قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الجمعة، 13 فبراير 2015

د. أبا الحكم : أمريكا.. تفتش عن وقود لحرب برية.. لماذا؟!؛

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
أمريكا.. تفتش عن وقود لحرب برية.. لماذا؟!؛
شبكة البصرة
د. أبا الحكم
من الصعب على امريكا ان ترسل جندي مقاتل واحد بصفة الخوض في معارك على الأرض.. ترسل خبراء وفنيين بالآلاف وتوزعهم على مناطق ساخنة تحت مسمى تدريب الجيش العراقي المهزوم في إثر تخطيط واضح استوجبته مرحلة جديدة لقتال طائفي جديد ولأستبدال (الجيش) بـ(المليشيات) الطائفية التي تنتمي آيديولوجياً وسياسياً وحزبياً لولي الفقيه.. وفي عرف القيادة العسكرية والسياسية الأمريكية أن التدريبات تحتاج إلى سنين لكي يكون الجيش جاهزاً لعمل عسكري كبير وواسع.
إيران تدفع بأن تكون المليشيات بديلاً عن الجيش النظامي.. ومن هنا كانت لعبة المالكي التي تسببت بانهيار الجيش- على الرغم من كونه مليشياً نواته الدمج- بالتوافق مع ايران التي حَيَدَت جيشها وفككته بعد سقوط الشاه وحلت محله الحرس الثوري الإيراني.. والمطلوب من المالكي آنذاك أن ينفذ هذا التوجه لغرض المباشرة بمرحلة التدخل العسكري الإيراني المباشر في العراق تحت مزاعم محاربة الدولة الإسلامية (داعش).. وهكذا بات التدخل العسكري الإيراني سافراً ينتظم مع ستراتيجية الحرب الجوية الأمريكية ذات البعد الدولي.
تتكبد إيران خسائر فادحة في قوات حرسها الثوري.. وخاصة قيادات الحرس وجنرالاته، الذين بعثت بهم إيران وحسب (حيدر العبادي) بناءً على اتفاق أمني بين بغداد وطهران.. ولكن تدفق الحرس الإيراني بقيادة قاسم سليماني جاء قبل زيادر (خالد العبيدي) وزير الدفاع العراقي للعاصمة الإيرانية حيث زعم بأن الأتفاق قد جرى بينه ونظيره الإيراني.. هذا الأمر مقلق لإيران من أن يتحول العراق إلى مقبرة تبتلع القوات الإيرانية.. وبوادر هذا المشهد تكشفه نعوش قتلى الحرس من جنرالات إيران الذين دفنوا في النجف والذين شحنوا من مطارها إلى طهران.

التدخل الإيراني العسكري في العراق بهذه الصيغة تحت يافطة الأتفاق الأمني، هو جزء من الإستراتيجية الإيرانية الخاصة بالتمدد غرباً وبأدوات مكشوفة ومراحل تطبيقاتها على الأرض تأخذ شكل :
أولاً- تجريف الوجود العربي (بشر ومساكن ومتاجر ومزارع وبساتين) عن طريق القتل المبرمج وحرق المساكن وسرقة الممتلكات وارتكاب المجازر بدم بارد، وترك نتائج هذه الجرائم للنسيان، بعد صراخ الضحية وعويلها.
ثانياً- إسكان مكون آخر موالي لولي الفقيه محل المواطنين المهجرين قسرياً، وتمكينهم من السيطرة على الأقضية والنواحي والقصبات والمدن، وخاصة المتاخمة للحدود العراقية الإيرانية.
ثالثاُ- بعد تجريف الأرض والبشر.. فرض سياسة الأمر الواقع الإيرانية.. وهو الأسلوب الإسرائيلي ذاته بتجريف البساتين وتهديم بيوت الفلسطينيين وتهجيرهم بوسائل القتل والتهديد والإستملاك القسري للأراضي تحت مزاعم بناء المستعمرات.. وهنا تظهر معالم سياسة القضم التريجي والممنهج للأرض في العراق تمارسها إيران كما هو جارٍ العمل به في فلسطين المحتلة.

صيغة محاربة (الأرهاب) والحشد الأستراتيجي الدولي من اجل القضاء عليه، هي في حقيقتها لعبة كبرى لا تقل أهمية عن لعبة محاربة القاعدة، التي أفل وهجها وبهتت حماستها وباتت لا تنفع للتسويق الإستراتيجي، إنما إيجاد البديل ويتمثل بحروب المليشيات.. بمعنى تحويل الجيوش النظامية في المنطقة حصراً إلى جيوش مليشيات تتقاتل إلى ما شاء الله تحت سقف استراتيجي حدده (أوباما) الرئيس الأمريكي بـ(لا منتصر ولا مهزوم) أو (لا غالب ولا مغلوب) تلك الأستراتيجية الوضيعه التي لا تعبأ بأرواح ملايين البشر.. ومن هنا.. نرى تحريض الأقليات وأقلية الأقليات الأثنية والدينية على المطالبة بتشكيل مليشيات أسوة بالمليشيات التي شكلها المرجع (علي السيستاني) تحت تسمية (الحشد الشعبي) وهو حشد طائفي بأمتياز يتشكل من مكون واحد موالي لولي الفقيه.
دعونا نتصور دولة ليس فيها جيش نظامي سيادي شامل جامع لكل أطياف الشعب، إنما فيها جيوش مليشيات مسلحة، موزعة حصصاً على عدد كبير من الأحزاب والطوائف المذهبية والأثنية.. ماذا سيحصل؟.. الجميع يريدون التسليح وتشكيل مليشيات مسلحة تحت حجة الدفاع عن النفس.. وهذا الواقع ما كان ليحصل لولا إمعان مليشيات الحشد الطائفي والحرس الإيراني في القتل والتهديد وارتكاب المذابح والمجازر.. تحت سقف استراتيجي إيراني يسعى إلى السيطرة على أرض بدون بشر من اجل تنفيذ سياسة الأستيطان الإيرانية، كما هي سياسة الكيان الصهيوني حيال الشعب الفلسطيني منذ عام 1948 وحتى الوقت الراهن.
وعلى الرغم من كل هذا الدفع الإيراني والصمت الأمريكي وصمت النظام الدولي على هذه الأنتهاكات، فأن إيران إذا ما استمرت فأنها تكون قد دخلت المستنقع ومن الصعوبة عليها ان تخرج سالمة في ظل أوضاعها الداخلية وتدخلاتها الخارجية وتدهور اقتصادها واستمرار انكماش مواردها المالية.

الأستنزاف هو الذي يحصل الآن.. إيران استنزفت ميزانية العراق وخزينه المالي الإستراتيجي وموارده وباتت حكومة العراق مفلسة تماماً.. والأفلاس هو الآخر سياسة متعمدة تفضي نتائجها، ان يبقى العراق في أحضان ولي الفقيه على اساس (المنقذ الطائفي).. وإلا لماذا كل هذا الصمت ومنذ احد عشر عاماً على الفساد والمفسدين والسرقات بمليارات الدولارات.. وإين هي نتائج التحقيقات التي فتحت ملفاتها للصوص (الشهرستاني والأعرجي والزامل والعامري والمالكي، إلخ).. ولا يُسْتَثنى من هيكل النظام الحكومي الأعلى أحد.؟!.. وكما يستنزف العراق بشر وموارد، فأن إيران هي الأخرى مستنزفة في العراق والمنطقة، بشراً وموارد، ولا سبيل إلى إيقاف هذا النزيف في العراق والمنطقة إلا بالعمل على إيقاف التمدد الفارسي وكسر شوكته، ليس في العراق فحسب، إنما في عموم المنطقة، لأن مثل هذا التمدد يشكل الخطر الداهم رقم واحد بالضد من الوجود العربي والهوية القومية العربية.

المراوحة قائمة في العراق على منوال.. أن لا فساد يعالج جذرياً، وأن لا فاسد ومُفْسِدْ يحاكم وتظهر نتائج جريمته المخلفة بالشرف، وملفات فسادهم بالآلاف سبق واعلنت ولكن من دون نتيجة، وأن لا مشاريع انتاجية في الصناعة والزراعة وغيرها تشكل مورداً يتوازى مع مورد النفط الوحيد الذي تعتمد عليه الميزانية المنهوبة أصلاً، وأن لا علوم ولا ثقافة وطنية جامعة مانعة للبلاد سوى الحرص على تطبيق المنهج التربوي الفارسي وإشاعة سلوك الأنحراف، وأن لا أمن مستتب يفضي إلى الأستقرار.. وأن لا يتوقف عمل عصابات القتل والخطف والأغتصاب والتزوير واللصوصية.. وكل هذا يصب في خانة إيران وأمريكا والكيان الصهيوني.. لأن الأطراف الثلاثة هذه تريد العراق ضعيفاً مفككاً ومقسماً ومتناحراً إلى يوم الدين، تحت يافطة إيرانية معلنة (حماية المراقد المقدسة)، وتحت يافطة أمريكا المعلنة أيضاً (لا منتصر ولا مهزوم).!!
لا جيش عراقي نظامي بعد الآن، ولا جيش سوري نظامي بعد الآن، ولا جيش ليبي ولا يمني ولا تونسي.. ومحاولات تدمير الجيش المصري ما تزال قائمة على قدم وساق.. ومحاولات جر بعض الجيوش العربية إلى قتال بري على ارض العراق يدخل في هذا الباب.. وكما قلنا في مقالات عديدة سابقة بأن الهدف المركزي من الهجوم الخارجي على اقطار المنطقة العربية، الذي يأتي في اطار الأولويات، هو تدمير عناصر القوة وفي مقدمتها الجيوش العربية السيادية التي من واجباتها حماية الشعب والدولة من المخاطر.. تفتيت الجيوش العربية هدف صهيوني بارز يجري بوسائل متعددة، ومن اخطرها (جرها الى صراعات في الداخل هي ليست من واجباتها من جهة، ودفعها إلى حروب في خارج أراضيها من جهة ثانية).
أمريكا تعمل في هذا الأتجاه من أجل توسيع دائرة الحشد الدولي لمحاربة (الأرهاب) في السماء، وإيران تعمل على توسيع دائرة (الحشد الطائفي) على الأرض.. هذان الأتجاهان يمثلان العمود الفقري لأستراتيجية الحرب على الأرهاب في صفحتها الثانية، التي قد تستمر ربما عقداً من السنين يتولى مهامها، بعد أن تم التمهيد لها، رئيس أمريكي جديد يحل في البيت الأبيض.!!
هل تنجح محاولات توسيع دائرة الحشد الدولي الأمريكية الصنع؟ وهل تنجح محاولات توسيع دائرة الحشد الطائفي الإيرانية الصنع.؟ وهل تتكامل الدائرتان على طول الخط، أم أن افتضاح اللعبة الكبرى التي اسمها الحرب على الأرهاب في صفحتها الثانية الراهنة (داعش) وليس القاعدة التي باتت خارج الصلاحية تقريباً (Expired).؟!
10/ 2 / 2015
شبكة البصرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق