قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الاثنين، 9 فبراير 2015

صلاح المختار : هل مصر مستثناة من التقسيم؟ 2

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
هل مصر مستثناة من التقسيم؟ 2
شبكة البصرة
صلاح المختار
أرى تحت الرماد وميض جمر *** ويوشك أن يكون له ضرام
فإن النار بالعودين تذكى *** وإن الحرب مبدؤها كلام
فإن لم يطفئها عقلاء قومي *** يكون وقودها جثث وهام
فقلت من التعجب ليت شعري *** أيقاظ أمية أم نيام
فإن يقظت فذاك بقاء ملك *** وإن رقدت فإني لا ألام
الشاعر الأموي نصر بن سيار

8- مسار الاحداث : ماذا جرى وماذا يجري في مصر والجزائر والمغرب وتونس وهي الاقطار التي ادعى عميل المخابرات الامريكية انها مستثناة من التقسيم؟ الجواب على هذا السؤال هو الذي يكشف الحقائق وليس التزوير : لقد شهدت العقود الاخيرة تناميا كارثيا لعملية تفتيت داخلي منظم للهوية الوطنية في مصر، بتصنيع فتنة الاقباط والمسلمين والنوبيين وبتفجير صراع مسلح يتنامى يوميا بين المتطرفين الاسلامويين والنظام من اجل ايصاله الى مستوى حرب اهلية لاتبقي ولاتذر، وبعد وفاة المرحوم عبدالناصر زرعت بذور الفساد واستشرى الفقر بطريقة منظمة ومتعمدة لاجل اجبار الانسان على فقد وعيه الوطني وتغليب قضية توفير لقمة العيش على ماعداها فتبرز الانتهازية وتظهر كافة العيوب البشرية ومنها الارتزاق والتجسس والكذب...الخ.
وفي الجزائر تتصاعد الدعوة لاقامة دولة بربرية وانفصالها عن الجزائر او بقاءها بصورة شكلية ضمنها، ويعاد التشكيل الديني فيها فبعد ان كانت الجزائر خالية من اي ديانة اخرى غير الاسلام تكونت اقلية مسيحية في فترة قصيرة جدا واقترن ذلك ببروز خلافات دينية تتعمق كلما مر الزمن بالاضافة للاثارة المصطنعة لقضية انفصال البربر، وتلك من ابرز الظواهر التي تعمل وفقها المخابرات الامريكية والصهيونية والاوربية في الجزائر. كذلك استمرت العمليات المسلحة ضد النظام خصوصا ضد الجيش وقوى الامن، وتوسعت وصارت اهم ما يقلق الناس العاديين وليس الحكومة فقط.
وهذه الظواهر شملت المغرب وتونس ايضا ففي المغرب تتصاعد الدعوة لاعادة النظر بهوية المغرب ويزداد العداء للشعب العربي المغربي من قبل المتطرفين البربر الذين اقاموا علاقات تعاون مع كل الانفصاليين في الوطن العربي للعمل المشترك ضد العرب واعتبر بعض هؤلاء اسرائيل صديقا لهم! وفي تونس تحول القطر المسالم الذي يعتمد على السياحة الى ساحة صراع مسلح بين الاسلامويين والاخرين وزرعت بذرة خطيرة تهدد بحرب اهلية بعد سلسلة اغتيالات تمهد لتلك الحرب.
اقترنت ظاهرة افتعال صراعات دينية وطائفية وعرقية وجعل السلاح هو الخيار الوحيد لحل المشاكل وتصاعد الدعوة لانشاء دول على اسس عرقية وطائفية وجهوية بعد تقسيم الاقطار العربية بعمل منظم تدبره المخابرات المعادية للمغرب العربي، وكجزء جوهري من المخطط الاستعماري بدأت حملات منظمة لنزع الصفة الوطنية عن القوات المسلحة عن طريق شيطنتها والهدف هو تدميرها وازالة العامل الاهم في حماية كيان الدولة واستقرار المجتمع وبغض النظر عن طبيعة النظام، وهو القوات المسلحة، فحالما تختفي الجيوش الوطنية كما في العراق وسوريا وليبيا، او تضعف وتتشرذم كما في اليمن، حتى تبدا الدولة بالانهيار ويتبع ذلك بصورة حتمية حلول الميليشيات محل الجيوش الوطنية والتي زرعت بذرتها ممثله في الذين حملوا السلاح الان كوسيلة وحيدة لحل المشاكل رغم ان العدو ليس احتلالا اجنبيا يستحق مقاومته بالسلاح كما في العراق.
وهنا تبدا ام الكوارث التي تجر جرا لامفر منه الى التدمير المنظم للنسيج الاجتماعي وتفككه تدريجيا وتتدهور القيم الاخلاقية نتيجة الفوضى الدموية والافتقار لمتطلبات الحياة والخدمات الاساسية وعندما تبدأ هذه العملية فان الهوية الوطنية والقومية تتعرض للاضعاف وتبدأ عملية منظمة بدقة لاحلال هوية فرعية محلها كالطائفية والعنصرية والقبلية والمناطقية – الجهوية – والمصالح الاقتصادية..الخ من عوامل الدفع للتشرذم والانفصال.
ان فكرة انهاء وجود جيوش وطنية ومؤسسات امنية تحمي الدولة والمجتمع من كافة الاخطار الداخلية والخارجية يتم عبر شيطنتها اولا فهذه الجيوش تتمتع باحترام الجميع يسارا ويمينا رغم كل ما فيها من عيوب وانحرافات و، كانت طوال عقود وقرون مؤسسات تلتقي حول عدم المس بها كافة الاطراف لانها ومهما استخدمها النظام لصالحه تبقى فيها جذور الوطنية والانتماء للشعب، لذلك لابد من ايجاد البيئة التي تساعد على شيطنتها وعزلها عن حاضنتها الشعبية تدريجيا، وهذا ما رايناه في سوريا حيث قام النظام الاسدي بتحويل القوة الضاربة في الجيش والاجهزة الامنية الى ادوات قهر للشعب وسرقة ثرواته وممارسة كافة اشكال الاستبداد والفساد فشيطن الجيش على يد النظام اولا ومهد ذلك لانهاء دوره الوطني والقومي وتجلى ذلك في عدم محاربته لاسرائيل منذ هزيمته المدبرة من النظام في حربي عام 1967 وعام 1973.
وما يجب الاهتمام به بشدة هو ان مصر وتونس والجزائر تشهد الان عمليات منظمة لشيطنة الجيش والقوى الامنية تمهيدا لرفع السلاح ضدها على نطاق اوسع مما يجري الان وعندما يشيطن الجيش تكون عملية تفككه وبروز ميليشيات متطرفة محله مسألة وقت ليس الا. اما المغرب فانه يعد لمواجهة تأمر ربما من نوع مختلف، وواضح ان الدعوة الانفصالية البربرية المتصاعدة – وليس المطالبة المشروعة بحقوق ضمن المغرب وتونس والجزائر - وبدعم امريكي اوربي اسرائيلي علني هي تمهيد مخطط لخطوات اخرى خطيرة مثل تدبير عملية تحول سياسي كبير تحمل في احشاءها جنين الحرب الاهلية.
اذن انهاء وطنية الجيوش العربية عبر شيطنتها شرط مسبق لتقسيم الاقطار العربية لانها القوة الوحيدة القادرة على حماية الوحدة الوطنية ومنع انتشار الفوضى الهلاكة عبر اجبار الناس على اعادة تقويمها والتخلي عن الفكرة الاصلية وهي ان الجيوش العربية تخدم الوطن وليس النظام. وما يجري في سيناء وداخل المدن المصرية وفي الجزائر وتونس من قتل للعسكريين البسطاء هو نتيجة طبيعية لتنفيذ المخطط الصهيوامريكي، ومن اكبر الخطايا الظن بان امريكا ضد هذا المخطط لانها العراب الرئيس له لذلك فكافة تصريحات الادارة الامريكية الناقدة لما يجري هدفها الحقيقي هو تطمين الضحايا من اجل تواصل تنفيذ المخطط وعدم مقاومته بطريقة فعالة.

لم اذن نشرت تصريحات ضابط المخابرات الامريكية الكاذبة هذه؟
1- طمأنة الضحايا ومنعهم من المقاومة الفعالة : هذه التصريحات جزء تقليدي من عمل المخابرات اي التضليل المتعمد، وهي من ابرز واجبات من يتقاعد من ضباط المخابرات الغربية فهؤلاء بعد تقاعدهم، وهو تقاعد لا يوقف تعاونهم مع المخابرات بل يكلفون بمهام اقذر من مهامهم عند الخدمة العادية كما سنرى، ومن بين ابرز الاهداف طمأنة الضحايا وجعلهم يتوهمون بانهم استثنوا من الكوارث الكبرى لذلك لا يستعدون ولا يقومون بما يجب لمنع وقوعها. وما يجب تذكره ان بعض البشر يميلون لخداع الذات، برفض تصديق معلومات خطرة واقناع الذات بانها غير صحيحة وعندما تأتي تصريحات من شخص رسمي كعميل مخابرات فان من يريد خداع ذاته يجد ضالته وهي دعم تصوره بان الكارثة لن تشمله. انه وهم وايهام متعمد للذات القلقة.

2- بذور التقسيم زرعت : الحقيقة الاساسية التي يجب تذكرها دائما استنادا للوقائع والوثائق هي ان الاقطار الاربعة التي يدعي الجاسوس انها مستثناة من التقسيم ليست مستثناة ابدا بل هي مشمولة بقوة بالتقسيم الطائفي والعرقي والمناطقي – الجهوي- والايديولوجي والاقتصادي...الخ وما يجري على ارض الواقع يكذب الادعاء المخابراتي بقوة ويلجم من يردده. فقط انظروا لما يحصل في الجزائر منذ التسعينيات حيث بدأت العمليات المسلحة ضد القوات المسلحة ومازالت مستمرة وازدادت خطورة، ولما يجري في مصر منذ استلم السادات الحكم وابرزه الافساد المنظم للدولة والمجتمع وتفكيك حصانة القوات المسلحة ضد الفساد والافساد وافقار الشعب العربي المصري ورفض حل مشاكله بصورة صحيحة واحكام تبعية مصر الاقتصادية والامنية لامريكا والكيان الصهيوني.
اما تونس فان انقلاب بن علي في الثمانينيات كان تحويلا لتبعية تونس فمن تبعية لفرنسا الى تبعية لامريكا وتحويل لولاء نخبة ضباط وساسة بطريقة مكشوفة وادخال تونس في نفق كان ظلامه يزداد تدريجيا الى ان اصبحت تونس مثالا للفساد والاستبداد ووجود اعداد كبيرة من الفقراء. لذلك فان ما حصل في عام 2011 كان محاولة امريكية فرنسية مشتركة لاستغلال الغضب الشعبي، الذي تفجر بصورة عفوية بعد انتحار شاب عاطل عن العمل فتصاعدت المطالب بالتخلص من ارث الفساد والافساد المنظمين والاستبداد، من اجل تحويل الانتفاضة الشعبية الباسلة الى ردة كارثية كاملة بتسخيرها لخدمة هدف اخر غير تغيير النظام جذريا وهو اعادة انتاجه بطريقة مختلفة تبقي نفس النظام ولكن بعد تغيير الوجوه.
واقترنت الخطة الامريكية بزرع عوامل الارهاب في تونس بصورة مخططة ولذلك فان الانتفاضة الشعبية المجهضة شهدت بروز ميليشيات مسلحة تقاتل وتقتل بدل مواصلة الطريقة التونسية الصحيحة وهي الحوار. تونس ادخلت نفق الشرذمة ومن يظن ان الانتخابات الاخيرة وفوز قائد السبسي انهى الازمة واهم لان تونس مشمولة بالمخطط الصهيوامريكي ولن ينقذ تونس الا ادراك عميق وثابت بانها تواجه مخططا خارجيا لشرذمتها وتوحد القوى الوطنية ومقاومتها للمخطط.

3- دس السم في العسل : من بين اهم واجبات اجهزة المخابرات تحويل الضحايا الى جلادين بشيطنتهم امام الناس بتلفيق الاكاذيب حولهم فيعزلوا وتسهل مهمة اجتثاثهم بلا عقبات كبيرة، ويتم ذلك عبر تسريب معلومات كاذبة تدس بين اكوام من المعلومات الصحيحة لتوهم من يطلع عليها انها كلها صحيحة خصوصا وان بعض المعلومات يصعب على الانسان العادي تدقيقها وتقييمها.
ولهذا يجب الحذر خصوصا من مذكرات الساسة والضباط المتقاعدين سواء في الجيش الامريكي او المخابرات فهي موجهة بدقة وتخضع غالبا لتدقيق المخابرات قبل نشرها وتضاف اليها معلومات ملفقة او تشوه حقائق ميدانية لتظهر فيها كأنها مذكرات شخصية صحيحة.
اذن ماقاله ضابط المخابرات الامريكية هو اولا وقبل كل شيء محاولة لتهدئة نفوس الضحايا في مصر والجزائر وتونس والمغرب كي لا تنتبه لحقيقة ما يجري ويستمر العمل التشرذمي المخطط في تلك الاقطار العربية ويتعاظم ويصل الى نهايته دون مقاومة حقيقية له قد تفشله، خصوصا اذا وعى الناس حقيقة ما يجري. فالمخابرات الامريكية تعتقد بان العرب سذج ويقبلون اي معلومة دون تدقيق حقيقي تطمئنهم وتبقيهم هادئين بينما الاعداد لذبحهم قائم على قدم وساق!
الرد الصحيح والمطلوب بشدة هو الكشف التفصيلي عن خفايا المخططات الصهيوامريكية والفارسية وبصورة منتظمة ومستمرة ومتابعة ما ينشر من معلومات وتدقيقها وتمييز الاكاذيب عن الحقائق لضمان سلامة وعي الناس من منطلق ان معرفة خطط العدو كسب لنصف المعركة.
واخيرا اقدم نصيحة ثمينة لكافة العرب وهي خلاصة لتجربتي في العمل السياسي والاعلامي والدبلوماسي لمدة تزيد على 57 عاما وهي ان من اهم ما يجب تذكره هو ان عدونا المشترك - اسرائيل الشرقية واسرائيل الغربية وامريكا - لديه خطط قديمة بعضها عمرها اكثر من الفي عام ويعمل عليها جيلا بعد جيل ولا ينساها او يتخلى عنها وعندما يعجز عن تنفيذها يحولها لجيل اخر وزمن اخر، فقط دققوا في خطط الصهيونية والفرس سترون ان ما يجري هو تطبيق حرفي لتلك الخطط القديمة المتجددة : فالفرس والصهاينة عمر عداءهم لنا اكثر من الفي عام وظهر في مراحل مختلفة من التاريخ، اما امريكا فهي تخطط لنصف قرن ولا تتراجع عما خططت له وان فشلت تترك التطبيق لادارة اخرى قادمة وهي تلتزم بوضوج شديد بخطط اسرائيل الغربية تجاه العرب كلهم وليس بعضهم.
ولكي لا يظن البعض اننا نعادي الاطراف الثلاثة بقرار حر منا نؤكد، بأننا لم نذهب الى تلك الاطراف للاعتداء عليها بل هي اتت الينا واحتلت ارضنا وسرقت ثرواتنا وقتلت مواطنينا وشردت الملايين منهم، والواقع يثبت ذلك فنحن لم نحتل ولا نحتل ارضا فارسية ولا يهودية ولا امريكية، تلك الاطراف لم تترك لنا فرصة للتفاهم معها سلميا وفرضت علينا الحروب والكوارث، فاسرائيل الغربية كيان قام على استيراد اكثر من اربعة ملايين يهودي من مختلف القارات ليحلوا محل الشعب العربي الفلسطيني الذي شرد منه اكثر من اربعة ملايين انسان وقتل وحرم من ابسط حقوق الانسان، واسرائيل الشرقية تعلن ليل نهار انها تريد تصدير (الثورة) الى الاقطار العربية وتدخلت فعلا في قضايانا الداخلية وقتلت وشردت الملايين من العراقيين ثم الالاف من السوريين واللبنانيين والان اليمنيين يقتلون بقرار فارسي، وفعلت مثل توأمها اسرائيل الغربية عندما جلبت فرسا وغيرهم واسكنتهم في العراق لتغيير الهوية العراقية!
وتذكروا ايضا ان الاحواز احتلتها اسرائيل الشرقية قبل احتلال فلسطين بعقدين من الزمن وسكانها ضعف سكان فلسطين وارضهم المحتلة اكبر من ارض كافة دول الخليج العربي باستثناء السعودية وفيها اكثر من 80% من اهم ثروات اسرائيل الشرقية وهي النفط والغاز والمياه، ولم تتوقف عملية تفريس الاحواز تماما مثلما لم تتوقف عملية تهويد فلسطين! تطابق كامل بين المشروعين الاستعماريين الصهيوني والفارسي اليس كذلك؟ اما امريكا فهي تعلن بلا تردد انها تريد فرض قياداتها على العالم وتحويله الى مزرعة تستغلها كيفما تشاء واستخدمت الحروب والتدمير المنظم لنا من اجل مواصلة نهب النفط والغاز والدفاع عن اسرائيل الغربية، ماذا تركت هذه الاطراف لنا من خيارات سلمية؟ لم يعد لنا من خيار سوى ممارسة اهم واول حقوق الانسان وهو الدفاع عن البقاء بكافة الاسلحة.
Almukhtar44@gmail.com
8-2-2015

مرفق ارسله لي الاستاذ ابو فادي وهو خريطة للتوسع الفارسي تدعم ما ذهبنا اليه فشكرا له.
شبكة البصرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق