيعة المرحلة وتحديد اتجاهات الصراع فيها، وادراك حقيقة موازين القوى ومن هي القوى المحركة للاحداث وكم تملك من تأثير مقابل كم نملك نحن من قوة وتأثير...الخ، فتلك من ابسط بديهيات خوض اي صراع، فانت لا تخوض الصراع وانت تجهل من هو عدوك وما هي خططه الحقيقية وتجهل طبيعة من تقف معه في جبهة واحدة مرحليا او انك تعرفه لكنك لا تقدر نواياه الحقيقية جيدا، لانك في هذه الحالة سوف تصبح مجرد بيدق يحركه الاخر وقد يكون عدوا خطرا وربما اخطر من النظام الذي تريد اسقاطه.

لنناقش الامر ميدانيا وكما نراه في لواقع بعيدا عن النظريات.
1 – كانت المعارضة العراقية قبل الغزو تعتقد بانها شاطرة وقادرة بعد اسقاط النظام الوطني على لعب دور فعال والتفوق بهذه الطريقة او تلك على سيدة اللعبة وهي امريكا ومخابراتها، وكان هذا المنطق هو الذي ورط البعض بمواقف اعترف لاحقا بانها كانت خيانة وطنية عظمى لم يكن يقصدها ابدا. والسبب هو ان منظم ومحرك اللعبة الكبرى لديه احتياطيات وامكانيات وخطط بعيدة المدى ومال واعلام يدعمه، والاهم انه يعرف ما يريد ويعرف مع من يتعاون، فهل بعض عناصر التيار القومي في البحرين تمتلك شروط وامكانات اكبر من المعارضة العراقية وهي تضع بيضه كله في السلة الايرانية وتصطف معها بلا تحفظ او تحسب؟
يقينا، وكل من يتابع ما يجري في البحرين يعرف هذا اليقين، ان اتباع ايران في البحرين هم الاقوى من التيار القومي، ويقينا اخرا ان اتباع ايران لديهم مخطط متتابع المراحل خطوته الاولى اسقاط النظام لكن خطوته الثانية ليست الاكتفاء بالديمقراطية بل استخدامها لضم البحرين الى ايران، بمباركة امريكية ناتوية، بينما بعض عناصر التيار القومي البحريني ضعيفة ولديها هدف واحد فقط وهو اسقاط النظام اما بعد ذلك فهي لا تعرف الخطوة التالية التي يجب ان تخطوها ولا تملك القدرة على القيام بتلك الخطوة، ولذلك فان هذه العناصر هي الطرف الاضعف في المعادلة السياسية البحرينية وهو طرف عاجز عن التحكم بالاحداث بعد اسقاط النظام بينما الطرف الاخر الايراني مهيأ لاستلام السلطة وتنفيذ الخطوات اللاحقة الاشد خطرا من اسقاط النظام. هل هذا يختلف عما حصل لبعض اطراف المعارضة العراقية التي كانت ترفض التعاون مع المخابرات الامريكية لكن ضعفها وقلة خبرتها وسذاجة تفكيرها وغياب التحسب الحقيقي لديها وغلبة العواطف والتسرع على مواقفها مكن المخابرات الامريكية من سوقها كالبهيمة لقبول الغزو وتدمير الدولة العراقية وليس اسقاط النظام فقط؟

2 – العناصر التي لم تكن عميلة وشاركت في العملية السياسية بعد الغزو كانت تعتقد بانها ربما تستطيع تحقيق التغيير المنشود من داخلها، ولكن ماذا حصل لها في الواقع؟ هل نجحت ولو جزئيا في تحقيق اصلاح جزئي؟ كلا بالطبع فهي كانت مجرد ديكور وواجهة للاحتلال وحينما قررت امريكا تسليم العراق لايران فان ديكوراتها وواجهاتها التقليدية رميت في سلال الزبالة واصبح بعض افرادها مطاردون من حلفاء الامس! فهل تستطيع بعض عناصر التيار القومي في البحرين ضمان انها لن تجد نفسها في نفس القفص الذي وضعت فيه اطراف المعارضة العراقية من غير عملاء ايران المباشرين؟

3- ان مفتاح الفهم الصحيح لما يجري في البحرين يرتبط بطرح الاسئلة التالية : ما هو الاطار الستراتيجي المحكم والمتحكم في حركة الاحداث؟ ومن يمسك بدفة الامور هناك : هل هو التيار القومي ام ايران عبر اتباعها؟ بديهي ان نعترف بان من يمسك دفة الاحداث هم انصار ايران بالدرجة الاولى والتيار القومي طرف ثانوي من حيث القوة، وبناء عليه فان الرابح من اسقاط النظام لن يكون التيار القومي او اية تيارات بحرينية عربية ابدا بل ايران هي الرابح الرئيس، الامر الذي يعني حتما تفريس البحرين كالاحواز ولكن بطريقة اسهل بكثير نظرا لصغر حجم البحرين ووجود ايرانيين كثر يحملون الجنسية البحرينية.فهل هذا هو المطلوب من بعض عناصر التيار القومي؟ ام انهم يريدون اقامة نظام ديمقراطي بحريني في بحرين مستقلة لكنه لن يقوم ابدا بوجود التفوق الايراني التام؟
 
4 - كما علينا ايضا ان نناقش قدرات دول الخليج العربي الان وكل الاقطار العربية مقارنة بقوة ايران، وهل تستطيع هذه الدول مواجهة ايران عندما تضم البحرين؟ الجواب هو كلا فالطرف الايراني هو الاقوى ولديه خطط تفصيلية لما بعد اسقاط النظام وستكون سذاجة قاتلة اذا ظن البعض انه يستطيع اللعب مع ايران في موضوع يتعلق ب(امنها القومي) وتطلعاتها الامبراطورية التي انتظرت تحقيقها اكثر من 1400 عام.

5- واخيرا وليس اخرا علينا التنبيه لامر خطير اذا اغفل فان الكارثة ستكون مضاعفة وهو الموقف الامريكي الخطير من البحرين القائم على التخلي عن النظام والعمل على اسقاطه تماما مثل ايران، لانه مؤشر لوجود اتجاه يشابه ما حصل في العراق من زواية محددة وهي الشراكة الامريكية الايرانية في العمل من اجل القضاء على عروبة البحرين.ان الموقف الامريكي تجاه النظام البحريني ليس غريبا ابدا فامريكا ليس لها اصدقاء بل ادوات وما ان تتعطل الاداة او تصبح غير مؤثرة ترمى وتستبدل، او ان الضرورات الاقليمية والدولية تفرض تغيير الموقف. فهل يستطيع التيار القومي التصدي لامريكا ورفض موقفها هذا مع انه مقصوص الجناحين؟ وهل يستطيع التخلص من نتيجة حتمية وهي قبول ما يفرض في الواقع من قبل الطرفين الاساسيين في اللعبة البحرينية وهما امريكا وايران تماما مثلما حصل في العراق؟

هذه الملاحظات ضرورية لفهم ما يجري في البحرين وتجاهلها يجر جرا الى كارثة قومية عربية اخرى لن نتحملها ابدا بعد كارثة غزو العراق وفصل جنوب السودان وغيرها، وهي كارثة ضم البحرين لايران، فالصراع في البحرين كما هو واضح ليس مجرد صراع داخلي من اجل الديمقراطية وحقوق الانسان، كما يريد البعض ان يروج عربيا وعالميا، ولو كان الامر مجرد نضال داخلي مطلبي بلا تاثيرات خارجية متعددة الاطراف لما كانت هناك مشكلة ولما اختلفت القوى الوطنية ولبرز اتفاق شامل على النضال لوضع النظام البحريني بين خيارين اما اسقاطه او استجابته للمطاليب المشروعة للشعب. ولكن الامر اكبر من ذلك واعقد واخطر بكثير من قضية الديمقراطية وحقوق الانسان كما تؤكد احداث البحرين واحداث كل الاقطار العربية التي تتعرض لتنفيذ سايكس بيكو الثانية، اي تقسيم القطر الواحد بعد تقسيم الامة، لان الاصل في احداث البحرين هو المس بهويته العربية واكمال عملية نسفها وليس تغيير طبيعة النظام فيه.
نعم هناك مظالم في البحرين وهناك فساد ومن حق الشعب البحريني النضال من اجل الديمقراطية وانهاء الفساد ولكن الامر في الواقع لا ينتهي عند هذا الحد ولا يقتصر عليه ولا يجوز النظر للبحرين بعين واحدة واغماض الاخرى، فالبحرين مركز صراع هوية ووجود بين العرب والفرس، وتلك قضية اذا تم تجاهلها فان هذا الموقف اكبر من سوء تقدير او اجتهاد عادي ويعد خرقا لواحد من اهم شروط الانتماء القومي وهو الدفاع عن الهوية القومية وعدم التفريط بها لانها سمة الوجود. وتلك القضية ليست جديدة فايران منذ عهد الشاه ترى في البحرين محافظة ايرانية وعملت بجد وتخطيط لتفريسها ولم تجد خيرا من الطائفية مدخلا للتفريس اللاحق، وحينما فشل الشاه نتيجة وضوح هويته ونهجه القومي الفارسي جاءت الخمينية لتكن البديل الناجح لتغليب الطائفية على الانتماء القومي، فاثارت الكثير من المشاكل في البحرين وغيره وبطريقة تؤكد وجود نزعة امبريالية ايرانية. والان ترى ايران انها فرصتها الذهبية التي لن تتكرر للسيطرة على البحرين نظرا لتشاركها مع امريكا في غزو او تدمير الاقطار العربية، وهي لذلك ستقاتل بكل ما تملك حتى باسنانها من اجل ضم البحرين اليها. فهل هذا موضوع ثانوي ويمكن تجاهله عند المطالبة بالديمقراطية واسقاط النظام والتعاون مع عملاء ايران للوصول الى هذا الهدف؟
لنتذكر جيدا اذا كنا جادين في التمسك بهويتنا القومية كعرب بان ما حصل في العراق والسودان وليبيا والان في البحرين هو مسلسل امريكي صهيوني، تشارك في بعض حلقاته الاساسية ايران، هدفه تقسيم الاقطار العربية، فهل نتحمل بعد غزو وتدمير العراق وفصل جنوب السودان واحتلال ليبيا ونشر الفوضى الهلاكة في اليمن وسوريا ومصر وتونس والجزائر وغيرها كارثة ضم البحرين لايران؟ ام يجب ان نتعلم مما جرى ونتخذ الموقف الصحيح فنميز بدقة بين ضرورة الديمقراطية وانهاء الفساد وبين الصمت على تسليم البحرين لايران، وربما المشاركة القصدية في ذلك، ونعمل بجدية على ايجاد صيغة تضمن الحصول على حقوق الشعب دون تعريض البحرين لخطر ضمها لايران؟
ليس هناك ادنى شك في ان العدو المشترك لامتنا العربية (امريكا واسرائيل وايران) يراهن ويعتمد في خططه ضدنا على اخطاء وعينا الستراتيجي او فقره المدقع لدى البعض، فيقوم بخلط المفاهيم واستبدال المراحل النضالية لدى البعض لاجل ارباك الترتيب الستراتيجي للاولويات النضالية مع ان الترتيب الستراتيجي للاولويات يعد الضمانة الاساسية لنجاح اي ستراتيجية، ومن عمليات الارباك هذه طرح قضية قضية الديمقراطية واعتبارها المادة الاولى في الترتيب الستراتيجي مع ان المادة الاولى هي تهديد الوجود العربي، فكيف تطبق ديمقراطية اذا تهدد الوجود وزالت الهوية؟ ان فلسطين في ظل الصهينة شاهد حي على هذه الحقيقة، كما ان الاحواز في ظل التفريس شاهد حي اخر على ان الاولوية الاولى اصبحت المحافظة على الوجود والهوية وليس البحث عن الديمقراطية او المساواة.
وما يجري في الوطن العربي منذ ما بعد غزو العراق، خصوصا بعد عام 2005، وهو عام تيقن امريكا انها هزمت في العراق، يشكل انموذجا واضحا لخطط الارباك الستراتيجي المتعمد من خلال خلط الاولويات والتقديم والتأخير فيها. وربما كان المثال العراقي احد اهم الامثلة على تعمد من خطط لغزو العراق احداث ذلك الارتباك في الوعي الستراتيجي فقد قامت المخابرات الامريكية واطراف اخرى بتقديم المطلب الديمقراطي على المطلبين الوطني والقومي بل وجرت عملية متعمدة للاستبعاد الكلي للعاملين الوطني والقومي والاقتصار في المطاليب على الديمقراطية واخواتها الامريكيات، وهو ما ظهر واضحا في انتفاضتي تونس ومصر. لقد تم استغلال الوضع العربي المتسم بالديكتاتوريات والفساد لاجل امرار ذلك الخلط المتعمد بين حالة واخرى، وهو الخلط بين الاول ستراتيجيا والثاني ستراتيجيا وتقديم الثاني، وهو الديمقراطية، على انه الاول واستبعاد الثاني كليا وهو الطابع الوطني والتحرري للنضال والفصل القسري بينهما مع انهما مترابطان بصورة عضوية. وبتأثير هذا الخلط وقعت المعارضة العراقية بقبولها وضع مطلب الديمقراطية قبل مطلب الهوية الوطنية وفصله عنها في فخ العمالة لامريكا ولعبت دورا لم ولن ينسى في غزو وتدمير العراق.
لذلك فاننا بحاجة ماسة ومستمرة للنقاش المعمق والواسع والتفصيلي لمسالة ترتيب الاولويات الستراتيجية والتي من دونها نفقد البوصلة وغالبا ما يجد من يفقد البوصلة نفسه مع اشد الاطراف عداء له في خندق واحد او انه يضطر لاختيار الموقف الذي كان يرفضه حتى في الكوابيس. ان تجربة العراق المحتل غنية جدا وهي تعلم كل من ليس لديه خبرة الكثير مما يفيده في تصويب المسار وتجنب الانحدار.
وبما ان مسألة ترتيب الاولويات تعد الضرورة الاولى في اختيار الموقف السليم ستراتيجيا ومبدأيا فان العودة للتعلم الحي من الاحداث والتجارب بقراءة دلالاتها وتفاصيلها وما وقع فيها يعد الشرط المسبق في البقاء في نطاق الموقفين الوطني والقومي وتجنب الانزلاق في خندق الاعداء. ما الذي علمتنا اياه تجربة العراق في مسالتي الديمقراطية والهوية؟ قبل الاجابة لنحدد المفاهيم لتجنب سوء الفهم، فالديمقراطية هنا تعني النضال من اجل انهاء الديكتاتوريات والاستبداد في الحكم بكافة الوسائل المتاحة السلمية والعنفية، لانها الضمانة الاساسية لقيام حكم يمثل ارادة الجماهير ويحقق اهدافها طبقا لكل مرحلة. اما الهوية فهي هنا الهوية الوطنية واطارها الاوسع الهوية القومية، فنحن العرب جزء وطننا الى اقطار واصبحنا نملك هويتين هوية وطنية قطرية تمثل الاطار الضيق لانتماءنا والهوية القومية وتمثل الاطار الواسع لانتماءنا، فنحن في القطر مثلا عراقيون لكننا في الوطن الكبير عرب الهوية، وليس ثمة تناقض فالتجزئة هي التي اوجدت هذه الثنائية في الهوية، ولذلك فان التيار القومي العربي اختار النضال من اجل الوحدة العربية لحل اشكالية ثنائية الهوية حتى في حالة وجودها بصيغة تتابع بين الهوية الاضيق وبعدها الهوية الاوسع.
هل اقتران النضال من اجل الديمقراطية بالنضال من اجل الهوية يشكل ميزة خاصة تفرض واجبات نضالية خاصة؟ نعم فان وجود تهديد للهوية القومية وللوجود القومي يفرض وضع الهوية قبل الديمقراطية والعمل لحماية الهوية كواجب اول، واثناء نضال الهوية والوجود نبحث كيفية تحرير الجماهير من فساد الانظمة وديكتاتوريتها وباي وسائل نتوصل لذلك الهدف الرئيس بشرط عدم تقديم اي فرصة للعدو المشترك لاختراق صفوفنا، بمعنى ان النضال القومي هو الذي يحدد طبيعة المطلب الديمقراطي ودوره في النضال وليس العكس. فحينما تتعرض الهوية القومية والوطنية للتهديد لا يصبح الحل الديمقراطية كافيا لحل المشكلة بل انه قد يستغل لتفتيت الهوية كما يحصل في البحرين والعراق.
وفي حالة البحرين والعراق مادام هناك تهديد للهوية من الخارج ومقترن بوجود طابور خامس فان الديمقراطية تصبح هي الاخرى حصان طروادة اذا كان للعدو المشترك او احد اطرافه قوة مهمة ومؤثرة داخليا يستخدمها كوسيلة للفصل بين الديمقراطية ووجود تهديد للهوية من اجل انهاء الهوية وفرض هوية اخرى بالقوة وهذا يفضي عمليا الى وعدم تحقيق الديمقراطية : هل توجد ديمقراطية في الاحواز؟ هل مارست الاحزاب الاحزاب التابعة لايران في العراق اي معيار ديمقراطي؟ ام انها وضعت خدمة مخططات ايران فوق اي اعتبار بما في ذلك تفتيت عروبة العراق والبحرين ومحو هوية الاحواز؟
من هنا فان الخط الستراتيجي السليم في قضية مزدوجة كالنضال من اجل الهوية المقترن بالنضال من اجل الديمقراطية يجب ان يقوم على ترتيب صارم للاولويات وجعل المحافظة على الهوية يسبق ويعلو فوق النضال من اجل الديمقراطية ليس لعدم اهمية الديمقراطية، فهي اساسية، بل لان فقدان الهوية القومية او اضعافها لن يوصل الى الديمقراطية بل الى الخضوع لاستعمار استيطاني فارسي، كما ان ايران ليس فيها نظام ديمقراطي بل انها تخضع لاسوأ نظام ديكتاتوري يحكم باسم الله هو نظام ولاية الفقيه، والشعوب الخاضعة للاستعمار الايراني تعاني من التمييز العنصري الواسع النطاق اضافة لمعاناة الفرس انفسهم من الديكتاتورية والفساد. لذلك فان التلاقي مع انصار ايران في دعم مطلب الديمقراطية، والذي تريده ايران وسيلة لقفز انصارها للحكم والتمهيد لضم البحرين اليها بصورة تبدو ديمقراطية، وتغليب مطلب الديمقراطية على مطلب الحفاظ على الهوية لا يخدم الا ايران ويمهد لتحقيق اهم واخطر اهدافها في البحرين وهو ضمها الى ايران،وحينما تضم البحرين لايران فلا ديمقراطية ولا حرية بل اضطهاد مزدوج قومي واستبدادي.
ان كارثة العراق قد زادت حصانتنا تجاه ايران وعمقت وعينا بطروحاتها مهما غلفت باغطية حقوق الانسان والديمقراطية ورفض الانظمة الفاسدة ولذلك فليس مقبولا اطلاقا اي تبرير يسوّق التعاون مع عملاء ايران ضد اي نظام عربي مهما كانت طبيعته لان من سيحصد الثمرات هو ايران وليس الشعب.
ولكي لا نقع في فخ تكرار الاخطاء وعدم الاستفادة من دروس غيرنا علينا ان ننتبه كثيرا لدلالات الموقف الامريكي من البحرين فهو يشبه موقفها من العراق ففي الحالتين تتفق امريكا مع ايران على محو الهوية العربية من خلال الاعتماد على ايران في انجاز تلك المهمة الخطيرة، فلولا تلاقي امريكا وايران لما نجح غزو العراق من قبل امريكا كما اعترف اكثر من مسؤول ايراني في مقدمتهم محمد علي ابطحي نائب الرئيس الايراني. فما دلالة ذلك التلاقي؟ وهل نتائجه تختلف عن نتائج غزو العراق؟ ولم تصر امريكا على تسليم البحرين لايران مثلما سملت العراق لها؟ الجواب واضح فالمطلوب هم محو الهوية العربية وانهاء كل ما يتصل بالهوية العربية، وايران اداة ناجحة في هذه المهمة. لذلك فان امريكا تدعم ايران في البحرين ليس حبا بايران وسياساتها وانما لان ايران تملك اداة داخل البحرين وداخل العراق مكنتها وربما ستمكنها من تحقيق هدفها في البحرين وهو ضمها الى ايران تنفيذا لمطامع قديمة معروفة.

والان وبعد الملاحظات الجوهرية السابقة فيما يلي اهم الاستنتاجات والخلاصات :
1 - نحن نرفض اسقاط اي نظام عربي على يد امريكا والنيتو او قوى اقليمية متفقة او متلاقية مع امريكا او بدعم عسكري منهم وتحت مظلة حماية امريكية، كما نرفض البديل اذا نصبته امريكا والنيتو وليس الشعب، كما نرفض عملية اسقاط اي نظام اذا ادى ذلك الى تقسيم ذلك القطر واشعال حرب اهلية، وهذا الموقف يشمل كل الاقطار العربية خصوصا البحرين وسوريا واليمن وليبيا وقبل ذلك العراق.

2 – بصفتنا حزب الشعب والجماهير وقدمنا مئات الالاف من الشهداء من اجل الجماهير والحرية والديمقراطية والاشتراكية، نحن بلا ادنى شك تاريخيا وحاليا مع المطاليب العادلة للجماهير العربية ويجب انهاء الفساد والاستبداد واحترام ارداة الجماهير ومصالحها، وهذه الاهداف لا يمكن تحقيقها الا بالتحالف مع قوى وطنية معروفة وليس مع عملاء للعدو المشترك. ولكي لا تصبح تضحيات الشعب وقواه الوطنية بلا نتيجة لابد امتلاك اليد العليا في اي انتفاضة جماهيرية وان تكون متحررة من تأثيرات العدو المشترك واتباعه، لان قيمة اي انتفاضة وثورة تكمن في القدرة على ايصالها لتحقيق الاهداف الوطنية والقومية والاشتراكية وليس مجرد اسقاط النظام وفتح ابواب جهنم لدخول كل الشياطين الى الوطن، كما حصل في تونس ومصر واليمن وغيرها، والا ما معنى التضحيات وسفح الدم اذا كان البديل لا يختلف جوهريا عن النظام الذي اسقط؟ وهل يمكن لاحد ان يدعي الشرف والوطنية اذا كان دوره هو انه كان حمالا اوصل على ظهره عملاء العدو المشترك للحكم؟

4 – اذا تذكرنا بان ايران طرف استعماري ومعاد لامتنا العربية ولا يختلف عن امريكا واسرائيل كثيرا، كما اثبتت تجربة العراق ودول الخليج العربي واليمن وغيرها،فكيف نتعاون مع عملاءها الرسميين والفعليين؟ من الضروري الانتباه لحقيقة ان كل الاحزاب والتنظيمات التابعة لايران هي عبارة عن تنظيمات مخابراتية ايرانية وتخضع بصورة تامة لاوامر الحكومة الايرانية ولا فرق بين حزب الله اللبناني وجيش المهدي وحزب الدعوة او جمعية الوفاق البحرينية، وهي نسخة كاربوينة من حزب الدعوة العراقي وهي كلها اجزاء في فيلق القدس الايراني، ولذلك فان التحالف مع اي طرف من هؤلاء يخدم ايران ومخططاتها التوسعية. وتزداد خطورة التعامل مع اتباع ايران حينما يكون الطرف المتعامل معها اضعف منها وهي من تملك القوة والمال والتأثير فتصبح النتيجة هي خدمة الطرف الوطني للسياسات الايرانية وتسهيل نجاحها.

5 – هل الديمقراطية مطلوبة باي ثمن؟ كلا فالديمقراطية ليست باي ثمن لانها نظام يخدم مصلحة الامة من خلال توفير القدرة للشعب على ممارسة دوره في الحكم، وهي احد عناصر تعزيز قوة ودور الشعب، ولكن حينما تبرز الحرب او حالة شبه الحرب فان كل الامم والدول تعودت على اعلان حالات الطوارئ وتجميد الحريات والحقوق والدستور وتبني قوانين الحرب، وهذا ينطبق على الغرب حاليا فتحت غطاء الارهاب مارست امريكا وغيرها دور قوات احتلال ونهب وابادة كما في العراق، وقيدت حقوق وحرية مواطنيها باسم ضرورات مكافحة الارهاب. وهذه الحقيقة تؤكد بان حالة الطوارئ تتناقض مع ممارسة الديمقراطية، من هنا فان وجود ازمة وجود وقضية مصير كالبحرين تجعل المطلب الديمقراطي خاضع لمطلب اهم هو حماية هوية البحرين العربية، خصوصا وان لايران جالية كبيرة في البحرين (لا نقصد شيعة البحرين العرب بل ذوي الاصول الايرانية) تحمل صفة المواطنة لكن ولاءها لايران وليس للبحرين واذا اعتمد الخيار الديمقراطي فان النتيجة ستكون ضم البحرين لايران بقرار من مجلس النواب. والسبب هو ان ايران بالاضافة لما تقدم لديها ستراتيجية توسع امبريالي معروفة خصصت لها مليارات الدولارات وبنت تنظيمات قوية تابعة لها، وقامت بعمليات هجرة منظمة للبحرين من اجل تكوين قوة تستطيع الاخلال بموازيين القوى بصورة ديمقراطية، وهذه الخطة كي تنجح تتطلب التحالف مع قوى وتنظيمات غير موالية لايران وكسبها تحت غطاء الديمقراطية وحقوق الانسان لضمان اغلبية داعمة لايران. فهل هذا هو هدف الديمقراطية؟

6 - سلمت بريطانيا وهي تنسحب من الخليج العربي الجزر الاماراتية لايران فان امريكا تعمل على تسليم البحرين لايران في اطار صفقة اقليمية كبرى اصبحت واضحة المعالم بعد تسليم العراق لايران ودعم امريكا الواضح والصريح للموقف الايراني في البحرين وتحشيد كل اجهزتها المخابراتية مثل منظمات حقوق الانسان والاعلام لاشعال حرب اهلية طائفية في البحرين. ولذلك لا مفر من طرح السؤال التالي : لماذا تدعم امريكا ايران في العراق والبحرين بشكل خاص مع انهما في حالة صراع ظاهري؟ الجواب الذي تقدمه الوقائع هو ان لامريكا مصلحة ستراتيجية في تفتيت الاقطار العربية وانهاء العروبة لان القومية العربية هي العدو الرئيس لامريكا والصهيونية كما اكدت كل احداث العقود الخمسة الماضية خصوصا عقد ما بعد احتلال العراق.

7- ايران تستخدم الان احتياطيها الغالي المخفي لعدة عقود، لانها وصلت الى خطوة ما قبل خطوة ضم البحرين بعد عام من الفوضى الهلاكة المتعمدة والمبنية على عدم القبول باي حل اصلاحي والاصرار على اسقاط النظام، وهو مطلب يؤكد ان المطلوب ليس الاصلاح بذاته بل اشعال حرب اهلية في البحرين وتمهيد الظروف لغزو ايراني ربما (ديمقراطي) للبحرين. نحن هنا امام اصرار اللص على قتل الناطور وليس اكل العنب فقط، وهي حالة تثبت بالقطع ان اصرار عملاء ايران على رفض الحل السلمي ورفض الاصلاح هدفه الحقيقي التمهيد لضم البحرين لايران وليس اقامة الديمقراطية. لذلك فان الوضع البحريني لم يعد يسمح باستمرار تداخل الخنادق فالسكين الايرانية تقترب بسرعة من رقبة البحرين، وعلى كل وطني متورط في التعاون مع عملاء ايران تحت غطاء العمل من اجل الديمقراطية عليه اعادة النظر قبل فوات الاوان واعلان الموقف القومي الرافض لضم البحرين لايران وهذا الرفض لا يقصد به اصدار اعلان بذلك، وهو ما ترحب به ايران لابقاء المضللين معها، بل لابد ان يتخذ صيغة عدم اضافة اي قوة الى قوة ايران في الصراع الوجودي الحالي داخل البحرين ترجح كفة ايران.

8- احمد جلبي البحرين هو نفسه احمد جلبي سوريا واحمد جلبي ليبيا واحمد جلبي اليمن وهؤلاء نسخ كاربونية من الرمز الاكبر للخيانة الوطنية العظمى احمد جلبي العراق. فهل يوجد فرق بين احمد جلبي واخر؟

9- على المضللين العرب في البحرين تذكر ان امريكا الاقوى في التاريخ والاكثر استقرارا من اغلب دول العالم والتي كانت تطبق ديمقراطية ليبرالية مشهورة وكان يضرب بها المثل بدأت منذ احداث 11 سبتمبر بالتحول الى دولة بوليسية لمجرد ان تلك الهجمات مست هيبتها ولم تهز امنها القومي، فلماذا يريد المضللون العرب في البحرين ان يكونوا ليبراليين اكثر من امريكا بالاصرار على تطبيق ديمقراطية لن تفضي الا الى هلاك البحرين لانها تقوم على اسقاط نظام لن يجد امامه من مخرج سوى الرد بكل طاقاته الامر الذي يدخل البحرين في حرب اهلية؟ هل يجهل هؤلاء تلك الحقيقة عندما يصرون ليس على الديمقراطية بل على تعمد اذلال النظام باسقاطه واهانته وتحقيره مع انه يريد الوصول الى حل وسط معهم؟ اين الحكمة والمنطق الذي يجب ان يتحلى به اي وطني حقيقي عند حل الازمات الخطيرة والذي يقوم على اطفاء النار كخطوة اولى باتجاه الحل، خصوصا حينما يكون هناك لغم خارجي كبير جاهز للانفجار او التفجير كما في حالة البحرين؟
نحن القوميون العرب وفي مقدمتهم البعثيين الذين كرمهم الله بالجهاد في العراق فرفعوا راس الامة كلها فخرا واعتزازا نرى ان الحل التاريخي الخادم للبحرين وشعبها هو الحل الاصلاحي الجدي الملزم الذي يحترم ارادة الشعب ويعترف بحقوقه وينفذ مطاليبه العادلة، وبذلك لاتبقى حجة لدى من لديه اجندة خارجية تستهدف هوية البحرين، ولكنه اصلاح يجب ان يكون سلميا وبعيدا عن الارغام والعنف والتحقير والثأرات من الطرفين النظام والمعارضة لان تلك ممارسات تجر الى نشر الفوضى الهلاكة التي هي في الواقع الطريق المفضي لدمار البحرين وزاول عروبتها.
29/4/2012
شبكة البصرة
الاحد 8 جماد الثاني 1433 / 29 نيسان 2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق