قال سبحانه وتعالى

قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الأحد، 31 أغسطس 2014

اليمن والعراق... إصابات غائرة وجراح مفتوحة!

اليمن والعراق... إصابات غائرة وجراح مفتوحة!

وجهات نظر
عمران الكبيسي
اليمن السعيد بموقعه الاستراتيجي المطل على بحار العرب، وقواه البشرية التي يوازي تعدادها سكان دول الخليج مجتمعة، ومساحته الواسعة، وتضاريسه المختلفة، سواحل وسهول وجبال ووديان وسدود، ومناخه المتباين، صيف في الشمال وشتاء في الجنوب، وصيف في الجنوب وشتاء في الشمال، مما يجعل محاصيل زراعته شتوية صيفية شتوية في آن واحد، ولم يحرمه الله من نعمة النفط لو استغل على الوجه السليم.

اليمن جنة الله في أرضه كان يمكن أن يكون أكبر وقاء وسند للعرب في زخمه السكاني واليد العاملة، ونعم حباه الله بها من قديم الزمان. 
لكن العرب أشاحوا بأنفسهم عن اليمن وتجاهلوا انه والعراق بيت الداء ورأس الدواء في آن، والخليجيون يعرفون العراق وما أدراك ما العراق ويدركون ما مدى خطر ما يحيق به أكثر مما يعرفون عن اليمن.
نعم البلاد العربية من أقصاها إلى أدناها تعاني التمزق والتشرذم والانقسام، وتجتاحها الفتن، السودان والجزائر والصومال وموريتانيا وليبيا ومصر ولبنان وسوريا واليمن العراق، وتجاوز الخطر مرحلة دقات الناقوس إلى وقوع الفأس في الرأس، ولاسيما في العراق واليمن، أما بقية الدول الأخرى المغرب تونس والأردن ودول الخليج علينا الاعتراف بلا شكوك هناك خلافات وبوادر أخطار تلوح في الأفق ما لم تلب دعوة خادم الحرمين الشريفين وتستجب لنداء الوحدة والاتحاد، وما لم تعد دول المغرب العربي النظر في الاتحاد المنسي، وتجدد العهد والوعد وتنقي السرائر ففي الاتحاد قوة.
اليمن والعراق إصاباتهما غائرة في العمق ونالت مقتلا، وجراحهما مفتوحة نازفة، وباتا على حافة الكارثة، والمأساة تحيق بالأمة العربية فالمعركة فاصلة وما بعدها قائمة، وخسارتها تفتح مغالق الشرور على دول الجوار كلها، والحسم قادم إلا بمعجزة إلهية وليس على الله أمر بعيد، ولبنان وليبيا والسودان قد لا يعني تقسيمها لا سامح الله نهاية المطاف رغم خطر التقسيم الجسيم، كما لو قسم العراق واليمن وكلاهما دولتان خليجيتان، فالتقسيم في العراق واليمن لن ينهي المشكلة، لأن وراء تقسيمهما خطر شعوبي يسعى له أقدم عدوين تقليديين خطرين اليهود والفرس الطامعين في خراب الأمة منذ فجر تاريخها، ويعولون بأسلحتهم الفتاكة على مسح الحضارة العربية عقيدة وقومية وشعبا من الوجود إلى الأبد. ندعو الله أن يجعل كيدهم في نحورهم حتى ينحروا أنفسهم بأيديهم.
في سوريا واليمن والعراق فايروس الداء واحد رغم تباين الاختلاف في الظاهر، فإيران مهما نفى زعماؤها التدخل في الشؤون الداخلية، فهم يمولون ماليا وبالسلاح والمقاتلين والمدربين والخبراء، وهم من يؤجج في الإعلام الخارجي والداخلي الحراك الطائفي في شمال اليمن، فمثلما هم موجودون ومهيمنون في شمال سوريا وجنوب العراق، ولسنا بحاجة في هذه العجالة إلى تحديد ما يضمر الإيرانيون من أطماع لا تتوقف على العراق وسوريا واليمن، بل تتجاوزها إلى كل المنطقة العربية في آسيا وأفريقيا، ومثلما تتمنى إسرائيل وتعمل على دس أصابعها الخبيثة بدءا من شمال العراق إلى جنوبه، موجودة في اليمن بدلالة عرش بلقيس وسليمان. ومثلما هجر اليهود من العراق، هجروا من اليمن.
وإذا كانت القاعدة تتحرك برعونة التشدد والتطرف تحت شعار طائفي زائف لتكوين دولة إسلامية في جنوب اليمن ولها نفوذ وسطوة، تتحرك بنفس القوة في شرق سوريا وغرب وشمال العراق بمنطقة الموصل وإن اختلفت المسميات جبهة النصرة أو داعش والدولة الإسلامية، ومثلما هناك حراك قبلي مناطقي انفصالي في جنوب اليمن (عدن وحضرموت ولحج) هناك حراك انفصالي عنصري في كردستان (أربيل والسليمانية ودهوك)، ومثلما يوجد أبناء عشائر وبعثيون وإسلاميون يتحركون للم شمل العراق تحت الشعارات الوطنية يوجد أبناء قبائل وحزب إصلاح وقوميون في اليمن على ذات المستوى والأهداف، ومثلما توجد دعوات لحكم فدرالي اتحادي يقسم البلاد طائفيا وعنصريا ومناطقيا في العراق موجودة هذه الدعوات في اليمن. المشهد واحد والخطر واحد وخاصرة الخليج اليسرى رخوة في الغرب بسبب المأساة العراقية، مثلما هي الخاصرة اليمنى في الجنوب بسبب الكارثة في اليمن.
لقد فشلت المرجعيات في إقناع أتباعها بالاعتدال أو قيادتهم نحو التوسط الذي أمرنا به الإسلام، مع أنها تنادي ربنا واحد، وقرآننا واحد وقبلتنا واحدة، مختلفون قلبا وقالبا أكثر من اختلاف الأتباع، وكما لم تستطع أحزاب الإسلام السياسي التفاهم مع القاعدة وداعش وتصحيح مسارهما، فشل الإسلام السياسي في التفاهم مع المليشيات، وبقي جيل من المثقفين لا حول لهم ولا قوة كالأطفال وإن بدوا في آخر العمر أمثالي يصرخون ويندبون حظهم لعل الرؤساء والملوك يسمعون وينتبهون ويسعون لإطفاء الحريق ولو بالماء النجس خير من أن يستفحل الداء، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ملاحظة:
نشر المقال هنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق