قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الجمعة، 11 مايو 2012

هل انتهت مقولة نهاية التاريخ عند الحضارة الغربية؟


هل انتهت مقولة نهاية التاريخ عند الحضارة الغربية؟
09/05/2012
عبد الله بن علي العليان
منذ فترة كتب البروفيسور الأميركي الياباني فرانسيس فوكوياما مقالاً في جريدة التايمز الأميركية تحدث فيها بمرارة عن السياسة الأميركية الراهنة، وبدأ وكأنه يندم على ما قاله في أواخر القرن الماضي في أطروحة [نهاية التاريخ وخاتمة البشر] التي جمعت في كتاب بعد ذلك تحت هذا الاسم، وأحدثت ضجة كبيرة وردود أفعال متعددة كانت غالبيتها تنتقد هذه الأطروحة وتعتبرها مجرد نشوة انتصار بعد سقوط الاتحاد السوفييتي [سابقاً] وبقية المعسكر الاشتراكي والتي قال فيها أن الديمقراطية الرأسمالية هي أقصى ما تصل إليه البشرية بعد الآن، وأن الباب قد أغلق أمام أية أيديولوجيات منافسة لها في المستقبل ويعني الليبرالية الغربية.
والحقيقة أن فوكوياما لم يتوقع أن تصل الأمور بالولايات المتحدة إلى ما وصلت إليه من مشكلات وصراعات هناك وهناك وعداوات واختلافات حتى مع الدول الأوروبية التي تعتبر الحليف الأقرب للولايات المتحدة خاصة بعد الحرب على أفغانستان والعراق والورطة الأميركية في المستنقع العراقي والأفغاني.
يقول فوكوياما في هذا المقال "في الواقع فإن النمو الاقتصادي وحده لن يضمن الاستقرار. ولكن هناك أسباباً وجيهة للاعتقاد بأننا دأبنا على المغالاة في تقدير المخاطر التي تتهدد الاستقرار منذ الحادي عشر من سبتمبر، وأن ردة فعلنا هذه والمبالغة فيها هي التي أوجدت الكثير من المخاطر الخاصة.
وخلال فترة هجمات 11 سبتمبر ربما لم يكن هناك أكثر من بضع عشرات من الناس في العالم لديهم الدوافع والوسائل الممكنة للتسبب في إحداث كارثة تلحق الأذى بالولايات المتحدة الأميركية. لكن وبمجرد أن ركز جهاز أمننا القومي القوي على هذه المشكلة، تلاشت إمكانية وقوع مثل هذه الهجمات بصورة دراماتيكية. ولعل قرارنا بغزو العراق قد أوجد مشكلة جديدة تماماً لأنفسنا حيث أوجدنا أرضاً خصبة للإرهاب وغيرنا من ميزان القوى في المنطقة لصالح إيران". ويضيف فوكوياما "فحتى التشاؤم حول العراق هو مفرط للغاية. فبالفعل أحدثت إدارة الرئيس بوش فوضى كبيرة، وأوجدت قاعدة جديدة للإرهاب في محافظة الأنبار وساعدت في صمود القوى الشيعية والإيرانية على امتداد منطقة الخليج. لكن يبدو أننا لا نلاحظ أن الحرب الأهلية التي تجتاح العراق وتدور بين قوتين معاديتين لأميركا.
ولعل هذا لا يعفي واشنطن من الإدانة الأخلاقية لأنها من تسبب في هذا الوضع، ولكنه يعني أن هناك توازناً ذاتياً للقوى في المنطقة من شأنه أن يحد من الأضرار التي يحملها هذا الصراع على المصالح الأميركية بمجرد أن تقوم الولايات المتحدة بعملية فك الارتباط".
والواقع أن فوكوياما لم يعد ينظر تلك النظرة التفاؤلية تجاه الديمقراطية الليبرالية التي بشر بتفوقها على كل الفلسفات والأيديولوجيات وهيمنتها على كل العالم. لأن الأوضاع التي تلت أطروحته في [نهاية التاريخ] أصبحت بلا جدوى، وفكرة وهمية غير واقعية ربما أقرب إلى الأيديولوجيات التي ظهرت في القرنين الماضيين مثلها مثل كل الأيديولوجيات التي سبقتها وأصبحت في متحف التاريخ.
قد يكون جانب الحريات والانفتاح السياسي والإعلامي في الغرب هو الذي جعل النظرية الليبرالية تبقى حتى الآن متماسكة بعكس الأيديولوجية الماركسية التي تهاوت بشكل غريب وغير متوقع لأن الاستبداد والقمع والإقصاء عجل بسقوطها سريعاً بتلك الصورة المزرية.
لكن الليبرالية الرأسمالية الغربية بدأت الآن تنطلق انطلاقاً مختلفاً بعد تطبيق اتفاقيات "الجات" مع دول العالم، وبروز العولمة كوجه جديد للرأسمالية الليبرالية لكنها معززة بالتكنولوجيا وعالم الاتصالات والاختراق الفضائي.... الخ. وهذا ربما يجعل الرأسمالية المتوحشة تظهر من جديد وهذا ما جعل العديد من دول العالم تتوجس من العولمة ومن الاتفاقيات التي تجعل الدول تفتح أراضيها لكل المنتجات بدون حماية للسلع الوطنية، وحلول الآلة محل الإنسان، وتراجع المنتجات الوطنية أمام المنتجات العالمية، لكن هذه التطبيقات قد لا تنجح في المستقبل المنظور إذا ما أحست الدول بالآثار الوخيمة من هذه العولمة السلبية.
الإشكالية أن فوكوياما لا يريد أن يعلن فشل هذه الفكرة الهلامية ـ الأطروحة ـ التي قالها في أواخر القرن الماضي، لكنه يريد أن يقصيها دون أن يناقشها مرة أخرى لاعتبارات كثيرة منها أنه يريد أن يطرح مفاهيم جديدة تقول أن فكرة نهاية التاريخ لنظرية معينة غير محسومة أو نهائية، لكنها مراحل تجري لتبرز حضارة أو ثقافة في بعض حقب التاريخ وتتراجع في محطات معينة وهذه هي مقولة العلامة ابن خلدون صعود وسقوط الحضارات، وتلك فكرة مقبولة ومعقولة تجهض أطروحة في نهاية التاريخ من أساسها. وهذا ما عبر عنه في مقالته من أنه ليس مع القول بالمطلق بأن الدولة ومن أجل أن تنمو، لا بد أن تكون ديمقراطية، لأنه وقبل أن تحصل على ديمقراطية لا بد لك أن تحصل على حكومة ودولة قائمة يكون بوسعهما تقديم الأمن والأسس الاقتصادية، ومن هنا يمكن أن تكون الدولة متسلطة وشمولية، ومع ذلك تنمو. وأشير هنا إلى أن معظم دول شرق آسيا قدمت الكثير وهي تحت الحكم الشمولي، ولا ينفي ذلك بالطبع أن إشكاليات المشاركة تظل قائمة ومتفاعلة مع نسب الرفاه وقضايا أخرى.
ومن هنا لا أظن أن بوسع أميركا أن تزرع في العراق الحكم الجيد والديمقراطية عن طريق التحكم من بعد ـ بعد انسحابها ـ وهذا هو عين السبب الذي جعلني غير متحمس منذ البداية لفكرة الغزو" كما قال فوكوياما.
الفكري الليبرالي الديمقراطي لن يكون نهاية الأفكار والفلسفات والتجارب الإنسانية، لأنه ببساطة يريد أن يفرض فرضاً على الأمم والشعوب لأعلى رغبة واقتناعا، وهذا هو سر فشل كل الأيديولوجيات والنظم القهرية والقمعية عبر التاريخ.. ولله في خلقه شؤون.

المصدرهنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق