قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الجمعة، 20 سبتمبر 2013

فوبيا العراق تخيم على البيت الأبيض

فوبيا العراق تخيم على البيت الأبيض


وجهات نظر
جاسم الشمري
تاريخ المقاومات القريب والبعيد أثبت حقيقة مهمة وساطعة كسطوع الشمس، وهي أن مقاومة الاحتلال والظلم والطغيان والدكتاتورية تكون باهظة الثمن، وتدفع الشعوب فاتورتها من حياتها وكرامتها وحريتها ورزقها.
الشعوب حينما تُستهدف في أوطانها وشرفها وهويتها، فإنها تكون مستعدة لبذل الغالي والرخيص، من أجل الحفاظ على وجودها وكيانها وكرامتها، ولن تكون الخسائر الفادحة مانعاً من مواصلة العمل من أجل الاستقلال، والحياة والكرامة والحرية، وهذا بالتحديد ما حدث للعراقيين عام 2003، وما بعدها.


العراقيون والمقاومة العراقية وجدوا أنفسهم في مرحلة من مراحل هذا الزمن العجيب أمام آلة حربية متطورة وفتاكة وعملاقة، تهابها حتى الدول المتقدمة، وأعني بذلك جيش الولايات المتحدة الأمريكية، المصنف بأنه الجيش الأول في العالم، وحينما نقارن بين القوتين العراقية والأمريكية، نجد أن الحسابات المنطقية والفكر العسكري ترجحان الطرف الأمريكي على المقاومة العراقية، التي لا تمتلك سوى أسلحة بسيطة تعد أسلحة بدائية قياساً بالترسانة الأمريكية الهائلة والمتطورة، وعلى الرغم من كل هذا الميل الواضح للكفة الأمريكية، فان المقاومة العراقية حققت نصراً متميزاً بكافة المقاييس العسكرية والسياسية والأخلاقية.
العراقيون عَرفوا منذ الأيام الأولى للاحتلال أن الحسابات المنطقية والعسكرية ترجح الطرف الأمريكي في معركتهم للخلاص من المحتل، إلا أنهم كانوا على يقين أن الشعوب الحرة الحية، لا يمكن أن تستسلم للاحتلال، وعليهم أن يقفوا بوجهه، ورغم كل الصعوبات قرروا مقاومة المحتل، وانتصروا في المحصلة النهائية، وأجبروا الأمريكان على الانسحاب الرسمي من بلاد الرافدين نهاية عام 2011.
ومنذ تلك الهزيمة المدوية للأمريكان في العراق، نجد أن أمريكا تقوقعت على نفسها، وقررت أن تعيد حساباتها عشرات المرات قبل الاقدام على أية حرب، أو تدخل عسكري هنا أو هناك على وجه المعمورة، وهذا ما يؤكده التخبط في السياسة الأمريكية بخصوص توجيه ضربة للنظام الدموي في الشام.
وفي يوم 28/8/2013، قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما، في مقابلة تليفزيونية مع شبكة التليفزيون العامة الأمريكية، "إن استخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية ينتهك الأعراف الدولية"، وإن " الإدارة الأمريكية لا تريد الدخول في حرب طويلة كما حدث في العراق".
وفي يوم 7/9/2013، قال الرئيس اوباما: " لن تكون العراق أو افغانستان أُخرى، أعلم أن الشعب الأمريكي انهكته الحرب التي دامت عقداً رغم انتهاء الحرب في العراق ودنو الحرب في افغانستان من نهايتها. لهذا السبب فلن نقحم قواتنا في معمعة حرب يخوضها آخرون".
المتابعون للسياسة الأمريكية الداخلية والخارجية يؤكدون أن أعضاء الكونجرس سواء من الديمقراطيين أو الجمهوريين غير متحمسين لضرب النظام السوري؛ ويرجع ذلك جزئياً لمعارضة الأمريكيين بشدة للتورط في نزاع جديد في الشرق الأوسط، وكل هذه المخاوف في حقيقتها بسبب الهزيمة الواضحة للأمريكان على أرض الرافدين.
وأظهر استطلاع اجرته رويترز/ابسوس ونشر يوم 7/9/2013، أن" (56) بالمائة من الأمريكيين يعتقدون أن الولايات المتحدة ينبغي ألا تتدخل في سوريا، بينما يساند (19) بالمائة فقط العمل العسكري".
وفي يوم 1/9/2013، ذكرت صحيفة "يو إس أيه توداي" الأمريكية، أنه "بعد مرور عشرة أعوام من الحملة العسكرية الأمريكية في العراق، وجد الرئيس أوباما نفسه يطارد أشباح العراق، بينما يسعى لكسب تأييد الكونجرس المرتاب والشعب الذي سئم الحروب من أجل توجيه ضربة عسكرية عقابية ضد نظام الأسد".
الحيرة الأمريكية في توجيه ضربة للنظام السوري سببها الرئيس هو تخوفهم المستمر من شبح المقاومة العراقية الذي ظل يلاحقهم في صحوتهم ومنامهم حتى بعد انسحابهم الرسمي من العراق!
الانتصار الذي احرزته المقاومة العراقية ضد الجيش الأمريكي، والأساليب المتجددة والمختلفة لعملياتها العسكرية، التي أدخلت البنتاغون الأمريكي- حينها- في دوامة من الحيرة في كيفية مواجهتها، هذا الانتصار سيدرس في الجامعات والمعاهد العسكرية في الكثير من بلدان العالم؛ لأنه يحمل في طياته قدرة وتميزاً من حيث التوقيت والأساليب.
العراقيون اجبروا الأمريكيان وغيرهم على تغيير استراتيجيتهم في المنطقة، وأكدوا للجميع أن ارادة الشعوب أقوى من كافة أنواع الأسلحة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق