من يحمل العصا والمال ليس شرطا ان يضرب او يعطي ولكن غيره نيابة عنه يمكن ان يفعل ذلك.
بهذه الروحية دخل الأخوان وهم رصيد ظل مخفيا يعمل لصالح الامبريالية الأمريكية وجاء دوره ليؤدي عرضا تاريخيا في المساهمة بربيع الناتو الذي بدا من تونس التي يبدو ان مثقفيها لايميزون بين ثورة بحكم كونها كذلك لابد أن تكون تقدمية ومعادية للامبريالية والرجعية وبين النظام الدكتاتوري الذي كان على الأقل لا يسمح لدولة مثل قطر أقل ثقافة وحضارة وأهمية ان تفرض من تريد في الوزارة. والحقيقة ان في مصر نفس الحالة وكذلك اليمن اما ليبيا فهي محتلة ومن يحكمها عملاء والجماهير قبلية وتائهة هناك إلا من كان مع المقاومة الليبية .
ولن نتناول العراق المحتل فمن يحكم هم عصابات شيعية عميلة والجماهير تاهت بوصلتها بسبب الطائفية التي استخدمتها المرجعية الشيعية لالزام البسطاء لخدمة الاحتلال الامريكي والايراني وقد عقدا صفقتهما على تحطيم العراق وعروبته.
الإدارة الأمريكية وجدت ان مقدمات تصب في صالح استراتيجيتها تلزمها باستخدام الاخوان المسلمين من اجل إعادة ترتيب المنطقة.
وقد قدم الاخوان كل مايلزم وحصلوا على المقابل، وفي الخليج العربي والأردن هناك مهمة جديدة بعد الـتأكد من ان الربيع العربي الذي تحول سريعا لربيع الناتو لا يتعلق بمستوى الرخاء بقدر ما يتعلق بالحكم والسياسة وشطب نفوذ العوائل الحاكمة.
وقد يكون رفض فكرة استخدام الاخوان في دول الخليج العربي سببه انها دولة نفطية لن تضحي واشنطن بقلاقل فيها، لكن ما من شيء يدعو لقبول فكرة ان وجود الاخوان سيكون مضرا بالمصالح النفطية لواشنطن وهي التي قامت بتدريبهم بل وحددت حجم اللحى لهم .
واثبتت تونس ومصر وليبيا أن الاخوان أكثر محافظة على رد الجميل فلم يقعوا ضحية استخدام مخابراتي اجنبي للشارع العربي في ليبيا ومصر وتونس بالتحديد حينما تم تأليبه ضد واشنطن بسبب فلم مسيء للرسول الكريم محمد.
و وفق معلومات امنية فأن صراع مخابراتي مع واشنطن لفسح المجال لاقتسام كعكة ليبيا مع شركاءها في الناتو اطاح بسفيرها في بنغازي قتيلا وتم التغطية على هذا الصراع من خلال اظهار مقتل السفير احتجاجا على الفلم.
ومن خلال سجل كل الحركات السياسية الإسلامية كانت دوما على علاقة بشكل غامض مع المخابرات الأمريكية والغربية.
ويبدو هذا الاضطراب في الحركات الإسلامية واضحا مع بروز التيارات السلفية التي يرتبط بعضها بالاخوان ويغرد البعض الاخر وفق اجندات حكومات عربية خليجية بينما قسم منها يرتبط بدقة بالمخابرات البريطانية والفرنسية.
لكن الاخوان انفسهم يعانون من صراع داخلي بسبب تعدد جهات الولاء.وهكذا يمكن فهم موقف جناح من حركة النهضة في تونس والاخوان في ليبيا ومصر.
يقول المحلل السياسي مصطفى سالم ان واشنطن لكي تزج بالإخوان في الخليج العربي لابد ان تظهر الجماعة ولاء لواشنطن وحدها ولا مجال لولاء لأكثر من جهة بما في ذلك التعامل مع قطر وهي مصدر مالي اول للجماعة الان باعتبارها محطة اخيرة وأكثر سهولة من الكويت وبقية الأقطار الخليجية، إذ يكفي أتصالا هاتفيا من سفيرها في الدوحة ليرحل الأمير على أن تتولى جزيرته سبق الحصول على الخبر.
ويضيف سالم انه من غير الواقعي تصور التوزيع القطري للاموال على الحركات السياسية الإسلامية باعتبارها خطة قطرية وليس مهمة امريكية تؤديها الدوحة بتكليف وأشراف من وكالة المخابرات الامريكية.
ولأن الاخوان لا يملكون مشروعا حضاريا ولا حلا اقتصاديا ولان الاسلام الذين يؤمنون به خاص للاثرياء لذا لا يمكن توقع حلا لمشاكل تونس ومصر الاقتصادية ولا أي مكان اخر. وهو ما يجعل مسألة رحيلهم اما بانتفاضة شعبية ضدهم او باستخدام القوى الليبرالية التي لم تفهم لماذا استخدمتها واشنطن ضد بن علي ومبارك ولماذا ركنتها كلاعب احتياطي لا يحضر حتى فترات التدريب للفريق الاساس.
وحقيقة يبدو اتهام إيف بونيه، المدير السابق لوكالة الاستخبارات الفرنسية، كلاً من السعودية وقطر بتمويل الإسلاميين المتطرفين في فرنسا غبيا بينما يعلم هو ان هذا الدعم قرارا امريكيا كما حدث في افغانستان حيث دعمت دول الخليج العربي المجاهدين الذين تحولوا الى قاعدة. في كلا الحالتين واشنطن من امرت بالدعم وهي من تدير اللعبة وكل اجهزة الامن في الدول العربية وكيل محلي عليه أن يختلق القصص أيضا ان لزم الامر .
في اعتقاد الباحث السياسي د.مصطفى سالم ان جماعات الإسلام السياسي في مهمة تتلائم مع بنيتها تظهر بها متناقضة فهي مع واشنطن وكل الغرب الذي منح قادتها ملاذا ، ومع إيران والدول الرجعية ومع السلفية، لكنهم في كل الاحوال لن يكونوا مع الاشتراكية والديمقراطية والثقافة الا باعتبارها شعارا استهلاكيا.
ويختم سالم بالقول ان واشنطن لن تخدع من قبل الاخوان لانها مدبرة لامرهم لكن الجماهير هي من يتم خداعها فالجماعة اداة قابلة لكل استخدام والاسلام بالنسبة لها غطاء لا حركة ثورية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق