قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الجمعة، 26 ديسمبر 2014

مجدي المحامي : العلاقة بين الإستراتيجية.. التكتيك.. المرونة

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
العلاقة بين الإستراتيجية.. التكتيك.. المرونة..
شبكة البصرة
مجدي المحامي
تحرير العراق قضية مصيرية يخوضها الحزب وكل المخلصين ضد أعداء العراق والأمة العربية وتشكل محور النضال الفكري والجهادي للرفيق القائد المجاهد عزة إبراهيم (حفظه الله ورعاه) لإيمان سيادته العقائدي المطلق بحتمية تحرير العراق وانتصاره في معركة المصير، ولم يكن هذا الإيمان إلا حصيلة النشأة والتكوين في البيت والمدرسة والحزب فهو يعيش دائماً حالة التطلع نحو وحدة العراق وتحريره رافضاً كل أشكال التجزئة والتقسيم، وربط مصير الأمة العربية بطرد الاحتلال الامبريالي الصهيوني ألصفوي من أرض العراق الطاهرة.. ولم تغيب قضية فلسطين التي احتلها الصهاينة واغتصبوا أرضها المقدسة واستبيحت فيها الحرمات من فكر القائد أعزه الله، وكان من ثمرة هذا النضال والجهاد توحيد فصائل الجهاد المقاومة الإسلامية والوطنية والقومية تحت مسمى (القيادة العليا للجهاد والتحرير والخلاص الوطني)، متجاوزاً بإيمانه وصبره وعزيمته كل المحن والمؤامرات وخيانة الخائنين والعملاء من ضعاف النفوس من اللذين خرجوا عن دستور الحزب ونظامه ومبادئه وقيمه وأخلاقه وسلوكه ولم تثنيه من مواصلة النضال والجهاد ومحافظاً على وحدة الحزب التنظيمية والجهادية.
ومن هذا المنطلق الإيماني فإن حزب البعث العربي الاشتراكي من بين الأحزاب الثورية التي لها خططها الإستراتيجية وخاصة في هذه المرحلة الراهنة التي يمر بها حزبنا المجاهد من تآمر كبير واستهداف إجرامي راح ضحيتها أكثر من مائة وستون ألف شهيد ولم تزده إلا إيماناً وقوة وتَمَسُكاً بقيمه النبيلة ومبادئه العظيمة.
فأعدت قيادة البعث خطة عمل جهادية وفقاً للاعتبارات الأساسية في وضع الخطط الإستراتيجية للأحزاب الثورية جمع فيها بين الإستراتجية.. والتكتيك.. والمرونة.. أوجزها الرفيق القائد الأمين العام للحزب (أعزه الله).. في لمحات من وحي إستراتيجيتنا الشاملة والعميقة وبعيدة المدى.. قال فيها : (لكي يتبين لنا الغث من السمين والحق من الباطل والرشد من الغي والهدى من العمى ولكي لا يبقى لمدجل فرصة للتدجيل والتضليل على مسيرة البعث وكفاحه، ولكي لا يبقى عذراً للمتخاذلين.. والمرتجفين.. والمنهزمين.. والمتفرجين من بعيد على معركة الرسالة، وما حققه البعث فيها من انجازات هائلة وانتصارات تاريخية مجيدة سيكتبها التاريخ لكم ولحزبكم ولشهدائكم في أعز صفحاته المضيئة، ولكي نواصل مسيرتنا الجهادية العملاقة ونُصَعِدْ فيها الأداء والعطاء ونوسعه ونصوبه متسلحين بعقيدة البعث وبمبادئه وبإستراتيجيته الشاملة..).

وحدد سيادته فيها صيغة العمل الحزبي النضالي والجهادي والالتزام الصارم في هذه المرحلة طريقة وأسلوب التنفيذ بقوله رعاه الله : (علينا جميعاً قيادات وقواعد الالتزام الصارم والوعي المسؤول وفق عقيدة البعث ومبادئه ونظامه ودستوره وقيمه وتقاليده في تنفيذ الأوامر والتوجيهات والخطط والبرامج النضالية والجهادية التي تصدر من الأعلى وخاصة ما يصدر من الأمين العام أمين سر القطر القائد الأعلى للجهاد والتحرير وقيادات القطر للحزب ثم القيادات التي تليها مستلهمين في ذلك روح ومعاني مبادئ الديمقراطية المركزية والقيادة الجماعية ومبدأ النقد والنقد الذاتي ثم مبدأ نفذ ثم ناقش، نطبق هذه المبادئ بروح وثابة ومؤمنة وواثقة وواعية في حياتنا الداخلية لبناء الحزب وترصين وحدته الداخلية وفي ميادين الكفاح والجهاد، وبفهم دقيق لمعانيها ومراميها وبوعي عالي يستحضر كل معاني ونواميس وتقاليد وقيم المسؤولية التاريخية الرسالية للحزب أولاً قيادات وقواعد ثم لرجال الحزب كل من موقعه ومستوى مسؤوليته، ونستذكر دائماً ونستشعر ونستحضر حين الممارسة والأداء النضالي والجهادي إن حزبنا هو حزب الأمة ورسالتها الخالدة، وإن مناضليه هم رجال الأمة ورسالتها الخالدة أي أننا في الحزب حملة رسالة للأمة وللإنسانية أي أننا رساليون)، ووجه سيادته (حماه الله) سؤلاً يدعونا فيه أن نبين ما هو دورنا من مسيرتنا الجهادية حيث قال سيادته(لينظر كل منا أين موقعه وكم هو أدائه وعطائه في مسيرة الرسالة ومعركتها المقدسة وعطائهم وتضحياتهم).
ويوصي سيادته عودوا أيها الرفاق إلى عقيدة الأمة وإلى رسالتها الخالدة فسترون الأمة عبر تاريخها الطويل كيف تثور وتتجدد وتنبعث، كلما تراجعت وتقهقرت وتخلفت عن دورها التاريخي الرسالي الحضاري بين الأمم على يد أبنائها الطليعيون الرساليون.
وحدد قائد البعث شيخ الجهاد والمجاهدين (حماه الله) : (أعداء الأمة التاريخيين المتمثلين بالمشروع الامبريالية الصهيوني الفارسي، وأكد سيادته.. إن الصراع معهم صراع مصيري وليس لنا بديل عن النصر على هذا المشروع ألتدميري الاستيطاني ونحرر العراق والأمة)،ولأهمية الإستراتيجية.. والتكتيك.. والمرونة.. في فكر القائد نقدم شيئا موجزاً للتميز بينهما والوقوف على أهمية تلك العلاقة وكما يلي :
أولاً : الإستراتيجية :
مصطلح يوناني يعني فن الأشياء أو الخطط العامة، ثم استخدم ليعني فن قيادة القوات العامة.
أما الألماني (فيتز) فاعتبرها نظرية استخدام المعارك كوسيلة للوصول إلى هدف الحرب.
في القرن التاسع عشر عرفت الإستراتيجية على أنها علم وفن إعداد الخطط والوسائل التي تعالج الوضع الكلي للصراع الذي تستخدم فيه القوة بشكل مباشر وغير مباشر من اجل تحقيق هدف السياسة الذي يتعذر تنفيذه بالوسائل الأخرى.
ثم تطور التعريف بشكل اشمل بأنها علم وفن وضع الخطط العامة المدروسة بعناية والمصححة بشكل متصل ومتفاعل ومنسق لاستخدام الموارد أو استخدام القوة لتحقيق الأهداف الكبرى.
فالأحزاب الثورية أعطت قضايا الإستراتيجية والتكتيك أهمية كبرى وفي نطاق نظريتهما تدرس الطرق والوسائل الكفيلة بتحقيق الخط العام للحزب بصورة عملية، فالحزب الثوري يحتاج في مواجهته المباشرة تكفل له النجاح سواء في الهجوم أو الدفاع في العمل البرلماني، أو في العمل المسلح في المناورة على الخصوم وفي سرعة تبديل المواقع استناداً إلى الواقع الشخصي، وتعتبر الإستراتيجية في العمل الحزبي (الخط العام للحزب)الذي يهدف إلى تحقيق المهمات الكبرى لمرحلة تاريخية محددة، ولوضع الإستراتيجية الحزبية يجب أن تراعى الاعتبارات الأساسية التالية :
تحديد الهدف السياسي وتشخيص العدو الرئيسي الذي يجب أن يتركز عليه الهجوم والقوى التي تحالفه.
تحديد حلفاء الجماهير وصيغة التعاون مع هؤلاء الحلفاء.
تنظيم العلاقة بشكل صريح وواضح بالقوى الاجتماعية والسياسية المتذبذبة التي تدفعها مصالحها المزدوجة إلى تقلبات سياسية خطيرة تصل أحياناً حد عقد تسويات مع العدو الأساسي.(1)
ولنجاح الإستراتيجية يجب أن تتسم بالمرونة والقدرة على التكييف عند الضرورة مما يسهل تحقيق أهدافها وكان الرفيق الشهيد الخالد صدام حسين (رحمة الله عليه) قد حدد العلاقة بينالمرونة والإستراتيجية بقوله : (إن المرونة حين تبدو ضرورة من ضرورات العمل الثوري فإنها يجب أن ترتبط أساساً بالتصور المبدئي وبمصالح الجماهير وتكون خطوة على طريق حسم الظروف باتجاه الهدف الستراتيجي وليس مبرراً للارتداد عنه...)، وقال رحمه الله أيضاً : (ومن الظواهر المعروفة إن الثورية والعمل الثوري يصبحون تجاراً بل من أبرع التجار غير الشرفاء...).(2)
وكان التقرير السياسي للمؤتمر القومي العاشر لسنة (1970) قد شخص إستراتيجية العمل السياسي للمرحلة الراهنة بأنها : (مرحلة مواجهة للقوى الصهيونية والامبريالية المتحالفة تحالفاً ستراتيجياً بهدف تصفية مواقع الثورة العربية والقضية الفلسطينية والقضاء على إرادة الصمود في وجه العدوان وإرادة النضال...).
وجاء فيه أيضاً : (إن أي تصدٍ لتحليل طبيعة المرحلة الحالية وبالتالي لإستراتيجية الحزب في الحقبة التاريخية لابد أن ينطلق من التناقض الأساسي في المنطقة.. أي التناقض بين الجماهير العربية من جهة، والصهيونية والاستعمار من جهة أخرى)(3).
فما أشبه اليوم بالبارحة لذلك لم ينجم هذا التحليل منذ السبعينات لو أن خطط البعث الإستراتيجية، فالعدو هو نفس العدو الذي تم تشخيصه في التقرير السياسي القومي العاشر للحزب في مرحلة السبعينات بل وزاد العدوان عداءً وتآمراً والتحق المجرم ألصفوي الفارسي ليشاركهم بحقده الأسود إلى العدوان.. كل ذلك بسبب المشروع الوطني والقومي العربي والإسلامي الذي يقوده العراق وهذا ما لا يرتضيه الأعداء.

ثانياً : التكتيك :
هو جزء من الإستراتيجية يخضع لأهدافها ولا يتناقض مع مسارها العام ويستهدف ما يلي:
كسب معارك منفردة.
قيادة عمليات جزئية بنجاح لتطبيق إستراتيجية معينة.
يتوجب تبديل أشكال وأساليب التكتيك بالمقدار الذي يتعرض فيه الوضع السياسي والاجتماعي للتغيرات السريعة والتكتيك السياسي لا يختلف عن التكتيك العسكري من حيث إن كلا منهما يعني أساليب العمل وأشكاله ومنهاجه لتحقيق مهام معينة.
في التكتيك مسألتين خطيرتين تتمثلان في (الحلقة الرئيسية) و(التوقيت).
فالحلقة الرئيسية هي تلك الحلقة في سلسلة العمليات والمواقع التي إذا أمكن السيطرة عليها سهلت السيطرة على بقية المواقع والعمليات.
فالأحزاب الثورية تنتقي الأشكال التكتيكية العديدة الصيغ الرئيسية والحاسمة لتحقيق الهدف من وضع معين، إذ أن مهمة الستراتيج والتكتيك هي كسب وتعبئة قوى الجماهير لإظهار طاقة الشعب الثورية بإدخال عنصر التنظيم والدقة في تحديد الهدف في حركة التحرر والنضال والعمل على تحطيم أشكال الاستغلال والاضطهاد ولبناء المجتمع الجديد.
وتكتيك أي حزب يعني موقفه السياسي واتجاهه وطرقه ضمن الخط الاستراتيجي،
وفي التكتيك يمكن الاستفادة من تناقضات الخصوم والتصرف في مجال العمل السياسي ببراعة ومرونة ومعرفة كيفية الهجوم أو الانسحاب والتراجع في الوقت المناسب.
في يمكن كسب الحلفاء، والمترددين أو المشكوك في أمرهم، فالتحالف مع هؤلاء يكون مؤقتاً وقصير الأمد وهذا يسمى بـ (المرونة) والتي يجب أن لا تكون على حساب المبادئ والأهداف لان ذلك يقود إلى الانحراف، وفي ذلك يقول الرفيق القائد الشهيد صدام حسين :(إن ترابط الصلة بين المرونة وبين المبادئ يجب أن يكون واضحاً لدى الحزب الثوري باستمرار لكي لا يصاب بالانحراف)(5).
كما وأكد الرفيق القائد الشهيد الخالد صدام حسين إلى أن : (هناك طرق شتى في العمل والتكتيك وتعبيراته أما النظرة الإستراتيجية فهي طريق واحد، فأحياناً يتصرف البعض على أساس وسيلة من وسائل كسب الأغلبية، ولكن يبقى التخصيص والوضوح في النظرة والمعالجات الستراتيجية هما الوسيلتان الحاسمتان في كسب الأغلبية من الشعب).

ثالثاً : المرونة :
المرونة نقيض التصلب والشد، وتستخدم كنهج يتعارض مع المنهج الاستراتيجي، وهي الأقرب من استخدام التكتيك التي تقف قبالة الاستراتيجي.
وعندما توصف بعض الأنظمة السياسية بالمرونة يعني أنها تساير الدول والأنظمة وإن كانت تضر أو تلحق الأذى بالمصالح الوطنية للبلاد، لافتقارها المبادئ والعقائد التي تحكم مسيرتها.
الفكرية والاجتماعية، واستخدام المرونة في السياسة دائماً تقود إلى تراجع والانزلاق في دوامة سياسات الدول الكبرى الطامعة، وفي هذه الحالة لا يمكن لتلك الأنظمة بالتراجع عن بعض إجراءاتها وبذلك يصبحون أداة سهلة المنال من قبل القوى الكبرى الطامعة.
وكان الرفيق القائد الشهيد الخالد صدام حسين (رحمه الله) قد انتبه إلى مخاطر استخدام المرونة بشكل دائم في السياسة ونادى بالمرونة الثورية وعرفها بقوله : (بأنها لا تعني استعارة الصيغ الليبرالية لوجود فرق بين المرونة بالمفهوم الثوري وبين المرونة كنهج ثابت وجزء من المنهج الليبرالي.. الذي هو(المنهج الذي يدعو إلى إحداث تغيرات لا تقرها التقاليد السائدة، وينطوي مذهب الليبراليين إلى الاهتمام بالنهوض الاجتماعي وتحسين الحالة العامة دون اللجوء إلى تعديلات خطيرة تقحم نظام المجتمع)، فالحركات الثورية تستخدم المرونة في الحالات التالية :
تستخدم المرونة في الوقت المناسب وبالقدر المناسب وبالاتجاه الذي يقود إلى تحقيق الهدف.
تستخدم المرونة كنهج آني وفقاً للظروف والحالة المرتبطة بالحالة والظروف المؤقت والوقائع المادية ويجب مغادرتها عند تغيير تلك الظروف.
كما تستخدم المرونة عندما تبدو ضرورة في العمل الثوري والتي يجب أن ترتبط بمصالح الجماهير.
يجب أن تستخدم المرونة عندما تكون تقدماً وخطوة لحسم الموقف باتجاه الهدف الستراتيجي المراد تحقيقه وليس مبرراً للارتداد عنه.
تتطلب المرونة حصانة مبدئية عالية، كي لا ينزلق ممارسها في رحاب المرونة.
وعندما تستخدم المرونة بشكل مؤقت يجب أن تكون وفق المخطط الاستراتيجي وان يتحلى ممارسها بالصبر الثوري من اجل الوصول إلى الأهداف المرجوة ضمن الإستراتيجية المرسومة، عليه فإن التكتيك جزء من الإستراتيجية الذي يخضع لتحقيق أهدافها الكبرى وخططها العامة المدروسة ولا يتناقض مع مسارها العام، والمرونة تستخدم كنهج يتعارض مع المنهج الاستراتيجي لكنها الأقرب من استخدام التكتيك و تقف قبالة الاستراتيجي.

المصادر
مكتب الثقافة والإعلام القيادة القومية، التعريف ببعض المصطلحات.
صدام حسين،المرونة في العمل الثوري أسلوب للتقدم أم طريق للتراجع؟.
التقرير السياسي للمؤتمر القومي العاشر للحزب، آذار 1970 بغداد.
مكتب الثقافة والإعلام القيادة القومية.
صدام حسين، المصدر السابق.
11/12/2014
شبكة البصرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق