قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الأربعاء، 4 يناير 2012

سميرة رجب: احذروا الرياح الصفراء القادمة من العراق في زمن الوباء الطائفي الإيراني الذي تعتاش عليه الطفيليات الحاكمة هناك


سميرة رجب: احذروا الرياح الصفراء القادمة من العراق في زمن الوباء الطائفي الإيراني الذي تعتاش عليه الطفيليات الحاكمة هناك

النموذج «الديمقراطي» العراقي.. يكفينا الله شرّه
سميرة رجب 

استفاق الخليجيون من نومهم ذات يوم، في 7إبريل 2003، على وقع أحذية كل عساكر الغرب وهي تجول في عاصمة الخلافة الإسلامية، وتحتل بغداد العروبة، فأرسل المحتلون حينها الصورة الأولى إلى العالم في أقسى المشاهد إذلالاً للإنسان، وهي صورة العسكري الأمريكي وهو يدوس بأقدامه رأس العراقي وهو مقيد اليدين، وممدد على الأرض بدشداشته العربية، ومازلت أحتفظ بتلك الصورة القاسية التي لن تزول من الذاكرة العربية، وستبقى في ميراث العراقيين عبر تاريخهم، وستظهر يوماً لتقود عملية تحرير العراق.
ولكنّ الخليجيين لم يستفيقوا تماماً في ذلك اليوم، لأن الخدر كان لا يزال يثقل أوصالهم بعد نوم عميق طال أمده، وهذا النوع من النوم بحاجة إلى هزات متكررة للوصول إلى الصحوة الكاملة، فكانت الهزات في العراق تتوالى حتى جاءت لحظة الحقيقة في ذات عام الاحتلال، لحظة نقلت الفضائيات مظاهر الاحتفالية المتعمدة لدخول الجيوش الفارسية (قوات بدر والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية، المعروف بحزب الدعوة سابقاً) العراق تحت حماية الدبابات والطائرات الأنجلوأمريكية.. ولم يطل الأمر حتى بدأت مظاهر العنف الطائفي تنتشر في كل محافظات العراق ومدنه وقراه، وفي الأحياء والشوارع والأزقة، وبين العشائر والقبائل، وفي دور العبادة والجامعات، وبين الأحزاب والمليشيات، فكانت الصور القاسية تتوالى في وسائل الإعلام كل يوم لتنقل رسائل متعددة الأبعاد والأوجه، ولكنها كلها دامية، حتى طفت جثث العراقيين على مياه الرافدين، دجلة والفرات، وصار العراق يحتل المرتبة الأولى في المعدلات العالمية كأسوأ مكان غير صالح للحياة البشرية، وأكثر الأماكن خطراً في العالم والأسوأ في الفسادين المالي والإداري، وصار العراقيون يعيشون في عصر ما قبل الصناعة، من دون كهرباء وماء صالح للشرب، وبدون رعاية طبية وصحية أولية، وصاروا فاقدين لكل مقومات الأمن والاستقرار (واحتل اسم العراق المرتبة الأولى في عدد قتل الصحفيين عالمياً).
ومنذ 7 إبريل 2003 لا يطل العراق على العالم إلا من خلال أخبار التفجيرات ومشاهد الجثث والاغتصابات والمقنعين والمسلحين والنساء الثكالى الباكيات والمشوهين والمعاقين جسدياً والأطفال المشردين والمعتقلين المتكدسين في السجون، وصور عمليات التعذيب الممنهج ضد شعب أعزل، وما رافق كل ذلك من عمليات القتل وتهجير الطوائف وعزل المدن والأحياء عن بعضها بالأسوار، والتدمير الممنهج لكل مؤسسات الدولة ومظاهر الحياة، وتبديل كل ذلك بمظاهر جديدة لا تمت إلى العراقيين بصلة.
ورغم كل هذا مازال الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، يتشدق بإنجازات بلاده في العراق، وأهمها الديمقراطية التي باتت - كما يدّعي - أساساً مهماً في كيان العراق الجديد، فيا ترى كيف يمكن الحفاظ على أمن واستقرار العالم في ظل كل هذا الكذب والافتراء؟.. ويا ترى هل يعتقد «قادة العالم» أن القوة ستحمي النظام الدولي الجديد في ظل هذه السياسات اللإنسانية التي تُمارس ضد البشرية؟.. هذا ما يجيب عنه أستاذ العلاقات الدولية، الدكتور برتراند بدي، في كتابه «دبلوماسية الخداع والتواطؤ والمصالح»، مؤكداً أن مفاهيم هذا العصر الذي نعيشه تُختصر في «الدبلوماسية التي يختلف فيها المُعلَن عن المبطن وتلتقي عندها المصالح وتسقط القيم»، وإنه «إذا كان هناك خمس دول في القرن التاسع عشر تقصي عشر دول،فإنه هناك اليوم 8 تقصي 184 دولة، فيما الكبار العشرون يقصون 175 دولة»، ويرى الدكتور برتراند أن هذا الإقصاء «مخطئ مرتين، لأنه من ناحية يقلص فرص التسوية والضبط، وذاتياً يبذر الحرمان والمذلة والحقد، وبالتالي العنف» (أخبار الخليج 3/12/2011م).
إذن في ظل سياسات دولية تتميز بالتواطؤ والمصالح والخداع سيكون انتشار العنف محتوماً، ولا نعتقد أن هذه الحقيقة غائبة عن صانعي هذه السياسات، ولذلك بدأت دول الغرب مبكراً في صناعة كل المشاريع والتشريعات الكفيلة بالتحكم في انفعالات الشعوب (الحرب على الإرهاب وحقوق الإنسان)، في موازاة صناعة العنف، بما يحافظ على مصالح تلك القلة من دول المركز.
هناك في العراق، حيث خزّن الله أجود وأكثر وأغنى الثروات الطبيعية والبشرية، تجسدت كل مفاهيم التواطؤ والخداع والمصالح الدولية، فزرعوا هناك كل أنواع الشرور واجتمع حولها كل أشرار العالم، حتى أصبح منطقة عبور كل الأطماع والشرور الإيرانية إلى دولنا، فصار العراق شبحاً يهدد استقرارنا، وملجأ للطائفيين والحاقدين من كل أطراف العالم، ولا يأتينا من هناك سوى الرياح الصفراء والسموم القاتلة للبشر والشجر.
فاحذروا الرياح الصفراء القادمة من العراق في زمن الوباء الطائفي الإيراني الذي تعتاش عليه الطفيليات الحاكمة هناك.. وسيبقى خليجنا العربي في مهب هذه الريح إن لم نستوعب خطره الحقيقي، بكل أذرعه وخلاياه الخليجية المتغلغلة في مجتمعاتنا، وكل قواه الممتدة في الإعلام العالمي وبيوت الحكم الغربية..
وليكفنا الله شر «الديمقراطية» العراقية ودبلوماسية الكذب والتواطؤ والمصالح..
وكل عام وأمتنا بألف خير.. وأملنا كبير في عام قادم بالخير والأمن والأمان..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق