قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الخميس، 18 ديسمبر 2014

السيد زهره : مستقبل العمل الوطني بعد الانتخابات (3) التغيير الذي يريده الشعب

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مستقبل العمل الوطني بعد الانتخابات - 3
التغيير الذي يريده الشعب
شبكة البصرة
بقلم: السيد زهره
* الشعب اعطى للدولة تفويضا مشروطا

* آن الأوان لحل كل الجمعيات الدينية والطائفية
* الى متى تترك الدولة قطاعا من الشعب خاضعا لإرهاب القوى الطائفية؟
* البحرين بحاجة الى تيار وطني جديد مستقل
* شعب البحرين انتصر لوجهة نظري حول الجمعيات ودورها
* هذا الشعب يستحق مسئولين اكفاء وسياسات رشيدة

في المقالين السابقين، تحدثت عن فزعة شعب البحرين يوم 22 نوفمير بخروجه بهذه الكثافة للتصويت في الانتخابابت النيابية والبلدية، وما تعنيه هذه الفزعة بالضبط. كماتحدثت عما اسفرت عنه الانتخابات من سقوط لجمعية الوفاق وكل الجمعيات السياسية وما يعنيه ذلك.
كل ما ذكرناه في هذا الشأن يحدد بحد ذاته ملامح للعمل الوطني في الفترة القادمة.
لكن يبقى انه اذا كان لنا ان نحدد جانبا اساسيا كشفت عنه الانتخابات ويجب ان يحكم مستقبل العمل الوطني ويحدد ملامحه، فهو بالتأكيد ان الشعب يريد التغيير.
هذه الانتخابات اظهرت لكل من يعنيه الأمر ولكل مهتم حقا بأن يعرف، ان الشعب يريد تغييرا شاملا في مسار العمل الوطني في البلاد من جوانب شتى.
كيف؟.. أي تغيير بالضبط يريده الشعب؟.. وما الذي يجب ان يترتب على ذلك بالنسبة لمستقبل العمل الوطني؟
هذا ما سنناقشه في هذا المقال.
***

ارادة الشعب
بداية، يجب التوقف عند الجوانب الاساسية التي اظهرتها الانتخابات والتي يمكن القول انها تمثل ارادة الشعب.
ويمكن القول هنا ان الشعب باقباله الكثيف على المشاركة في الانتخابات ترشحا وتصويتا، وبالنتائج التي اسفرت عنها الانتخابات، قد اتخذ عددا من المواقف عبر عنها بوضوح وتمثل جوهر ارادته في المرحلة الحالية.
هذه المواقف يمكن تلخيصها على النحو التالي:
أولا: الشعب في هذه الانتخابات اعطى تفويضا جديا للدولة.. اعطى تفويضا للدولة بالمضي قدما في المشروع الاصلاحي الديمقراطي.
هذا هو المعنى الاساسي لحرص الشعب على تحدي الارادة الطائفية، وتحدي القوى التي سعت لإفشال الانتخابات وعملت على ارهاب الشعب كي لا يذهب الى صناديق الانتخاب.
لكن القضية الهامة جدا هنا ان التفويض الذي منحه الشعب للدولة كان تفويضا مشروطا. والشرط الذي وضعه الشعب هو التغيير.
بعبارة اخرى، اظهر الشعب في هذه الانتخابات انه في الوقت الذي يدعم فيه القيادة والدولة في مواجهة القوى الطائفية التي تريد تخريب المشروع الاصلاحي، فانه اظهر بوضوح ان هناك تغييرات اساسية يجب ان تطرأ على السياسات العامة، وعلى مسيرة العمل الوطني بوجه عام، على نحو ما سنوضح بعد قليل.
ثانيا: الشعب اظهر بوضوح تام رفضه القاطع للتطرف في المواقف، ورفضه للطائفية، ايا كان مصدر هذا التطرف والطائفية.
الأمر هنا انه اذا كان حرص الشعب على هذه المشاركة في الانتخابات يمثل رفضا لتطرف الوفاق والقوى الطائفية وطائفيتها، فان نتائج الانتخابات جاءت لتؤكد انه يرفض التطرف والطائفية من الجمعيات والقوى السياسية الاخرى غير المعارضة.
وفي هذا الإطار بالضبط، نستطيع ان نفهم ما اظهرته الانتخابات من رفض شعبي للجمعيات الدينية والطائفية على نحو ما اوضحنا في المقال السابق.
ثالثا : والشعب عبر عن موقف واضح من الجمعيات السياسية عموما، ومن دورها في الحياة السياسية.
حقيقة الأمر ان الانتخابات اظهرت ان الشعب يعتبر ان كل الجمعيات السياسية ليس لها دور يعتد به في الحياة السياسية، وانها بالتالي يجب الا تتصدر المشهد السياسي.
هذه النتيجة للانتخبات لها اهمية حاسمة على ضوء ما نعرفه جميعا عما حدث طول السنوات الماضية.
الذي حدث هو ان الجمعيات السياسية هيمنت تماما على ساحة العمل السياسي، حتى ان الكل في الداخل والخارج تصوران هذ الجمعيات هي التي بيدها حسم كل الأمور، وبيدها حسم مستقبل البلاد.
لكن الشعب ببساطة اسقط نهائيا هذا الوهم.
رابعا: وبشكل عام، اظهر الشعب كما ذكرنا ارادة عامة في التغيير الشامل.. تغيير الوجوه،وتغيير المواقف والسياسات.
الجوانب السابقة التي اشرنا اليها تحمل كما هو واضح ملامح وجوانب للتغيير الذي يريده الشعب.
لكن، في اطار فهم ارادة الشعب في التغيير، يجب التوقف مطولا امام هذه الظاهرة التي شهدتها الانتخابات.
نعني ظاهرة حرص الشعب في كل الدوائر الانتخابية على اسقاط الأغلبية الساحقة من النواب السابقين والأعضاء السابقين في المجالس البلدية ايا كانت انتماءاتهم. هذا مع العلم ان بعضهم كان قد احتكر الدوائر، وفاز اكثر من مرة، وتصور، او قال صراحة ان فوزه امر مفروغ منه تماما. وعلى الرغم من ان اغلب الوجوه الجديدة التي فازت ليس معروفاعنها بداهة انجازات ملموسة، وليس هناك مايؤكد انهم اكثر كفاءة او مقدرة. لكن لسان حال الناخابين فيما هو واضح كان ببساطة ان هؤلا الجدد، ان لم يكونوا افضل من السابقين، فلن يكونوا اسوأ منهم.
هذه ظاهرة شديدة الأهمية. هي تعني من جانب ان هناك عدم رضا شعبي عام عن هؤلاء، وعن اداء البرلمان والمجالس البلدية عموما في السابق. وتعني بالطبع، ارادة عامة في التغيير.
والحقيقة انني لمست شخصيا هذه الرغبة الشعبية العامة اثناء الانتخابات. لقد سألت كثيرا من الناخبين في اكثر من دائرة عن سبب اصرارهم على اسقاط هؤلاء، وكان الجوا ب واحدا تقريبا في كل الحالات، وهو ان هؤلاء لم يقدموا شيئا لدوائرهم، ولم يثبتوا أي كفاء حقيقية،وانه آن الأوان لأن تأتي وجوه جديدة.
الشعب اذن عبر ارادة عن ارادة واضحة بأنه يريد وجوها جديدة اكثر كفاءة واكثر مقدرة، سواء في البرلمان والمجالس البلدية، او في مواقع السلطة التنفيذية ومختلف مؤسسات الدولة. والأمر لا يعني فقط بطبيعة الحال مجرد رغبة في تغيير الوجوه، لكنه بعني بالأساس رغبة شعبية في تغيير السياسات والمواقف.
الجوانب السابقة تمثل اذن اهم جوانب التغيير التي عبرت عنها الارادة الشعبية في الانتخابات.
هذه الجوانب المفروض ان تشكل بداهة الملامح العامة لمستقبل العمل الوطني على النحو الذي يعبر عن الإرادة الشعبية.
وهذه الجوانب المفروض بداهة ان تترتب عليها مهام محددة يجب ان يضطلع بها الكل.. يجب ان تضطلع بها الدولة اولا، والجمعيات والقوى السياسية ثانيا، والمجتمع وقواه بشكل عام ثالثا.
فما هي هذه المهام بالضبط؟
***

مطلوب من الدولة
لسنا بحاجة الى القول ان الدولة تتحمل المسئولية الاساسية لترجمة مطالب الشعب في التغيير على النحو الذي عبر عنه في الانتخابات الى واقع عملي. الدولة مطالبة باتخاذ المواقف والاجراءات واتباع السياسات الكفيلة بتحقيق هذا.
وبناء على الجوانب السابقة التي اشرنا اليها، يمكننا القول ان في مقدمة المهام المطروحة على الدولة الان وفي المستقبل القريب ما يلي:
اولا: بداية، وقبل كل شيء، الانتخابات وما جرى فيها وما اظهره الشعب من تحد للارهاب والترهيب الذي تمارسه القوى الطائفية، جعل هذا السؤال مطروحا الان بالحاح:
الى متى تترك الدولة قطاعا من شعب البحرين خاضعا لإرهاب القوى الطائفية وسطوتها؟
هذه القوى حين مارست صنوفا عدة من الترهيب والارهاب المباشر ضد اهالي القرى وفي مناطق عدة لاجبار هذا القطاع من ابناء الشعب على عدم المشاركة في الانتخابات ترشيحا وتصويتا، لم تفعل سوى ما تمارسه بالفعل منذ سنوات طويلة.
هذه القوى سعت دوما الى ترهيب هذا القطاع من الشعب والى مصادرة حتى حقه في التفكير وفي اتخاذ أي مواقف مستقلة.
الأمرهنا باختصار ان هذا الوضع لا يمكن ان يستمر بعد ان اظهر الشعب ارادته في ذلك.
حماية هذا القطاع من الشعب في مواجهة هذا الترهيب هو مسئولية الدولة. وهي التي من المفروض ان تعرف ما هو المطلوب منها بالضبط من اجل توفر هذه الحماية.
ثانيا : والدولة مطالبة بناء على تجربة الانتخابات باعادة نظر شاملة في العملية السياسية برمتها... اعادة نظر في التجربة السياسية برمتها.
وباختصار شديد، هناك امور محددة يجب ان تكون لها الأولوية في اعادة النظر هذه.
قبل كل شيء، لا بد من تطبيق القانون الآن بشكل حازم وصارم، وخوصا فيما يتعلق بالجمعيات الطائفية والدينية.
المطلوب هنا مباشرة ومن دون لف او دوران، انه آن الأوان لحل كل الجمعيات الدينية والطائفية.
حل هذه الجمعيات ليس كما قد يتصور البعض اجراء سياسيا استثنائيا.
هو مجرد تطبيق للقانون. الكل يعلم ان قانون الجمعيات السياسية ينص بوضوح تام على حظر قيام أي جمعيات على اساس ديني او طائفي. والمطلوب ببساطة شديدة هو مجرد تطبيق القانون على الجمعيات القائمة.
وفي اطارعملية المراجعة المطلوبة، مطلوب من الدولة ان تعيد النظر في الوزن الذي تعطيه للجمعيات السياسية في الحياة السياسية عموما.
اود التذكير هنا على سبيل توضيح هذه النقطة انه عندما جرت جولات الحوا ر التي تلت حوارالتوافق الوطني الأول، فانني انتقدت هذا الحوار بشدة من منطلق جعله مقصورا على الجمعيات السياسية. وقلت ان هذه الجمعيات كلها لا تمثل الا قطاعا محدودا جدا من شعب البحرين، فكيف تجعلها الدولة القوة الوحيدة التي تقرر في الحوار، وبأي منطق يتم تجاهل قوى المجتمع الأخرى؟
والذي حدث في الانتخابات الماضية ان شعب البحرين انتصر لوجهة نظري هذه.
الشعب باسقاطه كل الجمعيات السياسية على النحو الذي اوضحناه تفصيلا وجه رسالة واضحة الى الدولة بان هذا هو حجم وحدود هذه الجمعيات، وان الدولة يجب ان تتعامل معها على هذا الأساس.
ثالثا: واذا كانت الدولة تريد ان تستجيب حقا للإرادة الشعبية كما جسدتها الانتخابات، فانها يجب ان تتعامل فورا بمنتهى الشدة والحزم مع كل الدعوات الطائفية، ومع كل مظاهر التحريض على الطائفية من أي قوة او جهة في المجتمع ايا كانت.
يجب ان تضع الدولة حدا فوريا نهائيا لها التحريض الطائفي على المنابر الدينية.
ويجب ان تفعل هذا مع أي خطاب سياسي من أي قوة.
وان تفعل هذا ايضا في مجال الإعلام.
الأمرهنا ببساطة انه اذا كان الشعب بموقفه التاريخي قد نبذ الطائفية وتصدى لها، فالدولة ملزمة بأن تسير على نفس النهج فعلا لا قولا فقط.. يجب ان تفعل بهذا باجراءات حاسمة محددة وليس فقط بمجرد اطلاق تهديدا ت او رفع شعارات.
رابعا: ويرتبط بالجانب السابق مباشرة انه آن الأوان لتعطي الدولة لقضية الوحدة الوطنية ومواجهة الطائفية اولوية قصوى على قائمة اهتماماتها.
شعب البحرين الذي اظهر هذه الوحدة الوطنية في الانتخابات يستحق هذا.
وحين نقول هذا، فانا نقصد تحديدا ان تكريس الوحدة الوطنية في مواجهة الطائفية ليس كلاما انشائيا يقال، ولا يتحقق بمجرد الأمنيات الطيبة، وانما يجب ان يقوم على برامج سياسية واجتماعية واعلامية محددة الملامح وبعيدة المدى.
وليس هنا مجال التفصيل فذ هذا.
خامسا: وبطبيعة الحا، كما اوضحنا، فان الشعب في هذه الانتخابات اظهر انه يريد مسئولين اكفاء، ويريد سياسات رشيدة. هذا هو جوهر التغيير الذي ينشده.
هذا البعد لا ينبغي ابدا ان يغيب عن بال الحكومة وكل مؤسسات الدولة.
الشعب الذي اصر عن عمد وسبق اصرارعلى اسقاط النواب واعضاء المجالس البلدية السابقين، اراد بهذا ان يوجه هذه الرسالة بالذات الى الدولة.. رسالة مؤداها انه لم يعد يريد الا ان يرى مسئولين اكفاء فعلا في مواقع المسئولية، ويري سياسات وطنية رشيدة يتم تنفيذها في كل المجالات.
هذا باختصار شديد جدا هو المطلوب في تقديرنا من الدولة على ضوء الانتخابات.
***

حالة ميئوس منها
بالطبع، من المفروض ان تكون الانتخابات وما انتهت اليه من اسقاط لكل الجمعيات السياسية، بمثابة جرس انذار لكل هذه الجمعيات بلا استثناء.
المفروض ان تكون كل هذه الجمعيات بلا استثناء قد ادركت ان الشعب ينبذها، وانه يعتبر انها لا تعبر عنه ولا تمثله، وان تقييمه النهائي لها هو تقييم في غاية السلبية.
وبالتالي، المفروض ان تطلق هذه الانتخابت عملية مراجعة كبرى وجريئة تقوم بها كل الجمعيات السياسية، لفكرها ومواقفها، ولأدائها، ولطبيعة القائمين عليها.. وهكذا.
بعبارة اخرى، المفروض من كل الجمعيات السياسية ان تقوم بعملية تقييم شاملة لأوجه الخلل في تفكيرها، وللأخطاء التي ارتكبتها، وللأسباب التي جعلت الشعب ينصرف عنها على هذا النحو.
والمفروض ان تعلن نتيجة هذه المراجعة والتقييم للشعب، وان تطرح بناء على ذلك للناس، كيف بالضبط تعتزم اصلاح احوالها استجابة لإرة الشعب.
نقول المفروض ان تفعل الجمعيات السياسية هذا. لكن للأسف الشديد ان الخبرة مع هذه الجمعيات جميعها، تثبت انها حالات ميئوس منها.
الخبرة تشير الى ان هذه الجمعيات عاجزة اصلا عن للقيام باي عملية مراجعة، وعاجزة عن الاقدام علي أي اصلاح.
ومع هذا، نقول، لعل الصدمة العنيفة التي اصيبت بها هذه الجمعيات في الانتخابات وانصراف الشعب عنها، تكون مناسبة لأن تفيق.
***

تيار جديد
اما على صعيد المجتمع بشكل عام وقواه المختلفة، فيهمنا ان ننبه الى جانبين اساسا:
الأول: انه آن الأوان لتفعيل دور منظمات ومؤسسات المجتمع المدني المختلفة العاملة في كل المجالات
 دور منظمات ومؤسسات المجتمع المدني على هذ النحو اصبح امرا اساسيا لملء الفراغ الذي تركه سقوط الجمعيات السياسية.
الدولة يجب ان تتنبه الى هذا الجانب، وان تسعى لتنشيط ودعم هذه المؤسسات بكل السبل، وان تبادر بطرح رؤية شاملة لتفعيل دورها في الحياة الاجتماعية والسياسية في البلاد.
والثاني : انه وكما سبق وذكرت في حديث تلفزيوني بعد الانتخابات، ان هذه الانتخابات اظهرت حاجة البحرين الى تيار سياسي وطني جديد مستقل يعلو فوق الطائفية، ويجمع كل ابناء الوطن ويعلي المصالح الوطنية.
وهذا موضوع يطول الحديث فيه سنعود اليه تفصيلا.
***
يبقى ان نشير الى ان كل هذا الذي ذكرناه عن الملامح العامة لمستقبل العمل الوطني بعد الانتخابات، هي في الحقيقة مجرد رؤوس اقلام.
القضية.. قضية مستقبل العمل الوطني بحاجة الى نقاش وطني عام يشارك فيه كل قادر المشاركة وان يقدم رؤاه ووجهات نظره.
شبكة البصرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق