قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الاثنين، 22 ديسمبر 2014

د. مروان عقراوي : سايكس- بيكو بنكه بلقانيه

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سايكس- بيكو بنكه بلقانيه
شبكة البصرة
د. مروان عقراوي
في الآونه الأخيره تم التطرق الى اتفاقية سايكس - بيكو من قبل المسؤولين الغربيين والاعلام الغربي، مشيرين الى ان تلك الاتفاقيه ادت الى قيام كيانات مخترعه لم يكن لها وجود تاريخيا، ولم تكن منصفه بحق "الاقليات" التي وقع عليها من الظلم الكثير وقد حان الوقت لقيام كيانات جديده منصفه ورسم خرائط سياسيه جديده.

انها كلمة حق يراد بها باطل، ومحاوله لتبرير سياسات التجزئه، ودليل آخر على طبيعة الاحداث الجاريه والهدف منها.
لماذا استحضرت هذه الاتفاقيه الان؟ وهل الطريقه التي توصف بها هي طريقه صحيحه تاريخيا وواقعيا؟ ولماذا التركيز اعلاميا وسياسيا على قضايا طائفيه وعرقيه من دون الاشاره بانصاف الى الكارثه الوطنيه والانسانيه؟ وما هي طبيعة المقارنه بين تلك الاتفاقيه وما يحصل الان؟ ولماذا هذا الاعتراف المبطن ببطلان اتفاقية سايكس-بيكو؟

ان اتفاقية سايكس - بيكو قسمت المشرق العربي الى "كيانات سياسيه" في حدود "الاقطار" العربيه، مستنده في اغلب الاحيان على حدود الولايات العثمانيه وعلى التقسيمات الاداريه التاريخيه، وحولت "الاقطار" العربيه من تقسيمات اداريه لدوله واحده، الى كيانات سياسيه مستقله، ولم تقسم المشرق على اسس عرقيه او دينيه بالشكل الذي يراد ان تؤول اليه الامور الان.
وهذه جريمه بحق الشعب العربي الذي هو من الشعوب القليله في العالم التي ليس لها دوله قوميه واحده وجامعه، وهو الوحيد اذا ما اخذنا البعد الحضاري والثقافي للعرب بعين الاعتبار، والانسجام اللغوي والتاريخي والجغرافي.

ان ما نشهده اليوم هو محاوله لتقسيم "اقطار" الوطن العربي الى كيانات كالشظايا، مبنيه على اسس "عرقيه ودينيه وطائفيه"، او اي فوارق اجتماعيه كانت، وتهدف الى تفتيت الوحده القطريه، وتمزيق الهويه الوطنيه، وتسفيه الرابطه الثقافيه واللغويه، تحت ذريعة "حماية الاقليات" وحقها في التمثيل السياسي، ومصطلح "حقوق الاقليات" وحقها في المشاركه السياسيه هو مصطلح مخترع وجد فقط في بلادنا.
 
ان فكرة تقسيم الوطن العربي الى اجزاء وخلق كيان غريب يفصل مشرق الوطن العربي عن مغربه فكره قديمه ترجع بداياتها الى ما قبل القرن الثامن عشر عندما تقدم السياسي البريطاني "هنري فنج" بهذا المقترح، حيث انه راى ان قوى الاستعمار الغربي قد تجاوزت مرحلة مبلغ القوه وهي الان بدءت بالانحدار، وان على الضفه الاخرى من المتوسط شعب متجانس طامح الى الحريه والاستقلال وله من عوامل القوه الكثير بحكم ان مشرق الوطن العربي يعد مركز السياسات الدوليه في العالم -الجيوبولوتكس.

ثم تضاعفت اهمية المنطقه بعد فتح قناة السويس، واضافت عنصرا اخر قوي ومباشر في سياسات الامن القومي لدول العالم وخاصة الدول الاستعماريه التى رأت في قناة السويس خطرا على امنها ونفوذها الاستعماري فيما لو فقدت السيطره عليها، وامتياز كبير وفرصه للسيطره فيما لو احكمت السيطره عليها.

اضاف اكتشاف النفط بعدا اخر مهم الى اهمية المنطقه، باعتباره وسيله اخرى للسيطره، عن طريق تحويل مصادر الطاقه الى سلاح احتكاري استراتيجي يتيح للقوى الاستعماريه السيطره على العالم بطريقه سهله نسبيا، وغير مكلفه، وفعاله جدا. وليس بدافع تامين مصادر الطاقه كحاجه استهلاكيه فقط.

لقد جاءت اتفاقية سايكس-بيكو كنتيجه لعمل طويل خلال القرن التاسع عشر عندما استغلت فرنسا وبريطانيا وروسيا نظام الامتيازات العثماني في محاوله غير ناجحه لتقسيم المنطقه على اسس "عرقيه ودينيه."
حيث انها لم تحقق الهدف الرئيسي الذي كانت تنشده وهو انشاء "امم" قطريه لها لغاتها الخاصه وثقافاتها المتميزه عن بعضها، بالرغم من المحاولات اليائسه اعلاميا من خلال استخدام مصطلحات "كالامه العراقيه، الامه السوريه، الامه المصريه" وتجنب ذكر اسم "العرب" قدر المستطاع والاستعاضه عنه بمصطلحات جغرافيه "كالشرق الاوسط وشمال افريقيا" او مصطلحات تاريخيه مصطنعه كمصطلح "الساميين."
وبالرغم من هذا، بقي العرب مدركين الى حقيقة التقسم وغاياته، وبقي العرب يطمحون الى تحقيق حلم الوحده، وهو امر طبيعي اذا اخذنا بنظر الاعتبار البعد الثقافي والعمق التاريخي الذي تتمتع بها الامه العربيه، الامر الذي يوفر لها نوع من المنعه والقوه تجاه الكوارث والصدمات السياسيه والثقافيه. ومن جهه اخرى هو امر استثنائي قياسا بحجم الجهود التي بذلت لتقسيم الوطن العربي جغرافيا وسياسيا وثقافيا.

ان اتفاقية سايكس-بيكو كارثه وطنيه بحق العرب في التاريخ الحديث، وانها قللت مستوى التمثيل الوطني من المستوى القومي الوطني، الى مستوى القطريه الذي هو مستوى ادنى، اما ما يحصل اليوم هو الغاء الوطنيه تماما، ثقافيا ولغويا وقوميا، والسقوط في حضيض الطائفيه والعرقيه.

ان الجانب الطائفي مهم جدا في هذه المرحله، ليس لانه عامل فعال في تمزيق الوحده الوطنيه ان استخدم سياسيا، بل هو ايضا يوفر شرعيه وجود لدولة اسرائيل بمدئ انه ليس للمنطقه هويه وطنيه ثقافيه، بل هي هويات دينيه متعدده ولاسرائيل "حق الوجد" اسوة بالدول الدينيه والطائفيه في المنطقه. حيث ان اسرائيل هي الدوله الوحيده في العالم المبنيه على اسس عنصريه وليس ثقافيه قوميه، وتحاول "هذه الايام" الى تشريع مفهوم "يهودية" اسرائيل

لقد بدء هذا المشروع بالثوره الشيعيه في ايران، وانتشر هذا التخلف بواسطة احزاب ايران وعصاباتها التي تقودها باسم المعارضه والمقاومه وغيرها من المسميات، حتى اصبحت اللاعب الاساسي لتفتيت الوحده الوطنيه. والجدير بالذكر ان ايران هي البلد الوحيده في المنطقه التي لم تطالها المشاحنات الطائفيه السياسيه مع العلم ان الشعب الايراني فيه العديد من الاعراق والقوميات والطوائف وليس لها تمثيل سياسي حسب الوصفه الطائفيه.

ولاقى ذلك صداه الطائفي والعرقي داخل الوطن العربي في احزاب غير وطنيه في هويتها ومبنيه على اسس طائفيه، وما يسمى بالاحزاب الدينيه كانت على هذا النهج ايضا، التي ليس لها اي رؤيا او فهم للهويه الوطنيه، وجل مواقفها مبني على ردات فعل بائسه، لم تنجح حتى في طائفيتها وعمالتها! وهي لا تؤدي اي وضيفه ولا تمارس اي دور سوى التواجد الشكلي على الساحه "السياسيه" لاعطاء شرعيه وجود للاحزاب الايرانيه، وهي متلهفه اكثر من غيرها للعب اي دور تمليه عليها القوى الاستعماريه.

دول العالم ليست دول اقليات واغلبيات، بل هي دول مواطنه، جميع المواطنين فيها متساوون في الحقوق والواجبات، وان حقوق ما يسمى بالاقليات لا يتعدى مستوى الممارسه الدينيه وهي ممارسه اختياريه، وفي الدول الحديثه لايوجد مفهوم الاقليات السياسيه، او التمثيل السياسي للاقليات، او المشاركه بالسلطه.
شبكة البصرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق