قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الاثنين، 15 أكتوبر 2012

حينما يصفعك الأجنبي في عقر دارك ومياهك الاقليمية المشروعة..! - شهادات مما حصل للصيادين العراقيين وللخبير البحري العراقي المخضرم على يد جارات السوء وقوات المارينز


حينما يصفعك الأجنبي في عقر دارك ومياهك الاقليمية المشروعة..! - شهادات مما حصل للصيادين العراقيين وللخبير البحري العراقي المخضرم على يد جارات السوء وقوات المارينز

basraa12
من هوان الدنيا عند الله أن يُعتدى علينا في بيوتنا وأوطاننا ولا نستطيع الدفاع عن أنفسنا. ومن سخريات الأقدار أن تكون بيوتنا وأماكن أعمالنا أهدافا للقوات الأجنبية، تقتحمها متى تشاء، وتفتشها متى تشاء، وتعتقلنا متى تشاء.
قد تتعرض البلدان للغزو، وقد تُخترق حدودها، وقد تتوغل الجيوش الغازية إلى بعض قُراها الحدودية، بيد أن تلك الأوضاع المضطربة مرهونة دائما بعمليات الكر والفر في المحاور القتالية المفتوحة، وقد لا تدوم طويلا في ظل الاحتمالات الواردة والمواقف التعبوية المتذبذبة،
إلا إننا لم نكن نتوقع أن نخضع للتفتيش والتحقيق على أرضنا ومياهنا، ولم نكن نتوقع أن تطاردنا زوارق دول الجوار، وترغمنا على التوقف في عرض البحر، والإذعان لرغبات عناصرها المسلحة المستهترة. .
بتاريخ 28/1/2011 ارتكبت زوارق الدورية التابعة لدول الجوار حماقة ما بعدها حماقة عندما طاردت إحدى سفن الصيد العراقية داخل مياهنا الإقليمية، وأطلقت عليها النيران فأغرقتها في الحال، وألقت القبض على أربعة صيادين من مدينة الفاو كانوا آخر ما تبقى على ظهرها بعد إطلاق النيران عليها، واقتادتهم معها لترميهم خلف قضبان سجونها المظلمة، ولم تخل سبيلهم حتى يومنا هذا، وهم كل من: (طه محمود سبهان)، وشقيقه (حيدر محمود سبهان)، و(حسين مجيد) عمره 15 سنة، و(صادق ماجد) وعمره 15 سنة أيضاً. أربعة عراقيين تنتظرهم أربع تهم مشتركة، هي القتل العمد، وحيازة الأسلحة النارية، وتجاوز الحدود، والتهريب، ولا احد يعلم بالضبط ما الذي يتجرعونه الآن من ظلم وتعسف وتعذيب وتنكيل ومهانة وإذلال. .
basraa13قبل بضعة أيام، وعلى وجه التحديد في الساعة 1315 من يوم 5/10/2012، وبينما كنت عائدا بقاربي من البحر إلى الفاو، بعد إرشادي السفينة التجارية البنمية (مرجان)، طاردني زورق دورية من زوارق دول الجوار داخل مياهنا الإقليمية، وأجبرني بقوة السلاح على التوقف والخضوع للتفتيش. .
وجدت نفسي مضطرا للتوقف تحت تهديد السلاح في هذا المسطح المائي المترامي الأطراف، فالقوة والكثرة تغلب الشجعان، فما بالك برجل أعزل تجاوز العقد السادس من العمر، وهكذا سلمت أمري لله الواحد القهار، فتوقفت مجبرا مخذولا منكسرا، لا ألوي على شيء، فما باليد حيلة، شعرت حينها بالإذلال والمهانة، أحسست أنني كائن بشري لا وطن له، أخرجت هويتي وعرضتها عليهم، فخطفوها مني خطفا، ورموها جانبا، ثم صعدوا فوق قاربي، وباشروا بتفتيشه قطعة قطعة، أمروني بعدها بالصعود إلى زورقهم العسكري، وشرعوا بتفتيش حقيبتي، فنثروا ملابسي وأدواتي الشخصية بأسلوب استفزازي مهين، شعرت بالضعف وتمنيت لو لم تلدني أمي، ثم تفحصوا هاتفي واستعرضوا الأسماء والمكالمات الفائتة، توقفوا عند بعضها، وكانوا يرمقونني بنظرات مريبة حاقدة بعثت في نفسي الخوف والذعر، فقرأت سورة الفاتحة على روح العراق. .
لقد عملت في مياهنا الإقليمية قرابة (35) عاماُ، وتدرجت في السلك الوظيفي حتى أصبحت المرشد البحري الأقدم في عموم الموانئ العراقية، لم أتعرض في سنوات خدمتي لمثل هذا الموقف المهين، خجلت من نفسي وأنا أرى ملابسي مبعثرة، ويديَّ مغلولتين إلى عنقي في وضع بائس، وكأنني أسير حرب على ارضي وداخل حدود بلدي. .
كانت مسرحية مؤلمة تلقيت فيه صفعة قاسية، انتهت فصولها في ربع ساعة، لكنها كانت بطول ربع قرن من العذاب والاضطهاد، أطلقوا سراحي وسمحوا لي بمواصلة السير في طريق العودة إلى ارض الوطن المباح المستباح، وصلت الفاو مجهداً ممزقاً، احمل فوق رأسي هموم الدنيا كلها. .iraq77
إن تكرار هذه الانتهاكات يدل على خلل فاضح لابد من تداركه والبحث عن أسبابه الحقيقية، ويتعين علينا أن لا ندس رؤوسنا بالتراب ونتجاهل الأمر وكأن شيئا لم يكن، ونعدها من الحوادث الفردية العابرة، لأننا عندما تهان كرامتنا ويتطاول علينا الغرباء في أوطاننا، ونصمت، فإن صمتنا أكبر خيانة. .
قبل بضعة أعوام وفي الوقت الذي كنت فيه مديرا لميناء خور الزبير، كنت أغط في نوم عميق بعد منتصف الليل فوق سطح منزلي بسبب انقطاع الكهرباء، وفجأة سمعت أصواتاً غريبة في حديقتنا، خرجت مذعورا بدشداشة النوم، وإذا جنود المارينز يوجهون فوهات بنادقهم إلى صدري، لم أميز وجوههم في بداية الأمر بسبب قوة المصابيح المسلطة على عيني، كانت أصواتهم تتعالى بألفاظ سوقية من تلك العبارات التي نسمعها في أفلامهم، طوقوني وكبلوني بالقيود البلاستيكية، ورموني خلف إحدى الهمرات المتوقفة بباب منزلي، تحركت المجموعة على عجل مصحوبة بصيحات جنودها، وصراخ زوجتي وعويلها. .
كان قائد المجموعة يتحدث بالانجليزية مع ثكنته العسكرية من جهازه اللاسلكي المحمول، سمعته يقول: من (ألفا) إلى (برافو) العصفور في القفص، هل تسمعني أجب، العصفور في القفص، اكرر: العصفور في القفص. .
قلت له بصوت مخنوق: أنا لست عصفورا، أنا الكابتن فلان الفلاني، فقال لي بعصبية: ماذا، ما الذي تقوله ؟، نحن نريد القبض على فلان ولست أنت المطلوب، ثم التفت لكلابه، وقال لهم : حلوا وثاقه ودعوه يذهب. .
توقف الرتل كله فجأة، أنزلوني في هذا الليل البهيم، واستأنفوا سيرهم نحو الجحيم، اما أنا فمكثت مكاني لا اعرف بالضبط كيف أسير وفي أي الاتجاهات أذهب، كانت بوصلتي الذهنية معطلة تماما، بالكاد وصلت إلى داري منهكا متعبا قبيل بزوغ الفجر، فوجدت زوجتي ومعها نساء الجيران وقد عقدن مجلساً للعزاء، وجدتهن نائحات ناعيات لاطمات ناثرات التراب على رؤوسهن في فجر العراق الملبد بسحب الويلات والمصائب. .iraq67
أحيانا أتمنى أن لا تشرق الشمس على وطن تبحث فيه عن الأمن والأمان فيطاردك الخوف في كل مكان، تُسرق فيه ثرواتك، وتُنتهك فيه سيادتك فتموت غيضاً وكمداً وحسرة على وطن نهشته الضباع، وتراكمت فيه الآلام والأحزان، وتساقطت فوق أرضه الكوارث والنكبات. . .
والله يستر من الجايات
يقولون ليلى في العراق مريضة
وقد قتلوا حتى الطبيب المداويا
وإن عِراقا غارقاً في دمائه
يفيضُ جراحاتٍ يسيلُ سواقيا
وحتى الحصى قد غص بالدمع والأسى
وكل نجوم الليل بُتنَّ بواكيا
وإن نخيل الفجر والسعد والشذى
يعاني الدواهي السود تلو الدوهيا
ففي كلّ يومٍ نكبةٌ ومناحةٌ
بلا رحمةٍ ترديه نعشاً وناعيا
إذا لم تضع حداً لسُقمي وعِلتي
فلا ضير في أن يصبح الموت شافيا
وأي عراق يرتضي ذو كرامةٍ
يرى الموت فيه والحياة تساويا
الشاعر خلدون جاويد
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق