قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الاثنين، 29 ديسمبر 2014

مع كتاب أئمة الشر الإخوان المسلمون والشيعة أمة تلعب في الخفاء القسم الأول

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مع كتاب أئمة الشر الإخوان المسلمون والشيعة أمة تلعب في الخفاء
القسم الأول
شبكة البصرة
باقر الصراف
كاتب عراقي مقيم في هولندا
ـ 1 ـ
ملاحظة إنتقادية لابد منها
باديء ذي بدء، علينا توضيح ملاحظة نقدية حول عنوان الكتاب الذي نسعى لعرضه، والمثبت على الشكل التالي “أئمة الشر: الإخوان والشيعة أمة تلعب في الخفاء”، إذ أنَّ الإخوان المسلمين ليسوا أُمّة، بالمعنى الإسلامي، بل هم مجرد حزب سياسي مهما كان عدد أعضائه وأنصاره، يرتكز بناء تنظيمه على مفهوم “السمع والطاعة” لفرد ـ أو عُصبة ـ غير معصوم، وفق المعايير السماوية الإسلامية، مثله مثل ألوف الأحزاب في العالم الإسلامي، في الماضي والحاضر. كما إنَّ مفهوم الشيعة على أنهم أُمّة، هو الآخر مفهوم خاطيء ومضلل جملة وتفصيلا، لا سيما في الحالة السياسية الماثلة، إذ أنَّ إيران: النظام السياسي الراهن ـ وعموم منظرِّيه المذهبيين ـ لم ـ ولن ـ تعبِّر أو تمثل كل الشيعة الإثنا عشرية في العالم، وبالتالي فإنَّ أتباعها وأنصارها لا يشكلون أمة، وبدلاً من ذلك نفضل إستخدام في كل كتاباتنا مفهوم “الصفوية الفارسية” كتوصيفٍ نظري لمنظومة الهيئة الحاكمة في إيران وأيديولوجييها الطائفيين، وعموم رؤيتها السياسية.
توصيف إيران كلها: أي: “الدولة الراهنة” المذهبية بالإلتزام أو التعبير عن كل الشيعة في العالم يعني الوقوع أسرى في أخطبوط الشبكة العنكبوتية للسياسة الدعائية الإيرانية، ناهيك عن كونها مخالِفة للحقيقة الإجتماعية العينية الملموسة على المستويات التكوينية والمذهبية والسياسية، وكذلك مخالفة لعموم أفكار الشعوب والقوميات في إيران المكونة للدولة الإيرانية، القائمة على جغرافية طبيعية وبشرية محددة، سواء أكان البعض منهم يعيش فيها عن إقتناع منه، أو بحكم إضطرار الخضوع لقوانينها السـياسـية والإدارية، خصوصاً وإنَّ لنا إسهام في ذلك الموضوع الذي يتعلق بصياغة المفهوم ذاك أي: الصفوية الفارسية، ومنشور في كتاب صادر عن “مكتبة مدبولي” القاهرية، [1].
أما مفهوم “أئمة الشر” فهو تجلٍ لواقع الحال السياسي والفكري: ففي مصر أثبتت التجربة السياسية لعامٍ واحد من حكم الإخوان المسلمين للدولة المصرية سعيهم المتواصل لأخونة الدولة عبر التفرد في إدارتها، ولعل النص الدستوري الذي أصدره الرئيس المخلوع في 21/11/2012 يبرهن أو يدلـِّل على “كسروية” رأي الحاكم في إدارة شؤون الدولة والنظام والسلطة.
والقمع السياسي لكل مَنْ يعارض الخطوات العملية للرئيس محمد مرسي ولحزب الإخوان المسلمين السياسية على المستوين الداخلي والخارجي، والرشوة للفقراء والمعدمين بدلاً من تطبيق برنامج العدالة الإجتماعية الشاملة للشعب كله، والسير وراء القاطرة الأمريكية من الناحية السياسية وإتباع الطرائق الرأسمالية الإقتصادية كنهج وأساليب، والتنسيق غير المعلن مع كيان الإغتصاب الصهيوني عندما إحتدم النزاع المسلح بينه وبين منظمة “حماس” الفلسطينية، والتفريط بجغرافية مصرالوطنية وسيادتها لصالح بعض “الأشقاء” كحماس وحكومة السودان أو سلطتهما، وما إستتبع كل ذلك، في أعقاب السـقوط الشـعبي المدوي لسلطة الإخوان المسلمين قي أواخر حزيران عام 2013 من زلازل وجرائم الأعمال المسلحة الإرهابية الدنيئة البشعة، والإغتيالات المتوالية لشخصيات الحكم المركزية أو كوادر النظام والتفجيرات الإرهابية العشوائية في مختلف مناطق مصر، ومهاجمة أقسام الشرطة وقتل الضباط والمراتب الأخر والتمثيل في جثثهم، وحرق السيارات التابعة لخدمتها أو الخاصة بأفرادها، وعموم الأفعال الإجرامية الفظيعة ضد القوات المسلحة المصرية، وضد المنشآت الخدمية والكهربائية ووسائل النقل العام التي نرى جزءأ هاماً من ملامحها هذه الأيام بصورةٍ مدوية تستهدف فقراء مصر والمستطرقين في الطرق العامة والشوارع الجانبية بشكل عشوائي مقيت... إلخ.
وفي جمهورية إيران “الإسلامية” يبدو ذلك التجلي للعقلية الإدارية الشريرة واضحاً وجلياً وقائماً ومدموغاً بختم القمع السياسي الكلي أو الملاحقة بلهَ المطاردة لكل رأي سياسي حر غير مرتبط بالتوجهات الأيديولوجية للنظام السياسي القائد للسلطة الإيرانية، والإعدامات المتوالية ضد كل معارض للنظام السياسي، بذريعة الإنتماء لمنظمة مجاهدي خلق أو المتمردين الأكراد والثوار البلوش أو “الإرهابيين العرب” أو المنتمين للرؤية الوهابية أو غيرها من الإتهامات، وأبرزها محاربة الله، والإفساد في الأرض، ولعل وقائع محاكم “آية الله” خلخالي أو المحاكم الخلخالية أو في السجون أو الإغتيالات في خارج إيران هي نماذج دالة على نهج “أئمة الشر”، وهو توصيف لا جدال فيه ولا نقاش حوله.
إنَّ مجرد معاينة النتائج السياسية والأمنية لخطواتهم الإدارية العملية لعموم فعاليات النظام السياسية والسلطوية ـ وأيضاً على مستوى“القيادة القطبية الإخوانية”كما رصدنا بعض الوقائع السياسية والقمعية أعلاه ـ كما تتبدى في ممارسات القيادات الصفوية الفارسية في الدولة الإيرانية... أقول مجرد متابعة خطوطهم السياسية والإدارية وخطواتهم الأمنية الإجرامية تجاه المكونات الإجتماعية في الدولة الإيرانية وحتى في عراق اليوم، وخصوصاً تجاه طلائعهم الحزبية المناضلة، لعموم السكان القاطنين في الدولة الإيرانية والذين ينتمون إلى مكونات قومية متعددة : كالأذريين والكرد والعرب والبلوش، المنتمين إلى مذاهب ومدارس مذهبية و“فكرية” متنوعة، ولكن في غالبيتها العامة تشترك والآخرين في الرؤية الدينية الإسلامية، بالإضافة إلى المنتمين للقومية الفارسية المتسلطة على الجميع وخصوصاً المنظمات اليسارية والقومية الفارسية، نسـتطيع معها إدراك بل تلمُس محتوى ذلك المفهوم السياسي الذي نفضل إسـتخدامه: الصفوية الفارسية، كحقيقة أيديولوجية عينية مُعاشة في الواقع السياسي الإيراني.

ـ2 ـ
مدرستان والتوجه واحد
ما يميز المدرسة الفكرية “الشيعية الإثنا عشرية” عن غيرها من المذاهب الإسلامية المكونة للدين الإسلامي، هو إعتقاد أفرادها المطلق بمفهوم“الإمامة” بإعتباره ركن أساسي من أركان الدين الإسلامي، بل كونه الفيصل النهائي للتمييز ما بين المسلم المؤمن والمسلم غير المؤمن، وإعتبار هذا المفهوم المذهبي المعيار الرئيس لتحديد مصير الفرد في اليوم الآخر... يوم القيامة والحساب، حتى لو كان كل عمله صالحاً وفق معايير الدين الإسلامي كما حددها القرآن الكريم، إذ أنَّ ناكر هذا المفهوم سيجعلهم مخلـَّدين في جحيم جهنم، ولن تنفعه عمليات إيتاء بقية العبادات الإسلامية وأداء فروضها الواجبة.
والإمامة كما هي في أذهان مفكريها “العظام من آيات الله وحجج الله” إختيار من الله حدد فيه أسماء الأئمة كلهم: شأن أسماء الإئمة الإثنا عشر الذين تبدأ أسماؤهم بعلي بن أبي طالب وتنتهي بإسم الإمام محمد بن الحسن العسكري ـ المهدي المنتظر خروجه من سرداب يقع في مدينة سامراء العراقية ـ على سبيل المثال ـ وتتساوى وظائفهم الدينية مثلما تتماثل بوظيفة الرسول الإلهي: محمد ـ ص ـ في أداء التعاليم والطقوس الدينية كلها، ولكن من دون التواصل مع الوحي المتمثل بجبرائيل الذي أرسله الله إلى النبي محمد ـ ص ـ، [2].
ويعتبِـر بعضُ العلماء المجتهدين الكبار، أنَّ مفهوم الإمامة هو نظرية الشيعة حصراً من دون بقية المسلمين، وللتدليل على ذلك المفهوم الخاص بأتباع المذهب الإمامي يقول السيد محمد حسين الطبطبائي : العالم الإيراني، وهو من كبار العلماء المجتهدين في المذهب الإمامي الإثنا عشري وصاحب تفسير “الميزان” الضخم ما يلي:“الإمامة تعَّدُ نظرية خاصة بالشيعة، وفحوى هذه النظرية، أنه كما هناك لظاهر الشريعة مُبِّين ومحامٍ فكذلك يلزم باطن الشريعة التي هي مرحلة الحياة المعنوية للإنسان ومقامات القرب والولاية، وجود حامل وحافظ وقائد يتقدم الركب والقافلة. وكما يوجد بإزاء البنية الظاهرية للشريعة بنية باطنية، يوجد أيضاً في محاذاة مقام قيادة الظاهر مقام لقيادة الباطن.
إنَّ الله (عز إسمه) يختار في كلِّ عصر واحداً من أفراد النوع الإنساني، ليرشد بواسطته الآخرين إلى مختلف درجات هذا المقام. والإمام تنكشف له الحقيقة من وراء حجب الغيب بلا واسطة وبالتأييد الإلهي فقط فيطوي درجات قربه وولايته، والآخرون يهديهم الإمام إلى مقاماتهم الكمالية المختلفة على قدر إستعدادتهم المتفاوتة التي إكتسبوها. وقد سوغَّت هذه النظرية (التي إستقاها الشيعة من الكتاب والسنّة عير المنهج التعليمي لأئمة أهل البيت (لبعضٍ إتهامهم بالغلوّ في حق أهل البيت (عليهم السلام)، [...]، على هذا الأساس ذهبوا إلى أنَّ الأصالة هي لله (عز إسمه) وللمادة فقط،ا والشيء الطبيعي إنَّ لازمة هذا النظر ستتمثل في إنَّ إثبات إصالة أي شيء ما وراء المادة، من قبيل النفس الإنسانية أو المقامات المعنوية والصلات فيما بينها، هو شركٌ وغلوّ”،[3].
ومن أجل المضي في تشخيص صفات الإمام وتعيين مهامه الوظيفية على مستوى الهداية بإرشادٍ من وراء حجب الغيب يقول أحد العلماء الكبار على مستوى المذهب ما يلي:“إنَّ الإمام حافظ للشرع كالنبي، لأنَّ حفظه من أظهر فوائد إمامته فتجب عصمته لذلك، لأن المراد حفظه علماً وعملاً، وبالضرورة لا يقدِر على حفظه بتمامه إلا معصوم، إذ لا أقل من خطأ غيره ولو إكتفينا بحفظ بعضه لكان البعض الآخر ملغيِّ بنظر الشارع وهو خلاف الضرورة، فإنَّ النبي قد جاء لتعليم الأحكام كلها وعمل الناس بها على مرور الأيام“،[4]،” وبما إنَّ الإسلام يعالج الإنسان علاجاً مستوعباً لمختلف جهاته داخلية وخارجية، إحتجنا لضمان تبليغه وتطبيقه إلى العصمة في الرسول ثم العصمة في الذي يتولى وظيفته من بعده، وعلى هذا يتضح سر إصرار النبي على تعيين أهل بيته الذين أعدهم الله لهذه المهمة إعداداً خاصاً بالإضافة إلى مواهبهم الإرادية للقيام بشؤنها”، [5].
وبما أنَّ العلماء المجتهدين يحتلون مواقع النيابة عن الإمام الغائب : الإمام الثاني عشر، وهو المهدي المنتظر، فإنهم سيغدون بالضرورة المتحدثين بإسم الإله الفرد الصمد والمعبِّرين عن إرادته والمترجمين لنواياه الخالصة وأفعاله بصدد الخلق البشري، وليس إستخلاصنا الفكري أعلاه ناجم عن نظرة أيديولوجية محكومة بالهوى والمحبة أو البغض لنظرية الشيعة، وإنما هو إستنتاج أمين وموضوعي لقراءة متمعنة في الدستور “الإسلامي” الإيراني، الذي هو أحد العلائم البارزة لمفهوم الصفوية الفارسية، والذي تنص مادته الخامسة على التالي :
ـ”في زمن غيبة الإمام المهدي (عجل الله فرجه) تكون ولاية الأمر وإمامة الأمة في جمهورية إيران الإسلامية بيد الفقيه العادل، المتقي، البصير بأمور العصر، الشجاع القادر على الإدارة والتدبير وذلك وفقاً للمادة 107“ ـ، [6].
ويعلـِّق الدكتور شبّر الفقيه، أي مؤلف الكتاب المُستشَد به، على ما تقدم بالرأي التالي: “وهذه الصياغة توحي بأنَّ هذا الفقيه هو نائب أو وكيل الإمام المهدي حتى وإنْ لم تنص صراحة على ذلك، [...]، وسلطة الإمام في المذهب الشيعي ليست فحسب مطلقة، بل ومقدّسة أيضاً”، [7].
ومن المعلوم إنَّ المادة 12 من الدستور الإيراني “الإسلامي” ينص على التالي : “الدين الرسمي لإيران هو الإسلام والمذهب هو الجعفري الإثني عشري وهذه المادة تبقى إلى الأبد غير قابلة للتغيير”،[8]، وهذا يعني فيما يعنيه على المستويات التطبيقية والعملية، جعل المنظومة الفكرية الإمامية الجعفرية معياراً يجري بموجبها قياس كل تصرفات الفرد الإيراني الذي ينضوي تحت لواء الدولة الإيرانية سواء عن إقتناع أو بصورة قسرية، الأمر الذي يفسِّر هروب أكثر من سبعة ملايين إيراني من أتباع هذه الدولة للخارج الأوروبي والأمريكي، وغيرهما أيضاً.
هذه الأقانيم الفكرية الميتافيزقية المناقضة لمسار حياة الرسول ـ ص ـ البشرية والتي تحيل المعصوم إلى فردٍ يتمتع بالقدرات الإلهية وقرت في قلب المرشد العام للإخوان المسلمين، مثلما تسربت إلى عقل المؤسس حسن البنا الذي أطلق على نفسه لقب الأمام وهو لما يزل شاباً متأثراً بنظرية الإمامة الشيعية، فتصور أنه الإمام الثاني عشر: المهدي المنتظر، الذي ستقع على عاتقه عبء المهمة الإصلاحية لكل الأفراد المسلمين في العالم، وبالتالي سينقذ البشرية من الواقع الجائر الذي غرقت فيه حتى آذانهم، ويملأ العالم بدلاً من ذلك، عدلاً وقسطاً ورفاءً، ويقضي على الشرور كلها، ومن الطبيعي أنْ يسير الأتباع على دين وإلتزام ورؤية مرشدهم الفريد، ومن ذلك المسار يغترف السيد ثروة الخرباوي الأمثلة الحسِّية للتأشير على ذلك الإتجاه، فيورد التالي :
“كان إحساس البنا بإماميته للأمة ظاهراً حين أطلق على نفسه لقب “الإمام” حينما كان لا يزال في بدايات شبابه، ولكنه أيضاً حينما آمن بهذه {الفكرة} الإمامية قام بتوريثها لأتباعه”، [9]، ويورد السيد الخرباوي ما يرويه سكرتير البنا السيد محمود عساف عن تصورات البنا المتورمة، المتضخمة، عن ذاته التي يجد فيها نفسه شبها بالرسول محمد ـ ص ـ ليستخلص من رواية عساف الإستنتاج التالي: “وضع حسن البنا نفسه في مصاف النبي ـ ص ـ، فطالما أنَّ إسلام المرء لا يتم إلا بإيمانه بالرسول ـ ص ـ، فإنَ إيمان الإخواني لا يتم إلا إذا آمن بحسن البنا، وضع البنا نفسه في مقام النبي، ووضع كلمة الدعوة في مقام الإسلام وعلى هذا الأمر سار الإخوان، فهم يقولون دائماً عن حسـن البنـا إنه “صـاحب دعوة” وكأنَّ الرســول ـ ص ـ تنـازل عنهـا للبنا”، [10]، وزيادة في الشرح والتوضيح يضيف الأستاذ الخرباوي:“ولأن البنا في ضميره وضمير الإخوان هو صاحب الدعوة، لذلك يجب أنْ يكون فهمه للإسلام هو الفهم المعتمد الذي لا يجوز مناقشته أو الإختلاف فيه، وهذا هو ما أكد عليه البنا لأعضاء الجماعة، إذ أوضح لهم أنَّ الإسلام لا يُفهم إلا في حدود الأصول العشرين التي وضعها لهم، لا يجوز أنْ يضيفوا لها أو أنْ يحذفوا منها، فإذا أرادوا فهم الإسلام فيجب أنْ يطرقوا باب البنا الذي معه مفاتيح الفهم وحده، ولتأكيد هذا قال في تفسير ركن “الفهم” الذي هو أحد أركان البيعة: إنما أريد بالفهم أنْ توقن بأنَّ فكرتنا إسلامية صحيحة، وأن تفهم الإسلام كما نفهمه في حدود الأصول العشرين الموجزة كل الإيجاز، [11].
ويؤكد الأستاذ الخرباوي إنَّ البنا يكون بذلك قد “أغلق على المسلمين أبواب الفهم، وإحتكرها لنفسه، وما ذلك إلا لأنه “الإمام المهدي” الذي طال إنتظاره، والذي يصحح للناس أفهامهم الدينية ويجعلهم قالباً واحداً، أما اولئك الفقهاء الكبار الذين إجتهدوا ووضعوا قواعد ذهبية في تنوع الأفهام وتعدد الصواب وإختلاف الفتوى بإختلاف الزمان والمكان فأولئك ليست الجماعة منهم في شيء، إذ أنهم لا يعرفون إلا حسن البنا وحده، ولا يفهمون غير أفكاره، ولا يتقربون إلى الله بالدعاء إلا من خلال الأدعية التي جمعها البنا وجعل منها أذكاراً للجماعة،[12].

ـ 3 ـ
دور الأموال في تمرير التكتيك الصفوي الفارسي
التكتيك الصفوي الفارسي في تجميع الآخرين المناصرين لرؤية الدولة الإيرانية تحت قيادة ملاليها، والمنافحين عن سياستها العنصرية، للسير خلف أطروحاتها الأيديولوجية هو هو، سواء في ظل العهد العنصري الفارسي الشاهنشاهي الملكي ألعنصري البغيض أو في ظل العهد المذهبي الطائفي للملالي اللئيم، الحاكمين لجمهورية إيران “الإسلامية” راهناً، والذرائع، [13]، متنوعة لترويج مواقفها السياسية الدعائية، فيوماً تغلف مزاعمها حول العمل السياسي والإسلامي على “التقريب بين المذاهب”، وفي مرحلة أخرى إمتلاكها مشروعاً تطويريا على الصُعًد كافة، ويهب الإخوان المسلمون أو القوميون العرب الناصريون لتأييدها من دون الإستفسار عن السبب الذي يجعل المواقف المتغيرة عند الطرف العربي فقط، فيما لا تحترم جمهورية إيران “الإسلامية” أياً من الأطروحات السياسية لحلفائها، وللتدليل على ذلك التوجه السياسي لنأخذ نموذجين لمواقف إيران على هذين الصعيدين : العنصرية والطائفية :
ـ1ـ الموقف من الرؤية التاريخية العربية الإسلامية التي تجلَّت بمسيرة الرسول محمد ـ ص ـ وخليفتيه الأولين: أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، رضي الله عنهما، وهما شخصيتان تاريخيتان لهما، معالم راسخة في التاريخ الإسلامي، والمحبة الخالصة الثابته في الوجدان والقلوب لدى ملايين المسلمين في العالم عند مختلف المذاهب السنية أمرٌ لا شك فيه، فأين الإخلاص لمفاهيم عقلية “التقريب بين المذاهب” عندما يجري سب الصحابة وأم المؤمنين: السيدة عائشة زوجة الرسول والتي برأها القرآن الكريم من قبل أيديولوجي السلطة الإيرانية؟ إنَّ السلطة الصفوية الفارسية الإيرانية ـ على سبيل المثال ـ ما تزال تحافظ على مزار خاص للمجرم أبو لؤلؤة المجوسي قاتل الخليفة الراشدي الثاني، وتسميه بابا شجاع علاوة على تصدير قبره بنص دعوي مليء باللعن والسُباب على الخلفاء الراشدين الثلاثة الأولْ على الوجه التالي :
2014/11/15

المراجع والهوامش
[1] ـ راجع كتاب الرؤية السياسية الإيرانية على ضوء التراث والتجربة، الذي يتكون من 579 صفحة، وتشغل منه حوالي 200 صفحة صياغة المفهوم : الصفوية الفارسية، مع الهوامش الداعمة لرؤية صياغة المفهوم، تأليف باقر الصراف، إصدار مكتبة مدبولي، القاهرة/مصر، الطبعة الأولى 2011، الصفحات 9 ـ 198.
[2] ـ راجع المصدر السابق ذكره، ص 95 ـ 96.
[3] ـ راجع كتاب رسالة التشيع في العالم المعاصر، تأليف السيد محمد حسين الطباطبائي ترجمة جواد علي الكسار، إصدار مؤسسة أمُ القُرى للتحقيق والنشر، الطبعة الأولى (رجب.. 1418هـ)، بيروت/الغبيري/لبنان ـ، ص 145 ـ 146.
[4] ـ راجع كتاب الأصول العامة للفقه المقارن : مدخل إلى دراسة الفقه المقارن، تأليف العلاّمة السيد محمد تقي الحكيم، تحقيق المجمع العالمي لأهل البيت (ع) ـ قم/إيران، مطبعة أمير، الطبعة الثانية 1418 هـ ـ 1997، ص 181.
[5] ـ راجع المصدر السابق، ص 180.
[6] ـ راجع كتاب مفاهيم الفكر السياسي في الإسلام : إشكالية الأمة والدولة، تأليف السيد شبَّر الفقيه، وهي خلاصة بحث في الفكر السياسي الإمامي لنيل شهادة الدكتوراه من المؤسسات الحوزوية الإيرانية، إصدار دار البحار، بيروت/لبنان، الطبعة الأولى ـ 2009م، ص 369.
[7] ـ المرجع أعلاه، نفس الصفحة
8 ـ راجع المصدر السابق، ذات الصفحة
[9] ـ راجع كتاب الأسـتاذ الخرباوي المعنون أئمة الشر... طبعة 2013، دار نهضة مصر،. القاهرة، مصر، ص 179
[10] ـ راجع المصدر السابق، ص 180.
[11] ـ راجع المصدر السابق، نفس الصفحة.
[12] ـ المصدر السابق، ص 181.
[13] ـ نستخدم هنا مفهوم الذريعة بالمعنى الذي قصده الشاطبي، وأنصار رؤيته :”منع ما عسى أنْ يكون طرقاً إلى مفسدة”، راجع كتاب المصطلح الأصولي عند الشاطبي، تأليف فريد الأنصاري، إصدار دار السلام للطباعة والنشر والتوريع والترجمة، الطبعة الأولى 1431 هـ ـ 2010م، القاهرة ـ جمهورية مصر العربية، ص 464، والبحث حول الذريعة بعموم معانيها، في ذلك الكتاب، يحتل الصفحات450 ـ 469.
شبكة البصرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق