قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الجمعة، 11 مايو 2012

عوني القلمجي: ينبغي على قادة فصائل المقاومة واجهزة اعلامها القيام بحملة سياسية لعزل ادوات الاحتلال .


عوني القلمجي: ينبغي على قادة فصائل المقاومة واجهزة اعلامها القيام بحملة سياسية لعزل ادوات الاحتلال ..
09/05/2012
الصراع على السلطة في العراق بضاعة مستهلكة
عوني القلمجي*
المصدر هنا
منذ عدة اشهر والحديث عن الصراعات التي تدور بين نوري المالكي بشكل رئيسي من جهة، ومسعود البرزاني واياد علاوي ومقتدى الصدر من جهة اخرى لم يتوقف ساعة واحدة، لتنتقل عدواها الى اوساط السياسيين او المعنيين بالشأن العراقي، ثم الى عامة الناس، حتى وصل حدا نسوا فيه العراقيون همومهم ومعاناتهم، في حين اصبحت مثل هذه الصراعات مألوفة ومكشوفة، كونها لا تتجاوز دائرة تقاسم المناصب والمواقع وسرقة المال العام، ثم تنتهي بالمصالحة وعودة المياه الى مجاريها، وهذا لا ينفي قطعا خسارة هذه الجهة او تلك جزء من قوتها او مكانتها، كما حدث مع القائمة العراقية، حين فقدت احد رموزها المدعو طارق الهاشمي لمنصبه كنائب لرئيس الجمهورية بعد هروبه الى شمال العراق ليستقر به المقام في تركيا.
حدث ذلك مرات عديدة على مدى سنين الاحتلال وانتهت مثل هذه الصراعات الى ذات النتائج 'السعيدة'،على الرغم من ان بعضا منها اوصلت الناس الى حد التخيل باندلاع حرب ضروس بين الكتل المتصارعة في قمة السلطة، لما تمتلكه من مليشيات مسلحة او اتباع ومريدين، فعلى سبيل المثال لا الحصر، نذكر الصراع بين المالكي وعلاوي، قطبي الرحى، فيما يسمى بالعملية السياسية ليصل الامر بعلاوي لان يصدر بيانات نارية اشبه بالبيان رقم واحد في الانقلابات العسكرية، حيث توعد في احداها ''باسم الشعب' بالقصاص العادل من المالكي وحزبه، كونهم خفافيش ظلام خربوا البلاد والعباد وفسحوا المجال لايران بالهيمنة على العراق ومقدراته'، ومنهم من ذهب عكس ذلك تماما واعتبره بمثابة بداية النهاية لعلاوي جراء تهديدات المالكي 'باعتقاله وتقديمه للمحاكمة بتهمة الارهاب والتآمر على الوطن'، ومنهم من ذهب ابعد من ذلك وتوقع بانه سيؤدي الى انهاء العملية السياسية والاحتلال معا. لكن شيئا من هذا لم يحدث وعاد كلا الطرفين لحظيرة تلك العملية السياسية المقيتة.
اصل الحكاية، ان المحتل واعوانه في المنطقة الخضراء عادة ما يلجأون الى استحضار هذه الوسيلة كلما واجهوا مشكلة او وقعوا في مأزق، وخاصة اذا تزايد حجم الاستياء الشعبي ضدهم كما حدث ذلك منذ اكثر من سنة، مثلما يلجأون اليها كلما ارادوا تحقيق هدف يصعب تحقيقه، او تمريره في جنح الظلام، لتفادي مواجهة شعبية محدودة او شاملة، وذلك لكون مثل هذه البضاعة اداة تشغل الناس وتحرف الانظار وتقلل الاهتمام بالشؤون الاخرى، حتى اذا كانت مهمة. ويزداد تأثير هذه الوسيلة في الحالات التي يجد المرء نفسه فيها غير قادر على التأثير، فيرى في مثل هذه الصراعات وانتصار طرف بعينه الامل الذي يبحث عنه، اما المحتل الامريكي فهو لا يغض الطرف عنها فحسب، وانما يشجع على حدوثها بين حين واخر، لخداع وتضليل الناس لاقناعهم بالنظام الديمقراطي الذي اقامه في العراق، حيث الصراع هنا بين هذه الكتل او تلك، سواء داخل الحكومة او داخل البرلمان، دليل قاطع، كما يدعون، على الديمقراطية التي ينعم بها الشعب العراقي بعد سقوط الديكتاتورية.!!
على هذا الاساس لا نجازف اذا قلنا بان الصراع الذي يدور الان يدخل ضمن هذا السياق ولن يخرج عنه ابدا، ودعك من الضجة المثارة حول هذا الامر وما يرافقه من اوهام وخيالات واسعة كالتي تحدثنا عنها قبل قليل، حيث سيتوقف سكان المنطقة الخضراء عن الكلام المباح، وينتهي بهم الامر الى ما انتهت اليه الصراعات السابقة ويعودون اصدقاء وحبايب، هذا ليس ضربا من قراءة الفنجان او التنبؤات، فالعراق لم يزل يرضخ تحت الاحتلال الامريكي، وبالتالي فالادارة الامريكية هي المتحكمة بجميع مفاصل الدولة العراقية السياسية والاقتصادية والامنية الخ، ومن مصلحتها الحفاظ على العملية السياسية وديمومتها وتقويتها كونها 'الاداة الفعالة'، للوقوف بوجه المقاومة العراقية بعد انسحاب معظم القوات الامريكية من العراق. اما الحديث عن دور ملالي طهران وتحكمهم بالقرار العراقي او حكام المنطقة الخضراء فهو ليس صحيحا تماما، فامريكا لم تزل اللاعب الاول في العراق، وان هذه الهيمنة لا تصل الى الحد الذي يهدد الهيمنة الامريكية الفعلية على العراق او حتى التقليل من شأنها او تكون على حساب المحتل الامريكي، بعبارة اخرى، فالدور الايراني في العراق، رغم اهميته وخطورته، هو مكمل للدور الامريكي في ابقاء العراق تحت الاحتلال الى اطول مدة ممكنة. مقابل حصول كل طرف على حصته المخصصة من الكعكة العراقية كما يقال.
ولكن هذا ليس كل شيء، فامريكا التي تعمل على تكريس احتلالها للعراق الى اجل غير مسمى، من مصلحتها بناء حكومة قوية وذات مظهر ديمقراطي، وهذا يعني عدم السماح لهذه الكتل بتجاوز حدودها والتفكير بانفراد هذا الطرف او ذاك في السلطة على حساب الاخرين، وعليه فان عقد ما يسمى بالمؤتمر الوطني بين هذه الكتل سيتحقق بهذه الصورة او تلك، ويحقق الهدف المرجو منه من قبل امريكا، ولا يقلل من هذه الحقيقة الاجتماعات التي حدثت في اربيل قبل عدة ايام وضمت خصوم المالكي وانتهت برسالة سلمها الصدر الى المالكي تمهله 15 يوما لتنفيذ ما ورد فيها من بنود، وصفت بانها تحقق التوازن فيما بين الخصوم وتنهي التفكير من قبل المالكي للتفرد بالسلطة والقرار، اما التهديدات التي وردت في رسالة الصدر الى المالكي بسحب الثقة عنه اذا لم يستجب لقرارات مؤتمر اربيل او لقاء اربيل، فهي ليست سوى وسيلة للحفاظ على المكاسب الشخصية والفئوية الضيقة. ليس هذا فحسب وانما سيلجأ المحتل الامريكي الى خطوة اخرى، آن اوانها حسب اعتقادنا، وتنحصر في تحقيق بعض متطلبات العراقيين الضرورية لتخفيف معاناتهم، على امل تشجيع العراقيين على الالتفاف حول الحكومة وفق المثل القائل 'اللي شاف الموت يرضى بالسخونة' ليجري الوصول الى عزل المقاومة العراقية العراقية عن محيطها الشعبي الذي يعد لحمة المقاومة وسداها.
بالمقابل وعلى الجهة البعيدة، فان الرئيس الامريكي باراك اوباما بحاجة ماسة للاسراع بهذه الخطوة لتوظيفها كورقة لصالح حملته الانتخابية، خصوصا وان فوزه بولاية ثانية لم يعد اكيدا امام خصمه الجمهوري ميت رومني، حيث نجاح مشروع الاحتلال في العراق والتباهي بالديمقراطية المشوهة التي ينعم بها يعد انتصارا لاوباما ولسياسته في خدمة المصالح الامريكية العليا، حيث بقاء الحكومة ممثلة لجميع الكتل السياسية، ووفق نظــام المحاصصة الطائفية والعرقية، امر مهم يدلل على نجاحه في العراق.
دعونا نسترسل اكثر، فالمحتل الامريكي وبالتعاون مع المتعاملين معه في المنطقة الخضراء لن يكتفوا بذلك و'يكرمونا سكوتهم'، وانما سيحاولون جر القوى الاخرى من خارج العملية السياسية الى هذا المستنقع. خاصة تلك القوى الهشة في معسكر المقاومة، او بعض القوى المناهضة للاحتلال التي تعتبر العمل داخل العملية السياسية هو في صميم العمل السياسي لانهاء الاحتلال.!!! . وقد سبق لهذه القوى ان عبرت عن ارائها بهذا الخصوص، واستجابت في مرات عديدة لدعوات صدرت بين حين واخر من بعض اقطاب العملية، واذا فشلت المراهنات على انهيار العملية السياسية وتحقيق تقدم، بالمقابل، باتجاه تثبيتها بعد عودة المياه الى مجاريها بين الكتل المتصارعة، فان دخول هذه القوى الى المستنقع يصبح امكانية قابلة للتحقيق. وهذا ما يفسرعودة تلك القوى الى العزف على تلك الاسطوانة المشروخة حول امكانية تحرير العراق من داخل العملية السياسية. بل ان البعض اخذ يروج لمقولات من قبيل: 'كفانا حروبا وقتالا وتقديم التضحيات، مادامت هناك امكانية لطرد الاحتلال نهائيا والى الابد عبر الوسائل السلمية. او من قبيل ان القوات المحتلة قد رحلت من العراق نهائيا وان المقاومة المسلحة قد انتهى دورها وجاء دور العمل السياسي.
لابد اذن من اخذ هذه المخاطر المحتملة بعين الاعتبار ونتصرف على ضوئها، او على الاقل وفق مبدأ الاحتياط واجب. فعودة الحياة الى العملية السياسية وتوسيع اطارها، وانضمام قوى واحزاب وطنية مناهضة للاحتلال ولها حضور سياسي بين العراقيين، سينعكس سلبا على المقاومة العراقية، حيث ستفقد حتما مساحة واسعة من محيطها الشعبي، وبالتالي يفقدها الكثير من الدعم والتأييد، فالمقاومة العراقية ليس لها سند اخر تتحصن به غير الناس، على خلاف اغلب المقاومات في بلدان اخرى والتي اتخذت من الجبال او الغابات او الموانع الطبيعية حصونا لحمايتها. خاصة ونحن نواجه عدوا لديه امكانات عسكرية وسياسية واعلامية هائلة، ومسلحا بادوات محلية من احزاب وتجمعات على امتداد مساحة العراق، ودول جوار تقدم المساعدة للامريكيين كلما احتاجوا لها..
لا نجادل في مشروعية الادعاءات حول قدرة المقاومة العراقية على مواجهة مثل هذه التحديات والمخاطر في حال حدوثها، ومن انها لن تصل الى الحد الذي يزعزع موقع المقاومة او يهدد وجودها، او حتى التقليل من شأنها جراء ما حققته من انتصارات عظيمة، ومنها مساهمتها الفعالة في اجبار المحتل على سحب معظم قواته من العراق تجنبا للخسائر البشرية والمادية، لكن ذلك ورغم اعتزازنا بهذه الانتصارات، سيؤثر وبقوة على مشروع تحرير العراق نهائيا من رجس الاحتلال واقامة السلطة الوطنية التي تحقق الديمقراطية وسيادة القانون وتعيد للعراق موقعه اللائق به في خارطة العالم. اضافة الى انها ستطيل امد الحرب وتزيد من خسائر الشعب العراقي البشرية والمادية. ومع ذلك وبصرف النظر عن جميع الاحتمالات، ينبغي على قادة فصائل المقاومة واجهزة اعلامها القيام بحملة سياسية واسعة النطاق، لعزل ادوات الاحتلال وخاصة الذين التحقوا بالعملية السياسية عن الجمهور الاوسع الذي يؤيد المقاومة، مثلما ينبغي التوجه الى جميع الاحزاب والتجمعات المناهضة للاحتلال وحتى الشخصيات الوطنية للتخلي عن فكرة المشاركة في العملية السياسية، وذلك عن طريق الحوارات المكثفة معها ، ومطالبتها بدلا عن ذلك بالمشاركة في عملية تحرير العراق كل حسب قدرته واستطاعته. في حين ينبغي العمل، الان وليس غدا على الاسراع في تحقيق وحدة فصائل المقاومة وبناء الجبهة الوطنية العريضة لتكون الحاضنة والمرجعية لكل ابناء العراق الذين يسعون الى تحــرير بلدهم. اذ من دون تحقيق ذلك سيكون درب التحرير شاقا وطويلا.

* كاتب من العراق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق